الإثنين, 02-مايو-2011
الميثاق نت -     احمد غيلان -
نؤمن- يقيناً- أن الحياة والموت بيد الله، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بالخير والشر، ومثلما نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره، كذلك نؤمن بأسبابه التي غالباً ما تكون من أنفسنا وفق مشيئة إلهية لا راد لها..
وعلى أساس من هذا الإيمان نبتهل إلى المولى عز وجل أن يتقبل روح فقيدتنا واستاذتنا الدكتورة رؤوفة حسن، التي اختارها الله إلى جواره في هذا الظرف الذي تعاظمت فيه مصائبنا وأحزاننا، سائلين الله العلي القدير أن يرحمها ويغفر لها ويعصم قلوب محبيها بالصبر والثبات.
‮> ‬وحين‮ ‬يكون‮ ‬مصابُنا‮ ‬رحيل‮ ‬قامة‮ ‬فكرية‮ ‬وإعلامية‮ ‬بحجم‮ ‬رؤوفة‮ ‬حسن‮ ‬تحتار‮ ‬الكلمات‮ ‬وتضطرب‮ ‬الحروف‮ ‬وتتسع‮ ‬دائرة‮ ‬الغُصَّة‮ ‬ويكبر‮ ‬السؤال‮: ‬من‮ ‬نعزِّي؟
‮> ‬فحملة‮ ‬الأقلام‮ ‬وأرباب‮ ‬الكلمة‮ ‬والمشتغلون‮ ‬في‮ ‬العمل‮ ‬الإعلامي‮ ‬فقدوا‮ ‬استاذةً‮ ‬علمتهم‮ ‬شرف‮ ‬الكلمة‮ ‬وقوتها‮ ‬وأثرها،‮ ‬وسبقتهم‮ ‬وظلت‮ ‬معهم‮ ‬مناضلةً‮ ‬في‮ ‬محرابها‮ ‬حتى‮ ‬لاقت‮ ‬باريها‮.‬
‮> ‬ودعاة‮ ‬الحداثة‮ ‬والمدنية‮ ‬فقدوا‮ ‬عملاقة‮ ‬حملت‮ ‬مشروع‮ ‬المدنية‮ ‬والحداثة‮ ‬والتمدن‮ ‬بكل‮ ‬تفاصيله‮ ‬على‮ ‬مدار‮ ‬عقود‮ ‬من‮ ‬الزمن‮ ‬متنقلة‮ ‬من‮ ‬منظمة‮ ‬إلى‮ ‬أخرى،‮ ‬لا‮ ‬تكاد‮ ‬تفرغ‮ ‬من‮ ‬إنجاز‮ ‬مشروع‮ ‬مدني‮ ‬حتى‮ ‬تدخل‮ ‬في‮ ‬آخر‮..‬
‮> ‬ورائدات‮ ‬اليمن‮ ‬فقدن‮ ‬رائدتهن‮ ‬الأولى‮ ‬التي‮ ‬كسرت‮ ‬الحواجز‮ ‬وفتحت‮ ‬على‮ ‬جدران‮ ‬التصلب‮ ‬الذكوري‮ ‬التقليدي‮ ‬نوافذ‮ ‬وأبواباً‮ ‬دخلت‮ ‬منها‮ ‬نسوة‮ ‬اليمن‮ ‬معتركات‮ ‬الحياة‮ ‬والمنافسة‮..‬
> والمؤمنون بالديمقراطية والحرية فقدوا قائدة رائدة سبقت الجميع، وتحملت سخط وأذى ومواجهات وفتاوى الاقصائيين المتحجرين المشدودين لعصور الظلام والتسلط، وواجهت بصبر وصلابة وجلد وحشية وتطرف المتطرفين الذين أباحوا دمها وأقصوها ومارسوا عليها كل أساليب التشويه والتخويف‮ ‬والتكفير‮ ‬والإرهاب‮..‬
لكنها‮ ‬احتملت‮ ‬ما‮ ‬لاقته،‮ ‬ولم‮ ‬تغادر‮ ‬ساحة‮ ‬المواجهة‮ ‬إلاَّ‮ ‬لحظة‮ ‬أن‮ ‬وجدت‮ ‬الانسحاب‮ ‬المؤقت‮ ‬جزءاً‮ ‬من‮ ‬الحكمة‮ ‬التي‮ ‬تقتضي‮ ‬اتقاء‮ ‬عواصف‮ ‬الوحشية‮..‬
لكنها‮ ‬ظلت‮ ‬تخوض‮ ‬معارك‮ ‬المواجهة‮ ‬مع‮ ‬قوى‮ ‬الظلام‮ ‬من‮ ‬مواقع‮ ‬عدة‮ ‬وبأساليب‮ ‬مختلفة،‮ ‬لأنها‮ ‬تؤمن‮ ‬بأن‮ ‬من‮ ‬استهدفوها‮ ‬يستهدفون‮ ‬الحياة‮ ‬المدنية‮ ‬بكل‮ ‬قيمها‮ ‬وتفاصيلها‮..‬
> وها هي الأستاذة والمعلمة والرائدة والمحاربة في كل معتركات صناعة اليمن الجديد والحياة المدنية تغادرنا في وقت نحن بأمس الحاجة للعقلاء والرواد وأصحاب القيم النبيلة، وكأن رحيلها حالة من حالات الرفض التي سجلتها في حياتها ضدالقبح والزيف والتسلط والإقصاء والغوغائية والإرهاب الفكري ومفردات العنف.. كأن رحيلها رسالة تقول إنها لم تحتمل رؤية مؤشرات وملامح مشروع فوضوي ظلامي غابوي يتخندق حوله وخلفه أعداء الحداثة والنور والحرية والديمقراطية والمدنية والحياة.. لكن هؤلاء الذين آذوها وأقصوها ورفضوا قيمها وحاولوا وأدها حيَّةً‮.. ‬لم‮ ‬يدعوها‮ ‬تنام‮ ‬هادئةً،‮ ‬وما‮ ‬أن‮ ‬علموا‮ ‬بوفاتها‮ ‬حتى‮ ‬بادروا‮ ‬للإفتاء‮ ‬بوصية‮ ‬نسبوها‮ ‬لها‮ ‬زوراً‮ ‬ليستثمروا‮ ‬موتها‮ ‬كما‮ ‬يستثمرون‮ ‬الموت‮ ‬والدماء‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬شارع‮..‬
تحية‮ ‬لأسرة‮ ‬الدكتورة‮ ‬رؤوفة‮ ‬التي‮ ‬سارعت‮ ‬لنفي‮ ‬فتاوى‮ ‬الزيف‮..‬
ورحم‮ ‬الله‮ ‬الدكتورة‮ ‬رؤوفة‮ ‬حسن‮ ‬وأسكنها‮ ‬فسيح‮ ‬جناته،‮ ‬ولا‮ ‬نامت‮ ‬أعين‮ ‬الدجالين‮ ‬المغالين‮ ‬المتاجرين‮ ‬بأحزان‮ ‬الوطن‮ ‬وآلام‮ ‬الناس‮ ‬ومواقف‮ ‬الأحياء‮ ‬والأموات‮.‬
‮»‬إنا‮ ‬لله‮ ‬وإنا‮ ‬إليه‮ ‬راجعون‮«..‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 21-يونيو-2024 الساعة: 06:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-21026.htm