الإثنين, 31-أكتوبر-2011
عبدالناصر المملوح -
..«لا مهادنة تسعى إلى تأييد بقاء النظام ولا مواجهة تسعى إلى تفجيره» لعل هذا ما أراد مجلس الأمن قوله في قراره رقم (2014) الصادر حول اليمن.. ومما لايدع مجالاً للشك أن المجلس قد استشعر إلى حد كبير عمق المأزق وحجم المخاطر المحدقة، والتي من شأنها إذا ما استمر منطق الغلبة والعناد أن تجعل من «الربيع العربي» خريفاً يمنياً تتساقط فيه كل مكونات الدولة..
المجلس اعتمد في صوغ القرار بهذا الشكل والمضمون على معطيات قيمة القفز عليها أو عدم أخذها في الحسبان، لا معنى له سوى «جر» اليمن على «مناخيره» من الدولة إلى اللادولة، سيما وقد بلغت الأوضاع ذروتها وفي طياتها من البارود والقضايا المتزاحمة ما يكفي لخلق (صومال) آخر، لكنه أشد وأكثر خطراً على أمن المنطقة، والملاحة الدولية.
> يأتي من بين جملة المعطيات، الخصوصية اليمنية التي تميزها عن دول «الربيع العربي» من حيث القبلية وانتشار السلاح، وتنظيم القاعدة، وحركات انفصالية ومذهبية في جنوب الوطن وفي شمال الشمال.. وديمقراطية ناشئة.
والأهم في المعطيات هو المأزق، حيث لا هذا ولا ذاك من طرفي الأزمة بمقدوره أن يخطوا خطوة واحدة إلى الأمام لصالحه مع بقاء البلد موحداً آمناً ومستقراً.
هذا من جهة، ومن جهة أكثر أهمية، غياب البديل في حال سقط النظام (قسراً) سيما وقد أبانت أحزاب اللقاء المشترك عجزها، وأثبتت للخارج قبل الداخل أنها ليست بمستوى التحديات، وأنه ليس لديها رؤية، وإلاّ ما معنى أن يصمد النظام في ظل غياب رئىس الجمهورية وكبار قادة الدولة طيلة فترة العلاج في المملكة العربية السعودية التي امتدت ثلاثة أشهر و22 يوماً.
> القرار، وبمثل ما هو انتصار للتغيير بمفهومه العام، إلاّ أنه (مخيباً) للآمال بالنسبة لمن كانوا علقوا آمالاً عريضة على البند (السابع) الذي يجيز التدخل العسكري أسوة بـ«إخوان» ليبيا، هؤلاء الآخيرين احتفلوا الأحد معلنين تحرير ليبيا، من الليبيين طبعاً، بعد أن اكمل حلف الناتو احتلال آخر (بقعة) ليبية..
> ويكذب على نفسه قبل غيره من يقول إن قرار مجلس الأمن الدولي حول الأزمة اليمنية لم يشكل ضربة موجعة لأحزاب المشترك وفي مقدمتها الاخوان المسلمين (حزب الاصلاح) بتحالفاتهم المشيخية والدينية والعسكرية.. وتتعاظم «النكسة» لكونها جاءت بعد سلسلة من الانتكاسات انهكت ما يسمى «ثورة الشباب»: الأولى فشل التجربتين التونسية والمصرية في اليمن.. الثانية فشل الانقلاب الذي قاده المنشق علي محسن الأحمر، الثالثة فشل الانقلاب للمرة الثانية والمتمثل بالحادث الإرهابي الذي تعرض له فخامة رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة اثناء أدائهم صلاة الجمعة داخل مسجد دار الرئاسة بتاريخ 3 يونيو الفائت، الرابعة فشل محاولاتهم الدؤوبة اقتحام معسكرات الحرس الجمهوري والسيطرة عليها في أرحب ونهم والحيمة، وفشل محاولاتهم اسقاط محافظة تعز لتكون قاعدة حاضنة لما يسمى «الثورة».. الخامسة فشل المجلسين الانتقاليين (الانتقالي والوطني) وبما يحمل من فشل ذريع في تشكيل قيادة موحدة تقنع الداخل والخارج بأن هناك البديل.
الانتكاسة السادسة.. تتمثل في عودة رئيس الجمهورية سالماً معافى بعد رحلة علاجية ليست بالقصيرة في المملكة العربية السعودية، وهم- المشترك- الذين راهنوا على منعه من العودة متحدثين عن (بقايا) نظام.
> وتتعاظم الانتكاسة السابعة أكثر لكونها (أممية) وتعكس إلى حدٍ كبير وجهة النظر الدولية حول حقيقة ما يجري في اليمن، وكيف أنها أزمة وتبادل للعنف، لقد خلا القرار من مصطلح «الثورة» ليقتصر الحديث عن «أزمة» وحركات احتجاج، لكنها ليست سلمية.. القرار طالب المجموعات المعارضة بالامتناع عن العنف والكف عن استخدام القوة لأغراض سياسية، وفي بند آخر طالب المجلس بإزالة كافة المجاميع المسلحة وكافة الأسلحة من مناطق المظاهرات السلمية، وعدم الاستفزاز والاستخدام غير القانوني للأطفال.
> حكاية العنف المضاد الذي حاول جهابذة الاخوان المسلمين تصويره بأنه لا يتنافى مع مبادئ الثورة السلمية، لم ينطل على المجتمع الدولي بقدر ما كشف غباء وجهل هؤلاء، حتى أنهم لايفقهون أن السلمية في القانون الدولي هي: «التضحية من طرف واحد».
وكذلك الحال مع حكاية حماية المعتصمين عندما حاول جهابذة «الاخوان» التبرير للانشقاق العسكري، هذا الأمر هو الآخر لم ينطل على أحد، الثورة السلمية لاتحتاج إلى حماية لا جيش نظامي ولا مليشيات مسلحة، ذلك أن قطرة الدم الواحدة تنال من النظام أكثر مما تنال من المعارضة.
> ربما كان الخارج في بادئ الأمر مشوشاً وكان البعض يعتقد أن الفبركات والتضليل الإعلامي الذي تقوده «الجزيرة» و«سهيل» أنها تعبر عن واقع مرئي معين وأن ما يدور داخل الساحة اليمنية لا يختلف عما حدث في تونس ومصر، وأن المطالب التي ترفع هي تعبير عن مطالب تمثل قوى سياسية واجتماعية تدعو إلى الإصلاح السياسي العام وبالطرق السلمية، ولكن بعد الانشقاق العسكري وجريمة مسجد دار الرئاسة وحرب الإرهاب في زنجبار، ومليشيات حزب الإصلاح المسلحة في أرحب ونهم وتعز وفي منطقة الحصبة بأمانة العاصمة اتضحت الصورة وبالشكل الذي تبلور فيه قرار مجلس الأمن.
[email protected]



تمت طباعة الخبر في: الخميس, 26-ديسمبر-2024 الساعة: 01:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-23731.htm