الإثنين, 09-يوليو-2012
الميثاق نت -   علي عمر الصيعري -
من نافلة القول إن تراثنا اليمني أصبح موضع اهتمام العالم أجمع باعتباره تراثاً إنسانياً مهماً على الدرب الحضاري، لكونه بشهادة العديد من المختصين في علم الآثار والباحثين (يشكل جزءاً مهماً من الجذور الحضارية التي ابتنى المدنيات العريقة على صعيد الشرق الأدنى القديم) كما أشار إلى ذلك الدكتور عبدالحليم نور الدين في كتابه القيم (... الآثار اليمنية)..
إلا أن الحقيقة المرّة التي نعايشها منذ عقود غابرة وإلى يومنا هذا تشير إلى أن نصيب التنقيب عن الآثار والحفاظ عليها في بلادنا قليل ولا يرقى إلى حجم وأصالة وقدم تراثنا اليمني وأهميته ليس بالنسبة لليمن فحسب بل وللآثاريين والدارسين المعنيين بتقصي آثار حضارة الشرق الأولى القديم وتحديداً حضارات الجزيرة العربية القديمة.
ويعود الفضل في شد انتباه العالم إلى التراث الأثري اليمني، منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، إلى الرحالة الذين قدموا إليها أمثال الدنمركي نيبور عام 1761م، وارنوفي 1843م، وهاليفي 1869م، وبعدها توالت رحلات الاستكشاف من أوروبيين ومصريين وسوريين والأمريكي وندل فيليبس عام 1950م الذي دشن أول بعثة تنقيب عن الآثار في اليمن امتدت إلى (شبوة) وسميت بعثة (فيليبس) وهي البعثة التي نقبت عن الآثار بـ(شبوة) في محيط مدينة (تمنع) عاصمة الدولة القتبانية حيث اكتشفت آثار المعبد الكبير أو ما يطلق عليه اسم القصر القتباني إلا أنها توقفت عن العمل في العام 1952م، وبعدها توالت بعثات الاستكشاف والتنقيب عن الآثار إلى يومنا هذا.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في التنقيب والحفاظ على آثارنا القديمة إلا أن أيادي التخريب والتهريب لاتزال تعيث فساداً في تراثنا اليمني منذ عهود الاستعمار والسلاطين المتنفذين الأمميين ـ سابقا ـ الذين لعبوا دوراً في نهب وسلب واغتصاب آثارنا وعلى وجه الخصوص في المحافظات الجنوبية ومارسوا نهبهم سراً وعلانية في العديد من المحافظات والمناطق مثل المواقع الآثارية القديمة في محيط ميناء (بئر علي) بشبوة والمعروف قديماً بميناء (قنا) والقرى الآثارية المطمورة على مقربة من (حصن الغراب) بذات الميناء، ومعبد القمر بحضرموت الوادي في (ريبون)..
إلى جانب عوامل طمس وتخريب الآثار جراء الزحف العمراني الذي يزحف على ما تبقى منها تحت الأرض نتاج البناء العشوائي واقتلاع الأحجار ذات النقوش الآثارية لتستخدم في ذلك البناء جهلاً بقيمتها الآثارية الثمينة، ناهيكم عن عامل رصف وسفلتة بعض الطرقات ومشاريع الصرف الصحي إذ يساعد الأول منهما على طمس معالم مهمة يستدل بها المنقب الأثري على وجود هذه الآثار تحت الأرض، والثاني يضر بالآثار القائمة أو المطمورة بسبب الرطوبة وتحلل التربة.
لقد كان بالإمكان المحافظة على ما اندثر ونهب من آثارنا لو اهتمت جهات الاختصاص بعملية المسح الأثري الشامل لنحدد بواسطتها المواقع والمناطق الأثرية ونوقف الزحف العمراني وسفلتة الطرقات المهددة لها.
كما ان تسجيل الآثار والمواقع تسجيلاً علمياً شاملاً عن طريق تصوير الأثر تصويراً فوتوغرافيا، ورفع الأثر رفعاً هندسياً، وتوصيف الأثر توصيفاً أثرياً، ونسخ النقوش والزخارف نسخاً جيداً ينجزه أثري متخصص كما أشار الدكتور عبدالحليم نور الدين، كل هذا سيمثل خطوة مهمة على درب العناية بالتراث الأثري لبلادنا اليمن.


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 17-يونيو-2024 الساعة: 05:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-27423.htm