الميثاق نت -

الإثنين, 03-سبتمبر-2012
د. طارق أحمد المنصوب -


لا أحد في صفوف المؤتمر يجهلهم أو يجهل كثيراً من صفاتهم، أو على الأقل لم يعد الأمر خافياً على كثير من أعضاء المؤتمر خصوصاً بعد مرحلة المخاض السياسي التي شهدها مجتمعنا خلال الفترة المنصرمة، والتي أدت إلى «فرار جماعي» لكثير منهم من صفوف المؤتمر الشعبي العام، لأسباب أكثرها واهية وباهتة وغير مقبولة.


إذ كثيراً ما أطلق بعض المؤتمريين هذه الصفة (أي المؤلفة قلوبهم) على كثير ممن التحقوا بصفوف المؤتمر من أعضاء وقيادات الأحزاب السياسية الأخرى، خلال سنوات الاستقطاب، وأثناء حمى التنافس الحزبي والسياسي والانتخابي بين الأحزاب والتنظيمات السياسية، إما طمعاً في منصب أو ترقية أو لأي هدف من الأهداف التي لا علاقة لها البتة بقناعاتهم السياسية، أو لإيمانهم بمبادئ التنظيم السياسي (المؤتمر) أو ببرنامجه.
وقد وجدوا - لأسباب موضوعية قد تكون مقبولة في حينها - كل الترحيب والتهليل والحفاوة المبالغ بها من قيادات المؤتمر، حتى قبل أن يثبتوا بالدليل الواضح صدق الانتماء أو حقيقة الولاء والالتزام الحزبي والسياسي، ودون أن يقدموا برهاناً واضحاً على جديتهم وتفانيهم في خدمة التنظيم، وتمثل قيمه ومبادئه في خدمة المواطن والوطن الأكبر (اليمن).
وما أكثر من تنطبق عليهم تلك الصفة، ممن انتفعوا من الانضمام إلى صفوف المؤتمر الشعبي العام، وتسلقوا بذلك أعلى المراتب الحزبية والوظيفية والإدارية دون كفاءة أو استحقاق، مع وجود آخرين من أعضاء المؤتمر ممن يضاهونهم أو يوازوهم خبرة و كفاءة، وممن تنطبق عليهم شروط شغل تلك المناصب والوظائف. ثم ما أسرع خروجهم من صفوف المؤتمر والعودة إلى أحزابهم السابقة عند أول سانحة، لكن، بعد أن تحمل المؤتمر أوزارهم وأوزار أعمالهم وأخطائهم وخطيئاتهم، وبعد أن كانوا سبباً في إشعال فتيل كثير من الأزمات التي حاقت بالوطن، والتي كادت تودي بالمشروع الوطني للمؤتمر، وبالنظام السياسي برمته.
ليس عيباً، ولا محرماً أن يختار الفرد منا الانتماء إلى ما شاء من الأحزاب أو التنظيمات السياسية، وأن يختار منها ما يراه متفقاً مع رؤاه ومعتقداته ومبادئه وقيمه، أو ما يكون موافقاً لهواه ومحققاً لطموحاته، فهذا حقاً كفله الدستور وقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية وكفلته كذلك، جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، وبلادنا وقعتها جميعاً والتزمت تطبيقها. وليس عيباً كذلك، أن يغير المرء انتماءه السياسي والحزبي لتغير قناعاته وتبدلها، وأن يختار الانتقال إلى هذا الحزب أو ذاك. لكن العيب كل العيب أن يكون هذا التغيير، وذاك التبديل لغاية رخيصة أو لغرض انتهازي غير مشروع، ما يلبث أن يكون سبباً لانتقال آخر إلى وجهة أخرى، ومحطة جديدة تتغير تبعاً لتغير المراحل والظروف.
أخيراً، لم يعد معيباً أن يراجع المؤتمر مسيرته الطويلة في الحكم سلباً وإيجاباً، ويراجع أسلوبه في العمل الحزبي والسياسي، ويقيّم تجاربه في الشراكة الوطنية، ويعيد النظر في تحالفاته السياسية، ويحدد مكامن قوته، وأسباب ضعفه، ويعدل أدواته في الاستقطاب وفي العمل السياسي والتنظيمي، وأن يعتمد على من بقي ثابتاً من قياداته وأعضائه المخلصين عوضاً عن المنسلخين عنه، والمنقلبين على مبادئه (المؤلفة قلوبهم).
وليس خطأً أن يستفيد من تجارب باقي الأحزاب السياسية، ومن أساليبهم المستخدمة في اختيار الأعضاء واستقطابهم، وطرقهم في اختبار صدق الولاء الحزبي والتنظيمي، وتحديد أساليب الترقي الحزبي، والتصعيد إلى مستويات قيادية أو تنظيمية أعلى اعتماداً على معايير الكفاءة والولاء الوطني والتنظيمي والسياسي، والتقييم المستمر لأداء العضو، ومدى التزامه بحضور الاجتماعات التنظيمية، وامتثاله للتعليمات الحزبية.. وغيرها من الأمور التي تعيد الثقة للمواطن اليمني ببرامج وسياسات المؤتمر الشعبي العام، ووطنية توجهه، وصوابية منهجة، ووسطيته، وتضعه في الموضع الذي يستحقه ضمن الخارطة الحزبية والسياسية الوطنية.

جامعة إب
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 28-يونيو-2024 الساعة: 04:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28119.htm