الميثاق نت -

السبت, 20-يوليو-2013
عبدالفتاح الأزهري -
لا يمكن النظر لما جرى -ولايزال يجري - في مصر خلال الأيام الماضية، على أنه شأن دخلي محض، فإنهاء حكم جماعة الاخوان بعزل الرئيس محمد مرسي، تمت بإرادة جماهيرية واسعة، وبمباركة ودعم من المؤسسة العسكرية، ودون إرادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي رفضت ثم تحفظت ثم أيدت على استحياء ثورة مصر، كما أن ما حدث من تغيير في سدة السلطة حظي بردود فعل ايجابية من قبل عدد من القوى الاقليمية والدولية، ولقي اعتراضات من جانب جهات أخرى، وفي الحالتين سيكون للتطورات المصرية تأثير على الكثير من التفاعلات في المنطقة العربية، وربما خارجها، فقد كانت هناك العديد من القوى اقامت حساباتها السياسية والأمنية على أساس استمرار نظام الاخوان لفترة طويلة، لكن الأحداث والإجراءات التي تمت بطريقة ديناميكية قلبت بعض التوازنات وخلخلت جملة من التقديرات الاستراتيجية.
ويرى خبراء روس أن تنحية جماعة الاخوان عن السلطة في مصر جاءت بمثابة رسالة تحذيرية للاسلام السياسي في العالم العربي.
واعتبر الخبير الروسي اليكسي ماالدشينكو من مكتب موسكو لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي أن تجربة سقوط الاخوان المسلمين في مصر أظهرت أن من اعتقد بأن الاسلاميين السياسيين سيبقون في الحكم بمصر الى الأبد فهو مخطئ.
ويتفق معه أيضاً مجموعة من الخبراء على أن فشل جماعة الاخوان في مصر يؤكد أن الاسلاميين ليسوا إلاّ واحداً من أطراف الصراع السياسي الذي يدور في المنطقة، وستكون تنحيتهم في مصر عبرة لرفقائهم في تونس وليبيا وسوريا.
وتوقع الخبير الروسي مالاشينكو بالنسبة للاسلاميين في اليمن أن يترك فشل الاخوان المسلمين في مصر أثره على اليمن، لأنه يوجد في هذا البلد مؤيدون ومعارضون لجماعة الاخوان المسلمين.. أما بالنسبة لليبيا فلم يقل الاسلاميون الكلمة الفصل بعد.
وعطفاً على ما حدث للاخوان المسلمين في مصر فإن الخبراء الروس يتوقعون أن يتصرف الاسلاميون في البلدان المجاورة لمصر على نحو عقلاني عملي ويفكرون في الاستعانة بالخبراء السياسيين والاقتصاديين ويحرصون على نفي أية صلة لهم بالمتطرفين.
وأظهرت المساعدات التي تعهدت السعودية والامارات والكويت والبحرين هذا الأسبوع بتقديمها لمصر والتي تجاوزت 16 مليار دولار، رضا هذه الدول عن عزل الجيش للرئيس محمد مرسي في تطور يمثل انتكاسة للاسلاميين الذين وصلوا للسلطة تحت مظلة ما يسمى بالربيع العربي في عام 2011م.
وأظهرت أيضاً اعادة ضبط لموازين القوى بين دول الخليج العربية التي رأت -باستثناء قطر- أن انتفاضات الربيع العربي كارثة على الاستقرار الاقليمي، وكانت تخشى أن يستخدم الاخوان المسلمون مصر قاعدة لنشر منظومة اسلامية متشددة.
لكن بالمقابل رأت قطر أن دعم جماعة الاخوان المسلمين وسيلة لممارسة نفوذها في الشرق الأوسط، ومنحت مصر مساعدات بسبعة مليارات دولار في العام الذي أمضته الجماعة في السلطة.
ويرى مراقبون بأن القطريين ربما سيتراجعون بشكل أو بآخر عن اعجابهم الشديد بجماعة الاخوان المسلمين.. وربما يتحولون الى موقف أقرب الى الموقف السعودي، خاصة بعد التغييرات التي شهدتها قطر بخروج الأمير حمد بن خليفة عن المسرح السياسي وتسليم مقاليد السلطة الى ابنه تميم، والذي يعني في حد ذاته انتقال قطر الى مرحلة جديد في سياساتها الخارجية خاصة الاقليمية وتجاه دول المنطقة.
غير أن طرفاً آخر من المراقبين يرى أنه لا توجد أية اشارات واضحة بعد على أن قطر تغير سياستها، حيث لايزال الشيخ يوسف القرضاوي، وهو من زعماء الاخوان مقيم في الدوحة ينتقد تدخل الجيش في القاهرة «كما لاتزال التغطية الاعلامية لقناة (الجزيرة) من قطر تفسر على أنها مؤيدة لمرسي مما دفع الجيش المصري الى إغلاق مكتبها في القاهرة، بينما استقال بعض العاملين فيها احتجاجاً على النهج الذي يعتبرونه مؤيداً للاخوان».
والواقع أن التطورات الأخيرة في مصر، تجعل المراقب يتوقف عند حزمة من المعطيات التي يمكن أن تؤدي الى سلسلة من التغييرات الاقليمية في مقدمتها، وقف التمادي في الصراع المفتعل بين السنة والشيعة في المنطقة، الأمر الذي أشارت اليه بعض التقارير الاسرائيلية عند فحصها لخسائر تل أبيب من وراء عزل مرسي الذي لعبت تصريحاته حول ضرورة فتح باب الجهاد في سوريا دوراً في تغذية هذا الصراع، فهناك جماعات اتخذت من دعوته مبرراً للذهاب الى سوريا والانضمام الى صفوف الجهاديين، على أساس أن هذه حرب تقودها ايران وحلفاؤها من الشيعة العرب ضد السنة هناك.
وتباينت ردود الفعل الدولية والغربية على وجه الخصوص وإن كانت جميعها قد اتخذت حتى اللحظة صفة «الحذر الشديد».. وفي ذلك كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت اليها صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية «السبت» الماضي خلفيات «الارباك» الذي يتملك العواصم الغربية في تعاطيها مع تطورات الأزمة المصرية، وترددها في كشف أوراقها على الرغم من اعتبارها أن صفحة الرئيس المعزول محمد مرسي قد «قُلبت».
وأفادت هذه المصادر أن السبب الأول الذي يحملها على التزام الحذر هو أنها تفهم ما يجري في مصر على أنه صراع بين اطراف ثورية لاتزال في الميادين والشوارع على حد زعم تلك المصادر الذي يخفي صراحة عملية الضغط الأمريكي الذي لايزال يقارب كفة الرئيس المعزول محمد مرسي وأن لم تفصح عن ذلك صراحة حتى اللحظة.
وفي المجمل وبحسب دبلوماسيين غربيين فإن الرسالة التي تريد واشنطن والعواصم الأوروبية ايصالها الى السلطات الجديدة في مصر تتمثل في: «ان هيئوا الظروف اللازمة والضرورية من أجل نقل السلطة الى المدنيين سريعاً ما سيشكل دافعاً رئيسياً لمساعدتكم».. بيد أنها سارعت الى القول إن العواصم المؤثرة غير راغبة في زيادة المصاعب بوجه السلطات المصرية الجديدة، على الرغم من التحفظات القائمة إزاءها، ولا بوجه القوات المصرية المسلحة، لكنها تنبه الي ان الديمقراطيات الغربية تحت ظل أحزاب وقوى معارضة قوية وفاعلة «تسائل» الحكومات عن موقفها وعن كيفية صرف أموال دافعي الضرائب فيما اذا استمر تدفقها على مصر وعلى القوات المصرية المسلحة بحسب تلك المصادر.
وبالنظر الى تسارع التحركات و«ميوعة» الأوضاع، فإن العواصم الغربية «تريد تحاشي اتخاذ القرار الخطأ في اللحظة الخطأ»، على رأي دبلوماسي غربي مستفيدة في ذلك من تجربتها في التعاطي مع بدايات الربيع العربي، حيث بقيت الى جانب أنظمة كانت تتهاوى وبالتالي لا تريد تكرار نفس الخطأ.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 08:28 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-33455.htm