الميثاق نت - عبدالله عمر باوزير/ الميثاق نت

الخميس, 21-نوفمبر-2013
عبدالله عمر باوزير* -

ما كنت ارغب ولا أريد الخوض في موضع العلاقات اليمنية – السعودية من زاوية تسهيلات العمل و الإقامة ، لا لعدم أهميتها في هذه المرحلة .. ولكن لأهميتها التي ستفرض على تناول جوانب لا تخلوا في الغالب من الوقوع في شراك حوارات عقيمة مع دعاة مقاطعة المنتجات السعودية في السوق اليمنية التي تطالب بها بعض الأقلام هذه الأيام في صحافتنا الورقية والالكترونية .
هذه الحملة التي تصاعدت على صفحات التواصل الاجتماعي في شكل حوارات سطحية ،و في الغالب غير لايقة ،جعلتني أتردد عن الخوض فيها وان لم أتوقف عن متابعتها على الجهتين السعودية واليمنية .. قلت الجهتين لأنني لا أريدها مجابه ،رغم وجود ها داخل كل جهة ، حيث ارتفعت أصوات سعودية مطالبة بعدم التعامل مع اليمنيين على أساس المساواة بينهم وبين بقية الجاليات كأشقاء وجيران ،إلا أنها محدودة وخجولة ، في الوقت الذي تشاركها ذات الموقف أصوات يمانية رافضة لتلك الدعوات المراهنة على استثمار تنفيذ القرارات السعودية لتنظيم الإقامة و العمل دون استثناءات كان يتمتع بها اليمنيون قبل ثلاثة عقود لصالح قوي و تيارات ترى في ترحيل السلطات السعودية لمخالفي تلك النظم ، عمل لا يعدوا ألا أن يكون إعلان عداء للشعب اليمني وانتهاك لحق الجوار يجب أن يقابل بالمثل .
ذلك لا يستغرب .. بل ومتوقع حصوله على المستوى الشعبي العام ،ولكن أن يصل الأمر إلي حد مشاركة عدد من المثقفين و الأكاديميين ومنهم من شغل مناصب سياسية أو تشريعية في البلدين ولم يكتفي بالفيسبوك أو التوتير بل وعلي الفضائيات ومن أهمها قناة BBC التي استضافت البعض في عدد من البرامج الحوارية.. مستخدمة موضوع العمالة و بالذات الذين ولدوا على الأراضي السعودية وتعلموا في مدارسها و منهم من تخرج في جامعاتها ولم يحصلوا على أي تسهيلات استثنائية في نظام الإقامة .. محاور لبرامجها لأسباب يفترض أن لا تغيب عن من يزعمون تمثيلهم للنخب المثقفة ، وهم يتبنون ذات المواقف والدعوات التي لا تنظر إلي العلاقات إلا من زاوية الإقامة والعمل فهو المستغرب و المثير للعجب !!

□ هذا التجاوب ممن يحسبون على النخب في صنعاء أو الرياض .. لم يثر حنقي بل خوفي من هذا " الجهل الخلاق " المتجاوب مع تلك القنوات والمتجاوب مع كل ما يثير الاندفاعات العاطفية لؤلئك المغردون على التوتير أو على الفيس بك .. وهو ما أثار خوفي و دفع بي إلي تناول الموضوع ،مع إدراكي المسبق لنوعية التهم وعبارات التجريح التي ستنالني نتيجة الحشد العاطفي لقوي سياسية و أخري إيديولوجية تعمل على توظيف ذلك في خدمة أهداف لا يمكن تحقيقها في ظل علاقات إستراتيجية لا تهزها قضايا عارضة أو طارئة تحدث هنا أو هناك .. للأسباب التالية :-
1- الجغرافيا و والديمغرافيا الواحدة .. وهذا جانب لا خيار لصانع القرار فيها كونها غير قابلة للإلغاء أو التغير !!.
■ السياسة حالة متغيرة تفرضها ظروف وأحداث تاريخية .. ونحن اليوم امام تحديات وإخطار كبيرة داخلية وخارجية ما كانت لتهدد مستقبلنا وتضعف دورنا في تحديد ملامح مستقبلنا لولا تجاهلنا للجغرافيا والديمغرافيا الواحدة بل والتاريخ و العقيدة الواحدة ، الأمر الذي يتطلب مراجعة وتقيم لتلك العلاقات وإعادة صياغتها وفقا لحقائق الجغرافيا و والديمغرافيا الواحدة و على النحو الذي يلبي مواجهة التحديات والمتغيرات الداخلية والخارجية .
2- نحن في منطقة هي مثلث الاتصال بين مصالح ثلاث قارات(( أسيا ،إفريقيا ، أوربا)) وتختزن في جوفها اكبر احتياطيات العام من النفط و الغاز و تتحكم في ممراته إلي تلك القارات بالإضافة إلي الأمريكيتين و من هذا المثلث تمثل المملكة العربية السعودية ما يتجاوز آل 65% من المساحة الجغرافية للجزيرة العربية ، على رقعة تمتد من الخليج العربي إلي البحر الأحمر- أهم الممرات البحرية للتدفقات النفطية المحاصرة بالمضيقات الثلاثة(( هورمز، باب المندب ، قناة السويس )) في الوقت الذي تحتل اليمن الزاوية الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية المتحكمة في مضيق باب المندب و المداخل الجنوبية للبحر الأحمر من جهة ومن جهة أخري تمتد على خليج عدن وبحر العرب يمالا يقل عن 1500كم و بالتالي على البحار المفتوحة الأمر الذي يعطيها أهمية إستراتيجية لمشاريع امن التدفقات النفطية عبر الأنابيب و البحار المفتوحة .. ويعزز ذلك قوة سكانية تتجاوز اليوم 25مليون يشكل الشباب منها حدود70% .
■ كل هذا يفرض التكامل الجغرافي و السكاني في علاقات إستراتيجية .. لا اعرف كيف تجاهلها هؤلاء على الفضائيات وفي تغريد اتهم ، في الوقت الذي باشر استغلالها أولئك العاملون على توسيع الشروخ و التصدعات في جدار العلاقات بين الشعب الواحد في لدولتين .
3- اليمن .. يعيش أزمة مركبة وفي وضع قد يؤدي إلي حالة سورية _ في جنوب الجزيرة العربية ، مما سيفتح الباب على مصراعيه للقوي الإقليمية الطامح إلي مشاركة القوي الكبرى في رسم خرائط ومستقبل المنطقة !؟
■ الأمر الذي قد يفرض إيران على أي تسوية للازمة اليمنية .. كما فرضها على حل الأزمة السورية ، و أدى إلي التفاهم - بل الاتفاق الأمريكي – الروسي الذي يمكن تكراره في" جنيف- يمني " قادم . و تلك الدعوات إلي مقاطعة المنتجات السعودية تنطلق من مواقف
□□ استعرض ثلاثة أسباب .. تفرض علينا النظر إلي موضوع العلاقات اليمنية – السعودية من زاوية التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا و المخاطر والتحديات الراهن – لا الإقامة والعمل ،على أهميتها على صعيد الأمن القومي في جوانبه الاجتماعية و الاقتصادية ، في ظل وجود عمالة أسوية و افريقية كثيفة تشكل أضاعف السكان في بعض دول الخليج ومن جنسيات دولها تعد من القوي الدولية الناشئة .. ولا تقارن بها العمالة الأثيوبية .. وأظن ليس من الإنصاف مساواتها بالعمالة اليمنية – العربية التي لا يمكن أن تكون إلا في خندق أشقائها في مواجهة مخاطر ، في تقديري لا تخفى عن صانع القرار في المملكة العربية السعودية .. و أن تراجعت عند صانع القرار اليمني – أو بعضة التوافقي .
تلك الدعوات إلي مقاطعة المنتجات السعودية لا تنطلق من مواقف الحرص على مصالح وكرامة المواطن اليمني .. بقدر خوفها من أن تتخذ السعودية مواقف سياسية حازمة .. مماثلة لموقفها من الأزمة المصرية ، ولا تكتفي بمساعداتها المالية والنفطية للدولة اليمنية ، في ظل (( الحرب الطائفية في دماج )) و التي قد تتجاوز الطائفية المحدودة إلي المناطقية الموروثة والمتفاعلة على الأرض في ظل حوار وطني يقوده جمال بن عمر .. وفق أجندات مختلفة عن الأجندة الخليجية !!
□□□ فهل يدرك أولئك المتحدثون على الفضائيات و المغردون على الفيس بك والتويتر أن العلاقات اليمنية – السعودية .. ليست مجرد بطاقة إقامة أو تسهيلات عمل يمكن تنظيمها أن أدركنا أهدافهم وعملنا على إجهاض مخططاتهم لتوسيع التشققات و التصدعات في جدار علاقات قائمة على الجغرافيا و التاريخ و الأرومة الواحدة .!!
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 05-فبراير-2025 الساعة: 07:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-35594.htm