الإثنين, 25-نوفمبر-2013
هناء الوجيه -

ارقام مخيفة يعلن عنها في اطار التقارير الصادرة والتي تكشف عن مدى سوء التغذية في بلادنا.. ومن المرعب ان نعرف ان هناك طفلاً واحداً يموت من بين كل اثنين بسبب سوء التغذية بمعدل 250 طفلاً كل يوم.. كما يعاني 15 % منهم من التقزم.. وهذه الأرقام المخيفة أتت حصيلة عدد من العوامل ومن ذلك الفقر وصعوبة الحصول على لقمة العيش وغيرها من العوامل التي يعاني منها المواطنون اقتصادياً وصحياً واجتماعياً والتي تحول دون حصول الطفل على الغذاء الكافي وتوفير احتياجاته ومتطلباته، ان النزول للميدان يظهر الواقع الذي يعد اشد ايلاماً من الصورة التي تنقلها العبارات والتقارير فالوضع حقاً يكشف ان أطفال اليمن بحاجة ماسة إلى تكثيف الجهود والاهتمام بقضاياهم وما يعانونه من تحديات ومشاكل والإسهام في الحد من الاوضاع المتردية.
وفي هذه المساحة ومن خلال النزول الميداني الصحفي- والذي نظمته منظمة رعاية الاطفال في اليمن-الى بعض مناطق ومديريات وقرى محافظة الحديدة شاهدنا في الواقع صوراً مؤلمة جداً وحياة بؤس تدمي القلب يعاني منها أبناء تلك المناطق، والاشد ايلاماً ان الحكومة لا تلتفت للتخفيف من معاناة المواطنين وكأن سكان تلك الاماكن ليسوا من اليمن حيث ان الخدمات الأساسية شبه منعدمة ولا يرى المواطن فيها الا بعض الانشطة والبرامج المحدودة التي يتم تنفيذها من خلال بعض المنظمات الدولية الداعمة كمنظمة رعاية الاطفال واليونيسف.
ولإلقاء الضوء على اوضاع تلك المناطق التقت «الميثاق» بعدد من المواطنين وعدد من المختصين.. وهذه هي الحصيلة :
- بداية تحدثت رزيقة عوض حسن- مواطنة من قرية الدنابجة عزلة المغرس مديرية التحيتا القريبة من مدينة زبيد- قائلة : نحن ننتظر الدكتور أن يأتي إلينا في كل اسبوع او في كل شهر ليعالج ابناءنا، لا يوجد لدينا مركز صحي ولا نملك إلاّ عشة نعيش فيها وهي قريبة من بيت العاقل. والعاقل قال انه ممكن يعطي قطعة ارض لنا من اجل بناء مركز صحي ولكن القرية وحدها بدون تعاون ودعم صعب يوجدوا المركز , ونحن لا نملك إلاّ عشة ونفرح لما يجي الدكتور يعالج أولادنا من المرض.
بعد الخدمات
وتقول صفية فتاح مدنمبج من نفس المنطقة في رد على سبب زيارتها للمركز : من شدة خوفي على حفيدي من الموت الذي يحصد أرواح العديد من الأطفال الذين يمرضون علينا في القرية ولا نجد حيلة لمعالجتهم والمشكلة أن حفيدي مريض منذ أيام وعندنا مركز صحي والطبيب لا يأتي إلا يوماً في الاسبوع ولكن الحمدلله الطبيب يعطي العلاج ويهتم بالولد والآن اصبح افضل . واريد ان اقول انا نقلت حفيدي الى المركز لكن هناك اسراً كثيرة بعيدين لا يستطيعون اسعاف ابنائهم ولا شراء الدواء ولا الحصول على ابسط الخدمات .
توعية ومعلومات
أما المواطن جبار على احمد حسن- من منطقة بيت الفقيه- فقد تحدث عن اهمية الرعاية الصحية، وقال: كان والدي يعاني من ضعف شديد واذا لم يتم اخذه الى الوحدة الصحية كان من الممكن ان يفقد حياته لكن الحمد لله ان الفرق الطبية المتنقلة موجودة والطبيب الذي يأتي إلينا كل اسبوع ومع كل زيارة اعود به إليه واخذت معلومات قيمة عن كيفية استخدام الادوية وكيف نغذي الطفل ونحافظ عليه.
دور حكومي مغيب
يقو ل الدكتور انور المشولي- طبيب معالج في منطقة بيت الفقيه : نحن نعمل في بيت الفقيه لتلبية احتياجات المواطنين نظراً لضعف الرعاية الصحية فيها وبالذات لدى الاطفال حيث يعانون في هذه المنطقة من سوء تغذية شديد واحياناً يوجد اطفال في عمر السنتين او الثلاث واوزان اجسامهم مثل وزن الطفل المولود.. كما أن الشيء الملفت والمؤلم ان الرعاية الصحية والمراكز الصحية لا توجد في المنطقة، والدور الحكومي مغيب في تلك المناطق ونحن نعمل ضمن فريق طبي متنقل لمنظمة رعاية الاطفال في اليمن.. واريد ان اوضح هنا ان جهود المنظمات ليس كافياً ولا بد من مضاعفة الجهود والمثابرة على الشراكة والتواجد الحكومي للخروج من الاوضاع المأساوية التي يعاني منها المجتمع في العديد من مناطق الحديدة.
تثقيف وتوعية
من جانبها تحدثت القابلة أحلام علي عبدالله- التي تعمل في المركز الصحي في بيت الفقيه- قائلة : انا متعاقدة وتم تدريبي من قبل منظمة رعاية الأطفال والآن اعمل في المركز حيث أقوم بمساعدة الطبيب، والجانب الآخر من عملي هو القيام بالتوعية بين أوساط المجتمع في مجال التغذية وكيفية رعاية الأطفال وكذلك في ما يتعلق بصحة المرأة والطفل حيث ان للتوعية دوراً كبيراً في معرفة الطرق الصحيحة للحفاظ على صحة الأطفال والاسرة عموماً.
مشاريع مدرة للدخل
أما خالد محمد ابكر- احد الصيادين- فقد تساءل عن المشكلة التي يواجهها أبناء منطقة العرج في مديرية باجل بالقول : كيف يمكن ان نتحدث عن أهمية حماية الأطفال من سوء التغذية وتوفير احتياجاتهم والمواطن هنا لا يملك ما يسديه رمقه.. صحيح هناك مشاريع تنفذها بعض المنظمات لكنها فقط تعمل على توفير بعض الموارد النقدية في حين ان المواطن يحتاج الى مشاريع مدرة للدخل ومستمرة.. الصيادون يحتاجون الى قوارب للصيد وشباك ومشاريع تساعدهم في الحصول على مصادر توفر سبل العيش الآمن، أما الحكومة فلا تهتم، فكل أبناء مناطق الحديدة يعانون من اسوأ أنواع الفقر والبطالة وتلك من اهم أسباب سوء التغذية للأطفال وللكبار أيضاً .
رسالة إعلامية
أمنة هندي- إعلامية من محافظة الحديدة- تحدثت قائلة : على الصحفي النزول الميداني الى أرض الواقع ليكشف حقيقة المأساة التي تعيشها محافظة الحديدة.. وليروي للناس أيضاً قصصاً إنسانية مبكية وواقعاً انسانياً مؤلماً.. هناك مواطنون يفتقرون لأبسط مقومات الحياة.. هناك أطفال لا يعرفون غير كسرة الخبز ولا يعرفون من التغذية حتى الأساسيات, كما ان الاسر في تلك المناطق محرومة من الخدمات الأساسية كتوفير الماء والغذاء والدواء وهذا الواقع الصعب يتطلب من الجميع ان يكونوا يداً واحدة من اجل حماية الطفولة.. وعلى الحكومة ان تعمل من اجل الحفاظ على امن واستقرار مواطنيها من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. كما ان للاعلام دور إيصال الرسالة الهادفة لإحداث التغيير بهذا الشأن لذلك أتمنى ان يدرك الاعلاميون عموماً ان المسؤولية كبيرة وعليهم أن ينقلوا الصورة بما يخدم مصلحة المواطنين ويحقق الحياة الكريمة للجميع .


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 09:09 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-35673.htm