الإثنين, 03-فبراير-2014
الميثاق نت: -
< بصفتي مواطناً يمنياً بسيطاً يحلم أن تتوافر أبسط الخدمات كالتعليم والصحة والكهرباء والطرق والأمن وتوفير فرص العمل والقضاء على الفساد، مواطناً يحلم بالعدالة والمساواة وخاصة بعدما (تجعجع) لسنوات واستبشر بأن هناك شيئاً اسمه تغيير وبأن الدولة المدنية الحديثة التي وعد بها في عام 2011م ستنتشله من غلاء المعيشة والفقر الى التطور الاقتصادي وتحسين دخله اليومي!! لكن الذي حصل اني كنت مواطناً بسيطاً يحصل على خدمة اسمها كهرباء وماء وأمن، يشتري دبة البترول بألف وخمسمائة ريال، واليوم حرمت من كل شيء والتغيير لم يجلب لي شيئاً جديداً والدولة المدنية (ماشفتهاش).. المهم أنه قبل أيام (لصت الكهرباء) وجلست أمام التلفاز أحاول قراءة الرقم الذي تم رصده للموازنة العامة للدولة للعام 2014م بس ما قدرت أحفظه ولا أقرأه - طبعاً تريليوناات- حينها قلت يمكن يتحقق ما كنت احلم به!! وعندما تمت الموافقة على هذه الموازنة وإقرارها من مجلس النواب بصراحة «افتجعت» حين سمعت عن المبلغ الذي تم تخصيصه لمصالح ومؤسسات مقارنة مع ما تم رصده للصحة والتعليم، تمنيت حينها أني ما حلمت وسألت نفسي ماهو الدور الذي تقوم به تلك المؤسسات والمصالح؟
«قصدي هل هي منشأة نووية لتخصيب اليورانيوم» أو «مركز أبحاث متخصص بالكيمياء الحيوية»؟! وتبادر الى ذهني أنها متخصصة في علم الادوية وفيها علماء منشغلون بصناعة وتطوير أدوية لمرض السرطان وغيره من الأمراض المزمنة.. في الوقت الذي تذكر إحصاءات رسمية جديدة صدرت من المركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء أن عدد المصابين بمرض السرطان يزداد بشكل مخيف ويبعث الرعب ما يتطلب وقفة جادة لمواجهته، حيث أشارت الى أن عدد المرضى الجدد الذين تم استقبالهم خلال العام المنصرم تجاوز 7000 حالة إصابة جديدة بالسرطان كانت محافظة تعز في الصدارة تليها إب وذمار وحجة، بالإضافة الى عدد المرضى المترددين على المركز «المسجلين بالكشوفات ويتعالجون بالمركز»، حيث بلغ اجمالي عدد المترددين على العيادات الاستشارية أكثر من 26000 مريض بينهم 13000 من الإناث، ناهيك عن المرضى الذين يتوافدون الى قسم العلاج الكيمياوي والذين وصل عددهم الى أكثر من 7000 مريض، هذا بالإضافة الى المرضى الذين يعالجون بالإشعاع والذين وصل عددهم خلال النصف الأول من العام 2013م الى أكثر من 1200 مريض.
بالإضافة الى عدد المرضى الذين وصلوا الى اقسام الرقود والوسائل التشخيصية والعلاج الكيماوي والمختبر وغيرها.. كل هذه الأرقام فقط من المركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء مع العلم بأن هناك مرضى يعالجون في مراكز أخرى بالمحافظات لم يتسنَ لي ذكرهم هنا!!
هذه الأرقام لم تكن كافية أمام حكومة الوفاق لتخصيص موازنة كبيرة للصحة وبالذات لمرضى السرطان، وكان الأجدر بهؤلاء أن يلغوا مصلحة ما أو مؤسسة ويضيفوا مخصصاتها الى موازنة المركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء كونه المركز الوحيد المتخصص في اليمن والذي يستقبل المرضى من كل محافظات الجمهورية خصوصاً وأن إدارة المركز تواجه أعباءً كبيرة.
وانطلاقاً من مبدأ الشعور بالمسؤولية والإحساس بالمعاناة التي يعيشها «مرضى السرطان» ومن منطلق توضيح السلبيات لتجنبها والإشادة بالايجابيات لضمان استمرارها أردت أن أوضح الانجازات التي تحققت في مركز الأورام خلال فترة «ما يقارب عامين» وإيصال معلومة عن آلية توزيع وتقسيم الموازنة العامة للدولة وكيف يحصل العبث والتصرف بالمليارات عندما تخصص لجهات ومؤسسات تضر بالمواطن أكثر من أنها تنفعه!! فالإنجازات التي حصلت في مركز الاورام تعتبر طفرة إدارية فريدة لأننا وكما نعلم بأن القيادات الإدارية التي تم تعيينها مؤخراً في أغلب مؤسسات الدولة لم يطبق عليها معيار الكفاءة وإنما تم تعيينها على أساس حزبي وبالمحاصصة وقد فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة تلك الجهات أو تحسين الخدمات فيها بسبب غياب الكفاءة..
أما الإنجازات التي تحققت في مركز الاورام بصنعاء فقد خففت من معاناة المرضى وأوجاعهم عندما وجدوا الخدمة الطبية المجانية بطريقة سهلة، وبالرغم من دعممة حكومة الوفاق (وجعجعة) وزير المالية وعدم مبالاتهم أو اكتراثهم بحاجة اسمها الصحة فما بالكم بمريض السرطان، إلا أن إدارة المركز عملت بكل إصرار وعزيمة وإخلاص من أجل النهوض بهذا المركز الخدمي، فقد عملت على توفير أدوية السرطان وبصورة مستمرة وذلك من خلال إنزال المناقصات بشفافية وتجنب الشراء العشوائي للأدوية، كما تم إيقاف الشراء بالمناقصات المحدودة وما كان يحدث من تلاعب بها إضافة الى تخفيض التكلفة التقديرية للأدوية الكيميائية والداعمة وتوريد كميات كبيرة من الأدوية من مصدرها وتم توفير ما يقارب مبلغ «1.800.000» ريال فقط كفوارق سعر للشركات التي رست عليها المناقصات عامي 2012-2013م لنفس الاصناف، مع العلم بأن المبلغ المعتمد لشراء الأدوية من وزارة المالية لا يساوي 30% من المبلغ المطلوب لضمان توفير احتياجات المرضى للأدوية على مستوى الجمهورية..
المتابعة المستمرة ووضع كافة المبررات أمام وزير المالية باعتماد مبلغ خمسة مليارات ريال في موازنة 2014م في بند الأدوية والمحاليل باءت بالفشل.. ونظراً لضيق المركز والمعاناة التي يعانيها المرضى من الازدحام والانتظار لموعد الجلسات الاشعاعية وللرقود، فقد بذلت إدارة المركز جهوداً مضنية وتم توقيع اتفاقية حصل بفضلها المركز على الارضية المجاورة للمبنى (التابعة للأشغال) لتنفيذ مشروع مبنى الوسائل التشخيصية والعلاجية..في الوقت الذي كانت أقسام الرقود تستوعب ما يقارب 35 سريراً فقط كان المبنى ممتلئاً بمكاتب إدارية فتم نقلهم الى مبنى الإدارة مما أتاح إضافة ما يقارب 15 سريراً يرقد فيها المرضى حالياً..
ويجب أن لا ننسى الجهود الكبيرة التي بذلت لإعادة الثقة وتفعيل الشراكة بين المركز والمؤسسات الخيرية كمؤسسة السرطان والشركات الحكومية والخاصة والجهات المانحة فقد كانت كفيلة بتوفير أجهزة ومستلزمات ساهمت بشكل كبير في توفير خدمات اضافية للمرضى وكان آخرها التواصل مع صندوق دبي للتنمية ومتابعة تركيب وتشغيل الأجهزة المقدمة من الصندوق كمنحة واعتماد منحة جديدة، وقريباً سيصل أهم وأحدث جهاز طبي في مجال الكشف المبكر عن السرطان مما سيخفف معاناة السفر للخارج..
الذي أريد توضيحه هنا هو أن الوطن مازال بخير طالما وهناك كفاءات وطنية وإدارية تعمل بكل طاقتها من أجل خدمة البسطاء من المواطنين، ويجب علينا جميعاً أن نقف بصفهم وندعم أفكارهم ونشجعهم ليعطوا كل ما لديهم للوطن والمواطن.. استغرب كثيراً عندما اقرأ خبراً بأن وزير المالية يعتمد ملايين الريالات لإنشاء جامع في جامعة الايمان «وكأن الناس حانبين أين يصلوا».. أو دعم جمعية خيرية بالملايين لا ندري ما هي مهمتها، في الوقت الذي يرفع اليه بشراء أجهزة طبية وتشخيصية لمركز السرطان فيرفض.. وأستطيع الجزم بأنه يتم اعتماد ملايين الريالات في بعض الجهات كون قياداتها الإدارية تتبع الحزب الذي ينتمي اليه الوزير، وبالرغم من ذلك فهم فاشلون.. كل هذا التعنت لم يوقف عجلة العطاء وخدمة البسطاء بتقديم أفضل الخدمات الطبية المجانية على مستوى الجمهورية، ولم يقف الشرفاء والمخلصون في مركز الاورام مكتوفي الأيدي ينتظرون تعاطف وزير لا يرحم وحكومة لا تكترث بمريض السرطان المثخن بالأوجاع المنتظر للموت بين الفينة والأخرى، لكنهم استطاعوا أن يقهروا الصعاب ويهزموا المستحيل ويقدموا أفضل ما لديهم ويعملوا بروح الفريق الواحد ليرتقوا بخدماتهم ويلمس المواطن البسيط عطاءهم.
ورغم كثرة المشاكل التي تعتمل.. إلاّ ان الوضع في تحسن وتطور مستمر أخرس أفواه المزايدين علينا بالمبادئ التي يستوحونها من أحزابهم العنصرية التي ليس لديها مشروع بناء وطن تسوده العدالة والمواطنة المتساوية، وإنما أكبر همومهم كيف يستأثر أعضاء حزبهم والتابعون لهم بمناصب الدولة حتى ولو كانوا فاشلين، وبعد أن كشفت عوراتهم وزيف شعاراتهم الرنانة، وما تقوم به أبواقهم الاعلامية من حملات تشويه كاذبة وتلفيق تهم الفساد لعرقلة مشاريع النجاح ومحاولة تستهدف النيل من نزاهة المخلصين وكفاءة المؤهلين لعمل تحول وتغيير في أية جهة أو مؤسسة وهذا دليل إفلاس «وقلة حياء».
لقد وصل الفساد الى أقبح مراحله حين تعتمد المليارات لجهات لا حاجة لها فيما صندوق المعاقين توقفت ميزانيته وتدهورت أحوال المعاقين وحرموا من خدمات كانوا يحصلون عليها في عهد النظام السابق الذي كنتم تكيلون اليه كل التهم وتزايدون على الناس بالفساد والسرقة والنهب للمال العام في عهده وكانت الأيام كفيلة بأن كشفت لنا أن فسادكم أكثر قبحاً.
فليس عيباً وليس جرماً أن يتم إقالة وطرد أو توقيف الفاشلين (الفاسدين أصلاً) من كوادركم التي تم تعيينها مؤخراً بحجة التدوير الوظيفي المزعوم، ويفترض إعادة النظر بكل من تقومون بتعيينهم في أية جهة، لأن فشلهم ينعكس سلباً على المجتمع.
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 23-أبريل-2024 الساعة: 07:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-36799.htm