الثلاثاء, 17-يوليو-2007
الميثاق نت - .. د . عبدالعزيز المقالح -
يبدأ اليوم في بلادنا المُؤتمر الخاصّ بالتعليم الثانوي، في ظروفٍ تتعالى فيها الشكوى ويتصاعد التذمُّر في أنحاء الوطن العربي من تدهور أوضاع التعليم في مراحله المُختلفة.
وكان أمين عام الجامعة العربية قد أطلق مُنذُ أربعة أيَّامٍ صرخةً غير مسبوقةٍ تناول فيها حالة التعليم في الأقطار العربية وما وصلت إليه من سُوءٍ يجعل من المُستحيل على العرب أن يُواكبوا التطوُّر العالمي أو يخرجوا من عُزلتهم اللاَّعلمية دُون إصلاحٍ حقيقيٍّ وجادٍّ وسريعٍ للتعليم في مُستواه العام والجامعي.
وشدَّد الأمين العام للجامعة العربية في حديثه المُفاجئ، على ضرورة إعادة النظر في البرامج والمناهج التعليمية القائمة، بوصفها السبب الرئيس في التخلُّف الراهن.
وأمين الجامعة العربية مشكورٌ على صرخته التعليمية هذه، وإن جاءت مُتأخِّرةً كثيراً، كما أنَّ القائمين على مُؤتمر التعليم الثانوي في بلادنا مشكورون - كذلك - على لفتتهم إلى ما تُعانيه مدارس هذا المُستوى من التعليم، وإن جاء مُؤتمرهم مُتأخِّراً - أيضاً - نظراً للصيحات الكثيرة والمتكررة التي تعالت من هُنا وهُناك داعيةًَ إلى بحث وضع التعليم وإصلاح أمره، لما للصلة القوية بين تقدُّم التعليم وتقدُّم المُجتمعات، بوصفه - أي التعليم - مفتاح التطوُّر وبوَّابة الحضارة، وبدُونه تبقى الشُّعوب تُعاني من جهلها ومن صراعاتها غير المفهومة وغير المُبرِّرة، فضلاً عن كونها ستظلُّ عُرضةً للطامعين والغُزاة وسُوقاً مفتوحاً على مصراعيه لما تُريده ولما لا تُريده من سلعٍ وأفكار.
لقد انعقدت في السنوات العشرين الماضية في بلادنا عشرات، بل مئات المُؤتمرات والندوات، وتشكَّلت لجانٌ - عُليا ومُتوسِّطةٌ - لدراسة أوضاع التعليم، وخرجت تلك المُؤتمرات والندوات بمئات - إن لم نقُل بآلاف - المُقترحات والتوصيات التي نامت على الأدراج ولم تدخل حيِّز التنفيذ، لأسبابٍ يصعب حصرها أو الإشارة إليها بوضوح، وفي مُقدِّمتها الاختلاف العميق في طريقة التفكير والنظر إلى المُستقبل والأولويات التي يطرحها الحاضر على الشُّعوب، التي هي في مثل ظروفنا، يُضاف إلى ذلك ضُعف الإمكانات وعدم القُدرة على التوسُّع في بناء المدارس النموذجية المُجهَّزة بالمعامل اللاَّزمة والمُدرِّسين المُؤهَّلين.
ويُتيح لي الكلام عن التعليم الثانوي - بمُناسبة انعقاد مُؤتمره اليوم - الإشارة إلى أهمِّيَّة الحديث عن التعليم الأساسي، الذي يُشكِّل اللِّبنة الأُولى وحجر الزاوية في البناء التعليمي، والبدء بمُؤتمرٍ عن التعليم الثانوي مُغفلاً دور التعليم الأساسي، والابتدائي منه بخاصَّة، يُشبه - إلى حدٍّ ما - إمساك العصا من النصف، نظراً إلى أن التعليم الأساسي يُشكِّل الحلقة المفقودة في تعثُّر التعليم الثانوي والجامعي وما يترتَّب على ذلك التعثُّر من تدهورٍ شاملٍ وعامٍّ في التعليم بمُستوياته المُختلفة، فمن أجل تعليمٍ ثانويٍّ جيِّدٍ وتعليمٍ جامعيٍّ جيِّد، لا بُدَّ من العناية بالتعليم الأساسي والمُسارعة إلى إجراء إصلاحاتٍ عميقةٍ لنظامه وتحسين مُستويات مُدرِّسيه، العلمية والمعيشية.
إنَّ الوطن العربي - من أقصاه إلى أقصاه - يصرخ ويتذمَّر من أوضاع التعليم، التي تزداد سُوءاً وتخلُّفاً، لكنَّ ذلك لا يمنعنا ولا يجعلنا نخجل من القول أنَّنا قد نكون الأسوأ على الخارطة التعليمية العربية، لأسبابٍ عديدةٍ سبق شرحها، ويُمكن التوقُّف عند أهمِّها، وهو شحَّة الموارد وضمور المُوازنة التي لا تُساوي ميزانية الرياضة في قُطرٍ عربيٍّ شقيق، فضلاً عن أنَّ الجُزء الأكبر من هذه المُوازنة الضامرة يذهب لمُواجهة التخريب والاختلالات الأمنية وإرضاء المُؤلَّفة قُلوبهم.
الشاعر نجيب عيَّاش المعمري في ديوانه الأوَّل :
< دائماً، في الأرياف وفي القُرى النائية عن الحواضر، تنمو عشرات المواهب وتتوهَّج، لكنَّ أحداً لا يعرف عنها سوى القليل أو لا يكاد يعرف عنها شيئاً، والمثال الأقرب إلى ذلك هذا الشاعر الموهوب «نجيب عيَّاش المعمري»، القادم من ريف تهامة، والذي أهداني مُنذُ أيَّامٍ ديوانه الشِّعْرِيّ الأوَّل «الفجر المُحترق»، وقرأ لي نماذج من قصائده البديعة التي لم تُنشر بعد، ومنها قصيدة «صنعاء همس المآذن للشُّرفات»، ولا أُبالغ إذا ما قُلت أنَّني فُوجئت بشاعرٍ رائع الأداء مُكتمل التكوين .. الديوان الأوَّل للشاعر عيَّاش من إصدارات وزارة الثقافة عام 6002م.
تأمُّلاتٌ شِعْرِيَّة :
مِنْ أَيْنَ نَبْدَأُ يَا سُمَارَهْ؟
مِنْ أَيْنَ نَبْدَأُ يَا شَهَارَهْ؟
بَلْ كَيْفَ نَبْدَأُ يَا شَرَارَهْ؟
ضَاعَ الطَّرِيْقُ عَلَىْ الهُدَاةِ
العَارِفِيْنَ طَرِيْقَهُمْ،
والصُّبْحُ مِثْلُ اللَّيْلِ مُعْتَكِرٌ
فَلاَ نَدْرِيْ مَدَارَهْ.
حَتَّىْ لَقَدْ يَبِسَتْ عَلَىْ الشَّفَتَيْنِ
وَالعَيْنَيْنِ،
أَمْوَاجُ العِبَارَه!!
الثورة

تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 08:54 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-3891.htm