الجمعة, 03-أغسطس-2007
الميثاق نت -   نصر طه مصطفى -
بعد أن كان لبنان مهوى أفئدة السياح العرب وغير العرب، فإنه للسنة الثالثة على التوالي يعاني من ركود شديد في مجال السياحة أدى إلى تدهور أوضاعه الاقتصادية وتدني المستوى المعيشي لأبنائه الذين كانت السياحة بالنسبة لهم مصدر الدخل الأساسي ومكنتهم طوال التسعينات وحتى اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري من استعادة ألق لبنان وإشعاعه الثقافي والسياحي والاقتصادي وانعكاس ذلك إيجابيا على أوضاعهم المعيشية. أما اليوم فكل العائدين من لبنان يشعرون بالألم والغصة على الأوضاع الصعبة التي يعيشها ويدفع ثمنها دون ذنب ولا جريرة اقترفها سواء بحق نفسه أو بحق إخوانه العرب الذين يصفون حساباتهم على أرضه وكأن حربه الأهلية السابقة لم تكفهم ولا ما يجري في العراق كذلك. هاهي المحاولات تلو المحاولات تبذل من العديد من الأطراف الخارجية للوساطة بين قواه السياسية المؤثرة التي لن تتفق كما يبدو إلا بعد أن يصبح لبنان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار أو ربما بعد أن يشتعل حيث قد تدرك حينئذ فداحة ما ارتكبته بحقه وبحق نفسها، ولذلك لم تأت تحذيرات وزير الخارجية الفرنسي (برنار كوشنير) من احتمالات اندلاع حرب أهلية من فراغ، فالقلوب قد بلغت الحناجر بالفعل، وإذا انطلقت الرصاصة الأولى فقد يضطر باقي قادة الطوائف والقوى أن يطلقوا رصاصاتهم حتى وإن لم يكونوا راغبين في ذلك. وفي الحقيقة فإذا كان مفهوما الأسباب التي اندلعت من أجلها الحرب الأهلية عام 1975 فإنه لن يكون مفهوما بحال من الأحوال أسباب اندلاع أي حرب أهلية جديدة كنتيجة للأزمة الحالية التي لم يعد معروفا رأسها من أقدامها، ذلك أن معظم المراقبين يعتقدون عدم وجود أسباب حقيقية للأزمة القائمة وأن حلها مسألة ليست عسيرة في حال اتفاق الأطراف الفاعلة على ذلك. إلا أن السؤال هو كيف سيتفق هؤلاء؟ ومن الغريب أن موضوع المحكمة الدولية تراجع هذه الآونة من دائرة الاهتمام الرئيسية لتحل محله قضايا تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية واستحقاقات حرب تموز العام الماضي، وهذه كلها بما فيها قضية المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري محل اتفاق بين جميع القوى، ناهيك عن أن تحالفات كل طرف من الاثنين ليست من نوع التحالفات الاستراتيجية بل التكتيكية سواء قوى 14 آذار أو قوى المعارضة، بمعنى أن انتهاء الأزمة قد يفجر الخلافات بين مكونات هذه القوى ليس إلى حد الصراع المسلح بالطبع، وذلك سيعيد صياغة التحالفات من جديد بالتأكيد على ما ينبغي أن تكون عليه، وهذا حديث سابق لأوانه لكنه يعني أن الخروج من هذه الأزمة أصبح ضرورة حتى لتطبيع الحياة السياسية أيضا وليس الحياة العامة فقط. وخلال ثلاثة شهور من الآن ستنتهي الفترة الدستورية الحالية للرئيس اللبناني إميل لحود والتي تم تجديدها قبل ثلاثة أعوام بضغوط خارجية كانت السبب المباشر في دخول لبنان أزمة خانقة ظلت تتداعى وتتطور، إلى أن بلغت ذروتها باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري الذي يعتبره الكثيرون المحرك الفعلي لصدور قرار مجلس الأمن الشهير (1559) الذي ألزم سوريا بإخراج جيشها من لبنان والذي صدر كرد فعل على تجديد رئاسة لحود لثلاث سنوات فقط اعتبر اللبنانيون أنه لا معنى لها في حينه سوى إثبات حجم نفوذ سوريا في لبنان رغم وجود العديد من الشخصيات المارونية التي كانت تصلح لتولي الرئاسة وتحتفظ بعلاقات حميمة مع دمشق في نفس الوقت. واليوم يجد اللبنانيون أنفسهم في أزمة سياسية خانقة وهم يشارفون على نهاية السنوات الثلاث لا يفهمون لها معنى ولا يجدون منها مخرجا إلى أن يلهم الله قادتهم أن يتغلبوا على نزواتهم السياسية فينجزون الاستحقاق الدستوري في موعده المحدد قبل نهاية سبتمبر القادم رغم غياب أي مؤشرات على وفاق قريب رغم كل الوساطات الدولية والعربية. غادر وزير الخارجية الفرنسي (برنار كوشنير) بيروت وقبله غادرها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من دون نتائج تذكر للقاءاتهما ومباحثاتهما هناك مع مختلف الأطراف السياسية التي تواصل طرح شروطها لأي تفاهمات مستقبلية. رغم التعقيدات التي تكتنف الأزمة اللبنانية وضعف الآمال في حلها سريعا إلا أن الاستحقاقات الدستورية العاجلة قد تكون سببا حاسما لتكثيف الجهود الخاصة باستمرار جلسات الحوار الوطني سواء برعاية خارجية أم لا من أجل تجنيب البلاد مغبة الدخول في حالة فراغ دستوري قد تؤدي لعواقب وخيمة في حال حدوثها واستمرارها لأمد غير محدود. والمسألة في النهاية تقتضي تنازلات متبادلة بين الأطراف المعنية، وإلى جانب ذلك فإن الدول العربية المعنية لابد أن تكثف جهودها وتسعى لتجاوز خلافاتها لتساعد لبنان على الخروج من محنته الحالية التي سيكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة كلها في حال استمرارها أو تحولها إلى حرب أهلية، إلا إذا كان القادة العرب لا يدركون خطورة الوضع في لبنان فهذا شأن آخر. نقلا عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 23-يونيو-2024 الساعة: 07:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4093.htm