السبت, 04-أغسطس-2007
الميثاق نت -  د. عبد العزيز المقالح -
لو أن المأساة التي حدثت وتحدث الآن للفلسطينيين العالقين عند معبر رفح قد حدثت منذ خمس سنوات فقط، لكانت الكرة الأرضية قد اهتزت حزناً، واستنكاراً وخجلاً، لكن المتغيرات الفاضحة التي شهدها الوطن العربي والعالم في هذه السنوات الأخيرة أماتت الضمير الإنساني، وأصابت الاحساس بالتبلد، وصنعت حالة من العمى الوجداني، فلم تحرك المأساة على قسوتها وبشاعتها عقلاً، ولا ضميراً، وكأن البشر قد تحولوا إلى صخور لا تسمع، ولا ترى، ولا تحس.
أسابيع طويلة مريرة، وستة آلاف فلسطيني مقيدون على الحدود المصرية الفلسطينية، ومنهم العجوز، والطفل، والمريض، والعاجز يذوبون تحت حرارة شمس سيناء وهجيرها اللاهب، ولا مغيث، أو مستجيب.
أجل، أسابيع طويلة مريرة عانى منها العالقون على الحدود المصرية الفلسطينية، و”العالقون” هي التسمية التي ظلت تتردد طيلة هذه الأسابيع، وكأن هؤلاء العالقين قطع من الشطرنج، أو البضائع المهربة، يحاول كل طرف أن يتبرأ منها، وليسوا بشراً يعانون، ويتعذبون، ويشتاقون العودة إلى ديارهم وأهلهم. لقد مات البعض منهم تحت ظروف هذه الحالة المزرية، وذهبوا ضحية هذا الموقف اللانساني البشع الذي يجعل من ستة آلاف مواطن فلسطيني لعبة في أكف اللاعبين القساة، وفي الوقت الذي انفتحت فيه الأبواب للقاء محمود عباس برئيس وزراء الكيان الصهيوني. ولم تصدر عن تلك الاجتماعات اشارة واحدة إلى مأساة هؤلاء العالقين في نار الحدود المقفلة.
إن إحكام الحصار على غزة بطلب (فلسطيني وعربي) هو أساس المأساة التي عانى ويعاني منها العالقون على حدود مصر وفلسطين، وهو يؤكد بجلاء أن الشعب الفلسطيني كله سيكون ضحية الحصار الجائر الذي لا يعاقب منظمة سياسية، بقدر ما يعاقب الشعب الفلسطيني بأكمله، وهو ما يثبت أن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ حلقات التآمر والعبث، ويزيد الطين بلّة دخول بعض الفلسطينيين على خط هذه اللعبة، وهو ما من شأنه أن يقصم ظهر القضية، ويجعل المتعاطفين معها عربياً ودولياً، في خبر كان. وليس اجحافاً القول بأن وصول الخلافات الفلسطينية إلى ما وصلت إليه، يشكل نهاية النهاية للكفاح الفلسطيني المشروع في سبيل استرداد حقوقهم المسلوبة، والمحافظة على كيانهم الحر المستقل.
لقد نجح بعض المراسلين في استنزاف دموع الملايين من خلال وصفهم الحي لمعاناة العالقين، وكيف لا ينامون، ولا يأكلون، ولا يشربون، ولا يجدون أين يمارسون قضاء الحاجة في صحراء سيناء المترامية الأطراف والمحاصرة بجنود الاحتلال “الإسرائيلي”، الذين قيل إنهم رحلوا عنها، وإن الحدود المصرية صارت مرتبطة بالحدود الفلسطينية، ولا شأن للاحتلال في هذا المكان من الأرض العربية.
نقلا عن الخليج

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 23-يونيو-2024 الساعة: 08:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4105.htm