احمد مهدي سالم -
المشهد المأزوم الملغوم الذي استل منا الراحة والنوم، وزرع فينا الحسرات والهموم.. يسير بنا إلى أجل كارثي غير محتوم.. أي نحن من صنعناه بأيدينا، ومشيناه بخطانا على هدى من غبائنا، وضلالة من اهوائنا، ومدارٍ من انوائنا، لذا نكابر في احتماله وإن ساءنا، ويمنعنا غرورنا وكبرياؤنا من الاعتراف بسوءاتنا، والتراجع عن خطايانا وخطيئاتنا..
لله درك يا طرفة بن العبد الذي لم تتمتع بشبابك، وإن أوتيت من الإلهام أفضل من شيوخ الشعراء المعروفين، وقد نفحتنا بحكم منها:
كلهم كل خليل كنت خاللتهُ ٭٭ لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلب ٭٭ ما أشبه الليلة بالبارحة
بارحة 1994م.. تطل بنيرانها الكثيفة، وصباحاتها الكئيبة، ويتكرر سيناريوهها بصيغ أكثرها متشابهة، وإن تبدلت الشخوص، وتباينت خفايا النفوس، واختلفت ملامح الوجه العبوس.. المهم.. تدفق الفلوس.. والذكي ينط يكوس، وها هي تجيئ.. أمرها سهل مش عجي.
يؤتى بها لا لسواد عيوننا، وإنما لايقاد جذوات احترابنا، وسفكنا دماءنا، وخراب عمراننا ومنشآتنا، وتسميم صباحاتنا ومساءاتنا.
أتمثل قول نزار مخاطباً هذا البلاء المستطير:
متى تفهم؟!
أيا جملاً من الصحراء
لم يُلجم،
ويا من يأكل الجدري
منك الوجه والمعصم
قلت في إحدى خواطري السابقات المتألمات: إنها.. مسألة وقت، وكل مرة.. تأجيل بظرف مستجد، وتنازل أجد.. لن نقول: نذرُ الحرب.. بدأت، والخطابات النارية المهددة، والتسريبات تكشف النوايا، وقوائم الرزايا والكوارث المنتظرة.. لأننا.. فيها أما فيكم رجل رشيد.. ينسف هذا العناد العنيد، والفناء الأكيد لنبتدئ الحوار الصادق من جديد؟! لا حوار الحمل الكاذب، والادعاء الوطني الهارب، والشعار المدني السالب.
من البوح الكاتم
< لعل تكافؤ القوى -الى حد ما- يكبح جموح المندفع الطائش.. حتى تعود الحكمة الغائبة، وتهدأ الفورة الغاضبة، وتبقى الأبواب.. مواربة.. لا مغلقة.
< قلت في ندوة اعلامية في ديوان المحافظة صباح الخميس الماضي: علمتنا التجارب أن من يسيطر على صعدة وعمران وصنعاء وذمار، وهذي يسمونها كرسي الزيدية، يكون بمقدوره مد يده وقدمه وتمدده ان أراد، والمطلوب التعقل، ولنتعلم كيف نبتعد عن التأزيم الحاد، فلم يعجبهم كلامي، ولاقيت في الفيس.. سهام نقدي وملامي.
< وللحوثي أقول: لا تغرنك الانتصارات العسكرية، فمع الضغوطات.. المسيرات في صنعاء واخواتها اذا زادت عن حدها، وتفلت قمعك من عقاله.. سيهتز بك قصر الرئاسة هزاً، وتنقلب الطاولات عليك..
< لا أدري لماذا.. كلما ذكرت دعم أو تغاضي بعض الغرب لتمكين الحوثي من اسقاط صنعاء.. أذكر قصة الاخوان غير المسلمين الذي شجعهم الغرب ذاته على الصعود ثم ساهم في هبوطهم.. وأي هبوط؟!
< حسن زيد أمين عام حزب الحق اعترف لقناة السعيدة أنه أحد المتسببين في محطة 2011م الانقلابية التي دمرت الوطن، ومايزال يدمر بإثرها.. شجاعة نحترمها.. باقي زعماء أحزاب البغاء المشترك.. اعترفوا واطلبوا الصفح من الوطن والمواطن.. تُغفر خطيئاتكم.. الخالق يعلمنا أن باب التوبة مفتوح لعباده العاصيين، ولا تعولوا على موقف الخارج، ودعم الخارج، وسلوكيات الخارج.
< أجد نفسي مدفوعاً.. بصدق وواقعية.. لأنصح قيادة انصار الله بقراءة الرواية الشهيرة «مائة عام من العزلة» للروائي الكولمبي الراحل غابريل غارسيا ماركيز.. طالعوها لوجه الولي الفقيه.
< في سوريا.. مطلع التسعينيات، وقبيل العودة مررت وقريبي على محلات قطع غيار لأخذ قطع وكالة لسيارتي.. فخوطبنا من محلين:
الاخوان من ليبيا فأجبنا: لا من اليمن، وقتها عرفت أن سحنة وملامح ابناء عمر المختار هي ذاتها ملامح احفاد بلقيس وتبع.. فأهلاً بالمشهد الليبي في اليمن، وحيا الله حكومتي بنغازي ومصراته.
آخر الكلام
أجدُ الحياءَ على سواك مروءةً ٭٭ والصبر إلاّ في نواك جميلاً
وأرى تدلُّلكِ الكثير محبَّباً ٭٭ وأرىَ قليل تدلُّلٍ مملولا
«المتنبي»