الثلاثاء, 15-سبتمبر-2015
الميثاق نت -   أحمد‮ ‬الرمعي -
‮< ‬صنعاء‮ ‬عبق‮ ‬التاريخ‮ ‬ومدينة‮ ‬الحضارات‮.. ‬هي‮ ‬واحدة‮ ‬من‮ ‬أقدم‮ ‬المدن‮ ‬المأهولة‮ ‬بالسكان‮ ‬ولها‮ ‬تاريخ‮ ‬يمتد‮ ‬من‮ ‬القرن‮ ‬الخامس‮ ‬قبل‮ ‬الميلاد‮..‬
سيدة‮ ‬مدن‮ ‬الدنيا‮ ‬التي‮ ‬يقصف‮ ‬العدوان‮ ‬بالقنابل‮ ‬والصواريخ‮ ‬والأسلحة‮ ‬المحرمة‮ ‬ساكنيها‮ ‬ويقصف‮ ‬في‮ ‬ذات‮ ‬الوقت‮ ‬معالمها‮ ‬وهو‮ ‬لا‮ ‬يعلم‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬حجرٍ‮ ‬في‮ ‬صنعاء‮ ‬تمثل‮ ‬تاريخاً‮ ‬وحضارة‮ ‬ضاربة‮ ‬في‮ ‬القدم‮..‬
لقد‮ ‬تعرضت‮ ‬هذه‮ ‬المدينة‮ ‬ومنذ‮ ‬تأسيسها‮ ‬للغزو‮ ‬عبر‮ ‬محاولاتٍ‮ ‬عدة‮.. ‬جميعها‮ ‬فشلت‮ ‬واندحرت‮ ‬بفضل‮ ‬صلابة‮ ‬الإنسان‮ ‬اليمني‮ ‬وشموخه‮ ‬الذي‮ ‬استقاه‮ ‬من‮ ‬جبالها‮ ‬الشماء‮ ‬السامقة‮..‬
إن الذين يحشدون اليوم لغزو صنعاء بدعوى تحريرها من أهلها لايدركون حقائق التاريخ ولا حتى حقائق الجغرافيا ولذلك فهم في غيهم سادرون.. ماضون خلف نصائح مجموعة من المرتزقة والذين للأسف هم من أبناء جلدتنا ولكن وطنيتهم تنتهي عند آخر معبر لمغادرة الوطن، والذين يدركون جيداً الثمن الذي يدفعه كل من حاول الاقتراب من حصون هذه المدينة العصية على الغزاة ولكنهم ربما تحت تأثير المال المدنس وصلف القوة والأسلحة الفتاكة التي يملكها الغزاة، يتصورون أن بإمكانهم تحقيق مآربهم في اخضاع عاصمة اليمن لغازٍ أو عميل مرتزق..
إن حديث البعض عن قرب معركة صنعاء وسرعة حسمها الذي يردده العدوان ومرتزقته وحشد لذلك الآلاف من المرتزقة من عدة دول اضافة إلى عتاد عسكري كبير ناهيك عن الترويج لهذه المعركة عبر القنوات الفضائية التابعة للعدوان وما تبثه من دعايات عبر مَنْ تستضيفهم ممن تسميهم محللين‮ ‬سياسيين‮ ‬وعسكريين‮ ‬يدفع‮ ‬لهم‮ ‬بالعملة‮ ‬الصعبة‮ ‬ليقولوا‮ ‬حديثاً‮ ‬ممجوجاً‮.. ‬حديث‮ ‬من‮ ‬يهرف‮ ‬بما‮ ‬لايعرف‮ ‬حيث‮ ‬تناسى‮ ‬العدوان‮ ‬وأزلامه‮ ‬أن‮ ‬اليمن‮ ‬وصنعاء‮ ‬خاصة‮ ‬لم‮ ‬ولن‮ ‬تستسلم‮ ‬لغازٍ‮ ‬قط‮.‬
فهاهم ولأكثر من مائة وثمانين يوماً يمضون في القتل والتدمير.. والشعب اليمني العظيم يمارس حياته اليومية بصورة طبيعية وكأن شيئاً لم يكن رغم ما يرتكب ضده من قتل وحشي بواسطة طائرات العدوان وصواريخه والتي لا تفرق بين طفلٍ أو شيخ أو رجلٍ أو امرأة ناهيك عن التدمير المتعمد للبُنى التحتية والمنشآت الحيوية دون التفريق بين منشآت مدنية وعسكرية حتى أن عدوانهم قد طال المدارس والمستشفيات ودور العبادة وتدمير منازل المواطنين على ساكنيها إلاّ أن العدوان رغم ذلك لم يستطع تحقيق أهدافه التي كان يرمي إليها، حيث كان يعتقد أن الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬سيخرج‮ ‬رافعاً‮ ‬يديه‮ ‬مستسلماً‮ ‬وراضخاً‮ ‬لصلف‮ ‬وعنجهية‮ ‬العدوان‮ ‬في‮ ‬أول‮ ‬اسبوع‮ ‬للقصف‮ ‬غير‮ ‬الإنساني‮ ‬وغير‮ ‬الأخلاقي‮..‬
وقد‮ ‬غاب‮ ‬عن‮ ‬العدوان‮ ‬وأزلامه‮ ‬جلد‮ ‬وشجاعة‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬وقدرته‮ ‬على‮ ‬التحمل‮.. ‬فشعبٌ‮ ‬كهذا‮ ‬لن‮ ‬يقبل‮ ‬بأي‮ ‬حالٍ‮ ‬من‮ ‬الأحوال‮ ‬أن‮ ‬ينتهك‮ ‬غريب‮ ‬عاصمة‮ ‬بلده،‮ ‬فما‮ ‬بالكم‮ ‬إذا‮ ‬كانت‮ ‬العاصمة‮ ‬صنعاء‮..‬
لقد حاول الكثير ممن سبق هؤلاء الوصول إلى صنعاء واحتلالها ولكنهم خرجوا منها مذمومين مدحورين بدءاً من الأحباش الذين رزحوا على قلب صنعاء سنين، ولكن الرجال الرجال من اليمنيين كانوا لهم بالمرصاد حتى اخرجوهم من صنعاء ومن كافة أرجاء الوطن اليمني.. والحال كذلك مع الفرس‮ ‬الذين‮ ‬سيطروا‮ ‬على‮ ‬صنعاء‮ ‬لفترة‮ ‬عندما‮ ‬غفل‮ ‬اليمنيون‮ ‬للحظة‮ ‬من‮ ‬الزمن‮ ‬ولكنهم‮ ‬في‮ ‬الأخير‮ ‬غادروها‮ ‬مجبرين‮ ‬في‮ ‬صحوة‮ ‬يمنية‮ ‬رحلتهم‮ ‬من‮ ‬صنعاء‮ ‬الحضارة‮ ‬والتاريخ‮..‬
وإن كان هؤلاء قد تناسوا كل ذلك فليتذكروا ما جرى للغازي العثماني في غزوه الأول والثاني لليمن وما تكبده من خسائر على أيدي اليمنيين، حيث قتل منهم الآلاف حتى تحررت صنعاء من نير احتلاهم لها في العام 1919م على أيدي أبناء اليمن الشرفاء..
وقد حاول كثيرون بعد ذلك التوجه نحو صنعاء كغزاة ولكن الإنسان والطبيعة كانا لهم بالمرصاد، حيث كانت صنعاء هي العاصمة العربية الوحيدة التي لم يدنسها غازٍ بعد تحررها من الاحتلال التركي، عكس جميع العواصم العربية التي تقاسمها المستعمرون الجدد مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا‮ ‬وغيرها‮ ‬من‮ ‬الدول‮ ‬الاستعمارية‮ ‬الأخرى‮..‬
إذاً فإن العدوان الجديد والغزاة الجدد عندما يصرون على غزو صنعاء فإنهم بذلك يحفرون قبورهم بأيديهم وينتحرون على أسوار العاصمة التي وصفها أحد الرحالة الغربيين بالقول: إن صنعاء مدينة تقاتل معها الجغرافيا.. وتحميها جبالها الشاهقة وشجاعة أهلها.. فهل يعون كل ذلك ويغلبون صوت العقل على كل الأصوات النشاز التي تطلقها أبواقهم هنا وهناك سواءً عبر إعلامهم أو تلك التي يطلقها ممن لا يقرأون التاريخ بصورة دقيقة وعقلانية وممن دفنوا القيم والأخلاق وأقاموا عليها المآتم منذ زمن.. فمن لا يستفيد من الأحداث التاريخية ويراجع حساباته بصورة دقيقة فإنه لا محالة سيسقط من مأمنه.. ونحن هنا لا نسدي النصائح لأحد ولكننا نذكر فقط بمقولة مارتن لوثركنج عندما قال: »لست فقط محاسباً على ما تقول، أنت أيضاً محاسب على ما لم تقل حين كان لابد أن تقوله«.. وليعلم الجميع أن نسيان الحق خيانة.. والشعب اليمني‮ ‬لا‮ ‬ينسى‮ ‬حقه‮ ‬قط‮ ‬ولو‮ ‬بالتقادم‮ ‬لأنه‮ ‬شعبٌ‮ ‬غير‮ ‬خائن‮ ‬لوطنه‮ ‬ودماء‮ ‬شهدائه‮ ‬وعاصمته‮.‬


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 01:46 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-43879.htm