السبت, 15-سبتمبر-2007
الميثاق نت -   د.عبدالعزيز المقالح -
من النافل القول إن لبعض الشهور من الحضور والتأثير في الحياة والناس ما يبعث على التأمل والتفكير، وبالمقابل فإن شهوراً أخرى تمر من دون أن تترك في الواقع والناس أي آثار أو بصمات دالة، ويأتي شهر رمضان ليكون الأبرز بين الشهور في تغييراته وفيما يتركه من تأثيرات روحية وبدنية لا يمكن تجاهلها أو المرور بها مرور الكرام. ولهذا يتمنى كل محبي هذا الشهر أن يكون قدومه هذا العام مختلفاً، وأن تكون تأثيراته إيجابية وفاعلة لا سيما في هذا الزمن الغريب الذي حمل إلى البشرية في كل مكان ما يرهق النفس والوجدان، ليس على الصعيدين السياسي والاقتصادي فحسب، وإنما على جملة من الصعد.

وبما أنه أي شهر الصوم الكريم يأتي هذا العام بين فصلين أحدهما قاس في حرارته وهو الصيف، وآخر هادئ ومتقلب، وهو الخريف، فإن العقلاء من البشر يتساءلون هل تعكس الفصول نفسها على الإنسان، فيتأثر سلباً وإيجاباً بها، أم أنه أي الإنسان يمتلك بما وهبه الله من عقل ووعي القدرة الكافية على مقاومة التأثيرات، والسلبية منها بخاصة؟ وتختلف الاجابات من شخص إلى آخر، لكنه ما من شك في أن لبعض الفصول، وبعض الشهور تأثيراً كبيراً واضحاً في بني البشر على اختلاف بيئاتهم ومناطق سكناهم في هذا الكوكب الأرضي المترامي الأطراف.

وكما سبقت الإشارة فإن شهر رمضان يبدو كأنه كائن زماني قائم بذاته وشخصيته المتميزة المرتبطة بفريضة الصوم، تجعله مختلفاً عن كل الشهور، وتجعل الناس فيه مختلفين أيضاً وإن بدرجات متفاوتة، فالحاد المزاج يحاول في هذا الشهر أن يخفف من حدته، والبخيل شديد الامساك يحاول أن يرخي يده ولو قليلاً. كما أن الثرثار كثير الكلام يسعى إلى أن يقلل من ثرثرته، ليتناسب سلوكه إلى حد ما مع مبادئ هذا الشهر والتزاماته الأخلاقية والروحية، وما يوحي به من سكينة ووقار.

والسؤال الكبير هو: هل يستطيع هذا الشهر الكريم أن يوحد مشاعر المسلمين تجاه قضاياهم المركزية المهمة، وأن يوقف سيل الدماء الغزيرة التي تراق في العراق، وأن يخفف من وطأة الخلافات بين الاخوة الفلسطينيين تلك التي تعين العدو التاريخي عليهم بأكثر مما يستطيع هذا العدو نفسه أن يفعل؟ وهل يستطيع أن يضعنا جميعاً تجاه مسؤولياتنا، لا العائلية والخاصة، وإنما تجاه كل ما يقلق وجدان الأمة ويؤرق مضاجع أبنائها؟

وقبل هذا وذاك، فإن رمضان شهر الإيثار والتكافل، شهر الرحمة بفقراء الأمة وجياعها، في وقت لاتزال في ثروة الأمة وفي امكانات أثريائها، ما يجعل الشرائح البائسة المحرومة تعيش على الأقل في هذا الشهر الكريم حالة من اليسر والإحساس بالأمل، علماً أن الوطن العربي والإسلامي يشهد تزايداً مثيراً للقلق في هذه الشرائح وأن انتقال الجماهير الفقيرة من الأرياف إلى المدن يزيد من صعوبة العيش في المدن، ويضاعف إلى أقصى مدى من قدرات المواجهة الرسمية وهو ما يفرض على القطاع الخاص مزيداً من المشاركات الإنسانية الضرورية والفاعلة.
الخليج
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 05-فبراير-2025 الساعة: 06:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4677.htm