السبت, 06-أكتوبر-2007
الميثاق نت -      د.عادل الشجاع -
أثبتت الأحزاب اليمنية أنها لا تؤمن بفضيلة المراجعة والنقد الذاتي؛ لذلك فهي لا تسعى إلى البحث عن المعرفة والتدقيق، وغياب النقد هو أحد أهم الأسباب التي آلت إليه الساحة السياسية وما نلمسه من عشوائية واضطراب..
ولو سألنا قادة هذه الأحزاب: ما العمل الذي سيكون عليهم فعله في المستقبل، فإنهم لا يعرفون؛ فهم ينطلقون من مقولة: «عك وربك يفك» وهذا هو العامل الرئيس وراء فشل الأحزاب في اليمن خلال الـ17 عاماً الأخيرة.
كان سيكون لهذه الأحزاب دور فاعل لو أنها استطاعت أن تقوم بمراجعة مستمرة لبرامجها وتحديد طبيعة المشكلات، وتأتي أهمية المراجعة حينما تكون بمنأى عن العداء الشخصي للسلطة.
وإذا أخذنا "اللقاء المشترك" نموذجاً نلاحظ أنه تعثر منذ الأيام الأولى لمولده حين ظهر أنه لا يعرف ما الذي ينبغي أن يفعله، فقد وُلد "اللقاء المشترك" بطريقة خاطئة؛ جمع كل المتناقضات دون العمل على حسمها أو جعلها على الأقل نقاطاً خلافية يمكن العمل عليها بطريقة تؤدي إلى التوافق والقبول مستقبلاً بالخلاف.
لقد وُلد "اللقاء المشترك" وانطلق من أحادية الشعار، وأساء تقدير المتغيرات وهكذا، في ظل غياب خريطة للعمل أو بوصلة للإرشاد، حدث تخبط وصل إلى حد العجز عن تحديد ما ينبغي عمله.
إن غياب فضيلة المراجعة والنقد لدى هذه الأحزاب؛ جعلها تحلّق في أجواء خيالية وغير مرتبطة بالواقع، وأي متابع محايد لما يجري كان يتمنى أن تكون هذه الأحزاب أكثر نضجاً وعقلانية في هذه المرحلة بالذات، لأن ذلك سيدفعها إلى الانتقال إلى عمل أكثر تنظيماً للانتقال نحو المستقبل.
غير أن العشوائية هي السمة الرئيسة لدى هذه الأحزاب، ونتيجة لأن القيادات المعتقة لا تريد أن تحرج نفسها مع السلطة، فقد دفعت ببعض القيادات الشابة إلى قيادة "اللقاء المشترك" وهي قيادات ليست لديها تجربة أو تمرس في العمل السياسي، مما جعلها تبدو وكأنها رافضة لقواعد النظام والمجتمع.
وأنا هنا لا أقلل من أهمية الأحزاب السياسية المنضوية في إطار "اللقاء المشترك" بل أنّبه إلى أن الفكر السياسي مبدأ لا يعرف تصفية الحسابات السياسية، أو الشخصية، وفشل هذا المبدأ يعني أننا بحاجة إلى تحديد مجموعة من المفاهيم فيما بيننا تقرّها هذه الأحزاب، تتحدد هذه المفاهيم بـ«مفهوم هذه الأحزاب للدولة والديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة على وجه التحديد».
وأي حزب يحدد موقفه مما سبق بوضوح لا شك أنه سيكون إضافة حقيقية للعمل الحزبي، وسيكون له قيمته، وقد يتحقق ذلك بسهولة على الورق وفي التصريحات؛ لكنه ربما يكون ذلك صعباً على أرض الواقع بسبب غياب الثقافة السياسية التي تقوم على قاعدة الممكن.
فأحزابنا السياسية تعاني أمية ديمقراطية مخيفة، لأنها تتعامل مع الديمقراطية على أنها ديمقراطية عددية فحسب، مما يجعلها تكتفي بالصراخ وإهالة التراب على القضايا وعدم امتلاكها حلولاً واقعية قابلة للتطبيق.
وأعتقد جازماً أن من مصلحة المؤتمر الشعبي العام أن تكون هناك أحزاب قوية تثري الحياة السياسية، وقد رأينا إصرار رئيس الجمهورية وتوجيهه لحزب المؤتمر الشعبي العام بضرورة استمرار الحوار الديمقراطيمع أحزاب المعارضة، وهذا الحوار مطلوب لإذكاء روح المنافسة وإزالة المفاهيم السياسية القديمة.
إن الثقافة الديمقراطية التي أتحدث عنها هي تلك التي تخلق نضجاً سياسياً يجعل صاحبه يصل إلى مرحلة من الإيمان بحق الآخر، ويكون قادراً على الفصل بين موقعه السياسي أو الوظيفي، وبين المتطلبات الوطنية بوصفه محترفاً سياسياً، يرجح كفة ومصلحة بلده ومستقبلها السياسي على أي اعتبار آخر.
من وجهة نظري؛ إن النضج السياسي والديمقراطي هما الوحيدان القادران على خلق الاستقرار السياسي والتطور السلمي والديمقراطي، وهما صمام أمان للوحدة التي لا بديل عنها.
نحن جميعاً نواجه تحديات المستقبل والوطن يمر بأزمة خانقة بسبب الممارسات الخاطئة والموروث الأيديولوجي الذي لم يستطع أن يتجاوز مرحلة الحرب الباردة، لم تستطع أحزاب اليسار واليمين أن تخرج من أزمتها المعادية للغرب والتي أفقدتها صوابية العمل وحسن التفكير.
يحتاج الوطن إلى دور جديد وعلاقات جديدة بين السلطة والمعارضة؛ وإعادة النظر في العلاقة القائمة، ووضع تصور جديد لعلاقات مشتركة سوية ومتكافئة.
إن تلك العلاقة مطلوبة من أجل جموع المواطنين الذين يئنّون من وضع اقتصادي يحتاج إلى تصحيح، الأمر الذي يمكن أن يهدد أمن اليمن وسلامها الاجتماعي، والشواهد الحاضرة تنبئ بالمحظور!!.
على المعارضة أن تغيّر من تفكيرها وسبل معالجتها للأمور، إن ذلك يفتح المجال أمام السلطة حين تشعر بالاستقرار أن تعمل على تحسين الصحة، وتحسين التعليم، وتوفير مساكن اقتصادية للشباب، وأظن أن الأسبقية ينبغي أن تكون الآن لتصحيح دفة السفينة كي تعود إلى مسارها الآمن، وهذه مهمة السلطة والمعارضة.
ولابد أن تتوافق السلطة والمعارضة على أركان أربعة هي:
ـ أولاً: إنسانية يسودها العدل والتحضر.
ـ ثانياً: وحدة اليمن.
ـ ثالثاً: ديمقراطية شعبية تقودها الحكمة الناتجة عن التفاوض والتمثيل.
ـ رابعاً: العدالة الاجتماعية لكل اليمنيين.
نقلا عن الجمهورية
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 12:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4943.htm