الميثاق نت -

الإثنين, 13-مارس-2017
عبدالفتاح علي البنوس -
سألني صديق فيسبوكي ليبي قبل أيام عن سر اندفاع الشباب اليمنيين وهم في مقتبل العمر وفي عمر الزهور نحو ما أسماه الموت بهذه الكثرة، مبدياً استغرابه عن أسباب عدم التحاقهم بالجامعات والابتعاد عن العنف كما أسماه ، حاولت أن أفهّمه أن هؤلاء الشباب اليوم في مهمة مقدسة ، فهم يذودون عن حمى الوطن ضد الغزاة والمحتلين ويجودون بأنفسهم الطاهرة في هذا الدرب، ويرحلون شهداء والكثير منهم أكملوا تعليمهم الثانوي ومنهم من تخرج من الجامعات ولكن الهم والواجب الوطني هو ما دعاهم للالتحاق بجبهات العزة والكرامة دفاعاً عن الأرض والعرض ، وحاولت أن أسهب معه في الكلام ولكنه غادر الدردشة الفيسبوكية بعد أن وضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب في رسالته الأخيرة التي علق بها على توضيحي له ، وحينها أدركت حجم الكارثة التي تعاني منها المنطقة في ظل غياب الروح الوطنية وقيم الولاء الوطني والتي تعد نتاجاً طبيعياً لثقافة التهجين والتدجين التي اجتاحت المنطقة ومسخ الهوية الوطنية في عقول وقلوب الأجيال الناشئة، حتى صار التعصب والحب والولاء للأحزاب السياسية والأندية الرياضية والشخصيات والقيادات والتيارات والجماعات والأفراد يفوق بأضعاف مضاعفة الحب والولاء والتعصب للأوطان.
ولعل الشيء الذي لا يدركه صديقي الفيسبوكي ومن يحمل فكره وثقافته المهزوزة وطنياً أن حبنا لوطننا ينطلق من إيماننا بأن حب الأوطان من الإيمان ، ونحن كيمنيين على قناعة تامة بأن اليمن مصدر إلهامنا وفخرنا وعزنا وشموخنا ، على أرضها نشأنا وترعرعنا وعشنا ، ومن خيراتها أكلنا وشربنا، وتحت ظلالها الوارفة احتمينا ، هي أمنا الحنون، ولأجلها يرخص كل غالٍ ويهون ، أرواحنا لها فداء ، من مات في سبيل أمنها وللدفاع عن حدودها وأرضها شهيد، ومن عاش يظل حارساً وحامياً وفارساً عنيد، يواصل النضال والقتال حتى يزال عن سمائها وأرضها الغازي البليد بعد دحره وذبحه من الوريد للوريد، ليظل شامخاً بمجده التليد ، وشعبه الصنديد، وتاريخه المجيد، واسمه السعيد .
إنه اليمن الذي تحالف عليه أعداء الإنسانية وشذاذ الآفاق تحت قيادة قرن الشيطان آل سعود للنيل من شعبه ومقدراته وإرثه وتاريخه وحضارته ووحدته في عدوان لم يسبق له في التاريخ مثيل، بحقد أعمى ووحشية أدمى ، أرادوا تمزيقه وتقسيمه إلى أقاليم متناحرة والفتك بالنسيج الاجتماعي لأبناء اليمن من خلال المشاريع ذات الأبعاد الطائفية والمذهبية والمناطقية ولكنهم فشلوا وخابت مساعيهم بإذن الله وتوفيقه وتضحيات رجال الرجال من جيشنا ولجاننا الأبطال ومن خلفهم الشعب الصابر الوفي والقيادة الوطنية الحكيمة المناهضة للعدوان والملتحمة مع أبناء الشعب والمتمسكة بالثوابت الوطنية والتي لم تخضعها للمساومة والمقايضة والابتزاز .
إنه اليمن عشقنا الأزلي ، عدن رئته التي يتنفس بها ، وتعز قلبه النابض بالحياة رغم أنف أعداء الحياة من العملاء والخونة ، وصنعاء استراحته البهيجة ودرعه الحصين ، وإب جناحه الطائر ، وحضرموت دوحته الغنَّاء ،ولحج فُله العابق بالسحر ، والحديدة جوهرته المدفونة ، وريمة رمز كفاحه ، وذمار عنوان عزته ومصنع رجاله، وأبين الجريحة، والضالع سياجه المنيع ، والمهرة بساطه الأخضر الجميل وحديقته الآسرة للقلوب، المحويت عنوان شموخه ، ومأرب تاريخه العريق ، وحجة قلعة صموده ، وصعدة الثبات والبطولة والتضحية، و عمران سده المنيع ، شبوة كتابه المفتوح، والجوف حارسه الأمين ،والبيضاء عنوان أصالته، وسقطرى تحفة الزمان ومطمع الغزاة والغلمان في هذا الزمان، والعاصمة صنعاء درته الثمينة وفاتنته الساحرة ومطاره الواسع المضياف ، الشامخة العصية على تحالف البعران وأشباه الرجال ،إنه اليمن بجباله وسهوله وهضابه وشعابه وسواحله وشواطئه ورماله وصحاريه وأشجاره وأحجاره وبكل ذرات ثراه وهوائه ، سنحافظ عليه في داخل حدقات أعيننا ، ولن نتردد عن التضحية والفداء من أجله.. ومهما بلغت المغريات ،فهي حقيرة ورخيصة أمام وطني الذي لا يُقدَّر بثمن.
وسيبقى نبض قلبي يمنياً ولن ترى الدنيا على أرضي وصياً.
وحتى الملتقى .....دمتم سالمين .
تمت طباعة الخبر في: السبت, 22-يونيو-2024 الساعة: 10:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-49538.htm