الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-أغسطس-2017
د. عبدالوهاب الروحاني ٭ -
الضجة التي يحاول الاعلام الخليجي إثارتها حول "إعلان عدن، وبيان المجلس الانتقالي الجنوبي" هي ضجة مفتعلة ومدروسة لها هدف واتجاه واحد.
فمؤتمر حضرموت الجامع، وتشكيل قيادة شطرية جنوبية بقيادة محافظ عدن السابق تم كلاهما بترتيب استخباراتي سعودي/ اماراتي.. وطبعا، وكالعادة دون علم مسبق ل"شرعية" الرئيس هادي، تماما كما لم يكن يعلم بعاصفة الحزم وبدء الحرب ضد بلده ومواطنيه.
أعلنوا عن الطبخة وتركوها تنضج على نار بين هادئة ومشتعلة على وقع تضخيم أدوات وفعل الحراك الجنوبي عبر الآلة الضخمة للاعلام الخليجي.
ولأن الطبخة سعودية - اماراتية فلم نسمع أية ردود أفعال رسميةخليجية واضحة تجاه خطوات تمزيق الوحدة اليمنية اذا ما استثنينا تغريدات مؤيدة لمسئولين إماراتيين ك"الخرفان" والقرقاش، ومواقف أخرى معارضة ولكنها شخصية لسعوديين وخليجيبن آخرين كالإخواني الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي ، الذي حرض ويحرض بقوة على اقتتال اليمنيين منذ قبل اندلاع "عاصفة الحزم".
حرص السعودية وحنان الامارات
الغريب والمضحك ان السعودية اليوم تقدم نفسها على أنها حريصة على الوحدة اليمنية وخائفة على إمن ومصير اليمن من مآلات التقسيم والتجزئه (!!!).. بينما الإمارات المتحمسة جدا للمطالب " العادلة" للحراك الانفصالي.. تبدو في حالة حنان عاطفي وإنساني - خيري مفرط تجاه «القضية الجنوبية»!!
لكن الواقع المرير والمؤسف هو أنه.. لا السعوديون تعنيهم الوحدة ولا الإماراتيون تتقطع قلوبهم ألماً على معاناة ومظلومية الجنوبيين !!
كلاهما يسيران في خطين متوازيين ولغاية واحدة وهدف واحد هو تمزيق اليمن واضعافه وتشتيت قواه وتقطيع اوصالة.. ومسخ هويته الوطنية وتجويع أهله ليسهل لهما بسط السيطرة وأحكام النفوذ واستثمار إمكاناته على مدى العقود القادمة.
السعودية لا تريد دولة في اليمن تماما كما إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية بجوارها.. ففي عام 1994م حاولت السعودية بكل قوتها وأموالها وعلى كل المستويات الاقليمية، والعربية، والدولية دعم الانفصال الذي أعلنه البيض وجماعته وفشلت، فكيف يمكن أن نصدق أنها اليوم حريصة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره؟!
السعودية وعلى مدى عقود مضت لم تسمح لليمن أن ينمو ويستقر، ولم تسمح باستخراج ثرواته النفطية والمعدنية، فوقفت ضد مشاريع عملاقة بتدخلات وضغوط كبيرة ومباشرة مارستها على شركات امريكية - كندية واوروبية.، وهناك حقائق وارقام يعرفها المختصون في قطاعات النفط والتعدين.
مطامع السعودية والإمارات ومن لف لفهما في اليمن واضحة، وكلهم لن يألوا جهدا في التنكيل بكل جميل ورائع في اليمن لقاء أن يصبح اليمن جزءاً من مزارعه او مناطقه واماراته.
ماذا تعني الوحدة للخليج؟
الخليجيون - وأعني هنا السعوديين والاماراتيين بصورة خاصة- لا يدركون اهمية الوحدة اليمنية بالنسبة إليهم.. هم لا يدركون انها عامل آمن واستقرار لهم ولانظمتهم.. ولذلك نراهم يمضون بتهور في مشروع التمزيق.. ولو تمعنوا لوجدوا :
1) أن وحدة اليمن تعني أمنه واستقرارة، الأمر الذي سيسحب نفسه بالضرورة على أمن واستقرار السعودية وكل دول الخليج.
2 ) الحفاظ على الوحدة اليمنية يعني الحفاظ على وحدة القرار السياسي اليمني، وبالتالي الحفاظ على علاقة جوار وتفاهم سعودية، خليجية - يمنية مع دولة تمتلك السيطرة على كامل ترابها وحدوها.
3 ) الحفاظ على الوحدة اليمنية سيعني بالنسبة لدول الخليج منع وجود كيانات صغيرة متمردة تعبث بالأمن الجيو - سياسي في المنطقة، كما تعني أمن ممرات الملاحه الدولية عبر البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
3 ) الوحدة اليمنية هي صمام أمان لكبح جماح تطور المنظمات الارهابية بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها وطوائفها .
4 ) وأخيرا الوحدة اليمنية هي سياج قوي لأمن المنطقة، وهي القلعة التي يمكن للسعودية وكل دول الخليج البناء عليها لمواجهة الطوفان القادم.
ولذلك كله، نقول لإخواننا في السعودية ودول الخليج أن مخاطر تقسيم اليمن أكثر بكثير من مخاوف الوحدة التي تتراى لكم.. فالسير المتهور نحو تفتيت اليمن وتمزيقه سيجلب لكم الكثير من الويلات.. وستجدون انفسكم أمام قوائم من الكوارث والمشاكل التي لا بداية ولا نهاية لها..
سيظهر لكم الداوعش والروافض والمجوس بأشكال ولبوس مختلفة.. والقاعدة التي تظهر الآن لماما ستظهر مع أخواتها بمسميات وعناوين جديدة سنية، وشيعية، وشيوعية، وسلفية، وصوفية.. ستواجهون مدا من مسميات الهية لا نهاية لها.. فأنتم في اليمن، وكلها لا تبغي إلا وجه الله..!!
ستتفرخ تشكيلات مشائخ البيع والشراء (الذين يهتفون معكم الصباح ويصرخون ضدكم المساء).. ستخرج لكم من القبور سلطنات ومشيخات تبحث عن إرث الآباء والأجداد في الريادة والسيادة.. ستظهر لكم فرق وجماعات ستغرقكم في بحر من حلبه، وتدخلكم في متاهات ستفقدون معها صوابكم على فقدانه.. وستقودون معها انظمتكم التي تتوسعون في اليمن من أجل بقائها.
صالح والوحدة
القادم في ظل التقسيم والانفصال الذي تهيء له السعودية والامارات اسوأ بكثير.. واليمن أصعب مما يتصورون.
ولهذا، ننصح الخليجيين والسعوديين - الاماراتيين بصورة خاصة ونقول لهم.. انتم قادمون على مسار ومسلك غاية في الصعوبة والتعقيد.. وحتى لا تغرقوا في مخطط تفكيك الوحدة اليمنية عليكم فهم المتناقضات اليمنية أولا، ولن تفهموها، لكن بإمكانكم الاستفادة من خبرة الرئيس علي عبد الله صالح، فقد اثبتت الأيام وبرهنت الأحداث انه من ادهى السياسيين المعاصرين العرب واذكاهم على الإطلاق.
ولذلك نحن اليوم نقول لليمنيين بصوت مرتفع وبنبرة عالية: حافظوا على الرئيس صالح..!!
نقول ذلك لأننا قد جربنا، وجرب الشعب غيره.. قرأنا قوائم الأحزاب وأسماء الشخصيات وتعبنا بحثا في أنشطة من واتتهم الفرصة وتسلموا أمر البلاد وقيادتها فلم نجد أكثر من كراتين ودمى استهوتها لعبة العمل السياسي ففشلت واغرقت الناس والدولة والمجتمع في فشلها.. بدأوا بمحاربة حكم العائلة والفساد لكنهم كونوا عوائل وعاثوا في فساد لا مثيل له.. بينما صالح لا يزال واقفا علاوة على انه دخل بيوت الحنشان وتعامل معها بمهارة فائقة.. فماذا فعل ؟!
احتوى القاعده وجعلها تحت إبطه، وحول عناصرها إلى مخبرين في أجهزته، وجندهم ضد بعضهم، وهو بالتأكيد عمل لا تقدرون على فعله او مجاراته.
أمسك بزمام الإخوان المسلمين طيلة 33 عاما.. ووجههم للدفاع بقوة عن النظام الذي يقوده.
أدخل التنظيمات القومية (ناصريه وبعثية) والاممية (ماركسية، وماوية)، والاسلامويه في تنظيم واحد.. اعني في "قمقم واحد"، وحولهم من المواجهة والصراع ضده إلى المواجهة والصراع معه ضد بعضهم وضد خصومه.
أقام الوحدة بشراكة مع الاشتراكي.. فما أن لعب الشريك بذيله حتى فككه، وحافظ على الوحدة والدولة.
حاصر الحوثيين عقدا من الزمن في صعدة، ثم جاء من ادخلهم صنعاء.
خرج الإخوان على نظامه وفجروا في خصومته، ونادوا برحيله وخلعه، فخلعهم ورحلهم وثبت حيث كان ثابتا.
حافظ على شعبيته وتماسكه وظل بين أهله ووطنه.
وأخيرا حكم علي عبد الله صالح اليمن 33 عاما وكما رافقت حكمه بعض الإنجازات رافقته بعض الاخفاقات ايضا.. لكنه في الأول والأخير حافظ على الوحدة، وحافظ على وجود دولة وشيء من النظام والقانون، وبالتالي لم يقطع عن المواطن سبل العيش والترزق كما لم يمنع عن الموظف مرتبة ومصدر عيشه وأولاده.
وأذن، نعود ونقول لإخواننا الخليجيين ان الحفاظ على الوحدة اليمنية هو أحد اهم مصادر امنكم.. فلا تتورطوا في مخطط خاسر.. وأن أرتم فاسفيدوا من خبرة الرئيس صالح واتركوا اليمن لليمنيين، واتركوا الوحدة وشأنها.. !!
مهما اختلفنا مع الرئيس صالح في بعض سياساته فهو لا يزال الرقم الاول الذي لم يملي أحد فراغه رغم مضي خمس سنوات عجاف من الأحداث والفوضى والخراب والدمار الذي حل باليمن.. ولا يزال هو رجل المرحلة والوطن والوحدة، فهو مخزن الدهاء وثعلب السياسه الأول في المنطقه..
ونصيحتي حافظوا على الوحدة اليمنية.. فلربما عاد الأمل وعادت الدولة المفقودة..

٭ رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 09:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-51227.htm