الميثاق نت -

الثلاثاء, 15-أغسطس-2017
د. عبدالله محمد المجاهد -
يمكن القول إن الحديث عن الحضارة اليمنية وجذورها وانعكاسها على كل الجوانب المتعلقة بالأرض والإنسان سوف يستمر لحلقات متعددة.. ففي المجال الزراعي وجوانب حصاد المياه نجد أن اليمن مدرسة قديمة في بناء السدود وصهاريج المياه، كما أن بناء المدرجات يعتبر شكلاً من أشكال حصاد المياه.. ومن خلال معرفة جبال اليمن وسهولها ووديانها نجد أن لكل منطقة خصائصها ففي المرتفعات الشرقية والمناطق الوسطى شيد الإنسان اليمني السدود التخزينية لخزن المياه لوقت الحاجة إليها إذ تتركز مواقعها في المرتفعات الوسطى خاصة مرتفعات يحصب وذو رعين -يريم من محافظة إب ومعظم المناطق الشرقية لمحافظة ذمار وكلما اتجهنا شرقاً حتى سد مأرب وسدود خولان والمناطق المحاذية لها في نهم وبني حشيش كما تنتشر مواقع السدود التخزينية في بعض المرتفعات الغربية خاصة في مناطق شرق آنس ومغرب عنس والمناطق التي تقع في إطارها الجغرافي وفي المواقع المشابهة في عموم الخريطة اليمنية كما هو الحال في مرتفعات المحويت والطويلة ومرتفعات صعدة.. ولعل ما يميز هذه السدود التخزينية أن طريقة بناء جسم السد تم على أسس علمية لا نجدها تختلف عن نظرية بناء السدود التخزينية في العالم وتعتمدها الجامعات والكليات والاقسام التخصصية في الشرق والغرب..

هذا العمل العلمي والحضاري يُتَّبع منذ قرون طويلة وقبل اكتشاف أمريكا وتطور العلوم في الجامعات الغربية.. ومن يذهب الى سد مأرب القديم ويتمعن في الموقع القديم.. يجد بكل وضوح أن اليمنيين سبقوا العالم في وضع القوانين والنظريات الخاصة ببناء السدود بينما كان العالم من حولنا يعيش في بحر من الظلمات والتخلف العلمي والحضاري.

ولمزيد من التوضيح فإن السدود التخزينية التي تمت إعادتها في مواقعها أو استحدثت سدود في مواقع مناسبة لخزن المياه لوقت الحاجة يتم إعداد المخططات الهندسية على أسس مطابقة لما هو موجود في آثار السدود اليمنية القديمة..مع ضرورة الادراك أن التنفيذ قد لا يكون سليماً خاصة ونحن في اليمن نعتمد على مقاولين لا يملكون الخبرة الكافية وليس لديهم مختصون ومهندسون يُعتمد عليهم في التنفيذ.. لذا ما أحوجنا ومن خلال الجامعات اليمنية وكليات الهندسة أن يكون لديها أقسام تهتم بإيجاد وتوفير مهندسين وخبراء في تصميم وتنفيذ وإدارة السدود وأن يكون الانفاق على هذه الأقسام والتخصصات يتناسب مع أهميتها من إعداد الكوادر والخبرات التي يجب أن تكتسب العلوم الحديثة في هذا المجال، مع الاستفادة القصوى من التجارب اليمنية القديمة التي مازالت آثارها قائمة رغم مرور قرون طويلة من الزمن.

مما سبق ما أحوجنا اليوم للبحث عن المخطوطات والنقوش القديمة والتي سوف تساعدنا على معرفة النظريات العلمية التي كان يتبعها الإنسان اليمني القديم وترجمتها وتحقيقها وتزويد الكليات والمعاهد والمكتبات بها.. كل ذلك سيقودنا الى التأكيد أن نصوص الميثاق الوطني تم إعدادها من قبل خبرات على معرفة كاملة بأن الحضارة اليمنية شيدها الإنسان اليمني القديم على أسس علمية وخبرات متراكمة صاحبها النجاح والفشل حتى توصلت الى الحقيقة التي على أساسها شيد الإنسان اليمني حضارته العملاقة.. وفي العدد القادم سوف نناقش طرق حصاد المياه الأخرى عبر السدود التخزينية وفي المواقع الخاصة بها.s

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 14-مارس-2025 الساعة: 01:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-51311.htm