الميثاق نت - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن القيود التي تفرضها قوات التحالف بقيادة السعودية على الواردات إلى اليمن أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين. كما أدت هذه القيود، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، إلى تأخير السفن التي تحمل الوقود وتحويل طرقها، إغلاق ميناء بالغ الأهمية، وإيقاف السلع المنقذة لحياة السكان من الدخول إلى الموانئ البحرية التي تسيطر عليها قوات الحوثيين-صالح.<br />

الأربعاء, 27-سبتمبر-2017
الميثاق نت: -
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن القيود التي تفرضها قوات التحالف بقيادة السعودية على الواردات إلى اليمن أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين. كما أدت هذه القيود، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، إلى تأخير السفن التي تحمل الوقود وتحويل طرقها، إغلاق ميناء بالغ الأهمية، وإيقاف السلع المنقذة لحياة السكان من الدخول إلى الموانئ البحرية التي تسيطر عليها قوات الحوثيين-صالح.
وقال بيل فان إسفلد، باحث أول في حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "على التحالف بقيادة السعودية إنهاء قيوده غير الشرعية على الواردات إلى اليمن.
يعاني اليمن، أفقر بلد في الشرق الأوسط، من أكبر أزمة إنسانية في العالم. ينتشر سوء التغذية والمرض على نطاق واسع، لا سيما بين الأطفال. يُقدّر أن 1.8 مليون طفل يعانون منسوء التغذية الحاد. أغلقت نصف مستشفيات البلاد، ويفتقر 15.7 مليون شخص إلى المياه النظيفة، كما يوجد في البلاد أكثر من 700 ألف حالة كوليرا محتملة، بزيادة نحو 5 آلاف حالة يوميا. منذ أواخر أبريل/نيسان 2017 وحتى منتصف أغسطس/آب، توفي تقريبا 500 طفل وأصيب 200 ألف طفل بمرض الكوليرا الذي ينتشر بسبب المياه الملوثة.
ووثًقت هيومن رايتس ووتش 7 حالات منذ مايو الماضي، قام فيها التحالف بشكل اعتباطي بتحويل مسار ناقلات وقود متجهة إلى موانئ تحت سيطرة الحوثيين-صالح، أو تأخيرها. في إحدى الحالات، احتجز التحالف سفينة تحمل الوقود في ميناء سعودي لأكثر من 5 أشهر، ولم يستجب لطلبات شركة الشحن للحصول على تفسير. كان لا بد من تفريغ البضائع النفطية في ميناء سعودي دون تعويض، كما لم يتمكن الطاقم الذي يحتاج إلى علاج طبي من مغادرة السفينة.
وقال مسؤول في شركة شحن: "لا يمكننا التكهن بماهية هذه المواد المحظورة. نحن بالتأكيد لانحمل أي أسلحة على متن سفننا". قال المسؤول أيضا إن 3 ناقلات وقود تابعة لشركته تبحر إلى اليمن بشكل منتظم وتتلقى دائما موافقة الأمم المتحدة، ولكن التحالف يخضعها لعمليات تفتيش مطولة في كل رحلة، وهو ما يكلف الشركة نحو 10 آلاف دولار في اليوم الواحد تضاف إلى تكاليف السفن، ليتحمل التكلفة المواطن اليمني.
ليست هيومن رايتس ووتش على علم بأي حالات أصدرت فيها هيئة المراقبة الأممية تصاريح لسفن عثر فيها التحالف على أسلحة لاحقا. اعترضت قوات التحالف والقوات البحرية الأخرى شحنات أسلحة في البحر متجهة إلى اليمن.
الوقود - الذي غالبا ما يكون غير متوفر في المناطق الخاضعة لسيطرة الجانبين - ضروري لتشغيل المولدات التي يعتمد عليها معظم اليمن لتوليد الكهرباء. قال مسؤولو المساعدات إننقص الوقود يجعل من الصعب ضخ المياه النظيفة وتشغيل معدات المستشفيات وتخزين اللقاحات بأمان. أدى إغلاق التحالف لميناء رأس عيسى في يونيو/حزيران إلى الحد بشكل كبير من شحنات الوقود.قال مسؤول إغاثي:

وقال مسئول اغاثي: رأيت مستشفيات لا تستطيع تشغيل مولداتها. مختبراتها لا تعمل، وعلى المستشفيات أن تغلق ليلا، سلسلة التبريد [التبريد المستمر أثناء النقل والتخزين] للقاحات لاتعمل، وليس هناك مكيفات هواء أو حتى مراوح عندما تكون الحرارة لا تطاق للمرضى المصابين بأمراض خطيرة.
وقال فان إسفلد: "القيود الصارمة التي فرضها التحالف بقيادة السعودية على دخول الوقود إلى اليمن، والتي أدت إلى انقطاع المياه وإغلاق المستشفيات، حولت الوضع في هذا البلد الفقير إلى كارثة إنسانية.
الأزمة الإنسانية في اليمن
تفاقمت الحالة الإنسانية في اليمن كثيرا العام الماضي. حتى قبل أزمة الكوليرا، أفادت "اليونيسف" في ديسمبر 2016 بأن طفلا يمنيا يموت بسبب سوء التغذية أو لأسباب أخرى يمكن الوقاية منها كل 10 دقائق. في يوليو 2017، وجدت 3 وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة أن "نحو 80 بالمئة من الأطفال في اليمن بحاجة إلى مساعدة إنسانية فورية".
ساهمت القيود التي فرضها التحالف بقيادة السعودية على الوقود بشكل كبير في الأزمة الإنسانية. يفاقم النقص أيضا ندرة الأغذية لأن الوقود ضروري للزراعة والنقل. تقّدر الأمم المتحدة احتياجات اليمن من الوقود بحوالي 533 ألف طن شهريا، استنادا إلى مستويات ما قبل النزاع. حتى الآن في عام 2017، بلغ المتوسط الشهري لواردات الوقود حوالي 163 ألف طن، إلا أن هذا الانخفاض وصل في يونيو/حزيران إلى حوالي 88 ألف طن فقط. قال مسؤول إنساني إن أسعار الوقود زادت بنسبة أكثر من 50 بالمئة منذ بدء النزاع، وتصل إلى 10 أضعاف في بعض المناطق، كما أن المستشفيات التي تعاني من ضائقة مالية لا تستطيع في الغالب تحمّل تكاليف الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية.
أدى تضرر المستشفيات ونقص الموظفين والإمدادات الأساسية إلى انهيار الخدمات الصحية في تعز بشكل فعلي، ما أضر بشدة بإمكانية حصول الناس على الرعاية الطبية المنقذة للحياة. أدى تعطل النظام الصحي، مقترنا بظروف معيشية قاسية على نحو متزايد، إلى تراجع صحة الناس، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الفئات الضعيفة مثل النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة والأطفال الصغار. تعيش معظم الأسر بلا كهرباء أو بكهرباء محدودة، وتعاني النقص في الغذاء والماء.
عرقلة التحالف مسار ناقلات الوقود
ردا على الحصار الذي فرضه التحالف على اليمن، والذي بدأ في مارس 2015، أنشأت الأمم المتحدة آلية للتحقق والتفتيش عام 2016 لتفتيش وإصدار تصاريح للسفن المتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون-صالح. تستغرق عملية الفحص بحسب الأمم المتحدة بضعة أيام فقط، رغم أن بعض مسؤولي شركات الشحن قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنها تستغرق وقتا أطول. إذا منحت التصريح، تنتقل السفن في كثير من الأحيان إلى "مناطق سيطرة التحالف" في البحر الأحمر، لانتظار فحص التحالف أو منحها الإذن للذهاب إلى الميناء. وفقا لتقارير "برنامج الغذاء العالمي"، فإن متوسط وقت الانتظار لناقلات الوقود في موانئ البحر الأحمر كان 8 أيام اعتبارا من 15 يوليو/تموز، ولكنه ارتفع الى 14 يوما بحلول 20 أغسطس/آب.
في أغسطس قال ممثل شركة شحن لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية احتجزت إحدى ناقلات الوقود التابعة للشركة لأكثر من 5 أشهر بعد تحويلها من رأس عيسى. تلقّت السفينة شحنة من النفط في جيبوتي، حيث منحت آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الإذن السفينة بالذهاب إلى "منطقة سيطرة التحالف" في أوائل أبريل/نيسان. فتّش التحالف السفينة للبحث عن أسلحة. تم تحويل السفينة الى جدة ثم إلى ميناء ينبع السعودي حيث بقيت حتى 25 أغسطس/آب الماضي.
أيّدت المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال خدمة تتبع السفن هذه الرواية، مثلما أيدتها تقارير مسؤولي الميناء الذين أجريت معهم مقابلات منفصلة عن طريق الهاتف في رأس عيسى والحديدة. قال جميع الشهود إن السفينة تلقت تصريحا من آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش قبل أن يحولها التحالف.
قال ممثل شركة الشحن إن الأمم المتحدة أو السعوديين لم يبلغوا الشركة عن سبب التحويل أو التأخير المطول. قال إنه في الأشهر التي اضطرت فيها السفينة إلى الانتظار في الميناء السعودي، منع التحالف الطاقم من مغادرة السفينة، رغم أن بعضهم يحتاج إلى عناية طبية. قال ممثل الشركة إن "الحمولة فُقدت الآن لأن التحالف أجبرها على تفريغ النفط [في ميناء سعودي] وهو ما كلف نحو 20 مليون دولار" بدون تعويض.
قال مسؤول في شركة شحن أخرى إن 3 ناقلات تابعة لشركته كانت تنقل الوقود إلى اليمن بانتظام قبل النزاع واستمرت في ذلك. تفحص آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش سفن الشركة بشكل منتظم، ولكنها تخضع بعد ذلك لتفتيش التحالف ولتجاوزات مفرطة عندما تحاول إيصال الوقود إلى الحديدة، "تكلفنا مبالغ ضخمة من المال بسبب الوقت الضائع".
في نهاية المطاف، تتنقل تكاليف الشحن المتزايدة إلى المستهلكين في اليمن، حيث يعيش ما يقرب من 40 بالمئة من السكان على أقل من دولارين في اليوم حتى قبل النزاع. قال إن التحالف احتجز إحدى سفن الشركة في منطقة الاحتجاز 19 يوما في يوليو/تموز:
في 4 حالات إضافية، أشار مسؤولو صناعة النقل البحري، التحديثات اللوجستية التابعة للوكالات الأممية، ومعلومات تتبع السفن إلى أنه يبدو أن التحالف أخّر ناقلات الوقود لفترات مفرطة. على سبيل المثال، ذكرت الأمم المتحدة أن ناقلة تحمل 11485 طن من الوقود النفطي "من المتوقع" وصولها إلى الحديدة في 10 يونيو/حزيران، بقيت في منطقة التحالف 49 يوما، من 11 يونيو/حزيران حتى 29 يوليو/تموز. بسبب تكاليف التأخير، قال مسؤول في ميناء الحديدة:
أراد مالكو السفينة من المستورد... أن يدفع هذه النفقات وإلا لَما تسلموا البضائع. خضع المستورد للطلب ودفع جميع النفقات الإضافية. وصلت السفينة إلى الميناء، ولكن بعد ذلك قدم المستورد أمر محكمة بإيداع السفينة في الميناء حتى يدفع أصحابها أمواله.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 10:28 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-51794.htm