الميثاق نت -

الثلاثاء, 29-مايو-2018
التقاة/ يحيى علي نوري - -
بصراحة وموضوعية متناهية تحدث لـ»الميثاق« الدكتور عبدالوهاب الروحاني -رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية عضو مجلس الشورى عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر- عن حاضر ومستقبل الوحدة اليمنية، واضعاً تصوره لأسباب الاختلال والضعف التي شابت الوحدة وأسلوب ادارة وحدتها‮ ‬معترفاً‮ ‬بالقول‮ ‬إن‮ ‬الجميع‮ ‬قد‮ ‬أساء‮ ‬للوحدة‮ ‬وهو‮ ‬اعتراف‮ ‬يعلو‮ ‬على‮ ‬مفهوم‮ ‬الشعارية‮ ‬الجوفاء‮ ‬التي‮ ‬تسيطر‮ ‬على‮ ‬آراء‮ ‬الكثير‮ ‬بالشعارية‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تقدم‮ ‬تشخيصاً‮ ‬دقيقاً‮ ‬للواقع‮ ‬وطبيعة‮ ‬مشكلاته‮ ‬وتحدياته‮.‬
ولكون‮ ‬الدكتور‮ ‬الروحاني‮ ‬قد‮ ‬قدم‮ ‬رأيه‮ ‬بشفافية‮ ‬عالية‮ ‬حول‮ ‬قضية‮ ‬الوحدة‮ ‬تحدث‮ ‬أيضاً‮ ‬بنفس‮ ‬هذه‮ ‬الروح‮ ‬عن‮ ‬واقع‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬وما‮ ‬يواجهه‮ ‬من‮ ‬مخاطر‮ ‬على‮ ‬وحدته‮ ‬السياسية‮ ‬والفكرية‮ ‬والتنظيمية‮.‬
ولا ريب أن الحوار قد حمل مضامين مهمة للقارئ جديرة بالوقوف أمامها خاصة والمتحدث شخصية سياسية ووطنية ومؤتمرية كان لها أن عاصرت مختلف التحولات ورصدت بدقة تفاعلاتها وتأثيراتها وتداعياتها ناهيكم عن اسهامها الفاعل في الصحافة كواحد من أبرز القيادات الصحفية والاعلامية‮ ‬التي‮ ‬أسهمت‮ ‬في‮ ‬تعزيز‮ ‬دور‮ ‬الاعلام‮ ‬مع‮ ‬مختلف‮ ‬قضايا‮ ‬المجتمع‮.. ‬وإلى‮ ‬الحصيلة‮:‬

ْ
‮< ‬تطل‮ ‬الذكرى‮ ‬الـ28‮ ‬لليوم‮ ‬الوطني‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬تحديات‮ ‬كبرى‮ ‬يواجهها‮ ‬الوطن‮ ‬وتهدد‮ ‬انجازاته‮ ‬في‮ ‬الثورة‮ ‬والجمهورية‮ ‬والوحدة‮.. ‬كيف‮ ‬تنظرون‮ ‬لهذه‮ ‬الذكرى‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬هذه‮ ‬المعطيات؟
- أولا أهنئ شعبنا بهذا اليوم الذي صنع لليمنيين مجدا وفرادة.. فقد توحدنا فيه حينما كان الآخرون يتشرذمون.. اليمن اليوم تنهش في جسده مخالب اللئام.. لكنه سينهض وسيتعافى بشعبه الاصيل ووحدته الرائدة.. ومسيرة ثورته التي لن يطفئها الظلام.

‮< ‬ماذا‮ ‬تعني‮ ‬الوحدة‮ ‬في‮ ‬مفهومكم‮.. ‬ولماذا‮ ‬يخاف‮ ‬منها‮ ‬البعض؟‮!‬
- الوحدة، هي انجاز نفاخر به، لأنها خلقت وعيا جديدا في المجتمع وفتحت آفاقا واسعة ونبيلة في مسيرة البحث عن الذات.. هي فلسفة وقيمة انسانية، وهي لا تشكل خطرا على احد.. لكن طالما انها كانت ولا تزال مصدر قلق عند بعض دول الجوار فيجب ان تظل هي الخيار الاستراتيجي الابرز‮ ‬عند‮ ‬اليمنيين‮ ‬لتجاوز‮ ‬مشكلتهم‮.. ‬وليثبوا‮ ‬للجيران‮ ‬مجددا‮ ‬ولكل‮ ‬العالم‮ ‬ان‮ ‬وحدتنا‮ ‬هي‮ ‬عامل‮ ‬أمن‮ ‬واستقرار‮ ‬للمنطقة‮ ‬والاقليم‮..‬
ونستطيع‮ ‬ان‮ ‬نقول‮ ‬بصوت‮ ‬عال‮ ‬انه‮ ‬بالوحدة‮ ‬وبالتمسك‮ ‬بقيمها‮ ‬الوطنية‮ ‬والانسانية‮ ‬يمكننا‮ ‬ان‮ ‬نتجاوز‮ ‬الحرب‮ ‬ونستعيد‮ ‬بناء‮ ‬وطننا‮ ‬ودولتنا‮ ‬وفق‮ ‬منظومة‮ ‬قانونية‮ ‬ومؤسسات‮ ‬قوية‮ ‬تصون‮ ‬عرض‮ ‬المواطن‮ ‬وتحمي‮ ‬حقوقه‮.‬
ودعني اقول لك هنا ان اهم ميزة لقيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م انها جلبت معها شرطين رئيسيين هما الديمقراطية وحرية الرأي والتفكير.. لكن عندما اخللنا بشكل او بآخر بهذين الشرطين ارتخى العقد وبدأ يتفكك ، وحاولنا جمع ولملمة احجاره لكن النتيجة كانت مخيبة لأن المعالجة‮ ‬كانت‮ ‬من‮ ‬جنس‮ ‬الخطأ‮..‬
لقد‮ ‬اذنبنا‮ ‬بحق‮ ‬الوحدة‮ ‬وأسأنا‮ ‬فهمها‮ ‬وعلينا‮ ‬ان‮ ‬نعترف‮ ‬اننا‮ ‬بذلك‮ ‬اذنبنا‮ ‬بحق‮ ‬انفسنا‮ ‬واجيالنا‮.‬

‮< ‬من‮ ‬هو‮ ‬الذي‮ ‬اخل‮ ‬بهذين‮ ‬الشرطين؟‮ ‬ومن‮ ‬تقصد‮ ‬بالمذنب‮ ‬في‮ ‬حق‮ ‬الوحدة‮.. ‬هل‮ ‬المؤتمر‮ ‬ام‮ ‬الشمال‮ ‬ام‮ ‬الجنوب؟‮!‬
- الذي اخل وفرط وتجاوز هما شريكا الوحدة (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني) أولا، لأنهما انصرفا للاستحواذ والسيطرة، وكلاهما ضاق بالرأي.. ثم بعد ذلك جاء رفض الاشتراكي لنتائج انتخابات 93، الذي اسس لتقاسم (شمالي - جنوبي) جديد قاد بدوره للتوتر ثم انفجار‮ ‬الحرب‮ ‬في‮ ‬94م‮.‬‭.‬‮ ‬وهكذا‮ ‬انصرفنا‮ ‬للمزاحمة‮ ‬والتآمر‮ ‬على‮ ‬بعضنا‮ ‬وأضعنا‮ - ‬للاسف‮ - ‬فرصة‮ ‬كانت‮ ‬مواتية‮ ‬لبناء‮ ‬دولة‮ ‬محورية‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮.‬
ولعل‮ ‬القشة‮ ‬التي‮ ‬قصمت‮ ‬ظهر‮ ‬الجمل‮ ‬كانت‮ ‬في‮ ‬نهب‮ ‬وبيع‮ ‬اصول‮ ‬مؤسسات‮ ‬القطاع‮ ‬العام‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮ ‬بعد‮ ‬حرب‮ ‬94‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬حكومة‮ ‬باجمال،‭ ‬الذي‮ ‬اجتهد‮ ‬كثيرا‮ ‬في‮ ‬خصخصته‮ ‬وبعثرة‮ ‬أمواله‮ ‬وممتلكاته‮..‬

‮< ‬وماذا‮ ‬عن‮ ‬دور‮ ‬المعارضة‮ ‬حينها؟‮!‬
- لعب الاصلاح -وهو الحزب المعارض الاكبر وقتها- دور الواعظ "المحرش".. وكان احد اسباب التوتر، فقد اثار فتنة كبيرة بفتاوى بعض مشائخه الذين كفروا الوحدة وكفروا نظام ورموز ما قبل الوحدة في الجنوب، والتي نتجت عنها تفجيرات وأعمال مخلة بالأمن العام سواء في صنعاء او‮ ‬في‮ ‬عدن‮.‬

‮< ‬وماذا‮ ‬يفيد‮ ‬الاعتراف‮ ‬بالذنب‮.. ‬اذا‮ ‬كنا‮ ‬قد‮ ‬وصلنا‮ ‬الى‮ ‬هذا‮ ‬الحال‮ ‬وأضعنا‮ ‬الجمل‮ ‬بما‮ ‬حمل؟‮!‬
- الجمل لا يزال واقفا ولا يزال بين ايدينا.. والوحدة تستعيد ألقها من جديد في ضمير الشعب.. ولابد انك تتابع ، الذين كانوا يحرضون على الوحدة (لا عاد ابا الوحدة.. ولا نا وحدوي) اصبحوا اليوم يلهجون باسم الوحدة ويستنجدون بها جراء النتائج الكارثية التي يعيشها الوطن‮ ‬والمواطن‮ ‬سواء‮ ‬في‮ ‬الشمال‮ ‬أو‮ ‬الجنوب‮ ‬في‮ ‬الشرق‮ ‬أو‮ ‬الغرب‮.. ‬و‮ ‬اصبح‮ ‬المخدوعون‮ ‬بدعوات‮ ‬الانفصال‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮ ‬يدركون‮ ‬ان‮ ‬الوحدة‮ ‬ظلمت‮ ‬وان‮ ‬لا‮ ‬ذنب‮ ‬لها‮ ‬في‮ ‬فشل‮ ‬القادة‮ ‬السياسيين‮.‬

‮< ‬لكنهم‮ ‬كانوا‮ ‬يحملون‮ ‬الشمال‮ ‬مسئولية‮ ‬الفشل؟‮!‬
- الفساد هو من يتحمل مسئولية الفشل في ادارة الوحدة.. هناك اخطاء حدثت يتحمل مسئوليتها من كان في السلطة سواء من الشمال او من الجنوب، المسئولية مشتركة بين الفسدة، والسرق -كما يقال- اخوة.. انت تعرف ان الذي خرج من السلطة بعد حرب 94 هم رموز الانفصال وعاد بعضهم بفعل العفو العام وشارك فيها مجددا عبر بوابات مختلفة، لكن الجنوب بعد الحرب ظل حاضرا في السلطة بنسبة اكبر مما كان عليه قبلها.. وللحقيقة والتاريخ كان الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح - رحمه الله - يتبع سياسة وطنية عالية الدقة والمهارة في التعيينات والمشاركة.

‮< ‬نفهم‮ ‬من‮ ‬كلامك‮ ‬ان‮ ‬الشمال‮ ‬ليس‮ ‬محتلا‮ ‬ومسئولية‮ ‬الفشل‮ ‬كانت‮ ‬مشتركة؟‮!‬
- بالضبط.. لقد ادرك الانفصاليون انفسهم ان الشمال لم يكن محتلا - كما كانوا يرددون - ، وان الفساد والفشل الذي اضر بالوحدة لم يكن شماليا فحسب بل كان جنوبيا أيضا، وهناك كان قادة جنوبيون كبار ومعروفون هم من هندس للفساد ونظر للنهب بعد حرب 94م، وكانت اياديهم طولى‮ ‬فيه‮.‬

‮< ‬لكن‮ ‬لم‮ ‬تقل‮ ‬لي‮ ‬لماذا‮ ‬الاعتراف‮ ‬بالفشل‮ ‬الآن‮.. ‬وبالاخطاء‮ ‬التي‮ ‬ارتكبت‮ ‬بحق‮ ‬الوحدة؟‮!‬
- الاعتراف بالذنب في حق الوحدة.. هو الاعتراف باننا اذنبنا بحق انفسنا أولا. وبحق اولادنا الذين حرمناهم من البناء والتنمية لعقود قادمة ، فالشعب هو المتضرر الحقيقي مما آلت اليه الاوضاع.. اما الوحدة فهي قيمة اخلاقية وانسانية تعيش في ضمائر اليمنيين قبل ان تكون كيانا ماديا يتطلب ادارة وتنظيماً.. والاعتراف بالخطأ هنا ليس لغرض جلد الذات وانما هو لغرض المراجعة والانطلاق نحو معالجة جادة.. وأول خطوة بهذا الاتجاه هو ايقاف هذه الحرب العبثية الظالمة التي اكلت الاخضر واليابس وقادت اليمنيين الى المحرقة.

‮< ‬يستبد‮ ‬القلق‮ ‬بجماهير‮ ‬شعبنا‮ ‬على‮ ‬انجازهم‮ ‬التاريخي‮ ‬المتمثل‮ ‬بالوحدة‮.. ‬ما‮ ‬المطلوب‮ ‬من‮ ‬مختلف‮ ‬قوى‮ ‬الشعب‮ ‬اتخاذه‮ ‬للحفاظ‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬الانجاز‮ ‬في‮ ‬مواجهة‮ ‬مشاريع‮ ‬التشطير؟
- المحافظة على انجاز الوحدة يكون بالمزيد من التمسك بالوحدة.. وتجنب التذمر باسمها وباسم القضية الجنوبية.. ليس هناك وجود لشيء اسمه القضية الجنوبية.. هناك قضية وطن وشعب بأكمله يتعرض للتدمير وللابادة والتجويع والاذلال والارتهان..
ثم اذا كانت المسألة ستخضع للتقييم بين شمال وجنوب - ولست بالطبع مع هذا الفرز- لكن الواقع يقول لنا ان قيادات الجنوب تحكم الجمهورية اليمنية وتسيطر على كل مفاصل الدولة منذ 2012 دون اعتراض، فلماذا اذاً لا تحل القضية الجنوبية ؟! - اذا كانت هناك قضية جنوبية !!.. المسألة‮ ‬في‮ ‬رأيي‮ ‬اخذت‮ ‬بعدا‮ ‬تحريضيا‮ ‬ومزايدات‮ ‬سياسية‮ ‬واعلامية‮ ‬ليس‮ ‬اكثر‮.. ‬ونحن‮ ‬في‮ ‬الواقع‮ ‬امام‮ ‬ازمة‮ ‬ضمير‮ ‬وازمة‮ ‬مواطنة‮ ‬وانتماء‮.. ‬ونحن‮ ‬فعلا‮ ‬امام‮ ‬قضية‮ ‬يمنية‮ ‬غاية‮ ‬في‮ ‬التعقيد‮.‬

‮< ‬وأين‮ ‬الشعب‮ ‬مما‮ ‬يجري‮ ‬؟‮!‬
- يُروى ان الرئيس الحمدي -رحمه الله- سأل الاستاذ البردوني وهو ممسك بيده.. كيف ترى القيادة تقود الشعب يا استاذ عبدالله؟!، فرد البردوني بسرعة بديهته "الشعب أعمى يا اخي الرئيس".. فالشعب اليمني مغيب بحكم الجهالة.. وهو اليوم يعاني من عدوانين داخلي وخارجي، وهو معني‮ ‬بمقاومة‮ ‬العدوان‮ ‬ورفضه‮ ‬ايا‮ ‬كان‮ ‬شكله‮ ‬ولونه‮.. ‬وبأي‮ ‬لبوس‮ ‬تلبَّس‮..‬
المواطن اليمني يريد دولة لا يحكمها فرد ولا تسيطر عليها فئة أو جماعة، ولا تخضع لفرز مناطقي او عنصري أو قبلي أو مذهبي.. المواطن اليمني مل شعارات.. ومل الكذب والتدليس باسمه وباسم الوطن وباسم الدين.. المواطن يريد ان يعيش بكرامة ويكون سيد نفسه.. يريد دولة يحكمها‮ ‬النظام‮ ‬والقانون‮ ‬وبسودها‮ ‬العدل‮ ‬والمساواة‮ ‬وحرية‮ ‬الرأي‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬القمع‮ ‬وتكميم‮ ‬الافواه‮ ‬والملاحقات‮.‬

‮< ‬وهل‮ ‬يمكن‮ ‬ان‮ ‬تقام‮ ‬لنا‮ ‬دولة‮ ‬بهذه‮ ‬المواصفات،‭ ‬يبدو‮ ‬انك‮ ‬متفائل‮ ‬اخي‮ ‬الدكتور‮ ‬؟‮!‬
- يا اخي، ليس كثيرا على اليمنيين ان يتمنوا دولة بمواصفات العصر.. علينا ان نتفاءل، ولم لا نتفاءل ونحن على اعتاب العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين.. علينا ان نحلم ونقاتل من اجل تحقيق حلمنا.. الانسان اليمني طيب وخلاق، يتدفق حيوية وابداعا، وهو لا يستحق هذا‮ ‬القهر،‭ ‬وهذا‮ ‬الظلم،‭ ‬وهذه‮ ‬المعاناة‮ ‬التي‮ ‬تقع‮ ‬عليه‮.‬
العالم‮ ‬اليوم‮ ‬قد‮ ‬تجاوز‮ ‬اشكال‮ ‬الفوضى‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬نزال‮ ‬نعيشها‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬والعالم‮ ‬العربي‮ ‬منذ‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬قرن‮ ‬من‮ ‬الزمن،‭ ‬وهو‮ ‬الآن‮ ‬يبحث‮ ‬عن‮ ‬امكانية‮ ‬العيش‮ ‬في‮ ‬الفضاء‮ ‬بشروط‮ ‬حياة‮ ‬الارض‮..‬
العالم يفكر اليوم بانتاج طاقة شمسية ارضية بديلة عن كوكب الشمس تنتج طاقة تخدم البشرية لملايين السنين ونحن نعود الى زمن التنور والحطب والموقد والفانوس.. وفوق كل هذا لانزال حانبين عند السقيفة ومشغولين بخلافات ما قبل التاريخ باكثر من الف واربعمائة عام..
العالم يبحث في انتاج اجهزة دقيقة وحساسة تشخص حالات الناس وتكتشف امراضهم المستعصية مبكرا ونحن بهذه الحرب الظالمة اغلقنا المستشفيات وعدنا للعلاج بالقذى والتفال.. نحن نعيش كارثة حقيقية.. والذي يجري في بلادنا اليوم يدعو للخجل حقا..

‮< ‬هناك‮ ‬من‮ ‬يرى‮ ‬عمل‮ ‬مكاشفة‮ ‬حقيقية‮ ‬حول‮ ‬مختلف‮ ‬الممارسات‮ ‬التي‮ ‬اساءت‮ ‬للوحدة‮ ‬هل‮ ‬انتم‮ ‬مع‮ ‬هذا‮ ‬الرأي؟
‮- ‬وهل‮ ‬هناك‮ ‬مكاشفة‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬تلك‮ ‬التي‮ ‬شهدها‮ ‬مؤتمر‮ ‬الموفمبيك؟‮!.. ‬المكاشفة‮ ‬تمت‮... ‬ولا‮ ‬اعتقد‮ ‬ان‮ ‬شيئا‮ ‬تبقى‮ ‬دون‮ ‬مكاشفة‮ ‬،‭ ‬لقد‮ ‬كشفنا‮ ‬كل‮ ‬اوراقنا،‭ ‬وسلمنا‮ ‬رقابنا‮ ‬لاعداء‮ ‬الوطن‮ ‬والثورة‮ ‬والجمهورية‮ ‬والوحدة‮.‬

‮< ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬يمن‮ ‬اتحادي‮ ‬تشكله‮ ‬مجموعة‮ ‬من‮ ‬الاقاليم‮.. ‬الى‮ ‬اي‮ ‬مدى‮ ‬يعني‮ ‬هذا‮ ‬معالجة‮ ‬حقيقية‮ ‬لحالة‮ ‬الاعتوار‮ ‬التي‮ ‬شابت‮ ‬انجاز‮ ‬الوحدة؟
- كان لي رأي في مسألة الدولة الاتحادية من اقليمين أو اكثر باعتبار ان هذا النوع من الاتحادات يقام في ظل دول مركزية قوية.. فما بالك بالتفكير بقيام دولة اتحادية في اليمن ونواة الدولة غائبة اصلا.. لكن الشروط الآن في ظل الحرب والتدخل الخارجي قد تغيرت، ومع كل هذا‮ ‬اذا‮ ‬كانت‮ ‬صيغة‮ ‬اليمن‮ ‬الاتحادي‮ ‬ستجلب‮ ‬الحل‮ ‬للقضية‮ ‬اليمنية‮ ‬فما‮ ‬المانع‮ !!.. ‬نحن‮ ‬اليوم‮ ‬نبحث‮ ‬عن‮ ‬أي‮ ‬صيغة‮ ‬تقيم‮ ‬دولة‮ ‬ونظام‮ ‬وتحافظ‮ ‬على‮ ‬وحدة‮ ‬اليمن‮ ‬وسيادته‮.‬

‮< ‬ايضا‮ ‬هناك‮ ‬من‮ ‬يرى‮ ‬الاقاليم‮ ‬خطوة‮ ‬نحو‮ ‬تقسيم‮ ‬اليمن‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬تعاظم‮ ‬النزعات‮ ‬المناطقية‮ ‬والمذهبية‮.. ‬الخ‮.. ‬ما‮ ‬الضمانات‮ ‬الحقيقية‮ ‬للحفاظ‮ ‬على‮ ‬الوحدة‮ ‬وبغض‮ ‬النظر‮ ‬عن‮ ‬طبيعة‮ ‬ماسيعتمد‮ ‬للنظام‮ ‬السياسي؟
‮- ‬اذا‮ ‬وجدت‮ ‬الدولة‮ ‬وبسطت‮ ‬سيطرتها‮ ‬على‮ ‬كامل‮ ‬التراب‮ ‬الوطني،‭ ‬وأُطفئت‮ ‬ألسنة‮ ‬النار‮ ‬وخرست‮ ‬افواه‮ ‬البنادق‮.. ‬ستكون‮ ‬هي‮ ‬الضمانة‮ ‬الحقيقية‮ ‬للحفاظ‮ ‬على‮ ‬الوطن‮ ‬ووحدته‮ ‬ونظامه‮ ‬الجمهوري‮.‬

‮< ‬هذه‮ ‬الضمانات‮ ‬هل‮ ‬عبرت‮ ‬عنها‮ ‬مخرجات‮ ‬الحوار‮ ‬الوطني‮ ‬باللصورة‮ ‬الكافية؟
- دعني اقول لك وبصراحة ان مؤتمر الحوار الوطني فاقم من المشكلة اليمنية ووسع فجوتها.. فسقف الحوار كان مفتوحا، ولم توضع له ولا للمشاركين شروط ولا ضوابط، كما لم تحدد للحوار ثوابث وطنية.. فغلبت عليه وعلى مخرجاته المزاجية والفوضى، وكان الحوار ظاهرة اعلامية اكثر منه‮ ‬حوارا‮ ‬وطنيا‮.. ‬ولهذه‮ ‬الاسباب‮ ‬كانت‮ ‬مخرجاته‮ ‬مختلفاً‮ ‬عليها‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬اطرافه‮ ‬الاساسية‮.‬

‮< ‬الى‮ ‬اي‮ ‬مدي‮ ‬تسهم‮ ‬التدخلات‮ ‬الاقليمية‮ ‬في‮ ‬تهديد‮ ‬منجز‮ ‬الوحدة‮.. ‬وهل‮ ‬اصبح‮ ‬مستقبل‮ ‬الوحدة‮ ‬مرهوناً‮ ‬بيد‮ ‬الاقليم‮ ‬والقوى‮ ‬الكبرى؟
- كما قلت لك ردا على سؤال سابق ان ظروف الحرب خلقت شروطا جديدة، وما يلوح في الافق هو وجود خطة تقضي بالسيطرة أولا على الشريط الساحلي بموانئه وجزره بدءا من حضرموت وارخبيل سقطرى ومرورا بمينائي عدن والمخا وحتى مضيق باب المندب وجزيرة بريم.. والخطوة التالية هي إحكام السيطرة السياسية والعسكرية على الجنوب.. ثم البحث عن صيغة للتجزئة والتقسيم.. لكن اؤكد لك ان الشعب اليمني وفي الجنوب بصورة خاصة يقض جدا جدا، وأصبح يدرك ويعي هذه المخاطر ولن يسمح بتمريرها.. وقد ظهر له موقف حازم في قضية سقطرى وهوس الامارات فيها.

‮< ‬وكما‮ ‬الوطن‮ ‬مهدد‮ ‬بوحدته‮ ‬ايضا‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬مهدد‮ ‬بتجزئته‮ ‬والى‮ ‬عدة‮ ‬مؤتمرات‮.. ‬كيف‮ ‬ترقبون‮ ‬هذا‮ ‬التطور‮ ‬خاصه‮ ‬وانكم‮ ‬عضو‮ ‬سابق‮ ‬بمكتب‮ ‬المؤتمر‮ ‬السياسي‮ (‬اللجنه‮ ‬العامه‮)‬؟‮.‬
- لست خائفا على المؤتمر، فهو محصن بأعضائه وكوادره، صحيح هناك مؤتمر في صنعاء وآخر في الرياض وثالث ورابع هنا وهناك، وهذا امر طبيعي افرزته الظروف والاحداث المتلاحقة.. لكن المؤتمر سيظل موحدا ولن يتجزأ.. وهو محصن بقناعة قياداته وأعضائه ومعرفتهم بان المؤتمر لن يكتب‮ ‬له‮ ‬البقاء‮ ‬والمشاركة‮ ‬في‮ ‬العملية‮ ‬السياسية‮ ‬الا‮ ‬اذا‮ ‬كان‮ ‬موحدا‮.‬
كان‮ ‬البعض‮ ‬بعد‮ ‬استشهاد‮ ‬الزعيم‮ - ‬رحمه‮ ‬الله‮ - ‬يراهن‮ ‬على‮ ‬تشتت‮ ‬اعضائه‮ ‬وتوزع‮ ‬ولاءاتهم‮ ‬لكنهم‮ ‬خسروا‮ ‬الرهان‮ ‬لسببين‮:‬
الاول‮: ‬لان‮ ‬المؤتمر‮ ‬تنظيم‮ ‬شعبي‮ ‬وسطى‮ ‬معتدل‮ ‬يتمتع‮ ‬بمرونة‮ ‬عالية‮ ‬بداخله‮ ‬وله‮ ‬منهج‮ ‬وطني،‭ ‬وليس‮ ‬حزبا‮ ‬ايديولوجيا‮ ‬ولا‮ ‬عقديا‮ ‬مغلقا‮.‬
والثاني‮: ‬لأن‮ ‬المؤتمر‮ ‬منفتح‮ ‬ويؤمن‮ ‬بالمشاركة‮ ‬ويقبل‮ ‬بالآخر‮ ‬الختلف‮ ‬على‮ ‬عكس‮ ‬الاحزاب‮ ‬العقدية‮ ‬والايديولوجية‮ ‬الصارمة‮ ‬المغلقة‮.‬
وهاتان‮ ‬الحقيقتان‮ ‬يعرفهما‮ ‬اعضاء‮ ‬المؤتمر‮ ‬وكل‮ ‬كوادره‮ ‬وانصاره‮.. ‬ويعرفون‮ ‬اهميتهما‮ ‬في‮ ‬العملية‮ ‬التنظيمية‮ ‬والسياسية‮ ‬وبالتالي‮ ‬كل‮ ‬عضو‮ ‬يعتبر‮ ‬المؤتمر‮ ‬ملكه‮ ‬ولا‮ ‬يمكن‮ ‬المساومة‮ ‬عليه‮ ‬او‮ ‬التفريط‮ ‬به‮.‬

‮< ‬من‮ ‬وجهة‮ ‬نظركم‮ ‬ما‮ ‬الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬على‮ ‬المؤتمريين‮ ‬عمله‮ ‬من‮ ‬اجل‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‮ ‬وحدة‮ ‬تنظيمهم‮ ‬الفكرية‮ ‬والسياسية؟
‮- ‬ان‮ ‬يظلوا‮ ‬مؤتمريين،‭ ‬ولاؤهم‮ ‬للميثاق‮ ‬الوطني،‭ ‬وشعارهم‮ ‬التسامح‮ ‬والانفتاح‮ ‬على‮ ‬الآخر‮ ‬المختلف‮.‬

‮< ‬وجود‮ ‬قيادات‮ ‬مؤتمرية‮ ‬في‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬عاصمة‮ ‬يراه‮ ‬البعض‮ ‬امراً‮ ‬يهيئ‮ ‬للتدخلات‮ ‬الاقليمية‮ ‬في‮ ‬حاضر‮ ‬ومستقبل‮ ‬المؤتمر‮ ‬والسؤال‮ ‬في‮ ‬حالة‮ ‬تشظي‮ ‬المؤتمر‮ ‬ما‮ ‬الذي‮ ‬سينتج‮ ‬عن‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬مخاطر‮ ‬وتداعيات؟
المؤتمر - كما قلت لك- لن يتشظى ولن ينقسم ، واليوم وفي ظل احتدام الصراع العسكري وضيق الافق السياسي عند اغلب اطرافه يبرز الرهان على المؤتمر الشعبي العام، فلديه تجربة رائدة في الحكم، ووسطيته واعتداله يجعل منه بمشاركة بقية القوى الوطنيه الاقدر والاجدر على حمل مشروع‮ ‬وطني‮ ‬جديد‮.‬
وصدقني‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬يقال‮ ‬عن‮ ‬خلافات‮ ‬داخل‮ ‬المؤتمر‮ ‬هي‮ ‬فقاعات‮ ‬سيحسمها‮ ‬وينهيها‮ ‬انعقاد‮ ‬المؤ‮ ‬تمر‮ ‬العام‮.‬

‮< ‬هناك‮ ‬احزاب‮ ‬تتشفى‮ ‬بالحالة‮ ‬التي‮ ‬يعيشها‮ ‬المؤتمر‮.. ‬ماذا‮ ‬تقولون‮ ‬لها‮ ‬؟
‮- ‬نطمئن‮ ‬هذه‮ ‬الاحزاب‮ ‬ونقول‮ ‬لها‮ ‬المؤتمر‮ ‬بخير‮..‬‭ ‬هو‮ ‬في‮ ‬كبوة‮ ‬نعم‮ ‬لكنه‮ ‬سينهض،‭ ‬و‮ "‬فلي‮ ‬فقرتش‮ ‬يا‮ ‬سعيده‮".‬

‮< ‬ينظر‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬المؤتمريين‮ ‬الى‮ ‬ان‮ ‬انعقاد‮ ‬المؤتمر‮ ‬العام‮ ‬سيمثل‮ ‬معالجة‮ ‬كاملة‮ ‬لمشكلات‮ ‬المؤتمر‮.. ‬ما‮ ‬تعليقكم؟
- معك الحق ولا اشك في ذلك مطلقا.. بل وبانعقاد المؤتمر العام الثامن سيضع المؤتمريون قواعد واسسا لانطلاقته الجديدة ليس كتنظيم سياسي حاكم بل كأقوى تنظيم معارض يخوض تجربة جديدة في الممارسة الديمقراطية ويعلم الآخرين منهج الانفتاح على الآخر والقبول به.

‮< ‬كلمة‮ ‬اخيرة‮..‬
‮- ‬سيكون‮ ‬اليمن‮ ‬بخير‮ ‬،‭ ‬وسيكون‮ ‬المؤتمر‮ ‬بألف‮ ‬خير‮.. ‬ولك‮ ‬اخي‮ ‬يحيى‮ ‬ولكل‮ ‬الزملاء‮ ‬في‮ ‬هيئة‮ ‬تحرير‮ »‬الميثاق‮« ‬بالغ‮ ‬المودة‮ ‬والاحترام‮ ‬والشكر‮ ‬الكبير‮ ‬على‮ ‬المواكبة‮ ‬واستمرار‮ ‬صدور‮ ‬الصحيفة‮ ‬في‮ ‬ظروف‮ ‬موجعة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 11:43 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53494.htm