الميثاق نت -

الأحد, 29-يوليو-2018
د‮.‬عادل‮ ‬غنيمة -
اتخذت حكومة هادي المسماة بالشرعية قراراً اقتصادياً غير مدروس ولم تحسب لتداعياته السلبية على الاقتصاد اليمني وهو قرار نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن في اطار الحرب الاقتصادية المخطط لها من دول تحالف العدوان بقيادة السعودية وكان أسوأ مافي قرار هادي هو الغاء حيادية البنك المركزي اليمني وتحييد الجانب الاقتصادي عن اطراف الصراع السياسي حيث اشار محافظ البنك المركزي السابق محمد بن همام الى خطورة نقل مقر البنك المركزي الى عدن بسبب انعدام القدرات الفنيه الكفؤة القادرة على تشغيله والرقابه على الجهاز المصرفي اليمني ولكونهم‮ ‬مازالوا‮ ‬في‮ ‬صنعاء‮.‬
كما اكد في مقابلة تلفزيونية ان البنك المركزي اليمني تحت قيادته منذ تعيينه وحتى قرار النقل الى عدن كان يمارس دوراً اقتصادياً حيادياً من خلال ادارته للسياسات النقدية للاقتصاد الوطني وحافظ على ثبات سعر الصرف للريال اليمني باتباعه سياسات حمائية للريال من خلال سياسة التعويم المدار كما اعلن بشفافية عن استنفاد الاحتياطي النقدي الخارجي لليمن من العملات الصعبة بسبب توقف العائدات من العملات الاجنبية نتيجة العدوان وتوقف صادرات النفط والغاز وان استنفادها كان بسبب تغطية واردات اليمن بكافة محافظاته من السلع الغذائية والمشتقات النفطية وبسعر 215ريالاً للدولار الواحد باعتبار ان تلك السياسات هي التي ادت الى حماية سعر صرف الريال اليمني وقد كان اعلى سعر للصرف في السوق السوداء آنذاك مابين 245-250ريالاً وكان فارقاً بسيطاً لايتعدى نسبة 15٪ من سعر البنك المركزي نتيجة للدور التدخلي المباشر لابن همام في تحسين اسعار الصرف من خلال انزال عملات اجنبية للسوق المصرفي من وقت لآخر كما يقوم البنك المركزي بدوره في تغطية واردات السلع الاساسية كسياسات حمائية لسعر صرف الريال اليمني وللاسف كان قرار نقل البنك المركزي اليمني قراراً سياسياً اقليمياً ودولياً وليس قراراً اقتصادياً داخلياً فقد كانت مبررات حكومة هادي كاذبة بأن انصار الله واللجنة الثورية تنهب اموال الدولة واحتياطياتها من النقد الاجنبي والنقد المحلي وقد فند ذلك محافظ البنك السابق بن همام والمعين بقرار رئاسي من هادي نفسه وقد نفذ الامريكان تهديدهم للوفد اليمني بنقل البنك كنوع من الضغوط الاقتصادية على مكون انصار الله واللجنة الثورية آنذاك التي تولت قيادة ادارة البلد سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا حيث دعمت امريكا قرار هادي بنقل البنك الى عدن رغم معارضة المؤسسات النقدية الدولية بل والزمتها امريكا بالاعتراف بشرعية قرار النقل الى عدن رغم التحذيرات الاقتصادية التي ابداها مسئولو صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خطورة تنفيذ مثل هذا القرار على الاقتصاد اليمني وحدوث كارثة اقتصادية وقد التزمت حكومة هادي امام المؤسسات الدولية بادارة السياسات النقدية والمالية للاقتصاد الوطني كما التزمت بتسليم مرتبات كافة موظفي الدولة في جميع محافظات الجمهورية اليمنية من اموال الطباعة في روسيا التي تم تسليمها لهادي وحكومته بدعم امريكي وسعودي وتحايل اممي من خلال مبعوثها الدولي ولد الشيخ غير المحايد والذي قام بتضليل المجتمع الدولي ومخادعة حكومة الانقاذ بصنعاء حيال التزام هادي بدفع مرتبات موظفي الدولة من اموال الطباعة وقد اتضح ذلك من خلال تقاريره في الاحاطات الدولية المتكررة لمجلس الامن كل شهرين ومن خلال لقاءاته الصحفية ومقابلاته المتواصلة مع حكومة صنعاء وحكومة الرياض المسماة بالشرعية‮.‬
ومع تدني المستوى المعيشي لموظفي الدولة نتيجة تأخر صرف مرتباتهم لعام واكثر وبعد استنفاد كل مدخراتهم وبيع الغالبية مجوهرات عائلاتهم فقد وصل بهم الحال الى حالة افقار وتجويع متعمدة من حكومة الرياض التابعة لهادي وبتدبير قذر من المبعوث الدولي السابق ولد الشيخ الذي حاور وناور وضلل المجتمع الدولي في محاولة منه لاسترضاء السعودية التي تقود تحالف العدوان على شعبنا اليمني عسكرياً واقتصادياً والذي كافأته مؤخرا بتعيينه وزيرا لخارجية بلاده بعد فشله كوسيط دولي واقالته من مجلس الامن وقد حاولت حكومة الانقاذ بصنعاء كشف ألاعيب المبعوث الدولي السابق ولد الشيخ ودعمت المسيرات الاحتجاجية لنقابات وموظفي الدولة في المحافظات التي تحت سيطرتهم امام مقر الامم المتحدة بصنعاء للمطالبة بتنفيذ الوعود الدولية بإلزام هادي وحكومته بتنفيذ ما التزم به امام المجتمع الدولي وصرف المرتبات من الاموال التي طبعت في روسيا والمقدرة بـ400 مليار ريال يمني كانت كافية لصرف مرتبات 8 شهور لكافة موظفي الدولة كسيولة متوافرة دون احتساب ضريبة المرتبات المقدرة بـ19 مليار ريال ولعدد مليون ومائتي الف موظف ومتقاعد لكشوفات 2014م ولم تلتزم حكومة هادي حتى بصرف كامل مرتبات العاملين‮ ‬في‮ ‬المناطق‮ ‬الجنوبية‮ ‬واستثنت‮ ‬العسكريين‮ ‬والمتقاعدين‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المناطق‮ ‬بينما‮ ‬تم‮ ‬صرف‮ ‬مرتبات‮ ‬المدنيين‮ ‬في‮ ‬المحافظات‮ ‬المحتلة‮ ‬والتي‮ ‬يسمونها‮ (‬المحررة‮).‬
كما تم صرف مرتبات بعض المحافظات الشمالية في اجزاء من محافظات مأرب والبيضاء والجوف ومؤخراً محافظة تعز منذ بداية عام 2018م وماتسميهم النازحين من المناطق الشمالية الى المحافظات الجنوبية التي تحت سيطرة الاحتلال فعلا وتحت سيطرة هادي وحكومته اسماً وكل هؤلاء العاملين والجنود الذين لم تصرف لهم كافة مرتباتهم حتى اليوم لايتعدون 500الى600الف عامل وجندي بحسب الاحصاءات المتداولة بينما يمثل اكثر من 700 ألف موظف وجندي مازالوا بدون مرتبات منذ 22 شهراً ماعدا نصف المرتب اليتيم الذي تصوم حكومة الانقاذ في صنعاء بتدبيره من وقت لآخر كل 4 شهور تقريباً ولم تخجل حكومة هادي من منع صرف كافة مرتبات المناطق العسكرية في الجنوب اسوة بالمدنيين بحجة ان هؤلاء من ابناء المحافظات الشمالية بل اوقفتها مؤخرا وهو دليل على سياسات انفصالية فلم تهتم لمصير 25 مليون نسمة ومليون ومائتي الف موظف ولم تكلف نفسها مسئولية تمويل الخدمات التعليمية والصحية لسكان المناطق التي تحت سلطة حكومة صنعاء فاستفردت بأموال الطباعة واموال النفط والغاز واموال الجمارك من موانئ عدن وبلحاف وشقرة والمكلا والمنفذ البري الوحيد (الوديعة) مع السعودية..
وهي ممارسة عنصرية ومناطقية وانفصالية لحكومة الاحتلال التابعه لهادي والتي لاحول لها ولا قوة في السيطرة على المناطق المحتلة والمسماة بالمحررة اقتصادياً او خدماتياً او امنياً.. وعليه فقد اتخذ المجلس السياسي وحكومة الانقاذ قراراً بعدم التعامل مع المبعوث الدولي السابق ولد الشيخ وتم ابلاغ الامم المتحدة بذلك القرار في وقته لعدم حياديته وتضليله المجتمع الدولي وخداع حكومة الانقاذ بصنعاء في قضية تسليم المرتبات من اموال الطباعة وخاصة بعدما تم طرح مبادرة من قبل المبعوث السابق بتحييد البنك المركزي اليمني وتوريد الايرادات الجمركية الى خزينة البنك المركزي واشراف دولي على ذلك وعندما تمت الموافقة من صنعاء رفع ولد الشيخ سقف مطالب دول العدوان من خلال مسمى حكومة الاحتلال التابعة لهادي الى تسليم الميناء للامم المتحدة ومع اقالة المبعوث الدولي السابق ولد الشبخ وتعيين المبعوث الحالي‮ ‬مارتن‮ ‬غريفيث‮ ‬تفاءل‮ ‬الجميع‮ ‬بامكانية‮ ‬قيامه‮ ‬بدور‮ ‬الوسيط‮ ‬المحايد‮ ‬وبالفعل‮ ‬تم‮ ‬طرح‮ ‬مبادرة‮ ‬اممية‮ ‬لاستئناف‮ ‬مفاوضات‮ ‬الحل‮ ‬السياسي‮ ‬والبدء‮ ‬بمفاوضات‮ ‬التسوية‮ ‬السياسية‮ ‬لملف‮ ‬اليمن‮.‬
ومن منطلق انساني طرح المبعوث الدولي اجراءات لبناء الثقة بين اطراف الصراع في اليمن بعد ان سمع من كل الاطراف الموافقة على الحل السياسي والاستعداد لاستئناف المفاوضات ولذلك اكد المبعوث الدولي الحالي مارتن غريفيث أن القول بالحل السياسي يحتاج الى فعل على الواقع لبناء اجراءات الثقة وتسهيل التفاوض وطرح اعادة تشغيل مطار صنعاء للحالات الانسانية وتحييد البنك المركزي اليمني بحيث يتم الاشراف الدولي على موارد ميناء الحديدة وتوريد الايرادات الى البنك المركزي اليمني مقابل صرف المرتبات لجميع العاملين في الدولة وايضا معالجة ملف‮ ‬كافة‮ ‬الاسرى‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬والعمل‮ ‬على‮ ‬سرعة‮ ‬اطلاقهم‮ ‬يتبعه‮ ‬مباشرة‮ ‬وقف‮ ‬اطلاق‮ ‬النار‮ ‬لمدة‮ ‬3‮ ‬شهور‮ ‬لتسهيل‮ ‬اجراء‮ ‬المفاوضات‮ ‬السياسية‮ ‬لوقف‮ ‬الحرب‮ ‬والتسوية‮ ‬السياسية‮.‬
ولكن السعودية والامارات ظلتا تراوغان المبعوث الدولي الجديد في محاولة لتطويعه كسابقه وعندما فشلتا في ذلك قامتا بالتصعيد العسكري في الساحل الغربي وغزو الحديدة لافشال خطة غريفيث للحل السياسي ولكن الوسيط الدولي لم يستسلم لمناورات التحالف بقيادة السعودية والامارات واستطاع بدبلوماسيته التواصل مع المجتمع الدولي وفضح ممارسات السعودية والامارات بالتصعيد العسكري في الحديدة وماسينتج عنه من كارثة انسانية وتدمير ومجاعة واوبئة ستصيب اكثر من 4 ملايين نسمة سيكون سببها دول التحالف وصمت المجتمع الدولي ازاء تصعيد الحرب في الحديدة.. وبعد لقاءاته مع مجلس الامن المتكررة والاتحاد الاوروبي ووزير الخارجية الامريكي انتزع موافقة دولية على اتاحة الفرصة للحل السياسي ووقف معركة الحديدة وتم ممارسة ضغوط دولية على السعودية والامارات للموافقة على خطة غريفيث لبناء الثقة والاشراف الدولي على ايرادات‮ ‬ميناء‮ ‬الحديدة‮ ‬والرقابة‮ ‬على‮ ‬واردات‮ ‬الميناء‮ ‬لمنع‮ ‬الحجة‮ ‬التي‮ ‬يتحججون‮ ‬بها‮ ‬بدخول‮ ‬صواريخ‮ ‬ايرانية‮ ‬لميناء‮ ‬الحديدة‮ ‬دعماً‮ ‬لانصار‮ ‬الله‮.‬
وبعد زيارة المبعوث الدولي لصنعاء وعدن التي تلقى فيها ردوداً ايجابية على مبادرته وخطته للتفاوض يبدو ان دول التحالف مازالت مصممة على اعاقة الحل السياسي في اليمن من خلال تصعيدها العسكري في الساحل الغربي وبالتحديد في التحيتا وزبيد وكذلك في المديريات الحدودية لصعدة، قابله تصعيد عسكري من انصار الله (الجيش واللجان الشعبية) من خلال تدمير بارجة سعودية (الدمام) وزوارق عسكرية وكان آخرها قصف مطار ابوظبي بالطيران المسير الذي سيجعل المعادلة تتغير بين اطراف الصراع وهناك من يرى امكانية استمرار التصعيد العسكري وفشل المفاوضات ومن ضمنها اجراءات بناء الثقة التي تتضمن صرف مرتبات موظفي الدولة في كافة محافظات الجمهورية وان سيناريو النجاح لإجراءات بناء الثقة وصرف المرتبات ووقف اطلاق النار الامل فيها ضعيف مالم تمارس الدول الكبرى ضغوطاً على الامارات والسعودية للكف عن اللعب بالنار في امن‮ ‬المنطقة‮ (‬باب‮ ‬المندب‮)‬فهي‮ ‬تمثل‮ ‬منطقة‮ ‬حيوية‮ ‬للامن‮ ‬والسلام‮ ‬العالمي‮.‬
واليمنيون بانتظار الخميس المقبل الذي سيقدم فيه المبعوث الدولي غريفيث احاطته الدولية حول مشاوراته مع اطراف الصراع فإما ان ينجح في وساطته الدولية ويعلن موعد ومكان المفاوضات القادمة اذا حصل على التأييد الدولي من مجلس الامن لاسيما بعد تلقي مجلس الامن رساله من السعودية ورسالة اخرى مما تُسمي حكومة الشرعية التي تندد بالتصعيد العسكري للجيش واللجان الشعبية وتدعي ان البارجه التي تم تدميرها ماهي إلا سفينة تجارية وان انصار الله يخالفون القوانين الدولية بحرية التنقل في المياه الدولية ويطالبون المجلس باتخاذ قرار ملزم لصنعاء بالتوقف عن تهديد امن الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الاحمر، فإما نجاح خطة غريفيث والبدء بصرف مرتبات العاملين في الدولة او التصعيد الدولي واستمرار المعارك في اليمن برغبة سعودية اماراتية واحتمال الدعم الامريكي والبريطاني في المحافل الدولية.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 12:57 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-53948.htm