الميثاق نت -

الأحد, 02-ديسمبر-2018
طه‮ ‬العامري -
ليس‮ ‬هناك‮ ‬حقارة‮ ‬رخيصة‮ ‬كحقارة‮ ‬أعرق‮ ‬الدول‮ ‬الاستعمارية‮ ‬بريطانيا‮ ‬ووريثتها‮ ‬الولايات‮ ‬المتحدة‮ ‬الأمريكية‮..‬
هاتان الدولتان تمارسان احط أشكال التآمر على امتنا العربية وعلى وجودها القومي والقطري وعلى مصالحها الآنية والاستراتيجية وتعملان بصورة فردية وجماعية على إجهاض كل قدرة عربية ممكنة بل وتوغل كل من لندن وواشنطن على ابتكار خصومات وصراعات عربية - عربية وعربية -افريقية.. وعربية -آسيوية، ومؤخرا سعت هاتان الدولتان إلى افتعال خلافات وصراعات دامية وتناحرية في نطاق القطر العربي الواحد وتجزئته إلى كانتونات قبلية ومذهبية وطائفية ومناطقية وابتكار هويات اجتماعية زائفة ودخيلة على ثقافة المجتمع العربي أبرزها رعاية الصراع السني - الشيعي، والصراع السني - السني.. والشيعي - الشيعي، والصراع الإسلامي -المسيحي، والصراع - المسيحي - المسيحي ناهيكم عن رعايتهما للصراع العربي - الصهيوني الذي زرعته بريطانيا ورعته ولاتزال أمريكا التي ما انفكت تقدم الدعم الكامل والشامل لهذا الكيان الاستيطاني الغاصب‮ ‬للأراضي‮ ‬العربية‮ ‬في‮ ‬فلسطين‮ ‬وسورية‮ ‬ولبنان‮ ‬ويحلم‮ ‬بالتوسع‮ ‬والسيطرة‮ ‬على‮ ‬المزيد‮ ‬من‮ ‬أرض‮ ‬العرب‮ ‬وبحارهم‮ ‬وجزرهم‮ ‬بهدف‮ ‬الاستحواذ‮ ‬الكامل‮ ‬على‮ ‬مقدرات‮ ‬الأمة‮ ‬وقرارها‮ ‬وسيادتها‮ ‬القطرية‮ ‬والقومية‮..‬
إذ‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬يجري‮ ‬على‮ ‬امتنا‮ ‬وما‮ ‬يحدث‮ ‬فيها‮ ‬من‮ ‬نزيف‮ ‬دموي‮ ‬وعبث‮ ‬وإهدار‮ ‬للطاقات‮ ‬والقدرات‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬نتاج‮ ‬مؤامرة‮ ‬بدأتها‮ ‬بريطانيا‮ (‬وعد‮ ‬بلفور‮) ‬وتسعى‮ ‬واشنطن‮ ‬لترسيخها‮ ‬بـ‮(‬صفقة‮ ‬القرن‮)..‬؟‮!!‬
فيما ترويكا النخب العربية الحاكمة والنشطاء ورموز الفكر والثقافة غالبية هؤلاء تم اعدادهم واختيارهم من قبل بريطانيا أولا ثم من قبل واشنطن لاحقا دون أن نغفل الترويكا الاقتصادية والرأسمالية العربية والشخصيات السياسية والاجتماعية بمن في ذلك بعض رموز القوى التقليدية العربية التي بطريقة مباشرة أو عبر وسطاء تعمل في خدمة المخططات الاستعمارية البريطانية - الأمريكية وهي المخططات التي حولت حياة المواطن العربي إلى جحيم على الصعيدين القطري والقومي كما جعلت المنطقة مسرحا لعبث أدوات ارتزاقها بما في ذلك (الجماعات الإسلامية)‮ ‬التي‮ ‬ولدت‮ ‬من‮ ‬دهاليز‮ ‬أجهزة‮ ‬المخابرات‮ ‬البريطانية‮ -‬‭ ‬الأمريكية‮ ‬لتعمل‮ ‬في‮ ‬خدمتهم‮ ‬وتنفذ‮ ‬مخططاتهم‮ ‬التآمرية‮ ‬ضد‮ ‬العرب‮ ‬والعروبة‮ ‬ووجودهما‮ ‬المادي‮ ‬والمعنوي‮..‬
والملاحظ أن مجمل الصراعات المسلحة العرقية والطائفية والمذهبية والحزبية على امتداد الخارطتين الوطنية والقومية هي صراعات موجهة وتسيطر عليها وتوجهها وتتحكم بها أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية وأجهزة أخرى في المنطقة بما فيها (الموساد الصهيوني) كل هذا في سبيل‮ ‬استهداف‮ ‬الأمة‮ ‬وتركيعها‮ ‬واستنزاف‮ ‬قدراتها‮ ‬والحيلولة‮ ‬بينها‮ ‬وبين‮ ‬أي‮ ‬ممكنات‮ ‬للتقدم‮ ‬والتنمية‮ ‬والتطور‮ ‬الحضاري‮..‬
في عام 1979م وبعد خروج مصر من معادلات الصراع العربي - الصهيوني بعد توقيع اتفاقية »كمب ديفيد« قامت الثورة الايرانية وبرز العراق على إثر ذلك كقوى إقليمية في المنطقة وتم عزل مصر وانتقلت جامعة الدول العربية إلى (تونس) وتم إنشاء تحالف عربي جديد في المنطقة أطلق عليه (دول الصمود والتصدي) لكن سرعان ما تفكك هذا التحالف باندلاع الحرب العراقية - الإيرانية التي لم تكن سوى حصيلة مخطط بريطاني - امريكي - فرنسي - إسرائيلي بهدف ضرب قدرات العراق واستنزاف قدرات دول الخليج العربي..
اعتمدت واشنطن في هذه الحرب استراتيجية (الاحتواء المزدوج) التي ابتكرها مستشار الأمن القومي الامريكي - حينها - بريجنيسكي - وقد اعتمدت واشنطن هذه النظريه في احتواء كل من العراق وإيران لكنها فجأة اتخذت خيارا آخر وهو عدم السماح بهزيمة إيران وانتصار العراق بل سعت إلى إيصال البلدين لحالة إنهاك متوازية ومتعادلة حين شعرت بإمكانية سيطرة العراق إن تحقق له النصر على الإرادة العربية والقرار العربي فعملت على توريط العراق بعد وقف حربه مع إيران بدخوله للكويت ثم اتخذت من ذلك ذريعة لضرب العراق وتدمير كل قدراته ثم فرض الحصار والوصاية عليه وعلى قدراته المتبقية وثرواته من عام 1991- حتى العام 2003م حين قررت واشنطن التدخل المباشر لاحتلال العراق وإسقاط نظامه والبدء في تهيئة إيران كعدو بديل للعرب عن الكيان الصهيوني..؟!
انجرفت أولاً أنظمة الخليج خلف هذا المفهوم وهو إحلال إيران عدوا بديلا عن إسرائيل وراحت تغذي هذا الشعور وساهمت إيران بدورها في تغذيته من خلال خطابها السياسي وبعض تصرفاتها في المنطقة التي غالبا ما كانت طبيعية غير أن ثقافة الوهم كانت هي الطاغية وفيما كانت هناك ثقافة (شيطنة إيران) سائدة كانت إيران بدورها تعمل على تعزيز هذه القناعات بطريقة أو بأخرى ودون أن تبدي سلاسة أو دبلوماسية في خطابها بل راحت تتفاخر بهذه التهم الموجهة لها في سياق تعزيز نفوذها كحاضنة أو قائدة لمحور المقاومة وهذا ما سعت إليه واشنطن ولندن لتبدأ درامية الصراع السني - الشيعي في المنطقة يحتل أولوية في ذاكرة بعض العرب عن الصراع العربي الصهيوني.. وفيما اشتدت نغمة العداء لإيران من قبل بعض العرب تحت يافطة مقاومة (النفوذ الفارسي) والدفاع عن (أهل السنة) راحت (إيران) بدورها ترفع شعار (المقاومة والدفاع عن المستضعفين وتحرير فلسطين) وهكذا نجحت واشنطن ولندن في الانتصار لمخططهما في تدمير العرب ببعضهم وتدمير واشغال العرب والمسلمين ببعضهم ليتحقق الهدوء والسكينة للعدو الصهيوني الذي يتعربد على امتداد الخارطة العربية أمنيا وعسكريا واقتصاديا وسياسيا دون حتى مجرد معارضة خجولة تتصدى لمثل هذه العربدة الصهيونية..وفيما أصبح لإيران ثقافة لدى بعض العرب صارت بالمقابل قضية فلسطين عنواناً للمزايدة السياسية والإعلامية لدى إيران وبعض السائرين في فلكها باستثناء سورية وحزب الله الذين يتميزون بمصداقية تجاه قضية فلسطين، ورغم تحالفهم مع‮ ‬إيران‮ ‬إلا‮ ‬أن‮ ‬لدمشق‮ ‬قرارها‮ ‬السيادي‮ ‬المستقل‮ ‬فتحالفها‮ ‬مع‮ ‬إيران‮ ‬تحالف‮ ‬ندي‮ ‬له‮ ‬أسبابه‮ ‬ودوافعه‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬الدوافع‮ ‬المذهبية‮ ‬والطائفية،‮ ‬فيما‮ ‬حزب‮ ‬الله‮ ‬حليف‮ ‬لسورية‮ ‬أكثر‮ ‬منه‮ ‬حليفاً‮ ‬لإيران‮..‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 08:59 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-54806.htm