الميثاق نت -

السبت, 02-مارس-2019
يحيى‮ ‬نوري -
لماذا نجد المعارضة الجزائرية تعترض على مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية تحت مبررات عجزه الصحي وعمره المتقدم ؟! وتسخر كل طاقاتها وامكاناتها في سبيل اقناع الحزب الحاكم بضرورة العدول عن تشبثه بمرشحه للانتخابات الرئاسية..

سؤال‮ ‬يجر‮ ‬الى‮ ‬سؤال‮ ‬آخر‮ : ‬أليس‮ ‬التنافس‮ ‬الانتخابي‮ ‬يجعل‮ ‬من‮ ‬ضعف‮ ‬اي‮ ‬مرشح‮ ‬فرصة‮ ‬ثمينة‮ ‬لبقية‮ ‬المرشحين‮ ‬في‮ ‬تعزيز‮ ‬فرص‮ ‬فوزهم‮ ‬بالمقعد‮ ‬الرئاسي؟

تساؤلات كثيرة ستظل في حالة ازدحام جميعها تمثل اهمية كونها تمثل مفتاحاً لبلوغ اجابات منطقية وموضوعية تقرأ بدقة كافة ابعاد المشهد الانتخابي بالجزائر الشقيقة وتقدم تحليلا واقعيا لهذه الحالة وتفسر اهداف المناورات السياسية الراهنه حول موضوع الترشيح للرئيس‮ ‬بوتفليقة‮ ‬لدورة‮ ‬خامسة؟‮ ‬سواء‮ ‬بالرفض‮ ‬او‮ ‬الموافقة‮!‬

ولعل مايفسر موقف المعارضة الجزائرية والذي يبدو غريبا على المجتمعات الديمقراطية صاحبة التجارب الانتخابية الرائدة هو انها بموقفها هذا تعكس عجزها عن الاستغلال الامثل لضعف مرشح الحزب الحاكم بحيث تتمكن من جذب الاصوات الانتخابية لصالح مرشحها التوافقي التي تسعى الى‮ ‬تسميته‮ ‬اضافة‮ ‬الى‮ ‬عدم‮ ‬قدرتها‮ ‬على‮ ‬استغلال‮ ‬كل‮ ‬نقاط‮ ‬الضعف‮ ‬التي‮ ‬حفلت‮ ‬بها‮ ‬مسيرة‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم‮ ‬في‮ ‬ادارته‮ ‬للبلاد‮ ‬لأربع‮ ‬دورات‮ ‬سابقة‮ ‬في‮ ‬اطار‮ ‬دعاية‮ ‬انتخابية‮ ‬تضمن‮ ‬لها‮ ‬النجاح‮..‬

ضعف لاشك جعلها تقتصر في دورها على مطالبة للحزب الحاكم بضرورة ايجاد مرشح قوي له فقط وهو مايعكس ادراكها القوي والعميق بأنها كمعارضة لن تتمكن من تحقيق اي نجاح يذكر في الانتخابات الرئاسية لذا نجدها تكثف كافة جهودها باتجاه استبدال مرشح الحزب الحاكم..

ولاشك ان هذه المساعي الحثيثة للمعارضة الجزائرية قد ابعدتها تماما عن كافة متطلبات العملية الانتخابية وجعل من تفاعلاتها على مستوى الشارع مقتصرة على هدف واحد هو تغيير مرشح الحاكم وكأنها في ذلك تطالب الحاكم بمرشح قوي لإدارة الجزائر للمرحلة القادمة وأن بلوغ مرشحها الى هذا المنصب يمثل بالنسبة لها طموحا مبكرا، وأن لجوءها للشارع واثارته باتجاه تحقيق هدفها هذا لايتفق مع متطلبات فوزها في الانتخابات بدليل لو انها تملك الشارع وارادته الحرة في التغيير لتغاضت عن مرشح الحاكم ولانصرفت باتجاه تحشيد الجماهير نحو‮ ‬الانتصار‮ ‬لمرشحها‮ ‬ولبرنامجها‮ ‬الانتخابي‮..‬

واذا كان هذا الموقف الغريب كما اشرنا بالنسبة للمجتمعات الديمقراطية فإن ذلك لاريب يعد نتاجا لعدم ثقة هذه الاحزاب بالديمقراطية كفكر وممارسة وعدم ثقة ايضا بالنظام الانتخابي باعتبار التجربة الديمقراطية في بلدها مازالت في طور التشكل وهو مادفعها الى اليقين ان حظ‮ ‬الفوز‮ ‬لن‮ ‬يكون‮ ‬إلا‮ ‬من‮ ‬نصيب‮ ‬مرشح‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم‮ ‬ومهما‮ ‬كان‮ ‬وضعه‮ ‬الصحي‮ ‬والذهني‮ ‬يعزز‮ ‬ذلك‮ ‬لديها‮ ‬اتساع‮ ‬نسبة‮ ‬العازفين‮ ‬عن‮ ‬الانتخابات‮ .. ‬

وبالرغم مما تسوق ضده من سلبيات عن مرشح الحزب الحاكم ، الواحدة منها كفيلة بأن تحرمه من النجاح لو ان الانتخابات تتم في مجتمع ديمقراطي حقيقي اكثر تفاعلا وغزارة في المشاركة في انجاحها.. ومع ان المشهد الجزائري يحتدم من يوم لآخر خاصة بعد التصريحات العنيفة لرئيس اركان الجيش الجزائري والتي تم سحبها بسرعة من مختلف المنصات الاعلامية والتي هدد خلالها باستخدام القوة في مواجهة المعارضين ..، علاوة على تسجيل حالة اشتباك بالايدي تحت قبة البرلمان ..الخ من التفاعلات التي يعج بها الشارع وحتى على صعيد المؤسسات الرسمية التي تشهد وقفات احتجاجية والتي منها تلك الوقفة التي حظيت بتغطية اكبر لموظفي الاعلام الرسمي والتي عبروا خلالها عن رفضهم التام لترشح بوتفليقة لدورة خامسة ، فإن كل ذلك من شأنه ان يجعل من قضية الانتخابات البداية الحقيقية لدخول الجزائر مستنقعا خطيرا..

وخلاصةً.. انه طالما الانتخابات والديمقراطية لايمكن لها في هذا البلد إحداث التغيير المنشود شأنها في ذلك شأن بقية البلدان العربية فإن من الافضل ان يعكف الجميع حاكماً ومعارضة على تطوير التجربة الديمقراطية بكل جوانبها دستوريا ودعم العملية الانتخابية بإصلاحات حقيقية بالاضافة الى اصلاح الاحزاب لنفسها أولاً وأن تعزز من تفاعلاتها الشعبيه والجماهيرية .. وبعد ذلك يمكن لها التحدث عن النظام الديمقراطي بصورة ارقى من اسلوبها الراهن والذي يدعو الى الشفقة عليها لكثر ماتبديه من تخبط وتوهان..خاصة وانها مازالت تصر على الحزب‮ ‬الحاكم‮ ‬بإيجاد‮ ‬مرشح‮ ‬قوي‮ ‬لادارة‮ ‬شئون‮ ‬البلاد‮ ‬وكأن‮ ‬هذا‮ ‬المرشح‮ ‬هو‮ ‬مرشحها‮ ‬الاول‮ ‬لا‮ ‬مرشح‮ ‬الحزب‮ ‬الحاكم‮.‬

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 12:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55308.htm