الميثاق نت -

الإثنين, 04-مارس-2019
إبراهيم‮ ‬ناصر‮ ‬الجرفي‮ ‬ -
بدايةً‮ ‬يجب‮ ‬التمييز‮ ‬بين‮ ‬الأحزاب‮ ‬المدنية‮ ‬والسلمية‮ ‬والحضارية‮ ‬،‮ ‬وبين‮ ‬الأحزاب‮ ‬القمعية‮ ‬والاستبدادية‮ ‬،‮ ‬وكذلك‮ ‬الجماعات‮ ‬الإرهابية‮ ‬والأصولية‮.. ‬
فالأولى هي أحزاب تستخدم الأدوات السلمية والمدنية للتعبير عن آرائها وتوجهاتها وبرامجها ، ومن تلك الأدوات المظاهرات السلمية ، والانتخابات ، والحوار ، والتعبير عن الرأي عبر الصحافة والإذاعة والقنوات التلفزيونية ، وحالياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي من (تويتر ، وفيس بوك ، وواتس أب ، وتليجرام وغيرها) ، لإيصال برامجها وأفكارها ، إلى مجتمعها المحلي ، والى المجتمع الإقليمي والدولي ، وكذلك إقامة المهرجانات الحزبية ، وتعتمد هذه الأحزاب على البرامج الفكرية والسياسية والتنموية ، للحصول على الدعم والتأييد الجماهيري ، وهكذا سلوك سياسي يعتمد على الوسائل السلمية الناعمة ، يعتبر سلوكاً راقياً وحضارياً ومدنياً بكل ما للكلمة من معنى ، كما أن الأحزاب التي تسلك هكذا سلوكيات ، عادةً ما تحظى بالقبول والتأييد الشعبي ، وتحظى بالاحترام والتقدير الاقليمي والدولي..
بينما النوعان الثاني والثالث عادةً ما تستخدم الأدوات الخشنة وغير السلمية وغير المدنية وغير الحضارية وغير الإنسانية للتعبير عن توجهاتها وسياساتها وفرض أفكارها وارائها ، بالعنف والقوة والبطش والتنكيل والاستبداد ، والقتل ..الخ ، وهكذا سلوك سياسي ، يعتمد على الوسائل‮ ‬غير‮ ‬السلمية‮ ‬،‮ ‬يعتبر‮ ‬سلوكاً‮ ‬متخلفاً‮ ‬وغير‮ ‬مدني‮ ‬وغير‮ ‬حضاري‮ ‬كما‮ ‬أن‮ ‬الأحزاب‮ ‬التي‮ ‬تسلك‮ ‬هكذا‮ ‬سلوكيات‮ ‬لا‮ ‬تحظى‮ ‬بالقبول‮ ‬والتأييد‮ ‬الشعبي‮ ‬،‮ ‬ولا‮ ‬تحظى‮ ‬بالاحترام‮ ‬والتقدير‮ ‬الاقليمي‮ ‬والدولي‮..‬
لذلك من الخطأ جداً الاستخفاف بالسلوكيات الحزبية السلمية والمدنية والحضارية ، ومن الخطأ وصف الأحزاب السياسية والمدنية والحضارية بالضعف والوهن ، كما يحلو للبعض إسقاط ذلك التوصيف على السلوكيات المدنية والسلمية ، التي يسلكها حزب المؤتمر الشعبي العام في تعاطيه مع‮ ‬الأحداث‮ ‬والمتغيرات‮ ‬على‮ ‬المشهد‮ ‬السياسي‮ ‬اليمني‮..‬
بل إن الواجب هو تشجيع السلوكيات السلمية والمدنية والحضارية التي ينتهجها حزب المؤتمر في تعاطيه مع المستجدات والمتغيرات السياسية ، كون هكذا سلوكيات تظل نافذة الأمل نحو مستقبل آفضل ، تكون فيه الأدوات السياسية الناعمة هي الأدوات التي يحتكم إليها الجميع ، وينتهجها‮ ‬الجميع‮ ‬،‮ ‬ويحترمها‮ ‬الجميع‮ ‬،‮ ‬مستقبل‮ ‬لا‮ ‬يكون‮ ‬للأدوات‮ ‬السياسية‮ ‬الخشنة‮ ‬والعنيفة‮ ‬مكان‮ ‬فيه‮ ‬،‮ ‬لينعم‮ ‬أبناء‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬مستقبلاً‮ ‬بالأمن‮ ‬والاستقرار‮ ‬والديمقراطية‮ ‬والتداول‮ ‬السلمي‮ ‬للسلطة‮..‬
كما أن على الجميع وخصوصاً من ينتقد سلمية ومدنية حزب المؤتمر ، أن يدركوا جيداً أن الأحزاب القوية والواثقة من برامجها وأفكارها وجماهيرها ، هي فقط من تستخدم الأدوات السلمية والمدنية والحضارية لإدارة صراعاتها السياسية مع الآخر ، بعكس الأحزاب والجماعات الضعيفة وغير الواثقة من برامجها وأفكارها ، والتي لا تحظى بالتأييد الجماهيري ، والتي عادةً ما تلجأ لإستخدام الأدوات غير السلمية ، كالقوة والعنف والقتل والاعتقال والبطش والتنكيل ، لإدارة صراعاتها السياسية مع الآخر ، وللتغطية على عدم امتلاكها للدعم والتأييد الجماهيري‮..‬
وبذلك فإن انتهاج حزب المؤتمر للمنهج السلمي والمدني والحضاري ، لإدارة صراعاته السياسية مع الآخر ، لم ولن يكون يوماً دليل ضعف كما يظن البعض ، بل العكس هو الصحيح فهكذا سلوكيات سلمية ومدنية وحضارية ، كانت وستظل دليلا على قوة وعظمة وشموخ ومدنية وسلمية وحضارية حزب المؤتمر ، ودليلا على ثقته ببرامجه السياسية والتنظيمية ، وأفكاره الراقية القائمة على الوسطية والاعتدال والتوازن في كل الأمور ، والتي تحظى بالقبول والتأييد الجماهيري، تجعله وبدون منافس صاحب الأغلبية الشعبية والجماهيرية في كل الظروف والأحوال..
كما أن على كل الأحزاب والجماعات التي تنتهج في سلوكياتها وفي تعاطيها مع الآخر منهج القوة والعنف والبطش والاستبداد ، أن تدرك جيداً أن الفشل والخسارة هي النهاية المؤكدة لهذا المنهج ولهذه السلوكيات القمعية والعدوانية ، فالقوة تستجلب القوة ، والعنف يستدعي العنف ، فلكل فعل رد فعل ، كما أن الاعتماد على هذا المنهج يولد لدى الجماهير الكبت والكراهية والرفض للأحزاب والجماعات التي تنتهج السلوكيات غير السلمية في تعاطيها مع الشعب ، وتظل الوسائل السلمية هي أفضل وسيلة للاستحواذ على عقول وقلوب الجماهير التي تعشق الحرية والعدالة‮ ‬والمساواة‮ ‬والسلام‮ ‬والتمدن‮ ‬والتحضر‮ ‬والتقدم‮ ‬والتطور‮..‬
قد يظن القائمون على الأحزاب الاستبدادية أن الأساليب غير السلمية وغير المدنية ، من قوة وبطش واستبداد وقمع ، بأنها أساليب ناجعة لتثبيت سلطانهم ، وبأنها أدوات فاعلة لإخضاع الجماهير ، قد يكون ذلك مفيداً ، لكن ليس لوقت طويل ، وقد يكون مفيداً للسيطرة على سلوكيات الجماهير ، لكنه غير مفيد للسيطرة والاستحواذ على قلوبهم وكسب تأييدهم ، كون السيطرة على قلوب الجماهير وكسب تأييدهم لا سبيل إليه إلا عن طريق الإقناع والاقتناع والرضى والقبول ، بالوسائل السلمية والمدنية والحضارية ، وبذلك فإنه بالإمكان إخضاع الجماهير والسيطرة على سلوكياتهم بالقوة والاستبداد والعنف لفترة محدودة ، لكنه من غير الممكن الاستحواذ على قلوبهم ونيل رضاهم وتأييدهم بتلك الوسائل القمعية ، التي تصنع في قلوب الجماهير الرفض والكراهية والكبت ، وصولاً إلى التمرد والانفجار ، ومقابلة العنف بالعنف ، لذلك تظل السلمية‮ ‬والمدنية‮ ‬والحضارية‮ ‬هي‮ ‬أقرب‮ ‬الطرق‮ ‬وأيسرها‮ ‬لكسب‮ ‬قلوب‮ ‬الجماهير‮ ‬ونيل‮ ‬رضاهم‮ ‬وتأييدهم‮..‬
وللذين يهاجمون حزب المؤتمر ويتهمونه بالضعف ، نتيجة عدم امتلاكه لمليشيات مسلحة ، ونتيجة التزامه بالسلمية والمدنية والحضارية في إدارة خلافاته مع الآخرين ، أقول لهم لو أن بقية الأحزاب والجماعات الموجودة على الساحة اليمنية ، كانت مثل حزب المؤتمر لا تمتلك ميليشيات‮ ‬مسلحة‮ ‬،‮ ‬وكانت‮ ‬تمتلك‮ ‬برامج‮ ‬سياسية‮ ‬مدنية‮ ‬وسلمية‮ ‬وحضارية‮ ‬كحزب‮ ‬المؤتمر‮ ‬،‮ ‬هل‮ ‬كنا‮ ‬سوف‮ ‬نصل‮ ‬إلى‮ ‬ما‮ ‬وصلنا‮ ‬إليه‮ ‬اليوم‮ ‬من‮ ‬الحروب‮ ‬والصراعات‮ ‬والعنف‮ ‬والخراب‮ ‬والدمار‮ ..‬؟
هذا السؤال أطرحه فقط لأصحاب العقول الواعية والضمائر الحية ، لعلهم يدركون أهمية سلمية ومدنية وحضارية حزب المؤتمر ، ولعلهم يدركون ايضاً الفوائد العظيمة لذلك على الشعب والوطن ، ويدركون أن في ذلك ميزة لحزب المؤتمر وليس عيباً..
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 11:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55324.htm