الميثاق نت -

الإثنين, 11-مارس-2019
لمياء‮ ‬يحيى‮ ‬الارياني‮ -
يتشارك‮ ‬العالم‮ ‬اليوم‮ ‬الاحتفال‮ ‬باليوم‮ ‬العالمي‮ ‬للمرأة‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬ازماتنا‮ ‬المعاصرة‮ ‬،‮ ‬وتفشي‮ ‬المشكلات‮ ‬المزمنة‮ ‬والإخفاقات‮ ‬المتراكمة‮ ‬والهزائم‮ ‬المتلاحقة‮ ‬في‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬ميدان‮ ‬من‮ ‬ميادين‮ ‬الحياة‮ .‬
ولليمن‮ ‬الحظ‮ ‬الاوفر‮ ‬بأزمات‮ ‬الانسانية‮ ‬بهذه‮ ‬الحرب‮ ‬التي‮ ‬دمرت‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬،‮ ‬وجاءت‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬القطاعات‮ ‬وعلى‮ ‬رأسها‮ ‬قطاع‮ ‬المرأة‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬مقومات‮ ‬التنمية‮ ‬والبناء‮ ‬الذي‮ ‬توقف‮ .‬
واليوم عندما نتحدث عن المرأة اليمنية تحديدا نجد أنها باتت تعاني تعثراً مربكاً وتراجعاً معوقاً، فشلاً وإحباطاً من حيث العلاقة بين قدراتها على المشاركة وبين قضاياها وبرامج التنمية والتحديث أو تلك ذات الصلة بالحرية والعدالة وإنتاج المعرفة ، تقف المرأة اليمنية‮ ‬اليوم‮ ‬امام‮ ‬حزمة‮ ‬من‮ ‬التحديات‮ ‬التي‮ ‬أثرت‮ ‬على‮ ‬أهمية‮ ‬إسهاماتها‮ ‬في‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬تبقى‮ ‬من‮ ‬وطن‮ .‬
ما عادت مفردات الحرب والصراع الذي نعيشه باليمن تفي بالقراءة والتحليل ، فهي ليست سوى مزيج من التناقضات وتسارع الاحداث تستهدف المرأة على وجه الخصوص فهي اليوم أم الشهيد وزوجته وأخته وابنته وهي مع ذلك خارج مسار الحفاظ على وطنها ..حتى دعواتها للسلام تستنكر وتبرر غالبا بمفردات رثة تنصب في نظريات التشكيك والمؤامرة . تواجه المرأة اليمنية إعادة تفريخ لثقافات سلبية تجاهها كنا قد تجاوزنها كنساء يمنيات بكفاح خمسة عقود من الزمن ، وهكذا هي نتاج الحروب في كل العالم تستهدف النساء أولاً .
ومازلنا كنساء نواجه تحديات العصر الذي تفصلنا عنه ممارسات مستهلكة ، وعبثية حرب تحرص على التدمير لا البناء و على العتاقة لا العولمة ، مازلنا نواجه التحديات بأدواتنا المنهكة التي لا تفعل شيئا إلا أن تعيد إنتاج ازماتنا الواحدة تلو الاخرى .
ولكن وحتما أننا كنساء نتحمل مسئولية هذا الواقع ، وذلك لارتباط أوضاعنا الوجودية الداخلية والممارسات التي نصنع بها واقعنا وتقود مصائرنا بقدرتنا على الصمود امام التحديات وإيصال رسالتنا بصوت يقنع ولا يستفز شريكنا الرجل .
المرأة يجب ان تحسن إدارة شؤونها ومأسسة حياتها ومسايسة اختلافها عن الرجل بعقلية مدنية حضارية ، قادرة على مقاومة الاستبعاد والتهميش والإقصاء ، فالمرأة اليمنية من خلال مهاراتها في لغة الحوار وجودة الفعل التنموي واثبات الذات تستطيع أن تعيد انتزاع حق الاعتراف‮ ‬والاحترام‮ ‬والخروج‮ ‬من‮ ‬دائرة‮ ‬الشك‮ ‬بحقها‮ ‬بالتواجد‮ ‬والمشاركة‮ ‬الفاعلة‮ ‬والعدالة‮ ‬في‮ ‬المواطنة‮ ‬من‮ ‬الأساس‮ . ‬
على المرأة اليمنية في زمن الصعاب تتبع جذور المشكلات الكامنة في مرجعيات المعنى وأنماط الرؤية وسلم القيم وقدرات الفهم ، ذلك أن الحقيقة الأكيدة أن أزماتنا وواقعنا كنساء ليست أقدار لنا فقط وإنما هي نتيجة لأفكار وموروث بشكل خاص ، تلك الأفكار التي تتجسد في عقليات‮ ‬ومرجعيات‮ ‬وعقائد‮ ‬وطقوس‮ ‬تهيمن‮ ‬على‮ ‬المشهد‮ ‬اليمني‮ ‬منذ‮ ‬عقود‮ ‬من‮ ‬الزمن‮ ‬وتنتج‮ ‬بالضرورة‮ ‬عوائق‮ ‬ومآزق‮ ‬وأزمات‮ ‬وتعرقل‮ ‬المساعي‮ ‬الوجودية‮ ‬و‮ ‬المشاركة‮ ‬التنموية‮ ‬للمرأة‮ .‬
علينا كنساء ان نطور العناوين والمفاهيم التي تداولناها طوال عقود من الزمن حول التقدم والحرية والحداثة والتنمية والمشاركة، وأن نبتكر صيغ ونظريات جديدة تتعدى النطاق التقليدي وتخلق مجالا تداوليا على ساحة الفكرالانتاجي المثمر، علينا كنساء ان نترك الفكرة الحية‮ ‬تتطور‮ ‬في‮ ‬أتون‮ ‬التجربة‮ ‬والمعاناة‮ ‬لكي‮ ‬تسهم‮ ‬في‮ ‬إحداث‮ ‬التغيير‮ ‬لمستوى‮ ‬مشاركة‮ ‬المرأة‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬مناحي‮ ‬الحياة‮ .‬
باعتقادي أننا إذا كنا كنساء جادات في رغبتنا بتجاوز أعاصير الأزمات هذه ، علينا أن نغير من مهمة تواجدنا وأدوات معرفتنا بما يتفاعل إيجابا مع كل مفردات حياتنا ، علينا أن نتوقف عن التفكير الذي يمكنا من حصد المزيد من الهزائم وينصب لمستقبلنا الفخاخ والكمائن .علينا‮ ‬أن‮ ‬ننتقد‮ ‬أنفسنا‮ ‬بعقلانية‮ ‬خاصة‮ ‬حول‮ ‬مواجهتنا‮ ‬للتحولات‮ ‬والمتغيرات‮ ‬المختلفة‮ . ‬
الأمر يحتاج فكريا إلى تفكيك المشهد النسوي وإعادة تركيب الصورة من جديد بمهمة وجودية متغيرة وأدوات فكرية متغيرة ، الأمر يحتاج إلى تجريب مفهوم المواطنة المتساوية الذي يتقن لغة العدالة والإنصاف والحوار والتواصل منعا للإقصاء والاستبداد والتهميش للمختلف والذي مورس‮ ‬ضد‮ ‬المرأة‮ ‬زمنا‮ ‬طويلا‮ .‬
الأمر‮ ‬بحاجة‮ ‬إلى‮ ‬توسيع‮ ‬مساحات‮ ‬الحرية‮ ‬وهامش‮ ‬الاختيار‮ ‬حتى‮ ‬تكون‮ ‬ممارسة‮ ‬الحقوق‮ ‬أقل‮ ‬كلفة‮ ‬ووطأة‮ ‬وبحاجة‮ ‬اكبر‮ ‬إلى‮ ‬تغليب‮ ‬العلاقات‮ ‬الافقية‮ ‬والتبادلية‮ ‬على‮ ‬الأوامر‮ ‬العمودية‮ ‬والبيروقراطية‮ ..‬
على الرجل أن يعي أن سياسة انتزاع الحقوق يجب إلا تنظر إلى الآخر على أنه الجحيم وبالمقابل ليس بالضرورة أن الشبية هو دوما الفردوس ، لذا علينا إتقان لغة الشراكة والمداولة مع الغير في عصر الاعتماد والتأثير المتبادل لأن المسئولية أصبحت متبادلة في صناعة الحياة وإدارة‮ ‬المصائر‮ ‬رضينا‮ ‬أم‮ ‬أبينا‮ .‬
وخلاصة‮ ‬القول‮ ‬أن‮ ‬منطق‮ ‬مشاركة‮ ‬المرأة‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬مناحي‮ ‬الحياة‮ ‬يصحح‮ ‬علاقتنا‮ ‬بالذات‮ ‬والآخر‮ ‬وبالتالي‮ ‬يغير‮ ‬علاقتنا‮ ‬وتفاعلنا‮ ‬مع‮ ‬الفكر‮ ‬والحقيقة‮ ‬والواقع‮ ‬والعالم‮ .‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 11:49 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55369.htm