الميثاق نت -

الإثنين, 01-أبريل-2019
‮ ‬إبراهيم‮ ‬ناصر‮ ‬الجرفي‮ ‬ -
بدايةً من المعلوم أن المؤتمر الشعبي العام ، تأسس في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي ، برعاية المؤسس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح ، وكان حينها رئيساً للجمهورية العربية اليمنية ، قبل الوحدة ، ونشأ المؤتمر على قيم ومبادئ الوسطية الدينية والفكرية والسياسية‮ ‬،‮ ‬وبهذا‮ ‬النهج‮ ‬الوسطي‮ ‬،‮ ‬ابتعد‮ ‬المؤتمر‮ ‬كثيراً‮ ‬عن‮ ‬الأفكار‮ ‬اليسارية‮ ‬اللادينية‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬نفس‮ ‬الوقت‮ ‬ابتعد‮ ‬عن‮ ‬الأفكار‮ ‬اليمينية‮ ‬الدينية‮ ‬المتطرفة‮ ‬والمتشددة‮ ..‬
ونظراً لأن مؤسس المؤتمر كان رئيساً للجمهورية ، فإن هذا الحزب قد ترعرع في أحضان السلطة ، وكان لذلك الكثير من المردودات السلبية عليه ، حيث إلتف حوله أصحاب المصالح ، وأصحاب النفوذ ، وأصحاب الشرائح المتعددة ، بحثاً عن مصالحهم ، وبحثاً عن الاحتفاظ بنفوذهم ، وبحثاً‮ ‬عن‮ ‬الجاه‮ ‬والسلطان‮ ‬،‮ ‬بمعنى‮ ‬أن‮ ‬انتماءهم‮ ‬للمؤتمر‮ ‬كان‮ ‬انتماءً‮ ‬مصلحياً‮ ‬ونفعياً‮ ‬ومادياً‮ ‬وسلطوياً‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يكن‮ ‬انتماءً‮ ‬مؤسسياً‮ ‬،‮ ‬وعقائدياً‮ ‬،‮ ‬وفكرياً‮ ..‬
ورغم الزخم الكبير الذي ساهمت به السلطة ، في مسيرة المؤتمر ، خلال فترة حكمه الممتدة لثلاثة وثلاثين عام ، إلا أن الكثير من المراقبين كانوا يتوقعون بأن عقد المؤتمر سوف ينفرط ، بمجرد خروجه من السلطة ، أو بمجرد رحيل مؤسسه الزعيم الشهيد الصالح ، لأن المؤتمر من وجهة‮ ‬نظرهم‮ ‬،‮ ‬هو‮ ‬حزب‮ ‬سلطة‮ ‬،‮ ‬وفي‮ ‬أحسن‮ ‬الأحوال‮ ‬حزب‮ ‬شخصي‮ ‬،‮ ‬وبمجرد‮ ‬فقدانه‮ ‬للسلطة‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬رحيل‮ ‬شخص‮ ‬مؤسسه‮ ‬،‮ ‬سوف‮ ‬ينفرط‮ ‬عقده‮ ‬،‮ ‬ويتلاشى‮ ‬وجوده‮ ..‬
وفي حقيقة الأمر تحليلاتهم لم تذهب بعيداً ، فهذا هو حال أحزاب السلطة ، وحال أحزاب الأشخاص ، لكن الذي لم يدخل ضمن حساباتهم ، بأن هناك جيلاً كاملاً من كوادر وأعضاء حزب المؤتمر ، والذين يمثلون القاعدة الشعبية لهذا الحزب ، قد تربوا ونشأوا على منهجيته الفكرية والسياسية الوسطية ، والتحقوا بركاب مسيرته الخالدة والرائدة ، وبداخلهم قناعات تطاول الجبال ، بصوابية المنهج ، وعدالة القضية ، ورقي الفكر ، وسمو الأهداف والغايات ، التي ينشدها حزبهم الوطني الوسطي الرائد ، كيف لا ، وهو يحمل مشروعاً وطنياً ، عروبياً ، سلمياً ، حضارياً‮ ‬،‮ ‬جاء‮ ‬كخلاصة‮ ‬للفكر‮ ‬اليمني‮ ‬،‮ ‬وللتجربة‮ ‬الحضارية‮ ‬لشعب‮ ‬عريق‮ ‬وأصيل‮ ‬،‮ ‬فالحضارة‮ ‬،‮ ‬والسمو‮ ‬،‮ ‬والعزة‮ ‬،‮ ‬والكرامة‮ ‬،‮ ‬والشموخ‮ ‬،‮ ‬تجري‮ ‬في‮ ‬عروق‮ ‬أبنائه‮ ..‬
ولم يكن في حسابات المراقبين أيضاً ، أن هذا الجيل المؤتمري ، قد أضحت منهجية المؤتمر الفكرية والسياسية ، منهج حياة بالنسبة لهم ، يرون العالم من خلاله ، ويتعاملون مع الآخر من خلاله ، ويتعاملون مع كل المتغيرات والمستجدات من خلاله ، وقد أضحى مؤسس الحزب الزعيم الشهيد الصالح ، بالنسبة لهم رمزاً من رموز الوطن ، وعلماً من أعلام العزة والكرامة والسيادة ، ورائداً من رواد النهضة والتقدم والتطور ، وقائداً عظيماً خلد أسمه في أنصع صفحات التاريخ ، بمنجزاته العملاقة ، ومآثره الخالدة ، وحبه الكبير والصادق لشعبه ، وانتمائه العميق‮ ‬لحضارته‮ ‬،‮ ‬وارتباطه‮ ‬الوثيق‮ ‬بدينه‮ ‬وعروبته‮ ‬،‮ ‬وبكل‮ ‬شيء‮ ‬جميل‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الوطن‮ ..‬
وبالفعل وبحسب توقعات المراقبين ، فقد تعرضت سفينة المؤتمر ، للعواصف العاتية والقاسية ، بعد خروجه من السلطة بشكل جزئي بعد نكبة فبراير 2011 م ، وبشكل نهائي بعد سبتمبر 2014 م ، ولكنها تجاوزتها ، رغم أن الكثير من أصحاب المصالح ، وأصحاب النفوذ ، وأصحاب الشرائح المتعددة ، خلال تلك العواصف ، قد قفزوا من فوق سفينة المؤتمر ، بحثاً عن مصالحهم ، وحفاظاً على نفوذهم ، فهذا هو ديدينهم ، وهذا هو منهجهم ، أينما كانت المصالح ذهبوا بعدها ، فالبحث عن المال ، والسلطة ، والنفوذ ، هو هدفهم الوحيد في هذه الحياة ..
وفي الرابع من ديسمبر ، أبى الأحرار من قيادات المؤتمر ، وعلى رأسهم الشهيد الزعيم الصالح ، والأمين العام الشهيد عارف الزوكا ، إلا نيل الشهادة ، والالتحاق بركب العظماء والأحرار والشهداء ، وكانت تلك الصدمة القاسية ، والعاصفة العاتية ، التي كانت كفيلة بإغراق سفينة‮ ‬المؤتمر‮ ‬،‮ ‬كون‮ ‬المؤامرات‮ ‬الكثيرة‮ ‬عليها‮ ‬،‮ ‬كانت‮ ‬كفيلة‮ ‬بإغراق‮ ‬أي‮ ‬سفينة‮ ..‬
وبالفعل ظن أصحاب المشاريع الصغيرة ، وأصحاب المشاريع المستوردة ، ومن يقف خلفهم ، أن المؤتمر في طريقه نحو الانفراط والتلاشي ، وكل طرف بدأ يعد العدة ، لأخذ نصيبه من تركة المؤتمر ، وبدأ كل طرف يحد شفرات سكاكينه لينهش في جسده المنهك والمثقل بالجراح ، والموجع لفراق‮ ‬قائده‮ ‬وزعيمه‮ ‬،‮ ‬وبدأ‮ ‬كل‮ ‬طرف‮ ‬وبكل‮ ‬مكر‮ ‬وحقد‮ ‬يرمق‮ ‬سفينة‮ ‬المؤتمر‮ ‬،‮ ‬والعواصف‮ ‬العاتية‮ ‬تضربها‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬مكان‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬انتظار‮ ‬لحظة‮ ‬غرقها‮ ..‬
وكانت تلك هي اللحظة الحاسمة ، والمفاجأة السعيدة ، لأن سفينة المؤتمر لم تغرق بفضل الله تعالى ، ثم بفضل القاعدة الشعبية الوفية لهذا الحزب ، والذي غرق هو من كان لا يزال راكباً فوق سفينة المؤتمر من أصحاب المصالح والنفوذ والشرائح المتعددة ، حيث غرقوا في بحر التآمر والخيانة ، ليتبقى فوق سفينة المؤتمر فقط الشرفاء والأحرار من قيادات وكوادر وأعضاء المؤتمر ، ورغم تساقط كل تلك القيادات ، إلا أن القاعدة الشعبية الصلبة لحزب المؤتمر ، وغالبيتها من أوساط المواطنين البسطاء ، صمدت في وجه العواصف والمؤامرات ، لتتجاوز سفينة المؤتمر‮ ‬كل‮ ‬ذلك‮ ‬،‮ ‬رغم‮ ‬الأضرار‮ ‬التي‮ ‬لحقت‮ ‬بها‮ ..‬
وها هم الشرفاء ممن صمدوا من قيادات وأعضاء المؤتمر الأحرار ، يصلحون ما أفسد الدهر ، ويرممون سفينتهم ، ويعيدون ترتيب صفوفهم ، استعداداً للإبحار بسفينتهم وسفينة الوطن نحو مرافئ الأمان ، متحدين كل الصعاب والمحن ، آخذين العظة والعبرة من الدروس القاسية التي تلقوها‮ ‬مؤخراً‮ ..‬
ختاماً .. أطمئن كل الأحرار والشرفاء من أعضاء وكوادر المؤتمر ، القاعدة الشعبية الصلبة ، التي تحطمت عليها كل المؤامرات ، وواجهت كل العواصف بكل جدارة وقوة ، وكانت ولا تزال وستظل الدرع الكفيل بحماية سفينة المؤتمر في كل الظروف والأحوال ، أطمئنكم جميعاً ، حزبكم اليوم أقوى من أي وقتٍ مضى ، كيف لا وهو يستمد القوة منكم ، وحزب يمتلك قاعدة شعبية عريضة ، يتزاحم بين صفوفها الأحرار والشرفاء أمثالكم ، لن ينفرط عقده ، ولن تغرق سفينته بإذن الله ، كما أطمنكم بأن سفينة حزبكم لم يتبقى فوقها سوى الشرفاء والأحرار ، ولن يعتليها في قادم الأيام سوى الأحرار والشرفاء ، وكل ما عليكم هو أن ترفعوا رؤوسكم عالياً ، وتفتخروا بحزبكم الوطني الرائد ، وعليكم الاستمرار في تحمل مسئولياتكم الوطنية والأخلاقية تجاه ربكم ، وشعبكم ، ووطنكم ، وأمتكم ، وتاريخكم ، وحضارتكم ، وإنسانيتكم ، وعليكم أن تتسلحوا‮ ‬بالصبر‮ ‬والمثابرة‮ ‬والطموح‮ ‬وحب‮ ‬الوطن‮ ..‬
طبعاً‮ ‬ما‮ ‬أكتبه‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬وحي‮ ‬الخيال‮ ‬،‮ ‬ولا‮ ‬مجرد‮ ‬أماني‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬هو‮ ‬نتاج‮ ‬ما‮ ‬أقرأه‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬استطلاعي‮ ‬للرأي‮ ‬العام‮ ‬،‮ ‬ومن‮ ‬خلال‮ ‬مشاهدتي‮ ‬لحالة‮ ‬الإلتفاف‮ ‬الجماهيري‮ ‬حول‮ ‬المؤتمر‮ .‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 03:35 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55496.htm