الميثاق نت -

الإثنين, 08-أبريل-2019
إبراهيم‮ ‬ناصر‮ ‬الجرفي‮ ‬ -
بصراحة من يتابع المشهد السياسي اليمني ، ويتابع بالذات السياسيين ، والصحفيين ، والإعلاميين ، يصاب بالدهشة والذهول ، وهو يشاهدهم وهم يهاجمون خصومهم السياسيين بشكل مبتذل ورخيص ، ويتهمونهم بأبشع الجرائم ، ويلفقون لهم أفظع المنكرات ، بدون خجل أو حياء ، وهذا هو الفجور‮ ‬في‮ ‬الخصومة‮ ‬،‮ ‬المنهي‮ ‬عنه‮ ‬في‮ ‬الإسلام‮ ‬،‮ ‬وهذا‮ ‬هو‮ ‬العمل‮ ‬السياسي‮ ‬والإعلامي‮ ‬السلبي‮ ‬،‮ ‬المخالف‮ ‬للقيم‮ ‬الدينية‮ ‬والأخلاقية‮ ‬،‮ ‬والمخالف‮ ‬لعادات‮ ‬وتقاليد‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮..‬

والغريب في الأمر أن هؤلاء السياسيين والإعلاميين والصحفيين ، في فترة زمنية سابقة ، كنا نشاهدهم وهم يمدحون ويسبّحون بحمد من يهاجمونهم اليوم ، وبمجرد حدوث اختلاف ، أو خصام ، أو فقدان مصلحة ، يتناسون المعروف فيما بينهم ، ويتنكرون لكلامهم السابق ، وهكذا تتبدل المواقف‮ ‬بحسب‮ ‬المصلحة‮ ‬،‮ ‬لتصبح‮ ‬المصالح‮ ‬هي‮ ‬الحاكمة‮ ‬لمواقفهم‮ ‬،‮ ‬ضاربين‮ ‬بكل‮ ‬المبادئ‮ ‬والقيم‮ ‬والأخلاق‮ ‬عرض‮ ‬الحائط‮..‬

والعجيب في الموضوع أنهم يستغلون الوطن والوطنية ، وسيلة سواء للمدح أو للقدح ، فمن يتوافق مع مصالحهم ، يمنحوه كل أوسمة الوطنية ، وكل نياشين البطولة ، حتى وإن كان أكبر خائن وأكبر عميل ، ومن يختلف معهم ، يقدحوه بأبشع صور الخيانة والعمالة ، حتى وإن كان للوطنية عنواناً ، وللشهامة والوفاء رمزاً ، وكل ذلك هو الناتج الطبيعي للفجور في الخصومة ، وهذا التطور الخطير والسلبي في العمل السياسي والإعلامي والصحفي ، هو بسبب دخول ضعفاء النفوس وأصحاب الأهواء والمصالح ، ورواد الأطماع المادية والسلطوية ، في هذه الميادين ، فأفرغوها‮ ‬من‮ ‬محتوياتها‮ ‬الهادفة‮ ‬،‮ ‬وأفرغوها‮ ‬من‮ ‬المبادئ‮ ‬والقيم‮ ‬والأخلاقيات‮ ‬الإيجابية‮ ‬،‮ ‬واستبدلوها‮ ‬بالمبادئ‮ ‬النفعية‮ ‬والمادية‮ ‬،‮ ‬وبالقيم‮ ‬السلبية‮ ‬والسوقية‮ ‬والمصلحية‮ ‬،‮ ‬وبالسلوكيات‮ ‬الهدامة‮ ..‬

وبذلك تبدلت معايير الخصومة السياسية ، ففي السابق كان الخصوم السياسيون يلتزمون بمعايير أخلاقية لها حدودها ، ولها ضوابطها ، لا يمكن أن يتجاوزوها مهما وصلت درجة الاختلاف والخصومة فيما بينهم ، لأنهم كانوا رجالاً شرفاء وأحراراً ، يتخاصمون بشرف ، ويعادون بشرف ، وحتى‮ ‬يتقاتلون‮ ‬بشرف‮ .. ‬

ومن أمثلة ذلك عدم الخوض في الشرف والعرض والسمعة ، كون ذلك الأمر يهم الجميع ، وهو عرض الجميع ، وسمعة الجميع ، وشرف الجميع ، بل إن مثل هذه القضايا كانت تجمعهم ، وكانوا يقفون صفاً واحداً ، لمعالجتها بصورة صحيحة ، ووأدها ودفنها ، بعيداً عن الإعلام والتشهير ، ولا‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬يسمحوا‮ ‬لأنفسهم‮ ‬باستغلالها‮ ‬إعلامياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬،‮ ‬لتحقيق‮ ‬مآرب‮ ‬دنيوية‮ ‬وسياسية‮ ‬،‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬السمعة‮ ‬والعرض‮ ‬والشرف‮ ‬المجتمعي‮ ‬،‮ ‬لأن‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬مخالفة‮ ‬صريحة‮ ‬للشرع‮ ‬الإسلامي‮ ..‬

فالتشهير الإعلامي فيما يخص الأعراض ، يندرج ضمن إشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم ، فالذي يسعى للتشهير الإعلامي فيما يخص الأعراض ، هو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ، فهل يحب أحد أن يضع نفسه في هذا الموضع ، ويكون من هذا الصنف من الناس ..

قال‮ ‬تعالى‮ :- (( ‬إن‮ ‬الذين‮ ‬يحبون‮ ‬أن‮ ‬تشيع‮ ‬الفاحشة‮ ‬في‮ ‬الذين‮ ‬آمنوا‮ ‬لهم‮ ‬عذابٌ‮ ‬أليمٌ‮ ‬في‮ ‬الدنيا‮ ‬والآخرة‮ )) ..‬

خصوصاً إذا كانت تلك القضايا الأخلاقية منظورة أمام القضاء ، وفي حال ثبوت القضية بالأدلة والبراهين الشرعية والعقلية ، يجب معاقبة ومحاسبة المتهمين ، ويجب أن ينالوا جزاءهم الرادع وفق الشرع ، فنحن نعيش في مجتمع مسلم ، وعلينا أن نلتزم بالتشريعات الإسلامية ، من جميع‮ ‬الجوانب‮ ‬،‮ ‬فإذا‮ ‬كان‮ ‬الشرع‮ ‬الإسلامي‮ ‬قد‮ ‬وضع‮ ‬العقوبات‮ ‬والحدود‮ ‬،‮ ‬فإنه‮ ‬قد‮ ‬وضع‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬الضوابط‮ ‬والشروط‮ ‬،‮ ‬لتطبيق‮ ‬تلك‮ ‬الحدود‮ ‬،‮ ‬حرصاً‮ ‬منه‮ ‬على‮ ‬تحقيق‮ ‬العدالة‮ ‬،‮ ‬واجتناب‮ ‬الظلم‮ ‬،‮ ‬والظن‮ ‬السيئ‮ ..‬

والشرع الإسلامي الذي وضع الحدود والعقوبات ، وحرَّم الاغتصاب والزنا والسرقة ، وغيرها من الجرائم ، هو نفس الشرع الذي نهى عن إشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم ، فما بالنا بمن يسعى اليوم لنشر الإشاعات عبر وسائل الإعلام ، قبل التحقق من تلك القضايا ، وقبل التأكد من اكتمال أركانها ، فعلى سبيل المثال ما تروج له بعض وسائل الإعلام من ضبط خلايا مخلة بالآداب ، لتأتي وسائل إعلام أخرى تقول بأن مثل هذه القضايا مفتعلة ومخططة لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية ، والدليل على ذلك هو الترويج الإعلامي الكبير لها ، بهدف استغلالها سياسياً‮ ‬وإعلامياً‮ ‬،‮ ‬وأطراف‮ ‬أخرى‮ ‬تتساءل‮ ‬لماذا‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬التوقيت‮ ‬بالذات‮ ‬تم‮ ‬افتعال‮ ‬وتضخيم‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬القضايا‮ ‬المسيئة‮ ‬لسمعة‮ ‬المجتمع‮ ‬اليمني‮ ‬المحافظ‮ ..‬؟‮ ‬

بالنسبة لنا كبشر وكمسلمين ، خلق الله تعالى لنا عقولاً ، ووضع لنا تشريعات وضوابط وأحكاماً لكل شيء في هذه الحياة ، وأمرنا بعدم التسرع في اتخاذ المواقف تجاه أي حادثة أو جريمة ، حتى تتضح الصورة وتأخذ العدالة مجراها ، فإن ثبتت الإدانة بالأدلة الشرعية القاطعة ، فإن‮ ‬موقفنا‮ ‬هو‮ ‬وجوب‮ ‬تنفيذ‮ ‬العقوبة‮ ‬على‮ ‬الضالغين‮ ‬في‮ ‬تلك‮ ‬القضايا‮ ‬،‮ ‬وإن‮ ‬كان‮ ‬العكس‮ ‬فكفى‮ ‬الله‮ ‬المؤمنين‮ ‬شر‮ ‬القتال‮ ..‬

وبذلك فإننا لن نستبق الأحداث ، ولن نتسرع في إصدار الأحكام ، ولن نقبل أبداً بأن يستغل أي طرف سمعة النساء اليمنيات الماجدات ، لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية ، ولن نقبل أو نسمح لكائن من كان بالتطاول أو الاعتداء على المرأة اليمنية العفيفة الشريفة الطاهرة ، وكل من‮ ‬تسول‮ ‬له‮ ‬نفسه‮ ‬القيام‮ ‬بذلك‮ ‬،‮ ‬سوف‮ ‬يدفع‮ ‬الثمن‮ ‬غالياً‮ ‬يكون‮ ‬من‮ ‬كان‮ ‬عاجلاً‮ ‬أم‮ ‬آجلاً‮ ‬،‮ ‬وفق‮ ‬الوعيد‮ ‬الرباني‮ ‬الوارد‮ ‬في‮ ‬الآية‮ ‬القرآنية‮ ‬السابقة‮ ..‬

وفي كل الأحوال ستظل مواقفنا السياسية مواقف وطنية وعقلانية ، ثابتة وراسخة وواضحة وصريحة ، لن تتغير أو تتبدل لمجرد حدوث حادثة هنا أو هناك ، ولن تتأثر بالعواطف والانفعالات الوقتية والآنية ، فالقضية قضية وطن ، وسيادة وطن ، ولن نسمح لأحد باستغلال مواقفنا ومشاعرنا وحبنا الكبير لوطننا ، لتحقيق مصالحه السياسية ، ونرفض أشد الرفض استغلال أي طرف لسمعة وشرف وكرامة المرأة اليمنية الطاهرة الشريفة ، لتحقيق مصالح سياسية أو مكاسب سلطوية ، فسمعة وشرف وكرامة حفيدات بلقيس الطاهرات الشريفات العفيفات ، أغلى من السلطة ، وأغلى من كل‮ ‬المصالح‮ ‬،‮ ‬وعلى‮ ‬جميع‮ ‬الأطراف‮ ‬أن‮ ‬يدعوا‮ ‬المرأة‮ ‬اليمنية‮ ‬وشأنها‮ ‬معززة‮ ‬مكرمة‮ ‬،‮ ‬وأن‮ ‬يديروا‮ ‬حروبهم‮ ‬ومعاركهم‮ ‬بشرف‮ ‬في‮ ‬ميادين‮ ‬المعارك‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬أعراض‮ ‬الناس‮ ‬،‮ ‬وبعيداً‮ ‬عن‮ ‬سمعة‮ ‬وكرامة‮ ‬المرأة‮ ‬اليمنية‮ ..‬

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 12:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55541.htm