الميثاق نت -

الإثنين, 07-أكتوبر-2019
استطلاع / عبدالرحمن الشيباني : -
أدى العدوان على اليمن منذ خمس سنوات الى تردي الأوضاع وتدهورها بشكل كبير طال كل القطاعات والمؤسسات الحكومية في بلادنا ولعل التعليم أحد هذه القطاعات التي تعاني من تدهور كبير انعكس على مستوى التحصيل العلمي لدى الطالب الذي يرى الكثير من التربويين أنه شهد تراجعاً‮ ‬كبيراً‮ ‬لعدة‮ ‬أسباب‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬مقدم‮ ‬العدوان‮ ‬الذي‮ ‬ألحق‮ ‬الضرر‮ ‬البالغ‮ ‬في‮ ‬البنى‮ ‬التحتية‮ ‬ناهيك‮ ‬عن‮ ‬الآثار‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والنفسية‮ ‬الناجمة‮ ‬عن‮ ‬ذلك‮.‬

أعمال‮ ‬أخرى
لقد أدى ذلك الى أن يفقد المعلم راتبه الذي يعتمد عليه بشكل رئيسي في معيشته وهو الأمر الذي أدى الى توجيه ضربة موجعة للعملية التعليمية في بلادنا فالمعلم هو حجر الزاوية في عملية القيادة التعليمية للسير بها الى شاطئ الأمان اضافة الى المتطلبات المعيشية الأخرى التي لم يجد الأخير خيارات أخرى سوى امتهان أعمال أخرى لا تتناسب مع قدرات البعض منهم، ولا يقتصر الأمر على ذلك فهناك مشكلة أخرى تواجه التعليم في بلادنا هي عدم توافر الكتاب المدرسي في المدارس الحكومية مقارنة بالمدارس الأهلية التي يستلم فيها الطالب المنهج مباشرة فور‮ ‬التسجيل‮ ‬والتي‮ ‬انتشرت‮ ‬هـذه‮ ‬المدارس‮ ‬كالفطر‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬شهد‮ ‬التعليم‮ ‬الحكومي‮ ‬تراجعاً‮ ‬كبيراً‮ ‬والذي‮ ‬جعل‮ ‬البعض‮ ‬من‮ ‬أولياء‮ ‬الأمور‮ ‬يسجلون‮ ‬أبناءهم‮ ‬في‮ ‬المدارس‮ ‬الخاصة‮.‬

حل‮ ‬ولكن
وزارة التربية والتعليم في سعيها لتفادي هذه المشكلة ولو بالحد الأدنى قامت بإنزال المنهج الكترونياً على موقعها الالكتروني لكن هذه الطريقة يراها الكثيرون غير مجدية لأن الغالبية العظمى لا يمتلكون أجهزة ذكية مقارنة بالكتاب الذي لاحل بدونه بسبب ارتباطه بالانسان وحواسه كالسمع والنظر واللمس والتنقل به من مكان لآخر.. الخ، لقد أدى تأخر وصول الكتاب المدرسي الى الطلاب للبحث عنه في أماكن أخرى كالأرصفة والسوق السوداء التي انتعشت في الآونة الأخيرة ومع كل عام دراسي جديد هناك من يستغل الحاجة الملحة للكتاب المدرسي للمتاجرة بمستقبل الأجيال ولسبب بسيط هو الكسب غير المشروع واللاأخلاقي حيث تباع هذه المناهج بأثمان باهظة تفوق قدرة المواطن البسيط اضافة الى كل ذلك هناك مطابع وآلات تصوير تنشط بشكل كبير وتتخذ من الدكاكين والمحلات البعيدة في الحارات لطباعة وتصوير الكتب المدرسية دون مراعاة‮ ‬المعايير‮ ‬الفنية‮ ‬والمواصفات‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬المفترض‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬عليها‮ ‬الكتاب‮ ‬المدرسي‮ ‬مستغلة‮ ‬بذلك‮ ‬ضعف‮ ‬الرقابة‮ ‬والتهافت‮ ‬من‮ ‬أولياء‮ ‬الأمور‮ ‬على‮ ‬شرائه‮ ‬والذي‮ ‬يصل‮ ‬سعر‮ ‬الكتاب‮ ‬الواحد‮ ‬الى‮ ‬500‮ ‬ريال‮.‬

تسريب‮ ‬المنهج
التقت الصحيفة بالعديد من بائعي الكتب الذين رفضوا الحديث للصحيفة إلا أن أحدهم وبعد إلحاح مني طالباً عدم ذكر اسمه أكد للمحرر أن هناك من يقوم بتسريب الكتب المدرسية بكميات كبيرة وتسليمها لأشخاص يقومون ببيعها في الأرصفة بهدف خلق سوق سوداء للمنهج المدرسي والبعض من‮ ‬هذه‮ ‬الكتب‮ ‬حسب‮ ‬قوله‮ ‬يذهب‮ ‬لأصحاب‮ ‬مكتبات‮ ‬معينة‮ ‬حيث‮ ‬يباع‮ ‬الكتاب‮ ‬الواحد‮ ‬بـ900‮ ‬ريال‮ ‬مبدياً‮ ‬استغرابه‮ ‬كون‮ ‬هؤلاء‮ ‬يعمل‮ ‬البعض‮ ‬منهم‮ ‬في‮ ‬الحقل‮ ‬التربوي‮.‬

المتاجرة‮ ‬بالتعليم
المواطن محمد صالح علي يؤكد أن التعليم في بلادنا أصبح تجارة وأصبح المواطن بين فكي الظروف الاقتصادية ومتطلبات الأبناء المدرسية ليأتي عدم توافر الكتب ليزيد الطين بلة، ويضيف: جئت لشراء بعض الكتب لأنني لا استطيع شراءها كاملاً اشتريت البعض منها والأخرى قالوا لي تعال غداً وهناك كتب مدرسية مصورة وليست واضحة خصوصاً كتب المراحل الدراسية الأولى التي فيها صور المنهج كامل يتجاوز الـ6000 ريال، ويضيف متسائلاً: طيب اذا كان هناك مواطن عنده خمسة أولاد أو 7 أولاد ماذا يفعل؟
وجدي الاشموري التقيناه بجانب أحد بائعي أرصفة الكتب والذي قال لمحرر إنه جاء لمعرفة أسعار الكتب فقط وليس للشراء لأنها بحسب ما يقول »غالية قوي« مضيفاً: المدرسة لم تسلم لنا كتباً وقالت لنا اذهبوا اشتروا من التحرير وما في معنا فلوس الآن نشتي ندرس ونطلب من الحكومة‮ ‬توفر‮ ‬لنا‮ ‬الكتب‮.‬

تساولات‮ ‬مشروعة
محمد عبدالرحمن علي لا يستطيع الاجابة عن السؤال المتكرر من ابنته بشأن الكتب وهي في أولى مراحلها الدراسية حقيبتها المدرسية بداخلها دفاتر وأقلام فقط بدون كتب وحتى هذه اللحظة لم يعطها جواباً شافياً لتساؤلاتها اليومية بشأن الكتب منتظراً توزيع الكتب في مدرستها التي رأى الأخير أن الأمر طال وكان الى الآن يلبي نداءها من خلال البحث عن الكتب في الأرصفة بالرغم من الحال الصعبة التي يمر بها يقول محمد: عدم وجود كتب للأولاد أصبح مشكلة وكل يوم ابنتي تسألني عن الكتب بحيث أصبح الأمر بالنسبة لي محرجاً أتيت هذا اليوم لأشتري الكتب بعد أن يئست من توزيع الكتب في مدرستها طبعاً الكتاب المصور يختلف عن الكتاب الحكومي فالمصور فيه الكثير من الاخطاء ونقص في الصفحات ومقلوبة في بعض الأحيان والتصوير رديئ جداً لا أريد أن تحس ابنتي وهي أولى ابتدائي بما نحس به نحن الكبار لذلك جئت لأشتري لها الكتب‮ ‬وكما‮ ‬قال‮ ‬لي‮ ‬البائع‮ ‬بـ2500‮ ‬ريال‮.‬

ضعف‮ ‬التحصيل
الاستاذ والتربوي القدير ناجي علي الدحان يقول إن تأخر الكتاب المدرسي يبعث لدى الطالب والمعلم الشعور بالاحباط فالمعلم يريد أن يرسم خطته الفصلية واليومية من أجل أن يتوافق مع الأيام الدراسية والطالب أيضاً يشعر بالاحباط حيث يضعف مستواه العلمي.. ويضيف الاستاذ الدحان: نحن نمر بظروف استثنائية وهناك عدوان غاشم على بلادنا لا يفرق بين البشر والحجر وفي ظل أمم متحدة ومنظمات حقوق إنسان لا تعير الانسان والطالب اليمني أي اهتمام، لذلك نأمل من وزارة التربية والتعليم أن تبذل أقصى طاقاتها في ايجاد الكتاب المدرسي وفي الوقت المناسب وبذلك نحقق كلمة الرئيس الراحل صالح الصماد حين رفع شعاره المعروف »يد تبني.. ويد تحمي« ويكون عاماً دراسياً يحصل التلاميذ فيه على تحصيل علمي جيد فأبناؤنا أمانة في اعناقنا نريد لهم الخير وان يرتقي بهم الوطن.

امكانات‮ ‬شحيحة
الاستاذ همدان الشامي -مدير المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي- يعزو عدم وصول الكتاب المدرسي حتى الآن لشحة الامكانات وظروف البلد الاستثنائية داعياً أولياء الأمور الى عدم الاستعجال في شراء الكتاب من الأرصفة لأن ذلك حسب قوله يخلق سوق سوداء وأن الكتاب سوف يشحن قريباً لجميع المدارس إن لم يكن قد بدأ بالفعل.. حيث يقول الشامي في هذا الأمر: الحقيقة أنني تحدثت بهذا الموضوع كثيراً حيث نعاني في المطابع من مشاكل كثيرة بفعل العدوان الغاشم على بلادنا حيث لا توجد لدينا ميزانية تشغيلية في المؤسسة لذلك نقوم بطباعة الكتاب المدرسي للمدارس الأهلية حتى نحصل على العائد المالي »نقدي« لكي يتم بها تشغيل مطابع الكتاب المدرسي والتي تطبع للمدارس الحكومية أربعة أضعاف ما تطبعه للمدارس الأهلية بحوالي 2 مليون كتاب للأهلية و10 ملايين كتاب للحكومية وقريباً سيتم التوزيع إن لم يكن قد بدأ.
لا يجب التسرع بشراء الكتب من الأرصفة وخلق سوق سوداء وهي اسعار فوق طاقة المواطن تقذف بها مطابع خاصة »تجارية« تستغل هذا التهافت لازدهار السوق السوداء والبيع بهذه الأسعار.. هناك كتب مسترجعة في المدارس يتم الاستفادة منها الآن وهذا يحل جزءاً من المشكلة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 08:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-56824.htm