الميثاق نت -

الإثنين, 02-ديسمبر-2019
د‮. ‬عبدالعزيز‮ ‬الشعيبي -
تاتي الذكرى الثانية والخمسين لرحيل الاستعمار البريطاني عن اليمن في ظل اوضاع مأساوية تعيشها البلاد من حرب ظالمة على الشعب اليمني كادت تقضي على كل مقومات حياته ليس ذلك فحسب في حاضرة وإنما لتمتد لتشمل مستقبلة وهي الظروف التي عانت منها اليمن ايام الحقبة الاستعمارية لفترة طويلة من ظلم وقهر وحصار واستعباد استطاع المستعمر ان يبذر بذور الفتنة والشقاق بين ابناء الوطن الواحد لينعم هو بخيراته وليتجنب شروره واستعان بأفراد من ابناء الوطن يكونون هم حماته والمدافعين عنه، واقتصرت خدماته على بقعة محدودة من الارض اليمنيه بينما عاشت كل المناطق الاخرى في حالة من العزلة والفقر والتناحر والصراع، وساعد على ذلك تربية بعض الافراد من ابناء اليمن ليكونوا هم النخبة القائدة والمروجة للمرحلة الاستعمارية على انها افضل المراحل التي مرت بها اليمن و ليكونوا هم اداته المقبولة لدى الناس ، حتى يسهل التاثير والسيطره عليهم وهم في الاخير مجموعة تجردت من كل معاني القيم والانتماء والولاء الا للمستعمر الذي يظل يغذيها ويحافظ عليها خدمه لاهدافه وليس حباً او وداً فيهم ولذلك فقد عاش اليمن متخلفاً فقيراً معدما تجاذبته ظروف الفقر والجهل والمرض حتى كاد ان يفقد وعيه بحاضره وماضيه دون ادنى اهتمام بمستقبل حياته ولذا كان حكم الاستعمار على اليمن ان يبقى في ذيل قائمة الدول من حيث النهضه والعمران والتنمية والسؤال الذي يجب ان يُسأل هو لماذا يجب ان يبقى اليمن في نهاية سلم ترتيب الدول من حيث التنمية.

والجواب هو لان اليمن يمتلك الامكانات الطبيعية والبشرية التي لو فعلت لكان له دور جوهري في نهضة الوطن و ليس ذلك فحسب بل في نهضه وازدهار المنطقة برمتها ليقود المنطقة نحو تلبية وتحقيق مصالحها القومية المشتركة والواحدة وهذا مالا يرجوه ولا يستسيغه الاستعمار، ولذلك فقد عمد عند رحيله الى الاعتماد على الثقاة ممن رباهم وعلمهم باكتساب ثقافة الاستعمار حتى كادوا لا يستطيعون الفكاك منها، متعاونين في ذلك مع بعض الدول المجاورة التي استمرأت هذا الامر وعاشت في ظل حماية الاستعمار حتى وصلت الى اعتقاد راسخ لدى نظمها السياسية ان الاستعمار هو القادر على وهبها الحياة والمحافظة عليها وكذلك حمايتها وضمان مستقبلها ولكي ترضي هذا المستعمر وضعت كل امكاناتها المادية والمعنوية مسخرة لخدمة اهدافه وتحقيق رغباته وايا كانت هذه الامكانات الاستعمارية سواءا الكامنة فيه او بمعاونة عملائه الا ان وثبة الشعب اليمني القويه بارادته المستمدة من ارادة الله سبحانه وتعالى والتي لا تقبل الضيم والقهر والطغيان كانت اكثر ثباتا واكثر قوة واكثر اصرارا على دحر المستعمر واعوانه واذياله ، ضحى فيها الشعب اليمني بخيرة الرجال وهانت هذه التضحية في مقابل نبل الهدف ، ولان العمق الحضاري لليمن ما زال راسخا وثابتا كان من الصعب ان يستمر الاستعمار الى مالا نهاية، وعلى الرغم من الحصار الشديد الذي قاسى منه الشعب اليمني في وسائل عيشه وفي الدفاع عن نفسه لم يجعل الشعب يعدم الوسيلة للحصول على الاداة للدفاع عن نفسه وطرد المستعمر فبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالده هدف الشعب من اللحظات الاولى لتفجير الثورة في كيفية التخلص من الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن وما هي الا ايام حتى انطلقت شرارة ثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963 لطرد الاستعمار ، كلل الله كفاح هذا الشعب بالنصر المبين على أعداء اليمن من الاستعمار وانصاره في الداخل والخارج الا ان الاستعمار وان كان قد خرج من الوطن مهزوما مدحورا ظلت اهدافه التي عمل بوسائل اخرى ليبقى على وجوده ولو المعنوي من خلال المروجين له والمعاونين من بعض الدول وهذا المشهد الذي نراه اليوم في هذا العدوان الغاشم على اليمن من قبل الاستعمار وادواته المختلفه يكملون ما لم يقدر عليه في الماضي ، وبوسائل اكثر قوة وتاثيراً، وهذا ما نراه اليوم من هذه الهجمة المستعرة على اليمن التي تجاوزت كل القيم والاعراف والمواثيق الدولية والانسانية في حرب لم يعرف لها التاريخ‮ ‬سابقة،‮ ‬استخدم‮ ‬كل‮ ‬الوسائل‮ ‬غير‮ ‬النبيلة‮ ‬في‮ ‬حرب‮ ‬ظالمة‮ ‬على‮ ‬شعب‮ ‬بأكمله‮ ‬بحجة‮ ‬ما‮ ‬اسموه‮ ‬عودة‮ ‬الشرعية‮ ‬وتارة‮ ‬اخرى‮ ‬يقولون‮ ‬انه‮ ‬لمواجهة‮ ‬ايران‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬

ويمكن‮ ‬الاشارة‮ ‬الى‮ ‬ان‮ ‬هذا‮ ‬العدوان‮ ‬على‮ ‬اليمن‮ ‬افضى‮ ‬الى‮ ‬الآتي‮: ‬

1‮-‬الاغارة‮ ‬بما‮ ‬يقرب‮ ‬من‮ ‬نصف‮ ‬مليون‮ ‬صاروخ‮ ‬ذات‮ ‬القدرات‮ ‬التدميرية‮ ‬الواسعة‮ ‬في‮ ‬معظمها‮ ‬

2- لم يستثن العدوان احدا لا منزلا ولا طريقا ولا مسجدا ولا مدرسة ولا مستشفى او مركزا صحيا او فندقا او متجرا او صالة اعراس او صالة مواساة ولا واديا ولا جبلا الا استهدفته نيران هذا العدوان.

3‮- ‬ادى‮ ‬تدمير‮ ‬البنية‮ ‬التحتية‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬الى‮ ‬اضافة‮ ‬مشاق‮ ‬وصعوبات‮ ‬في‮ ‬الحياة‮ ‬اضافة‮ ‬الى‮ ‬الصعوبات‮ ‬الموجودة‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬فاقم‮ ‬من‮ ‬شدة‮ ‬الازمة‮ ‬الانسانية‮ ‬والحياتية‮ ‬لكل‮ ‬ابناء‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬

4‮- ‬استمرار‮ ‬هذا‮ ‬العدوان‮ ‬لما‮ ‬يقرب‮ ‬من‮ ‬خمس‮ ‬سنوات‮ ‬حتى‮ ‬الآن‮ ‬مع‮ ‬حصار‮ ‬بري‮ ‬وبحري‮ ‬وجوي‮ ‬استهدف‮ ‬كل‮ ‬انواع‮ ‬الحياة‮ ‬على‮ ‬الارض‮ ‬اليمنية‮. ‬

ولذلك فنحن اليوم نحتفل بالذكرى الثانية والخمسين لرحيل الاستعمار البريطاني عن اليمن حتى تظل ذكرى هذا الاستعمار بصوره دائمة ومستمرة لا يجب ان تغيب عن الذاكرة وفي ذاكرة الاجيال جيلا بعد جيل حتى يبقى الشعب اليمني بأسره على ادراك تام بخبث هذا المستعمر واستمرار اهدافه التي لا تنقطع على ان هذا التذكير ينبغي العمل معه على وحدة صفوف الامة والنظر الى المصلحة الوطنية العليا بكل صدق واخلاص وهو الوحيد والكفيل ببناء سياج حصين للامة كلها من ان تتعرض للاشكال المختلفة من التدخلات الاستعمارية.

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 01:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-57227.htm