الميثاق نت -

الإثنين, 18-مايو-2020
‮ ‬مطهر‮ ‬تقي‮ ‬ -
منذ أن انفصل الشيخ العبدلي شيخ لحج عن صنعاء وسمى نفسه سلطانا في عهد الإمام احمد بن المنصور علي الذي عرف حكمه وكذلك حكم والده بالضعيف عام 1227ه..1812م(وفي عهدهما أيضا احتلت الجيوش الوهابية النجدية تهامة اليمن وأجزاء من صعدة وحجة)وبعد ذلك التاريخ بسبعة وعشرين عاما احتلت بريطانيا عدن عام 1254ه..1839م لتقطع بريطانيا الطريق على محمد علي باشا حاكم مصر (وأولاده) جعل البحر الأحمر بحرا عربيا... ومنذ ذلك التاريخ وصنعاء وعدن تعيش فترة انحطاط وفتن حتى عام 1872م حين تمكنت القوات العثمانية من احتلال أجزاء واسعة من اليمن (الاحتلال الثاني) ولمدة أربعين عاما تقريبا حين تمكن الإمام يحيى في أكتوبر 1918م من دخول صنعاء ومن بعده ابنه أحمد (اثر مقتل الإمام يحيى) عام 1948 لمدة أربعة وأربعين عاما (لم يعترف الإمام يحيى وابنه أحمد بالاستعمار البريطاني أو بالحدود التي وضعها بين الشطرين) من دخول صنعاء حتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 باهدافها الستة والتي يؤكد هدفها الخامس تحرير الأرض اليمنية من الاحتلال البريطاني وبعد عام من تلك الثورة قامت ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963 ضد الاحتلال البريطاني بدعم مادي ومعنوى من ثورة وثوار سبتمبر وبدعم مصري عربي. استمرت تلك الثورة خمس سنوات حتى كان رحيل الجيش البريطاني وتحرير أرض الجنوب ورحيل آخر بريطاني في 30 نوفمبر عام 1967 وانتصرت الجبهة القومية على جبهة التحرير (الموالية لمصر) وبدء حكم ماركسي اشتراكي في عدن وحكم تقليدي في صنعاء وحلم إعادة الوحدة اليمنية هي الشغل الشاغل لحكام صنعاء وعدن باختلاف الرؤية والكيفية وقد تجلى ذلك الحلم بعقد لقاءات يمنية في القاهرة وطرابلس الغرب عام 1971 ولقاء الكويت عام 1979 برعاية عربية و التي كان حلمها كذلك إعادة الوحدة اليمنية وكذلك عقد لقاءات وحدوية في صنعاء وتعز وعدن وقد استمرت تلك اللقاءات لمدة تسعة عشر عاما توجت بزيارة الرئيس علي عبدالله صالح لمدينة عدن وتوقيعه مع الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض اتفاق الوحدة في الثلاثين من نوفمبر عام1989 في ظل ظروف داخلية وعالمية خاصة.. فظروف الشطر الشمالي في ثمانينيات القرن الماضي كان العصر الذهبي لحكم علي عبدالله صالح بفضل تمكنه من القضاء على أعمال التخريب والاختلالات الامنية في المناطق الوسطى (إب) وريمة وعتمة ووصابين حتى أجزاء من محافظة تعز وتمكنه كذلك من جمع الشتات السياسي اليمني بقيام المؤتمر الشعبي العام في 1982وتماسك الجبهة الداخلية أمنيا واقتصاديا في الشطر الشمالي فقد تم إعادة بناء سد مأرب واكتشاف البترول وتصديره بواسطة شركة أمريكية وكان ذلك إيذانا ببداية زمن اقتصادي مزدهر مكن الدولة من تعويض ما قطعته السعودية من دعم مالي سنوي لميزانية الدولة عام 1981 فمكن الشطر الشمالي من الاستقلال السياسي والاقتصادي إلى حد كبير عن أي دور سعودي فاعل على قرارات صنعاء ... يقابل ذلك في الشطر الجنوبي تناحر سياسي جديد بين أركان الحزب الاشتراكي الحاكم أفضى إلى قتال وتصفية في يناير 1986 ودخول الشطر الجنوبي في نفق‮ ‬الخصومة‮ ‬والثارات‮ ‬بين‮ ‬طرفي‮ ‬صراع‮ ‬يناير‮ (‬بين‮ ‬محافظات‮ ‬الضالع‮ ‬ولحج‮ ‬من‮ ‬ناحية‮ ‬وابين‮ ‬وشبوة‮ ‬من‮ ‬ناحية‮ ‬أخرى‮ ‬وهي‮ ‬مستمرة‮ ‬حتى‮ ‬اليوم‮) ‬
كما أن انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية الدولية قد حرم الحزب الاشتراكي الحاكم حليفا سياسيا وعسكريا واقتصاديا... وبعد انتهاء الدعم السوفييتي ظهرت مشكلات اقتصادية حتى وصل حد الديون المستحقة على قيادة الشطر الجنوبي للوطن إلى أكثر من خمسة مليارات دولار ووصل حال الخزينة المالية في عدن حد عدم القدرة على صرف رواتب الموظفين الذي كان عددهم أكثر من مليون موظف للثلاثة الاشهر الاخيرة من قيام دولة الوحدة وقد تحملت خزينة دولة الوحدة أعباء الديون وكذلك صرف المرتبات
وما شجع على مواصلة الحوار الوحدوي بين الشطرين هو التوصل إلى حل مشكله النزاع بين الشطرين على حقل البترول بين شبوة ومأرب الذي وصل الخلاف حوله حد التهديد بالحرب الثالثة بين الشطرين وكان ذلك الحوار من تاريخ يناير حتى مايو عام 1987 وقد أدى ذلك الاتفاق إلى تهدئة‮ ‬النفوس‮ ‬وتقارب‮ ‬قيادات‮ ‬الشطرين‮ ‬
وعموما فقد كانت تلك الظروف الداخلية للشطرين وكذلك الظروف الدولية المتمثلة بانهيار المنظومة الاشتراكية الدولية جعلت تلك القوى تغفل او تغض الطرف عن مراقبة ما يجري بين صنعاء وعدن. وقد شجعت تلك الظروف العقلاء في الحزب الاشتراكي أن يرحبوا بزيارة الرئيس علي عبدالله صالح الى عدن حيث استقبل استقبالا شعبيا لم يسبق لرئيس أن استقبل به في عدن بذلك الزخم حيث تمكن صالح من إقناع العقلاء وعلى رأسهم علي سالم البيض بأن المخرج للوضع السياسي والاقتصادى للشطر الجنوبي والانتقال بالشطرين إلى مستقبل سياسي واقتصادى قوي هو الوحدة فكان أن وافق علي سالم البيض الأمين العام للحزب ومؤيدوه من أعضاء اللجنة المركزية للحزب والمكتب السياسي للحزب الاشتراكي على تلك الخطوة الجبارة وتم التوقيع على بيان الثلاثين من نوفمبر وحضر رئيسا الشطرين الاحتفالات الشعبية في ملعب الحبيشي بعدن بعيد جلاء المستعمر البريطاني وباتفاق الوحدة بزخم شعبي عظيم وكأن الشعب في عدن لم يحتفل بعيد نوفمبر من قبل كما احتفل به في ذلك اليوم العظيم وتمكن الوحدويون في الحزب الاشتراكي من تسجيل نصر ضد المتشددين الانفصاليين وفي مقدمتهم حيدر العطاس والسيلي ... وكانت الاشهر من ديسمبر وحتى مايو عام تسعين شهور ترتيب البيت الوحدوي الجديد والاستفتاء على دستور الوحده والاستعداد لإعلان يوم الثاني والعشرين من مايو والذي رفع فيه علي عبدالله صالح علم الوحدة بحضور قيادات الشطرين سابقا وقيادة الوحدة اليمنية الجديدة وسط مقاطعة من حزب الإصلاح في صنعاء‮ ‬ولتلكؤ‮ ‬الانفصاليين‮ ‬الذين‮ ‬قبلوا‮ ‬الوحده‮ ‬على‮ ‬مضض‮ ‬او‮ ‬حتى‮ ‬إلى‮ ‬حين‮.. ‬
وقد يتساءل البعض وماذا عن الموقف السعودي من تمكن اليمنيين من إعادة تحقيق وحدتهم وهم من عرقلوا بكل امكاناتهم جميع الخطوات الوحدوية منذ أن بدأت... والجواب على ذلك يكمن فى تغير الظروف الدولية بانهيار الاتحاد السوفييتي وتمكن صنعاء من جعل علاقتها بواشنطن مباشرة بعد أن كانت تمر عبر الرياض وذلك بعد زيارة جورج بوش نائب الرئيس الأمريكي وقتها إلى صنعاء ووضعه حجر الأساس للسفارة الامريكية في صنعاء وزيارته إلى مأرب لتدشين اول بئر بترولية مع الرئيس علي عبدالله صالح وريهنت رئيس شركة هنت الامريكية التي اخذت امتياز التنقيب عن البترول في مأرب وهو صديق للنائب بوش والعراب للعلاقة اليمنية الامريكية الجديدة... والسعودية وقتها كانت شبه مشلولة سياسيا بعد أن استقلت صنعاء عن الهيمنة السعودية الكبيرة التي كانت في عهد الغشمي ... وبالرغم من ذلك فقد حاولت بداية عام تسعين قبيل إعادة تحقيق الوحدة من وضع عصاتها على عجلة الوحدة حين زار سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وأبو الخيل وزير المالية السعودي عدن بصورة سرية ووضعوا على مكتب علي سالم البيض شيكات مالية على بياض ليضع المبالغ المالية التي يطلبها مقابل رجوعه عن قرار الوحدة إلا أنه وللحقيقة قد‮ ‬رفض‮ ‬ذلك‮ ‬وافشل‮ ‬آخر‮ ‬محاولة‮ ‬سعودية‮ ‬لوأد‮ ‬الوحدة‮ ..‬
لقد حقق اليمن حلم اجياله بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد تشطير دام أكثر من مائة وخمسين عاما وحربين طاحنتين وتآمر مشترك بين الشطرين فكان الله ثم إرادة الشعب وصدق السياسيين تم حسم الأمر وأرجع الشعب الواحد إلى لحمته كما كانت عبر التاريخ وسيظل عليها بالرغم من كل التآمر عليها فما يحصل اليوم من قتال وتناحر وفرقة بين أبناء الوطن الواحد ودخول القوات السعودية وكذلك الإماراتية كمحتلتين للأرض اليمنية إلا أن مايو سيظل هو المنتصر اليوم وغدا او حتى بعد غد ومهما تآمر العملاء والخونة ممن رضو أن يكونوا ضد وطنهم وشعبهم وتنصلوا حتى عن يمنيتهم واصبحوا بلا هوية.. ستظل الوحدة هي المخرج والحل للوطن والشعب من أي انفصال او فرقة او صراع سياسي وعسكري وان الغد المنشود بالسلام والأمان وإعادة الإعمار في كل أرجاء الوطن وبناء الدولة اليمنية القوية الواحدة قادمة لا محالة بعون الله وإرادة الشعب‮..‬
‮(‬فأما‮ ‬الزبد‮ ‬فيذهب‮ ‬جفاء‮ ‬وأما‮ ‬ما‮ ‬ينفع‮ ‬الناس‮ ‬فيمكث‮ ‬في‮ ‬الأرض‮) ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮.‬

تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 12:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-58342.htm