الميثاق نت -

الإثنين, 18-مايو-2020
الفريق‮ ‬الركن‮ / ‬جلال‮ ‬علي‮ ‬الرويشان‮ ❊‬ -
يتمكن السياسيون والمتصارعون في فترات متباعدة عبر التاريخ من اللعب بالأوراق والمعطيات السياسية وتحريكها مؤقتاً وفق أهوائهم ومصالحهم .. غير أنهم ومهما كانت إمكاناتهم والظروف والمتغيرات الداخلية والخارجية المحيطة بهم ، وأياً كانت دوافعهم .. يقفون عاجزين عن جر‮ ‬الجغرافيا‮ ‬إلى‮ ‬الدائرة‮ ‬السياسية‮ ‬التي‮ ‬يعبثون‮ ‬بقطرها‮ ‬ومحيطها‮ .. ‬
إذاً‮ ‬السياسة‮ ‬متغيرة‮ ‬والجغرافيا‮ ‬ثابتة‮ .. ‬
من‮ ‬بمقدوره‮ ‬تحريك‮ ‬الجبال‮ ‬والسهول‮ ‬والوديان‮ ‬والمدن‮ ‬والقرى‮ !‬؟
ومن‮ ‬بمقدوره‮ ‬تغيير‮ ‬ملامح‮ ‬وسحنات‮ ‬الإنسان‮ !‬؟‮ ‬
لا‮ ‬أحد‮ ..‬
هذه‮ ‬حقائق‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬تجاوزها‮ ‬ولا‮ ‬القفز‮ ‬عليها‮ .. ‬
اقرأوا‮ ‬أبجديات‮ ‬اللغة‮ ‬والجغرافيا‮ ‬والتاريخ‮ ..‬
ابحثوا‮ ‬في‮ ‬النقوش‮ ‬والجداريات‮ ‬والمسماريات‮ ‬من‮ ‬عدن‮ ‬إلى‮ ‬صعدة‮ ‬ومن‮ ‬سقطرى‮ ‬إلى‮ ‬الحديدة‮ ..‬
ستجدون‮ ‬أن‮ ‬الجيوسياسي‮ ‬نصفه‮ ‬متغير‮ ‬ونصفه‮ ‬ثابت‮ ..‬
نعم‮ . ‬الجغرافيا‮ ‬ثابتة‮ .. ‬والسياسة‮ ‬متغيرة‮ ..‬
والتاريخ‮ ‬يشهد‮ ‬على‮ ‬ذلك‮ ..‬
الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬لا‮ ‬تموت‮ . ‬غير‮ ‬أنها‮ ‬تصارع‮ ‬دائماً‮ ‬للبقاء‮ ‬وتنجو‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬نهاية‮ ‬مطاف‮ ..‬
صحيح‮ ‬أن‮ ‬العدالة‮ ‬هي‮ ‬الضمانة‮ ‬الوحيدة‮ ‬للوحدة‮ .. ‬وصحيح‮ ‬أن‮ ‬الأخطاء‮ ‬التي‮ ‬تمارسها‮ ‬السياسة‮ ‬تطمس‮ ‬بعض‮ ‬جوانب‮ ‬الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬وتحجبها‮ ‬عن‮ ‬العيون‮ . ‬غير‮ ‬أن‮ ‬تلك‮ ‬الأفكار‮ ‬لا‮ ‬تموت‮ ..‬
الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬مثل‮ ‬البذور‮ ‬التي‮ ‬تختفي‮ ‬في‮ ‬باطن‮ ‬الأرض‮ ‬حين‮ ‬يحل‮ ‬القحط‮ ‬والجفاف‮ ‬،‮ ‬ثم‮ ‬لا‮ ‬تلبث‮ ‬أن‮ ‬تشق‮ ‬أديم‮ ‬الأرض‮ ‬وتتبرعم‮ ‬وتنمو‮ ‬وتزهر‮ ‬حين‮ ‬يرحم‮ ‬الله‮ ‬الأرض‮ ‬ويهطل‮ ‬المطر‮ ‬وتعطف‮ ‬السماء‮ .. ‬
تحل علينا قريباً الذكرى الثلاثون على قيام الجمهورية اليمنية بين شطرين سياسيين على جغرافيا واحدة . تأتي هذه المناسبة ونحن نمر بمنعطفات بالغة التعقيد وظروف غاية في الصعوبة .. لعل أبرزها وأكثرها عدائيةً لنا ولشعبنا ولوطننا ولتاريخنا وللأجيال القادمة من بعدنا هو‮ ‬هذا‮ ‬العدوان‮ ‬الغاشم‮ ‬والحصار‮ ‬الجائر‮ ‬والاحتلال‮ ‬البغيض‮ ‬الذي‮ ‬تشنه‮ ‬وتفرضه‮ ‬علينا‮ ‬دول‮ ‬العدوان‮ ‬السعودي‮ ‬الأمريكي‮ ‬ومن‮ ‬يتحالف‮ ‬معها‮ ‬لمجرد‮ ‬أننا‮ ‬قررنا‮ ‬السير‮ ‬خارج‮ ‬إطار‮ ‬سياساتها‮ ‬ورغباتها‮ ‬ومصالحها‮ ..‬
جاءت‮ ‬دول‮ ‬العدوان‮ ‬إلى‮ ‬بلادنا‮ ‬وهدفها‮ ‬المعلن‮ ‬هو‮ ‬إعادة‮ ‬الشرعية‮ ‬المزعومة‮ .. ‬وهاهي‮ ‬تعمل‮ ‬بكل‮ ‬ما‮ ‬تملك‮ ‬من‮ ‬قوة‮ ‬على‮ ‬أن‮ ‬تُقَسِّم‮ ‬اليمن‮ ‬وتُقَزِّم‮ ‬قرارها‮ ‬السياسي‮ .. ‬
غير أن خارطة اليمن الموحدة وجغرافيتها الواحدة هي الأمل الذي حمله ويحمله اليمنيون في قلوبهم منذ ثلاثين عاماً .. اليمنيون الذين لهم علاقة بالنصف الثابت وليس لهم علاقة بالنصف المتغير .. اليمنيون الذين لا يعرفون من الجيوسياسي إلا الجغرافيا .. إلا الـ(جيو) فقط ‮.‬
هذه‮ ‬هي‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية،‮ ‬وهذه‮ ‬هي‮ ‬حقيقتها‮ ..‬
‮»‬وَاللَّهُ‮ ‬غَالِبٌ‮ ‬عَلَى‮ ‬أَمْرِهِ‮ ‬وَلَكِنَّ‮ ‬أَكْثَرَ‮ ‬النَّاسِ‮ ‬لا‮ ‬يَعْلَمُونَ‮« ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮ ‬

‮❊ ‬نائب‮ ‬رئيس‮ ‬الوزراء‮ ‬لشؤون‮ ‬الأمن‮ ‬والدفاع‮ ‬

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 11:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-58354.htm