الميثاق نت -

السبت, 11-يوليو-2020
متابعة - صفوان القرشي: -
الأزمة‮ ‬بين‮ ‬مفهومين
الأزمة‮ ‬كلمة‮ ‬يونانية‮ ‬الأصل‮ ‬ويستخدم‮ ‬مصطلح‮ ‬الأزمة‮ ‬للتعبير‮ ‬عن‮ ‬الدلالة‮ ‬لظهور‮ ‬مشاكل‮ ‬خطيرة‮ ‬أو‮ ‬لحظات‮ ‬تحول‮ ‬كاملة‮ ‬أو‭ ‬تطور‮ ‬الخلافات‮ ‬السياسية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ . ‬
وعلم إدارة الأزمات هو علم الحاضر والمستقبل ويطبق في جميع المجالات سواءً أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية أو حتى ثقافية .وادارة الازمة هي مجموعة الممارسات التي يمكن تطبيقها عندما ينشأ موقف يمثل تغيراً في أوضاع كانت مستقرة .
والهدف من إدارة الأزمة هو التوصل إلى أفضل النتائج وأقل الخسائر، كما يمكن القول إن إدارة الأزمة يعني كيفية التغلب على الأزمة بالأدوات العملية والادارية المتاحة وتجنب سلبياتها ..وعلينا هنا أن نفرق بين مفهومين للأزمة، الاول الإدارة بالأزمة وهو علم صناعة الأزمة ويعني افتعال أزمة من أجل تحقيق هدف معين وايجاده كوسيلة للتغطية والتمويه على المشاكل القائمة بالفعل وغايتها السيطرة على الآخرين من خلال افتعال الازمات الوهمية وبالذات الاقتصادية.. أما المفهوم الثاني إدارة الأزمة ويقصد به منهجية الإدارة في التعامل مع الأزمة في ضوء الاستعداد والمعرفة والوعي والامكانات المتوافرة وانماط الادارة السائدة والانتقال إلى العمل المنظم للتعامل مع الأزمة وبشكل مخطط دون أن يؤثر أو يتعارض مع النشاط الاعتيادي للمؤسسات والهيئات القائمة، وهذا المفهوم ينطبق على الأزمة التي تشهدها.

حكومة‮ ‬الإنقاذ‮ ‬بين‮ ‬أدارة‮ ‬الأزمة‮ ‬وأزمة‮ ‬الإدارة
منذ سنوات واليمن يشهد أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة وتضاعفت أكثر خلال السنوات الست الاخيرة جراء العدوان الذي خلق واقعاً مغايراً وانتج أزمات اقتصادية واجتماعية انعكست سلبا على مجمل نواحي الحياة للمواطن البسيط كما حملت الحكومة اعباء كبيرة فرضت عليها واجبرتها على مواجهتها بما هو متاح لها من ادوات في معركة من اجل البقاء.. وكما هو متعارف في مثل هذه الاوضاع تلجأ الحكومات إلى اتخاذ اجراءات لمواجهة الأزمة الناتجة عن الحرب وتخفيف آثارها على المواطنين والحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات وتوفير الاحتياجات الاساسية التي تلامس حياة المواطنين بشكل مباشر ..ومن هذه الاجراءات تشكيل حكومة مصغرة واعلان سياسة التقشف وخفض الانفاق الحكومي أو إنشاء لجنة من المتخصصين في الجانب العسكري والامني والاقتصادي والسياسي لإدارة الازمة والتعامل مع المتغيرات التي تنتج أولاً بأول واتخاذ القرارات المناسبة لضمان الاستقرار الداخلي ومنع حدوث اضطرابات وتكون من اولويات مهامها الحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع الاساسية (المواد الغذائية .المشتقات النفطية)، واستمرار تقديم الخدمات للمواطنين في مؤسسات الدولة مثل المشافي والاتصالات وغيرها وفرض رقابة على الاسواق وعدم السماح برفع الاسعار والمتاجرة بمعاناة المواطنين في هذه الظروف إلى جانب ضبط الحالة الأمنية ومنع تفشي الجريمة.. فهل نجحت حكومة الانقاذ في ادارة الازمة حتى الآن رغم عدم وجود ادارة مكلفة لإدارة الازمة؟

الاقتصاد‮ ‬المعضلة‮ ‬الكبرى‮ ‬أمام‮ ‬حكومة‮ ‬الانقاذ‮ ‬
أكد اقتصاديون خلال ندوة عقدت في مركز الدراسات بالقاهرة مطلع العام 2020م أن الرهان على الجانب الاقتصادي لاسقاط حكومة الانقاذ في صنعاء، والسيطرة عليها مقدم على الرهان العسكري لأن الاقتصاد هو عصب الحياة للحكومات وسبب بقائها وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي اليمني خلال ست سنوات من العدوان والحصار فهو في أسوأ حالاته وفقدت الدولة معظم مواردها إن لم يكن جميعها مما يعني افلاس الخزينة العامة للدولة وعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها بعد أن تكون قد استنفدت كل مخزونها الاحتياطي من النقد الاجنبي وايضا من المواد الاساسية وعلى رأسها المشتقات النفطية والغاز المنزلي والذي سيؤدي بالضرورة إلى شلل تام في جميع المرافق الحكومية والخاصة وفي مقدمتها مضخات آبار المياه والكهرباء والاتصالات والمستشفيات ووسائل النقل ولن يكون الجانب الزراعي الذي يعتمد على الري بمعزل عن هذه الكارثة مع استمرار التحالف في التضييق على اليمنيين دون مراعاة للجوانب الانسانية التي يعاني منها الشعب مع انعدام الرواتب بعد نقل البنك المركزي إلى عدن.. موضحين أن انتعاش السوق السوداء لن يكون البديل الأمثل لأن ذلك سيفاقم من معاناة ملايين المواطنين الذين يعيشون أسوأ كارثة انسانية‮ ‬عرفها‮ ‬التاريخ‮ ‬الحديث‮ .‬
أين‮ ‬نجحت‮ ‬حكومة‮ ‬الانقاذ‮ ‬وأين‮ ‬أخفقت‮ ‬في‮ ‬التعامل‮ ‬مع‮ ‬الأزمة‮ ‬الاقتصادية؟

نقل‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬وحرب‮ ‬العملة
تعمد التحالف السعودي ومنذ الساعات الأولى للعدوان تدمير البنية التحتية واستهداف المطارات والموانئ والجسور والمدارس والمستشفيات وآبار المياه وركز أكثر على ميناء الحديدة المنفذ الوحيد الذي يسمح من خلاله بدخول السلع الغذائية والمشتقات النفطية إلى المحافظات غير الخاضعة لسيطرة حكومة هادي.. واعتبر خبراء في الاقتصاد أن قرار نقل البنك المركزي الذي اتخذه هادي في 2016 هو أسوأ قرار لأنه حرم مليون و200 الف موظف أغلبهم في المحافظات الشمالية من رواتبهم في عقاب جماعي.. ومنذ ذلك التاريخ والحكومة تخوض صراعاً سياسياً مريراً برعاية أممية من أجل ايجاد حلول تفضي لصرف رواتب الموظفين وكان آخرها اتفاق استوكهولم والذي بموجبه تم الاتفاق على تخصيص عائدات ميناء الحديدة من قبل حكومة الانقاذ لصالح الرواتب وتتكفل حكومة هادي بتغطية الفارق ومازال هذا الاتفاق حبراً على ورق مع استمرار تنصل حكومة هادي عن الوفاء بالتزاماتها ..في وقت تقوم فيه حكومة الانقاذ بصرف نصف راتب بين الحين والآخر من خلال العائدات البسيطة التي تتحصل عليها، فيما حكومة هادي تعمد إلى طبع أوراق نقدية جديدة من مختلف الفئات وبدون غطاء مما يؤدي إلى انهيار متسارع في قيمة الريال أمام العملات الاجنبية، ولتلافي هذا الانهيار اتخذت حكومة الانقاذ قراراً بمنع التعامل بالأوراق النقدية الجديدة مما حافظ على قيمة الريال وهو ما يؤكده الفارق الكبير في صرف الدولار بين صنعاء وعدن , الا أنه شكل عبئاً على المواطنين بعد أن رفعت شركات الصرافة رسوم التحويل‮ ‬إلى‮ ‬18‮ ‬٪‮ ‬تحت‮ ‬مبرر‮ ‬فارق‮ ‬الصرف‮ .‬

المشتقات‮ ‬النفطية
المشتقات النفطية من نفط وديزل وغاز منزلي هي شريان الحياة، وبين الحين والآخر تطفو أزمة المشتقات النفطية على السطح وقد كشفت الازمة الحالية التي تشهدها العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى على خلفية قرار تحالف العدوان اغلاق ميناء الحديدة بشكل نهائي ومنع دخول النفط عن سوء إدارة وعجز كامل تعيشه وزارة النفط وادارة الشركة التابعة لها ..وبحسب رسالة لوزارة المالية فإن الوزارة لم تقم باستغلال انخفاض اسعار النفط عالميا وشراء كميات أكبر لغرض التخزين ومواجهة ظروف الحرب والحصار وتركت الأمر للقطاع الخاص وظهرت أزمة خانقة في الأسواق في أول 48 ساعة وكانت المفاجأة أن الحكومة ظلت تستنزف المخزون الاحتياطي من المشتقات النفطية ولم تسمح بدخول كميات جديدة بغرض ابتزاز تجار النفط والزامهم بدفع مليار ريال تقول شركة النفط انها فوارق اسعار عن عام كامل متجاهلة أولوية بقاء مخزون كبير من المشتقات داخل البلاد وهي تعيش ظروف العدوان والحصار ويمكن ان يقدم العدوان على اغلاق مفاجئ لميناء الحديدة في أي لحظة وهو ما حصل فعلاً.. وكان اعلان شركة النفط بقرب نفاد المخزون انذاراً بكارثة خلال الايام القادمة ..أما في جانب الغاز المنزلي فقد نجحت الشركة في تلافي الازمة‮ ‬وابقائها‮ ‬تحت‮ ‬السيطرة‮ ‬وتوفير‮ ‬الغاز‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬آلية‮ ‬التوزيع‮ ‬عبر‮ ‬عقال‮ ‬الحارات‮ ‬والبيع‮ ‬المباشر‮ . ‬

الجانب‮ ‬الأمني
حققت حكومة الانقاذ نجاحا كبيرا في الجانب الأمني ومكافحة الجريمة وهو ما يعكس حالة الاستقرار التي تشهدها المحافظات الواقعة تحت سيطرتها والغياب الكلي للمظاهر المسلحة الخارجة عن سيطرة الحكومة على العكس مما يحدث في عدن وابين وشبوة ومارب وأجزاء من تعز الواقعة تحت‮ ‬السيطرة‮ ‬الشكلية‮ ‬لحكومة‮ ‬هادي‮ ‬بينما‮ ‬الميليشيات‮ ‬المسلحة‮ ‬التي‮ ‬تتبع‮ ‬دول‮ ‬العدوان‮ ‬هي‮ ‬المتحكمة‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬الأمور،‮ ‬وما‮ ‬تشهده‮ ‬من‮ ‬انفلات‮ ‬أمني‮ ‬وحالة‮ ‬فوضى‮ ‬هو‮ ‬نتاج‮ ‬طبيعي‮ ‬لغياب‮ ‬الدولة‮ ‬ومؤسساتها‮ .‬

الجانب‮ ‬الصحي
رغم ما يعانيه الجانبالصحي من تدهور ونقص في المعدات وتأكيد الصحة العالمية بأن النظام الصحفي في اليمن متدهور وتعمل حوالي 50٪ من تلك المرافق إلا أنه يمكننا القول إن حكومة الانقاذ نجحت الى حد ما في الحفاظ على الخدمات الصحية وكان فيروس كورونا هو الاختبار الحقيقي‮ ‬للحكومة‮.‬

الحاجة‮ ‬لوجود‮ ‬إدارة‮ ‬الأزمة
يقول مهتمون في الشأن اليمني ان الأزمة التي تعيشها المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي تفوق بكثير الأزمة التي تعيشها المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الانقاذ وخصوصا في الجانب الأمني وهو ما يجعل المواطنين يفضلون النزوح إلى صنعاء بدلاً من عدن ومارب , ومع ذلك ولو كانت توجد إدارة مكلفة بإدارة الأزمة لكانت تلافت الكثير من الاشكالات ووضعت الحلول لتجنب الازمات التي يتعمد العدوان افتعالها وبالذات في جانب المشتقات النفطية التي سيكون انعدامها مع نفاد المخزون بمثابة كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فهل ستتدارك حكومة‮ ‬الانقاذ‮ ‬هذا‮ ‬الأمر‮ ‬وتعي‮ ‬أهمية‮ ‬وجود‮ ‬ادارة‮ ‬أزمة‮ ‬في‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الظروف‮ ‬التي‮ ‬يمر‮ ‬بها‮ ‬يمننا‮ ‬الحبيب؟



تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 11:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-58775.htm