الميثاق نت -

الخميس, 13-يناير-2022
جميـل‮ ‬الجعـدبي‮ ‬ -
القول إنّ فرحة الفوز بكأس غرب آسيا للناشئين، وحدت اليمنيين في كل المحافظات، ليس دقيقاً - في اعتقادي- وينضوي على قدرٍ من التبسيط والتسطيح، لملامح ظاهرة اجتماعية سياسية ثقافية، هي نتاج طبيعي لأحداث وتداعيات تراكمية خلال الـ10 سنوات الماضية.
ذلك أن معاناة اليمنيين من انقطاع صرف الرواتب، وتدهور سعر العملة المحلية، ومن أزمات المشتقات النفطية، وارتفاع اسعار المواد الغذائية، وخدمات الكهرباء والتطبيب والتعليم، هي الأولى بالقول إنها من وحد وتوحد اليمنيين في عموم المحافظات، وفقا لهذا القياس.
وبعيداً عن الشعارات العاطفية، يبدو أننا بحاجة إلى تعريف جديد لمفهوم الوحدة في ظل التطورات التقنية المتسارعة وثورة الانترنت التي جعلت من العالم برمته قرية واحدة، ولنا في إنتشار فيروس كورونا كوفيد-19 خير مثال على توحيد دول العالم تحت هم واحد وهدف واحد وفزع واحد‮.‬
إن فرحة اليمنيين بكأس غرب آسيا، مهما بدت للبعض فرحة مبالغ فيها، ليست فرحة بحصد كأس بطولة رياضية متواضعة، بقدر ما كانت بمثابة استفتاء شعبي جماهيري كشف حجم الهوة العميقة بين طموحات وأحلام جمهور العامة والشارع العام، وبين أهداف وأطماع النخبة السياسية، التي ساقت‮ ‬البلاد‮ ‬إلى‮ ‬جحيم‮ ‬الاحتراب‮.‬
التدافع التلقائي لجمهور كرة القدم سواءً عشية فوز منتخب الناشئين على نظيره السعودي منتصف ديسمبر الماضي، إطلاق الالعاب النارية في عموم محافظات الجمهورية، خروج الناس للشوارع فرحا بالانتصار، أو أثناء استقبال أبطال المنتخب وطاقمه الاداري والفني بدءاً من مدينة عدن،‮ ‬مروراً‮ ‬بمدينتي‮ ‬تعز‮ ‬وإب،‮ ‬فمدينة‮ ‬ذمار،‮ ‬وصولاً‮ ‬إلى‮ ‬العاصمة‮ ‬صنعاء،‮ ‬هذا‮ ‬الخروج‮ ‬الجماهيري‮ ‬يفوق‮ ‬بكثير‮ ‬عدد‮ ‬الذين‮ ‬خرجوا‮ ‬لانتخاب‮ ‬الرئيس‮ ‬الفار‮ ‬هادي‮ ‬عام‮ ‬2012م‮.‬
كما لو أنها آخر فرحة جماعية للشعب اليمني في الخارج والداخل، أعادت الذاكرة الجمعية إلى ماقبل نحو 30 عاماً ماضية فرحة يوم 22 مايو 1990م إعلان ميلاد الجمهورية اليمنية واعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
لقد تجرد هؤلاء الفتية الصغار(الكبار) بقائدهم الشجاع الكابتن/ قيس محمد صالح ومساعديه، من الأنانية والأحقاد والضغينة، تحلوا بقدر كبير من الإحساس بالمسئولية الوطنية، فقهروا المستحيل، وعادوا لنا بكأس غرب آسيا في نسختها الثامنة، وفرحة استثنائية عارمة في تاريخ اليمن‮ ‬الحديث‮.‬
قرابة 20 أو 30 لاعباً بجهازهم الاداري والفني باتوا لنحو 4 أيام في فنادق الدمام بالسعودية، فصنعوا إنجازاً تاريخياً أدخل البهجة والفرح إلى قلب كل يمني ويمنية، ولايزال هناك على الناصية الأخرى في فنادق الرياض نحو 400 منبطح لنحو 7 سنوات ماضية جلبوا لنا عدواناً سافراً‮ ‬وحصاراً‮ ‬خانقاً‮ ‬ومصائب‮ ‬وأنات‮ ‬وأحزاناً‮ ‬لا‮ ‬حصر‮ ‬لها‮.‬
ولعل الرسالة الأولى التي يمكن قراءتها في ثنايا هذا العرس اليماني المتوهج، هي الرسالة الموجهة لتجار الحروب وصناع الأزمات والمتاجرين بالوطن وشبابه في دهاليز مجلس الأمن وفنادق الخارج، بأن كفاكم استجراراً لأحقادكم وضغائنكم، كفاكم تضليلاً واستثماراً في الحرب على‮ ‬بلادكم،‮ ‬كفوا‮ ‬أذاكم‮ ‬عن‮ ‬الأجيال‮ ‬اللاحقة،‮ ‬وانقرضوا،‮ ‬واتركوا‮ ‬المستقبل‮ ‬لصناع‮ ‬الفرح‮ ‬والسعادة‮ ‬بأحذيتهم‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 05:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61873.htm