الميثاق نت -

الثلاثاء, 27-سبتمبر-2022
مطهر‮ ‬تقي -
لأن إرادة الشعوب من إرادة الله فقد شاءت إرادة الله للشعب اليمني وتلك سنة من سننه أن يقوم بثورته على الحكم الملكي في السادس والعشرين من سبتمبر من عام 1962م بعد أن أفرغ ذلك الحكم الأسباب الإيجابية لاستمراريته في الحكم وحل محلها الخصومة والصراع والقسوة والظلم على الشعب فشاءت إرادة الله أن ينتزع الشعب إرادته من أسرة ظلمت شعبها وظلمت نفسها بصراع وحقد استشرى بين صفوفها واكل بعضها بعضاً بالقتل او النفي او التجميد ابتداء بتاريخ موافقة الإمام يحيى على رأي عدد من المقربين منه بتولي ابنه احمد ولاية العهد فانفرط عقد الاخوة بين احمد وأخوته الأمراء وفي مقدمتهم الحسين والمحسن وإبراهيم والحسن وعبدالله والعباس فقد أنكر الحسين والمحسن احقية اخيهم في الحكم لعدم اهليته لشروط الامامة في العلم والاجتهاد كما يعتقدان واعترض بقية الأمراء لاعتقاد بعضهم مثل عبدالله والحسن أنهم احق بالامامة والملك، أما ابراهيم (وحسب ماذكره الأديب والثائر احمد الشامي في كتابه رياح التغيير) فقد حاول الانقلاب على أبيه عام 1946م بسبب تجاوز الأب في ظلمه وانغلاق حكمه عن العالم المحيط باليمن وعدم اجرائه اي إصلاحات تنموية من إقامة مدارس ومستشفيات وطرقات ومشاريع مياة.... وعدم الاخذ بمبدأ الشورى في الحكم.... ولم ينقذه من أبيه وأخيه ولي العهد احمد إلا ادعاؤه بمرض الأعصاب (التمثيل بالجنون) حيث تم نقله إلي اسمرة بأثيوبيا للعلاج ثم فراره الى عدن لينضم إلى الأحرار من دعاة الإصلاح والتغيير ليكون واحداً منهم وقد حاول أخوه اسماعيل اللحاق به لولا القبض عليه في الراهدة وارجاعه إلي صنعاء وقد تم إلقاء القبض على ابراهيم إثر فشل ثورة 1948م حيث تم سجنه في حجة ومات مسموما مع سبعة وثلاثين شخصية من العلماء والمشائخ والوجهاء تم اعدامهم وسجن العشرات من الشخصيات الوطنية لسنوات عدة وقد كانت تلك الإعدامات والاعتقالات بداية سيئة لحكم الإمام أحمد فقد كان بعض المقربين من ولي العهد وكذلك البعض من الشخصيات الوطنية يعتقدون أن ولي العهد احمد هو الاقدر على نقل اليمن إلى مصاف الدول الأخرى بإحداث نقلة إصلاحية تنموية شاملة وتجديد حكم أبيه الذي شاخ وتجمد وذلك لما يتمتع به ولي العهد من قوة شخصية وكرم وشجاعة وسعة اطلاع إلا أنه وبدلاً من ذلك قام بتلك الإعدامات والاعتقالات دون رحمة او شفقة او حتى محاكمة عادلة مما أدى إلى مزيد من الحقد الشعبي عليه سرعان ماظهرت نتائجه بعد سبع سنوات بانقلاب أخيه الأمير عبدالله ودعم أخيه العباس وعدد من ضباط الجيش (بقيادة الثلايا) والعلماء والوجهاء عام 1955م وبعد تغلبه على ذلك الانقلاب اعدم اخويه عبدالله والعباس حداً بالسيف مع خمس عشرة شخصية وطنية، وقد صادف قبيل ذلك الانقلاب وبعد أن وصلت حدة التوتر اشدها بينه وبين إخوته الطامحين في الحكم وعلى رأسهم الحسن اوعز الى البعض من المقربين منه (أحمد الشامي وابراهيم الحضراني) اقتراح الدعوة لتولي ابنه محمد البدر امير الحديدة وقتها ولاية العهد ليكون خليفة له في الحكم وكأنه بتلك الخطوة لم يتعلم من تجربته مع إخوته بعد أن أسند والده ولاية العهد إليه وكأنه كذلك قرر أن يعيد الخلاف هذه المرة بين ابنه محمد البدر وأبناء إخوته وفي مقدمتهم أولاد الحسين بن يحيى وهم محمد واحمد وعبدالله الذين كانوا في مقدمة المعارضين للبدر وفكرة ولاية العهد له وقد تجسدت تلك المعارضة لحكم الإمام أحمد في الرسالة الناقدة والشديدة في لهجتها التي كتبها عبدالله بن الحسين إلى عمه الإمام أحمد في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي حيث تنبأ بقيام ثورة ضد ظلم وتخلف أسرة حميد الدين كما ذكر ذلك بالنص مما جعل الإمام أحمد يغضب عليه وينفيه وأخاه محمد الى السفارة اليمنية في ألمانيا ولم يكن الأمير الحسن بن يحيى بعيداً عن ذلك الصراع وهكذا اشتد الخلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة وتم نفي الأمير الحسن إلى نيويورك لتمثيل اليمن في الأمم المتحدة ليكون بعيداً عن معارضته لحكم ولي العهد محمد فنشأ تياران متصادمان تيار البدريين بقيادة البدر محمد وتيار الحسنيين (فقضى ذلك على مابقي من اواصر العلاقة بين أسرة آل حميد الدين)وقد حاول الإمام أحمد أن يساعد ابنه وتياره ضد عمه الحسن ومؤيديه بتحقيق عدد من المنجزات مثل افتتاح كلية الشرطة وكلية الطيران ومدرسة الأسلحة والاتفاق مع الصين الشعبية بشق طريق صنعاء الحديدة ومع الاتحاد السوفييتي بصفقة الأسلحة وبناء ميناء الحديده لكن ذلك ومن خلال سياق الأحداث كان في الوقت الضائع وخصوصاً بعد محاولة قتل الإمام أحمد في السخنة وكذلك محاولة قتله في مستشفى الحديدة وإحداث حريق بيت العمري في صنعاء وتمرد الجيش في تعز (أثناء غياب الإمام أحمد للعلاج في إيطاليا عام 1959م) وحوادث حاشد وخولان والجوف وحجة وقيام الإمام أحمد بقتل الشيخ حسين الاحمر شيخ مشائخ حاشد وابنه حميد قد عجل في تآكل الحكم على أيدي الأسرة الحاكمة نفسها وعلى أيدي الشعب بكل فئاته وكان هناك من بعض ضباط الجيش وقيادة الحركة الوطنية من يظنون أن محمد البدر سيقوم بإحداث حركة إصلاحية شاملة في تطوير الحكم إلا أن خطابه المتشدد بعد موت أبيه الذي توعد فيه بضرب من تسول له نفسه المطالبة بالإصلاحات او المساس بالحكم بيد من حديد ومحاولته كذلك إلقاء القبض على عدد من ضباط الجيش وقيادة الحركة الوطنية قد عجل بقيام الثورة فكان قيامها بتلاحم الضباط من الهاشميين والقحطانيين كحدث لابد منه لانقاذ مايمكن انقاذه وفتح فصول جديدة من التاريخ اليمني لكن تحت راية الجمهورية والحرية في اختيار الحاكم سواء يكون قحطانيا او هاشميا، وبالرغم من الأخطاء والخلافات العديدة التي شهدتها الساحة اليمنية بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر إلا أن فكرة الجمهورية ونظامها المعاصر المتمثل في احترام مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية قد ترسخت في الذاكرة اليمنية و كان ذلك محل إجماع تلك القوى السياسية التي حكمت اليمن طيلة الستين العام الماضية ابتداء بالرئيس السلال وإنتهاء بالرئيس المشاط ولم يتنازل أحد من تلك القوى السياسية والشعبية عن فكرة الجمهورية واستمراريتها فقد تجذرت في أعماق الوعي الشعبي وأصبحت خياراً رئيسياً ومقدساً للشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه من أقصى اليمن‮ ‬إلى‮ ‬أقصاه‮.. ‬

والله‮ ‬مع‮ ‬إرادة‮ ‬الشعوب
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 16-أبريل-2024 الساعة: 10:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63007.htm