شعر د. أحمد علي عبداللاه -
في رحيل الشاعر الكبير د/ عبدالعزيز المقالح
في تشرين يتكاثف الحزن
والشعراء يراقبون بلادهم
تغفو على فوضى الفصول
وتستثير خيالهم بعبوّةٍ
من زيزفون اليأس
ستون عاماً "يحفرون" جدارهم بأسنّة الحبر
ستون عمراً "يحفرون" الدهر
ويكتبون قصائد
ملء المدائن
والربيع تيبّس بعد طول الصبر
لا "ثغرة من نور في صدر الجدار"
ولا مسار
سقطت معاولنا
وتعثَّرت من بعدها أحلامنا
"وأجدبت سحب الربيع
وفات في الصيف القطار"
...
يا سيد الشعراء
لا فجر في تشرين
ولا يوم من الدهر تصنعه الأيادي
لا أيلول أكمل رعده
لا تشرين أوفى وعده
ولا الشهداء تابوا عن مصير دمائهم
...
"يا قلب أمي ليتني حجر على أبواب قريتنا"
أو ليت الزمان تجمَّد في مطر الطفولة
يقتفي أثر "السنين الغاربات"
ليتني في ساعة المزن غابات
لتأويها الأيائل
أو ليتني في موسم الزرّاع قمح
في ترابك نابت مثل السنابل
وتعيدني في كل عام نشوة "السيل في الوديان"
ليتني قمر على نيسان
يشرب ليل الأرض
ويقلّب الدنيا على أهوائه
هنا شجر، وهناك فصل في المحال
هنا مطر على رصيف عائم
وهناك ريح
تحلب، في السر، ناقة الوجع العضال
وتستقي من يأسنا كأساً
من خراب بلادنا، من مجاز زماننا.. صوراً
ليكتمل السؤال
...
يا سيد الشعراء
بين جفنيك يلمع البرق
وعلى جبينك ترتوي أشجارنا
من مطر القصيدة
هذه كلماتنا سالت على كفيك
فانثرها في ليل حزنك
ما قيمة الشعر إن لم يستضئ
بوهج ظلّك
يا آخر ضوء… في البلد المسافر
يا تاريخ حلم لم تؤلفه المنابر
يا أمة في دفاتر شعرك
في مصبّات نهرك
لم تغادر
...
"ستظل تحفر في الجدار"
و"تفتش عن واحةٍ للشمس في غابة الليل"
وفي "تشرين آخر" نلتقيك
لنضيف من أيامنا عمراً لعمرك
لأنك إن رحلت سيختفي ورد الصباح
...
ستظل تحفر في الجدار
ونظل نحفر في الجدار
وإنْ تعبنا وإنْ يئسنا وإنْ قُتلنا...
حتى "نفتح ثغرًة للنور"
ويندلع النهار
| 
الجدار الأخير