الميثاق نت -

الجمعة, 17-فبراير-2023
أحمد‮ ‬الزبيري‬ -
الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا ووصلت تأثيراته إلى الكثير من دول المنطقة واستمرت الموجات الارتدادية له حتى اليوم كارثة إنسانية تقتضي التعاطف من جميع البشر في الكرة الأرضية ولا ينبغي ربطها بخلافات أو صراعات أو حروب مع الدولة والشعب الذي تعرض له، ومع ذلك هناك من يدَّعون الإنسانية ومشاعر التعاطف مع هذا البلد أو ذاك، مع هذا الشعب أو ذاك لمعايير ومقاييس مصالحهم ومشاريعهم وأهدافهم وهذا ما نراه اليوم بأم العين من أمريكا وحلفائها الاوروبيين واتباعها في المنطقة تجاه سوريا وشعبها الذي تعرض لحرب وحشية قتلت عشرات الآلاف وشردت‮ ‬الملايين‮ ‬باسم‮ ‬ثورة‮ ‬مزعومة‮ ‬ثوارها‮ ‬الإرهاب‮ ‬التكفيري‮ ‬من‮ ‬داعش‮ ‬والنصرة‮ ‬وأخواتهما‮ ‬تنفيذاً‮ ‬لمخططات‮ ‬أمريكية‮ ‬بريطانية‮ ‬أوروبية‮ ‬صهيونية‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
لم تكتف أمريكا بذلك عندما شعرت بأن سوريا الدولة والشعب قد انتصرت على ذلك الإرهاب فلجأت إلى احتلال الأرض ونهب الثروات هي وعملاؤها مضاعفة الآلام السوريين باختراع ما يسمى بقانون »قيصر« الذي هو حصار مطبق على سوريا والشعب السوري وتحت دعاوى حقوق الإنسان والديمقراطية وهي ادعاءات كاذبة وعارية.. اليوم بعد ان رأينا أمريكا واوروبا تستثمر في الكارثة الطبيعية، والرسالة عبرت عنها بشكل خسيس صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية والتي اعتبرت ان هذا الزلزال الذي قتل عشرات الآلاف وأصيب أكثر من (100) ألف تقريباً في تركيا وسوريا بأن هذا جزء من حرب أمريكا وأوروبا ولكن بدون إرسال الدبابات إلى منطقة الزلزال وهذا هو التعبير البشع واللاإنساني والوحشي لأمريكا وأوروبا وفي مقدمتها فرنسا والمانيا التي عبرت وزيرة خارجيتها المنتمية إلى حزب الخضر الذي سوَّق أعضاؤه أنفسهم بأنهم أنصار الإنسانية والبيئة‮ - ‬عبَّرت‮ ‬عن‮ ‬موقف‮ ‬حزبها‮ ‬بعدم‮ ‬اختراق‮ ‬عقوبة‮ ‬أمريكا‮ ‬المتمثلة‮ ‬في‮ ‬قانون‮ »‬قيصر‮«.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
في هذا التهتك الغربي تسقط آخر أساميل ادعاءات الإنسانية التي كان يتغطى بها الغرب الذي لم يتخلى يوماً عن إجرامه وتوحشه الاستعماري منذ قرون ويصبح عارياً أمام الله وخلقه ويأخذ انحطاطه المدى الاقصى.
كارثة‮ ‬الزلزال‮ ‬كان‮ ‬يفترض‮ ‬ان‮ ‬تحرك‮ ‬العالم‮ ‬كله‮ ‬للوقوف‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ ‬تركيا‮ ‬وسوريا،‮ ‬ولكن‮ ‬هناك‮ ‬من‮ ‬يحاول‮ ‬الاستثمار‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المأساة‮ .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
بطبيعة الحال تجاه ما تعرضت له تركيا وسوريا فإن مشاعرنا تجاه الشعبين واحدة ويُفترض أنها مشاعر الإنسانية كلها، ولكن هذا غير موجود لدى أولئك الذين يشنون الحروب علينا ويصنعون الأزمات ويشعلون الفتن لنبقي خاضعين لمشيئة أمريكا وحلفائها في نهب ثرواتنا وتأمين قاعدتها‮ ‬المتقدمة‮ ‬كيان‮ ‬العدو‮ ‬الإسرائيلي‮.‬‬‬‬‬‬
الموقف الإنساني لا يتجزأ، وأمام الكوارث والمآسي الطبيعية ليس هناك شعب يستحق المساعدة والعون والتضامن وشعب آخر لا يستحق، وُيفترض أن تتوجه عمليات الاغاثة والمساعدات بنفس القدر والكيفية لكل الناس الذين تضرروا من الزلازل والاعاصير والعواصف والفيضانات وأي كوارث مشابهة يقف الإنسان أمامها عاجزاً ويحتاج لوقوف اخوانه من البشر إلى جانبه ، فهذه لا تفرق بين مسلم ومسيحي وبوذي ويهودي ولا بين أسود وأبيض واصفر فالكل يتعرضون لها، لكن في ظروف احياناً تكون متساوية وأحياناً تكون غير متساوية من حيث الظروف والاوضاع والامكانات ولا نعتقد ان هناك شعباً آخر يحتاج للوقوف والدعم الإنساني مثل سوريا والشعب السوري الذي دمرت أمريكا وتحالفها وأدواتها في المنطقة وطنه بالحرب العدوانية الظالمة والإرهاب وقانون »قيصر«، وكان يفترض من كل هؤلاء المجرمين ان يستغلوا كارثة الزلزال ليلمعوا صفحاتهم القاتمة بدماء وأوجاع السوريين في رفع الحصار ومد يد المساعدة ولو نفاقاً، ولكن من أين لأمريكا ومن معها من المنحطين والساقطين أخلاقياً مثل هذا السلوك، ولن ينفع السماح الكاذب بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا باعتبارها كاستثناء من قانون »قيصر« لذر الرماد في عيون الرأي العام العالمي الذي صار يعرف ان التحالف الغربي ليسوا إلا مجموعة ممن لا يرتوون من دماء ضحاياهم بحثاً عن المزيد من الارباح وهذا هو تاريخ أمريكا والاستعمار الغربي عموماً، بدءاً من إبادة سكان الامريكيتين الأصليين »الهنود الحمر« مروراً بشعوب آسيا وأفريقيا، وما زالوا مستمرين في هذا النهج رغم قُرب نهايتهم التي لن تكون إلا نتاجاً لجرائمهم التي تضع البشرية أمام خيارين إما هزيمة هذا التوحش الشنيع أو إبادتهم للعالم بحرب نووية على رؤوس الجميع إنه الاستكبار والانانية التي لابد ان يضع الله لها حداً، وهذا إيماننا ..

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 05-فبراير-2025 الساعة: 07:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63780.htm