الميثاق نت -

الأحد, 04-يونيو-2023
فيصل‮ ‬أمين‮ ‬أبو‮ ‬راس‮ ❊‬‬‬‬‬ -
تعثّرت الوحدة لأسباب موضوعية وغير موضوعية وعوامل داخلية وخارجية عدة، والخارجي -من وجهة نظري، وأعني به هنا الجوار- مثّل التحدي الأكبر أمام قيام الوحدة بين اليمنيّين، وإن كُتب لها أن تقوم، سخر لإفشالها إمكانياته وقدراته وعلاقاته حتى وإن تتطلب الأمر شنّ الحرب عليه لتقسيمه وتقاسمه ليتحكّم به بالمباشر وغير المباشر، لأنّ بيئة الجزيرة وتركيبتها وسياسة أنظمتها المتماهية والمرتبطة منذ النشأة مع حلفائها الغربيّين ومصالحهم المشتركة في المنطقة، لن تسمح بقيام يمن قويّ وموحد، مترامي الأطراف، وموقعه الاستراتيجي المتميز، وتعداد‮ ‬سكانه،‮ ‬وتنوع‮ ‬ثقافاته‮ ‬وثرواته‮.‬‬‬‬‬‬
لمعرفة أين تعثّرت الوحدة، لا بُدّ من معرفة الخلفية التاريخية التي ولدت في رحمها الوحدة، فشعب اليمن، شماله وجنوبه، ماضيه وحاضره، واحد، انتشر عبر التاريخ في ربوع الجزيرة وشمالها وأبعد من ذلك في اتجاهات الأرض الأربع، إلّا أنّ الهدف من الحرب اليوم هو ألّا يعود‮ ‬له‮ ‬مستقبل‮ ‬واحد‮. ‬‬‬‬‬
على‮ ‬غير‮ ‬ما‮ ‬يروّج‮ ‬له‮ ‬الجوار‮ ‬وضخّه‮ ‬الإعلامي‮ ‬المموّل‮ ‬والمهول،‮ ‬فإنّ‮ ‬ما‮ ‬يجمع‮ ‬بين‮ ‬اليمنيّين‮ ‬يفوق‮ ‬بكثير‮ ‬ما‮ ‬يجمع‮ ‬بين‮ ‬مجتمعات‮ ‬هذا‮ ‬الجوار‮ ‬ودول‮ ‬قريبة‮ ‬وبعيدة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
لقد سعى ملك الجوار المؤسس بعد غزوه لمناطق شاسعة من الجزيرة؛ اتجه جنوبًا لغزو اليمن بإسناد ودعم حلفائه المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، ومكنوه في مسار تطويع الجزيرة من احتلال مناطق شاسعة من شمال وجنوب اليمن فاق مقدار مساحته اليوم. وإن كان قد توقف عندها إلّا ولذات الهدف استمرّ اليمن، والذي من منظور جاره، يشكّل تهديدًا وجوديًّا، ويمثّل ملف أمن قوميّ بالغ الأهمية والحساسية، يستوجب إبقاءه على رادار اهتمامه الاستراتيجي طيلة العقود التي أعقبت الاحتلال الأول. ولهذا دعم خلالها الشمال في مواجهة الجنوب، والجنوب في مواجهة الشمال، وتدخل في تفاصيل الشؤون الداخلية، وعمل على تصعيد نظام هنا وإسقاط آخر هناك، واغتيال هنا واغتيال هناك، لإرباك المشهد ومفاقمة الصراعات البينية وخلخلة المؤسسات ومسار علاقة اليمن بهذا البلد أو ذاك، وأجاد كما لم يُجِد غيره من قبل اللعبَ على التناقضات‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬يخلو‮ ‬منها‮ ‬مجتمع‮. ‬‬‬‬‬‬‬
هكذا‮ ‬اشتغل‮ ‬الجوار،‮ ‬ودأب‮ ‬على‮ ‬إفشال‮ ‬جهود‮ ‬اليمنيّين‮ ‬ومساعيهم‮ ‬لتحصين‮ ‬بلادهم‮ ‬والعمل‮ ‬على‮ ‬تماسك‮ ‬مجتمعهم‮ ‬وتحقيق‮ ‬وحدتهم‮ ‬كاستحقاق‮ ‬شعبيّ‮ ‬طالما‮ ‬تطلّعوا‮ ‬إليه‮ ‬وإلى‮ ‬حقّهم‮ ‬في‮ ‬مستقبل‮ ‬آمن‮ ‬ومستقر‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أمام هذه التحديات والعوامل الجيوسياسية التي تفرّدت بها الجزيرة والظروف الإقليمية والدولية الماثلة، جعل مسار مخاض الوحدة الشاق والعسير يتحرك في أرض رخوة وغير متماسكة ومصيرها منذ البداية الإجهاض، وإن كتب له أن يولد فقد ولد حتى يموت.
حالة الترهل المتراكم والصراع المتفاقم، التي وصل إليها الحال، وفرت الأجواء والمناخات الملائمة حتى يكمل الحفيد من حيث انتهى الجدّ المؤسس بالغزو من الخارج، وواكبه صراع من الداخل لمراكز القوى على السلطة وتقسيم بلادهم إلى كنتونات مصالح ومناطق نفوذ، والممول هنا والداعم والمتحكم واحد وأعد لهذا السيناريو لعقود، ليحقّق بشن الحرب مرحلةَ الاحتلال الثاني والأخير، وعبر الغزو بالعدوان ويتحقّق الاحتلال المباشر وغير المباشر، مستعينًا في غزوته بالأطراف اليمنية ممّن معه بالشراء والاستقطاب، ومن ضدّه بالغباء والاستدراج، ولا يعود‮ ‬بعده‮ ‬يمن‮ ‬كما‮ ‬عُرف‮.‬‬‬‬‬‬

‮❊ ‬برلماني‮ ‬وسفير‮ ‬سابق‬‬‬


تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 03:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64314.htm