الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-نوفمبر-2023
د / جابر يحيى علي البواب * -
لتاريخ نضال وتضحيات الشعوب ذاكرة لا يمكن محوها أو تجاهلها أو نسيانها، لأنها تسجل بدماء من قدموا أرواحهم فداءً وتضحية في سبيل نيل الحرية والاستقلال والدفاع عن الأرض والعرض، والمناضلون الأحرار من أبناء الشعب اليمني عندما تصدوا للغزاة وقاتلوا العدو المحتل، والشعب اليمني يساندهم ويناصرهم من اجل نيل الحرية والاستقلال والحفاظ على الكرامة والعروبة والهوية الإيمانية، في الماضي ببذل التضحيات والصبر على شتى أنواع التنكيل والتعذيب البريطاني في جنوب اليمن، والإمامي الظلامي في شمال اليمن، وفي الحاضر بالاحتساب والصبر والجهاد المشروع ضد العدوان الوحشي الإجرامي على شعب اليمن من قبل دول الجوار وتحالف العدوان العربي الأمريكي الصهيوني، وصولا إلى الوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي الصهيوني على قطاع غزة، والجهر الواضح بدخول اليمن معركة طوفان الأقصى نصرة لفلسطين، وتأكيداً على أن أبناء فلسطين "غزة" وكل الأراضي المحتلة ليسوا لوحدهم وإنما يقف بجانبهم بالأرواح والدماء والسلاح العسكري البسيط الفعال كل أبناء الشعب اليمني الذي تصدى لأبشع أنواع الإرهاب البريطاني في مدينة عدن كالذي حدث عند خروج المتظاهرين في شهر أكتوبر من العام 1965م، عندما لجأت القوات البريطانية إلى استخدام العنف ضد طلبة المدارس الإعدادية والثانوية، وأغلبهم من الأحداث الذين يجرم القانون البريطاني في حينه استخدام العنف والقوة ضدهم، لكن القوات البريطانية التي كانت مدججة بالسلاح طوقت المتظاهرين في الشوارع وتعاملت معهم بعنف الهراوات وضربات أعقاب البنادق، ورصاص الموت، ليس ذلك فحسب بل انهم قاموا باعتقال الجرحى والمصابين وقتلوا البعض منهم وزجوا بالسجون البعض الآخر .

ما حدث في الماضي حاول عملاء بريطانيا ومرتزقة الغرب تجسيده في الحاضر من خلال ما سمي بعاصفة الحزم للتحالف العربي المزعوم لنصرة الشعب اليمني على الشعب اليمني، وتم من خلال هذا التحالف العربي المحتل، الذي افشل مخططه رجال الرجال من أبناء الشعب اليمني والجيش الوطني اليمني، وتم تعطيل مخطط تقسيم اليمن وتجزئته والقضاء على الوحدة اليمنية احد المنجزات العظيمة التي تحققت في التسعينيات تحديدا في الـ22 من مايو 1990م، والتي تعد من أهم أهداف ثورتي الـ26 من سبتمبر والـ14 من أكتوبر والـ30 من نوفمبر يوم جلاء وطرد آخر جنود الغزاة البريطانيون من الأراضي اليمنية المحررة في العام 1967م .

لقد احتوت الوقائع والأحداث على مشاهد متعددة للأسلوب الإرهابي الإجرامي العنيف الذي عاشته المحافظات الجنوبية المحتلة من قبل الاستعمار البريطاني، وسوف أحاول إبراز أهم محطاتها مستندا إلى بعض الوثائق والتسجيلات التاريخية التي تناولت وحشية وعنفوان القوات البريطانية ضد سكان مدينة عدن التي حولها الغزاة البريطانيون إلى قاعدة عسكرية مغلقة تحتشد فيها قوة هائلة من العتاد والعدة كالقوات البرية والبحرية والجوية المزودة بأحدث الأسلحة العسكرية في حينه، ومن ضمن مهام هذه القوة العسكرية البريطانية حماية المصالح البريطانية والأمريكية والإسرائيلية في منطقة الخليج والقرن الأفريقي والممرات المائية التي تؤمن مرور الثروات والحركة التجارية بين القارات الثلاث الآسيوية والأفريقية والأوروبية، إضافة إلى أساليب التعذيب الوحشية التي كانت تمارس على المعتقلين داخل المعتقلات والسجون البريطانية في جنوب اليمن، وهي من اشد أنواع التعذيب الإرهابية الإجرامية التي اتبعتها الاستخبارات البريطانية من اجل إذلال الشعب اليمني وبالتحديد المناضلين محاولة بذلك تدمير الروح الوطنية لدى المقاومة المتصدية للمستعمر وأعوانه.. "كتاب - راشد محمد ثابت: الاعتقالات ووحشية التعذيب في سجون الاستعمار البريطاني 2004م "..

وبالمثل سوف نرى أن التاريخ يعيد نفسه لكن مع تغيير في موازين القوى حيث حاول الاستعمار الحديث المتمثل في التحالف العربي تجسيد الدور البريطاني في اليمن شمالا وجنوبا شرقا وغربا لكنه لم يفلح في ذلك، رغم تواجده المتخفي في جنوب اليمن تحت عباءة نصرة الشعب اليمني، من ابرز المحطات التي سوف نتطرق إليها لحاقاً إلى ختام هذا الموضوع استشراف
محطات الـ30 من نوفمبر 2023م، ونتطرق إلى أهم أحداث هذا القرن نضال الشعب اليمني ضد العدوان والحصار والثبات والتصدي للغزو العربي، وتأكيد الشعب اليمني للعالم انه شعب عزة وكرامة ونصرة للدين وللإسلام، من خلال دور الجيش اليمني في معركة التصدي للعدو الأول إسرائيل وتهديد مواقع استراتيجية عسكرية إسرائيلية في إسرائيل ومستوطناتها .

كمدخل لموضوع استشراف الـ30 من نوفمبر " أبرز محطات الماضي والحاضر"، لابد من مساعدة القراء الأعزاء على التعرف على مفهوم الاستشراف أولا قبل الخوض في تفاصيل ابرز المحطات التاريخية المصاحبة لنضال الشعب اليمني ضد المستعمر البريطاني..

الاستشراف هو تطلع نحو المستقبل لتوقع طبيعة وأهمية التطورات المستقبلية باستخدام معلومات من الماضي والحاضر بمحاولة التنبؤ ببعض ما قد يحدث في المستقبل وهو يختلف عن التنبؤ وعن مفهوم الإسقاط، فالتنبؤ هو تقرير بحدوث بدائل معينة للمستقبل بناء على تتبع مسار متغيرات معينة في الماضي والحاضر ورصد تأثيرها على ظاهرة ما في المستقبل بحيث ينتهي بتطور تلك المتغيرات ويؤدي إلى حدوث بديل معين دون غيره، ويختلف الاستشراف عن التنبؤ في درجة تحديد حدوث أي من تلك البدائل فلا ينتهي بتقرير حدوث أحد البدائل الواردة فيها بل تدرس بدائل متعددة (احتمالية) وتقارن بينها فهي تسعى لمحاولة التأثير على شكل المستقبل القادم." أحمد عبد الفتاح زكي وآخرون: " الدراسات المستقبلية، 2003م"، أما الإسقاط بالقرنية فإنه يقوم على افتراض أن ثمة ارتباط زمني بين حدثين حيث يقع أحدهما قبل الآخر عادة بحيث يمكن التنبؤ بالحدث اللاحق استنادا إلى الحدث السابق .

تحتفل اليمن الخميس 30 نوفمبر 2023م بالذكرى الـ56 ليوم الجلاء واستقلال جنوب اليمن وخروج آخر جندي بريطاني من الأراضي اليمنية في العام 1967م، والقضاء على الاستعمار البريطاني ..

لقد مرت مرحلة النضال وإسقاط إمبراطورية بريطانيا في اليمن بمحطات متعددة أبرزها :

قيام الجبهة القومية القائدة لثورة الـ14 من أكتوبر، بتحديد أهدافها من الثورة والمتمثلة في التحرر من الاستعمار العسكري والسياسي البريطاني وإزالة السلطنات، وتوحيد أراضي وجزر الشطر الجنوبي من اليمن، وضمان الاستقلال السياسي وصون السيادة الوطنية في مواجهة الثورة المضادة، وربط قضايا التحرر الوطني بالتحرر الاجتماعي من الاستغلال، وقطع التبعية الاقتصادية بالرأسمالية العالمية من أجل الاكتفاء الذاتي وتجاوز واقع التخلف الذي كرسه الاستعمار، وبناء دولة عادلة، والتضامن مع نضال الشعوب العربية وشعوب الأرض ضد الاستعمار والصهيونية العالمية، والانتقال من مواجهة الاستعمار في الوطن إلى مواجهته في العالم، باعتبار اليمن جزءا من حركة الثورة العالمية، من اجل ذلك شهدت عدن حوالي 30 إضراباً عمالياً في مارس 1956م، وفي يونيو من العام نفسه قام الثوار في بيحان محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي، وفي خريف عام 1956م أثارت الأحداث - التي شهدتها مصر، إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا - غضب الشعب اليمني، فازدادت وتيرة العمل الوطني، ضد التواجد البريطاني في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية، كما هو حادث اليوم عندما أثارت أحداث ما بعد طوفان الأقصى 2023م حمية الجيش اليمني الذي دخل المعركة الفلسطينية الإسرائيلية بالعمل العسكري المباشر، عبر اطلاق صواريخ بعيدة المدى إلى المستوطنات الإسرائيلية، وفي فبراير 1957م شهدت المحميات الغربية في اليمن أكثر من خمسين حادثة معظمها إطلاق نار على المراكز البريطانية وعلى المسؤولين المحليين في كلٍ من ردفان وحالمين والضالع، وفي 24 فبراير 1957م تم نصب كمين لدورية عسكرية بريطانية تتكوّن من 22 فردا من أفراد قوات الكاميرون مايلاندر أسفر عن مقتل اثنين من الدورية وإصابة ستة بجروح، وفي عام 1958م رفض سلطان لحج علي عبدالكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي، فأرسلت بريطانيا في أبريل 1958م 4000 جندي تدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة، تحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر، وإثر ذلك نزح جزء من قوات سلطان لحج إلى تعز وبلغ عددهم 45 ضابطاً و300 جندي، خلال الفترة من 1956م 1958م شهدت الثورة "الانتفاضة" في المحميات الغربية والشرقية اطراداً في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصرَ منذ قيامها في عام 1952م وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر، واستفادت المقاومة الشعبية من الدعم المحدود الذي قدمه الإمام أحمد لها؛ إلا أنّ التراجع الذي أقدم عليه الإمام أحمد بعد أن شعر بخطورة تنامي الوعي الوطني في الشمال والجنوب على حدٍ سواء ضد حكمه والحكم البريطاني، فتوصل إلى حلول مع البريطانيين قام إثرها بقطع كافة أشكال الدعم والمساندة على رجال المقاومة الشعبية، فكان نتاج ذلك زيادة الهجمة العسكرية البريطانية ضد القبائل الثائرة التي لم تجد معظمها - وخاصة القيادات - من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية أو الهجرة إلى دول عربية مثل الكويت والسعودية.

على اثر ذلك اتخذت القيادات الجنوبية التي لجأت إلى الشمال، قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م من الشمال قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر البريطاني، وكونت في عام 1957م جبهة العاصفة العدنية بقيادة محمد عبده نعمان الحكيمي الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاً إذاعياً من إذاعة صنعاء باسم (صوت الجنوب)، لكن الإمام رفض أي نشاط لهم في صنعاء، فعملت مجموعة من المناضلين على تكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب وباشتراك عدد من رؤساء القبائل وأسسوا هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصرَ عام 1960م لكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة ..

 في 24 فبراير 1963م عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر "القوى الوطنية اليمنية"، كانت مخرجاته اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة سميت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل، من أهدافها الدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة، وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي، الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوبا وحيدا وفعالا لطرد المستعمر . وتم تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة في المؤتمر كان على رأسها قحطان محمد الشعبي .

في 14 أكتوبر 1963م انطلقت الشرارة الأولى للثورة في اليمن الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني، وذلك من جبال ردفان، بقيادة راجح لبوزة، وشنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل. واتّبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة "الأرض المحروقة"، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللاإنسانية، وفي 11 ديسمبر 1963م صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني، وفي عام 1965م اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنها قرارات تظل حبر على ورق لا تؤدي إلى تقرير المصير والتحرر والاستقلال، لذلك استمر النضال والكفاح، فكانت في تاريخ 7 فبراير 1964م أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج)، وفي 3 أبريل 1964م شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها ..

وفي 28 أبريل 1964م شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان)، وقامت طائرات بريطانية في 14 مايو 1964م بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم بـ " الذئاب الحمر " ، وفي 22 مايو 1964م أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع " هنتر " النفاثة .

تضاعفت العمليات الفدائية واشتدت على قوات الاستعمار البريطاني التي أصدرت قانون الطوارئ في 19 يونيو 1965م وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بأبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن، وعلى اثر ذلك عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965م، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن، واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل، وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني، وفي الثلاثين من يوليو عام 1965م قامت مجموعة من الثوار بقيادة علي احمد ناصر عنتر بمهاجمة سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص، وفي 25 أغسطس 1965م رفضت الجبهة القومية نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته بـ"مؤتمر الخيانة"، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب، في 22 من فبراير 1966م أصدرت الخارجية البريطانية "الكتاب الأبيض" الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968م، وعلى اثر ذلك شكلت الجبهة القومية في 5 أبريل 1966م، لجنة لجمع التبرعات من المناطق الشمالية، بهدف دعم الجبهة ومساندة الثوار .

أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس 1966م اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963م و1965م الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره، في 5 أكتوبر 1966 قدم ثوار الشمال الدعم الشعبي والعسكري الكبير لإخوانهم في الجنوب، وذلك بدأً من الضالع وحتى وصولهم إلى عدن، مما أدى إلى الضرر الأكبر في صفوف القوات البريطانية، والهزيمة الساحقة في نفوس قوات الاحتلال البريطاني ..

في 8 مارس 1967م أصدرت الجامعة العربية قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن، وفي 2 أبريل 1967م حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد، وفي 3 أبريل 1967م نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين ..

 في 20 يونيو 1967م تمكن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين، وفي 21 يونيو 1967م سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي احمد ناصر عنتر. وتبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967م بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة، وفي 28 سبتمبر 1967م تأسست إذاعة المكلا التي انطلقت باسم "صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل "..

وفي 5 نوفمبر 1967م أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية .

نتيجة لكل هذا النضال والكفاح والصمود والشموخ اليماني الذي ابرزه أبناء الجنوب بمساندة أبناء الشمال، من أجل نيل الحرية والاستقلال، وأمام صلابة وقوة شعب اليمن تلاشت الإمبراطورية العظمى "بريطانيا" وأعلن وزير خارجيتها (جورج براون) في 14 نوفمبر 1967م أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967م وليس في 9 يناير 1968م، كما كان مخططاً له سابقاً ..

 في 26 نوفمبر 1967م بدأت قوات الاحتلال البريطاني بالانسحاب التدريجي من مدينة عدن، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان مجبرا من عدن، وفي 30 نوفمبر 1967م تم جلاء آخر جندي بريطاني وتم إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وتم تولية أمين عام الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل قحطان محمد الشعبي رئاسة أول حكومة لجمهورية لجنوب اليمني .

اليوم وبعد مرور 56 عاماً على استقلال جنوب اليمن، يحتفل أبناء اليمن وبفخر بهذا الانتصار المحقق على إمبراطورية الغزو والاحتلال "البريطاني"، التي تحاول فاشلة إعادة احتلال جنوب اليمن بل اليمن كاملا بعد توحده في الثاني والعشرين من مايو 1990م، مستعينة بالخونة من عرب الجوار الخليجي ومرتزقتهم، لكن نضال وصمود وشموخ رجال الرجال من اللجان الشعبية والجيش افشل الكثير من المخططات، ووضع اليمن على مسار الاستقلال والحرية، بل إن جيش ثورتي سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، اثبت للعالم اجمع أنه الوحيد القادر على الوقوف في وجه العدو الصهيوني الأمريكي، ومناصرة القضية الفلسطينية والعمل على استمرار عمليات طوفان الأقصى التي أرعبت اليهود الصهاينة، وأعادت إلى أذهان العالم حق تقرير المصير لأبناء فلسطين وحقهم المشروع في بناء دولة مستقلة عاصمتها القدس..

 إن ملامح ومؤشرات استشراف ما بعد الـ30 من نوفمبر 2023م تؤكد أن اليمن سوف ينتصر لقضيته وينال شرف الانتصار للقضية الفلسطينية، ويثبت للعالم أن قوة الإيمان والارتباط بالله هي العامل الرئيسي لنيل الحرية والاستقلال.



* وكيل مساعد قطاع التخطيط بوزارة الشباب والرياضة

رئيس مركز استشراف المستقبل للدراسات والبحوث والتدريب
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 04-أكتوبر-2024 الساعة: 02:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65130.htm