عبد السلام الدباء - قِيل إن حب الوطن من الإيمان.. وهذا إلى حد كبير أمر صحيح في اعتقادي.. ولكن الإيمان بالوطن يختلف من شخص إلى آخر بحسب تنوع الناس وبحسب قوة إيمانهم.. فهناك من الناس وللأسف من لايعني لهم الوطن سوى تحقيق مصالحهم الذاتية والأنانية وهؤلاء هم سبب البلاء لأي وطن وهم أدوات لخيانته..
وهنا سأعرض عليكم بعض النماذج لهؤلاء الخونة الذين لايعني لهم الوطن سوى مصالحهم الدنيئة فقط:
عندما تم القبض على جيفارا في مخبئه بعد ما أبلغ عنه راعي أغنام !! سأل أحدهم الراعي لماذا أبلغت عن رجل قضى حياته في الدفاع عنكم وعن حقوقكم؟.. فأجاب الراعي : كانت حروبه مع العدو تخيف أغنامي!!
وبعد مقاومة (محمد كريم) في مصر للحملة الفرنسية بقيادة نابليون تم القبض على محمد كريم والحكم عليه بالإعدام إلا أن نابليون أرسل إليه وأحضره
وقال له : يؤسفني أن أعدم رجلاً دافع عن بلاده بجرأتك ولا أريد أن يذكرني التاريخ بأنني أعدم أبطالاً يدافعون عن أوطانهم، لذلك عفوت عنك مقابل عشرة آلاف قطعة من الذهب تعويضاً عمن قُتل من جنودي..
فقال له محمد كريم: ليس معي ما يكفي من المال ولكن لي دين عند التجار بأكثر من مائة ألف قطعة من الذهب، فقال له نابليون سأسمح لك بمهلة لتحصيل أموالك.. فما كان من كريم إلا أن ذهب الى السوق وهو مقيد في أغلال ومحاط بجنود المحتل الفرنسي وكان عنده الأمل فيمن ضحى من أجلهم من أبناء وطنه فلم يستجب تاجر واحد، بل اتهموه أنه كان سبباً في دمار الاسكندرية وسبباً في تدهور الأحوال الاقتصادية..
فعاد إلى نابليون مستغرباً ومخذولاً؛ فقال له نابليون ليس أمامي إلا إعدامك.. ليس لأنك قاومتنا وقتلتَ جنودنا ولكن لأنك دفعت بحياتك مقابل أناس جبناء تشغلهم تجارتهم عن حرية الأوطان..
ويقول محمد رشيد رضا : الثائر لأجل مجتمع جاهل مثل شخص أشعل النار بجسده كي يضيئ الطريق لشخص أعمى.. وخلاصة القول مما سبق: إن حب الوطن لا يُقاس بالمال لأنه أثمن من المال وأغلى من كل المصالح الشخصية وهذا الأمر هو أكبر من وعي وإدراك الخونة والجبناء مهما حاولت أن تقنعهم به..
فلا تحاول أن تقنعهم بحب الوطن والإخلاص له لأنك مهما عملت فلن يكون سهلاً عليك أن تقنعهم بأن الوطن أغلى وأثمن من المال ..
وأنك إنْ حاولتَ ذلك فستكون بمثابة من يحاول أن يقنع الذبابة بأن الزهور أجمل من القمامة!!
|