الميثاق نت -

الجمعة, 17-مايو-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
مثَّلت الوحدة اليمنية علامة فارقة في حياة الشعب اليمني بعد مسيرة نضال امتدت لعقود ، تُوّجت بالنصر والاستقلال؛
لكن حلم الوحدة اليمنية لم يبارح ذاكرة المناضلين شمالا وجنوبا، لتبدأ مرحلة إعادة اللحمة اليمنية حتى تُوج ذلك في 22 مايو 1990م.. الأمر شكل مصدر إلهام للشعوب في الإرادة والتصميم لتحقيق طموحاتها وتطلعاتها؛ ومن الواجب اليوم أن يعلم الجميع عظمة هذا الإنجاز ،خصوصا الشباب منهم وكذلك الأجيال التي عليها أن تطلع على تلك الفترة وإرهاصاتها وأحداثها وكذلك تعرية المشاريع الصغيرة المرتبطة بالخارج حينها ليعرف الجميع المخاطر الجمة التي تعرضت لها اليمن أرضا وإنسانا، ومازالت تلك الدعوات النشاز حاضرة اليوم تحاول العودة بالشعب اليمني للوراء، لا لشيء إلا من أجل تنفيذ مشاريع خارجية مقابل حفنة من المال المدنس المعجون بإهدار الكرامة.. يأبى اليمنيون الأحرار وتتفر نفوسهم أن يكونوا كذلك..

في هذا الصدد يقول الأستاذ عباد العنسي ل "الميثاق": نحن جيل ماقبل الوحدة اليمنية كنا ننام ونصحو على حلم الوحدة، وقد أصبحت اليمن وطناً واحداً، تديره دولة واحدة، نصحو وقد أصبح بإمكان أي يمني أن يتحرك إلى عدن أو صنعاء أو إلى أي مكان في اليمن دون أن يسألك أحد من أين أنت وإلى أين أنت ذاهب ولماذا.. كنا كذلك لأننا وُلدنا ونمونا ونحن نتغذى بفكر الوحدة كما نتناول وجبات الطعام اليومية، في المناهج التعليمية وفي وسائل الإعلام المختلفة..
ويتابع العنسي: الحمد الله صحونا في 22 مايو 1990م وقد أصبح هذا الحلم حقيقة معيشة، كنت يومها طالباً في السنة الأولى في الجامعة في القطر العربي السوري، وكان إخوتنا في سوريا يباركون لنا هذا الإنجاز التاريخي ويعقبون هذه التهنئة عقبال الفرحة الكبرى بالوحدة العربية، والتي كانت أيضا غذاء لنا كما هي الوحدة اليمنية بعدها كان أسوأ سؤال يوجه لي من أي مواطن عربي هو من أين أنت فأجيب من اليمن، ويقول من أين من اليمن من الشمال أم من الجنوب، فأرد بعصبية وبشكل لا إرادي مافيش حاجة اسمها يمن شمالي ولا جنوبي، ونتيجة هذا الرد بعصبية، يبادر السائل بالاعتذار الشديد عن الجزء الأخير من السؤال..

*ذاكرة الجيل

اليوم هذا المنجز التاريخي العظيم يتعرض لخطر كبير، وأصبحت أهمية وحدة اليمن والحفاظ عليها في ذاكرة جيل ما بعد الوحدة ليست كما كانت لدى جيل ما بعد الوحدة.. السؤال هنا لماذا ؟ رغم أن حياة المواطن اليمني في ظل وحدة الوطن أفضل بكثير من حياته قبلها..
الإجابة عن هذا التساؤل مهمة جدا لعلنا نتلافى الأخطاء التي جعلت أهمية وحدة الوطن في ذاكرة هذا الجيل ليست كما كانت في جيل ما قبل الوحدة ، ولم تعد قضية تحمل هوية الإنسان اليمني وقوته وعزته ومستقبله..
ويعتقد العنسي أن تغذية جيل ما بعد الوحدة بأهمية الحفاظ على الوحدة اليمنية لم تُعطَ أي اهتمام سواء في مناهج التعليم أو في وسائل الإعلام المختلفة..
لافتاً إلى ان هذا المنجز العظيم لم يُعطَ الاهتمام بعد الوحدة اليمنية بتغذية الأجيال بأهمية الحفاظ عليها ، من خلال إبراز ما كنا نعانيه قبل الوحدة من مشاكل بسبب تمزق اليمن ، لم يتم تعريف هذا الجيل أن الحروب بين شمال الوطن وجنوبه لم تكن تتوقف وكانت تستنزف موارد اليمن شمالا وجنوبا وكل ذلك من أجل تحقيق هذه الوحدة ، وتحت شعار توحيد اليمن ، فمن أجل هذا المنجز سالت دماء الآلاف من أبناء اليمن..

*قراءة المستقبل

لم يعرف هذا الجيل أننا كنا مواطنين بلا وطن لأننا من اليمن ، كما عبر عن ذلك فيلسوف وحكيم اليمن عبدالله البردوني الذي الان كل أبناء اليمن يقرأ قصائده ويقولون إنه كان يقرأ المستقبل السيئ الذي نعيشه الآن..
حتى أن صوت دعاة تمزيق الوطن أصبح هو الصوت المرتفع والذي يصل إلى كل شبل من ابنائنا ، ولم يتم حتى مواجهته بصوت مرتفع بأهمية الحفاظ على هذا المنجز العظيم، والقوانين الرادعة لهذه الأصوات..
صحيح أن هناك أخطاء إدارية في إدارة الوطن بعد الوحدة ، لكنها أخطاء تحدث في اي نظام حكم ، وكانت هذه الأخطاء موجودة ، وبصورة أكثر فداحة في الأنظمة التي كانت تحكم اليمن شمالا وجنوبا قبل الوحدة ، وأن وحدة الوطن أنهت الكثير من الأخطاء الفظيعة التي كانت تحدث قبل الوحدة.. نعم تلك الأخطاء الإدارية..
وأضاف العنسي: ولا يمكن أن تكون مبرراً لإعادة تمزيق الوطن مهما كانت أخطاء فادحة، ومعالجتها أهون مليون مرة وأقل كلفة مليون مرة مما يدفعه أبناء اليمن اليوم فاتورة الأصوات الشاذة التي تدعو إلى تمزيق الوطن وشرذمته والتي تغذى بالمليارات القادمة من أعداء وحدة اليمن الإقليميين والدوليين ، فهل هذه الأموال التي تضخ الآن لتمزيق الوطن من قِبل أعداء يعرف الجميع أنهم أعداء تاريخيون لهذا الشعب وأعداء لوحدته هي من أجل خير لهذا الشعب العظيم أم هي شر عليه.. وقبول التآمر على وحدة اليمن أحد أسبابها ناتج عن عدم الاهتمام بتغذية وتوعية جيل ما بعد الوحدة بأهمية الحفاظ على وحدة الوطن وقدسيتها..

*حقائق التاريخ

ويؤكد الدكتور عبدالحليم نور الدين أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومؤسس قسم الآثار بجامعة صنعاء، في حديث سابق له في العام 2004م، أن "الوحدة اليمنية وحدة طبيعية وتاريخية معبرة عن أرض واحدة وشعب واحد وحضارة واحدة ولا إمكانية للحديث عن جنوب أو شمال في الحضارة اليمنية سواء في سبأ أو معين أو حمير أو في قتبان أو أوسان أو حضرموت، كلها حضارة واحدة بثقافة واحدة وشعب واحد وأرض وطبيعة واحدة، والوحدة اليمنية سوف تقود اليمن إلى مزيد من الازدهار ومزيد من القوة، ونحن العرب بحاجة إلى الوحدة اليمنية كما الشعب اليمني محتاج إليها كقوة تدعم الوطن العربي والشعب العربي".

*قضايا كبرى

الأستاذ ناصر الغشم بدوره أكد علي ضرورة ان يكون النشء مطلع على تاريخ بلاده بشكل جيد.. مشيرا إلى أن هناك تقصيراً في هذا الجانب.. وأضاف: " على النخب بمختلف اتجاهاتها، أن تسهم في نشر الثقافة الوطنية للأجيال لأنهم هم المستقبل، وبعيداً عن أي تحيزات.. علينا نشر وعي متأصل في نفوسهم لأننا نشهد تجريفاً كبيراً في هذا الشأن، هناك فجوة كبيرة في عملية الوعي الحقيقي تردمها مغالطات تكرس مفهوم التشتت والتمزق وتعمل آلة إعلامية ليل نهار في تثبيت هذه المفاهيم تحت دعاوى شتى، الوحدة اليوم تواجهها تحديات لا يمكن مواجهة ذلك إلا بتحصين وعي الفرد بالقضايا الوطنية والمصيرية الكبرى..

*فجر جديد

الأستاذ/ أمين النهمي تحدث قائلاً: لقد كانت ليلة تحقيق الوحدة اليمنية مميزة من ليالي اليمن المباركه لا تساويها إلا ليلة إعلان الجمهورية ودحر الملكية لدى أغلب اليمنيين؛ في 26 سبتمبر كنت ومعي مجموعة من زملاء الدراسة في مدينة إب نتابع مجريات الأحداث على شاشة التلفاز ونترقب التوقيع على اتفاقية اعلان الوحدة من قِبل مسؤولي البلدين ويحدونا الأمل في بزوغ فجر جديد هلَّ على اليمن؛ كانت شوارع مدينة إب تلك الليلة مكتظة بجموع البشر وكان ليل إب كنهاره حركة ونشاط.. وكانت جموع المواطنين تنتشر في الأسواق والأماكن العامة وفي المقاهي والطرقات ابتهاجا وفرحا وقد ارتسمت الفرحة على وجوه الجميع. وظلوا طيلة ليلتهم يتبادلون التهاني بهذا المنجز الوحدوي الكبير الذي سيضيف قوة إلى قوة اليمن وانتصاراً لإرادة الشعب اليمني الواحد.. أما بالنسبة لعملية الوعي فهي ضرورية بالنسبة لمختلف شرائح الشعب وخصوصا الجيل الجديد الذي لم يعايش تلك الحقبة؛ وعلى الجامعة والمدرسة والإعلام أن يضطلع بهذه المهمة الكبرى..

*نفوس مبتهجة

بدوره يرى الأستاذ والباحث/ حسن سعيد دبعي، أن الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه على موعد مع يوم 22 مايو للاحتفال بالذكرى الرابعة والثلاثين لإعادة تحقيق وحدة الوطن وقيام الجمهورية اليمنية.. لافتا إلى أنه إذا كان لنا من مخزون ابتهاج في نفوسنا فإنه من الأجدر أن نظهره في هذا اليوم الذي يُعد من أغلى الأيام والفرحة الوحيدة في حياتنا كيمنيين.. ففي هذا اليوم التأمت اللحمة اليمنية التي حاول الاستعمار والإمامة تمزيقها ومهما يكن في اليمن عبر تاريخه الطويل لم يُعرف الا موحدا ولهذا كانت النتيجة طبيعية ليستمر موحدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. ولابد ونحن على أبواب الثاني والعشرين من مايو أن نتذكر الدروس بجدية للابتعاد عن مساوئ الماضي وعثراته التي جعلت الإنسان اليمني يتخبط في دوامة من الصراع الطويل بسبب حالة التمزق التي كانت تعيشها البلاد وانشطارها إلى شطرين عاشا مع الأسف متناحرين وكل منهما يدعي وصلاٌ بالوحدة.. وإذا أدركنا بوعي أن الوحدة قدر ومن خلالها تتحدد قيمة الوطن على المستويين الداخلي والخارجي وتتحدد بالتالي قيمة الأنسان التي يسعى إلى تكريسها كأمر واقع.

*تفاعل الجميع

خلال هذه الفترة نلاحظ أن هناك تدخلات إقليمية وأخص بها بعض الدول العربية التي تسعى الى تمزيق اليمن من جديد ووجدت لها آذانا صاغية في الداخل من بعض النخب السياسية؛ ولمواجهة هذه المحاولات يجب ان يتفاعل الجميع وكل الخيرين في هذا البلد لمواجهة هذا التهديد الخطير ولانترك لأعدائنا ثغرة يتسللون من خلالها لتخريب قناعتنا وإعادة عجلة الحياة إلى الوراء وانشغالنا دوامة الصراع والعنف.. واختتم دبعي بالقول "نؤكد للجميع أنه بالوحدة نستطيع أن نتغلب على كل المعوقات والسلبيات التي هي بطبيعة الحال نتاج عهود التشطير المظلمة فأهلا وسهلا يوم الثاني والعشرين من مايو هذا اليوم الذي نقش في أعماقنا وتجسد في أذهاننا وحلمنا الأبدي الذي أفنينا من أجله كل غال ونفيس ليكون واقع حال أمام نواظرنا فما توقعنا يوما ونحن نسطر تضحياتنا وتعميدها بالدماء وصولا الى يمن موحد مزدهر أن يأتي هذا اليوم ولكن رحمة الله بهذا البلد وأهله هي التي سخرت الخيرين من أبنائه أن يحولوا هذا الحلم الى حقيقة وواقع معيش..

*رسوخ الوحدة

الاستاذ/ فؤاد حسين يشير إلى أهمية معرفة الدروس التاريخية لقيام الوحدة اليمنية بتفاصيلها الإيجابية وما رافقها من السلبيات والانتكاسات؛وما رافق مسيرتها من عراقيل ومؤامرات وما كانت تحيكه القوى الخارجية من مؤامرات ودسائس وفتن لإجهاضها.. وتابع حسين بالقول "بعد قيام ثورة 26سبتمبر 1962م وإعلان قيام الجمهورية اليمنية كان من بين أهدافها الستة الوحدة الوطنية وعند إعلان تشكيل أول حكومة تم اختيار السيد قحطان محمد الشعبي وزيرا لشئون الجنوب كدليل واضح لوحدة اليمن.. وبعد تحرر جنوب اليمن وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد كفاح ضد المستعمر البريطاني وكان أول رئيس للجمهورية المناضل قحطان محمد الشعبي.. وعندما تعرضت الجمهورية في الشمال للاعتداء هب أبناء الجنوب للدفاع عنها منذ قيامها وفي معركة السبعين يوما.. كما كان لأبناء الشمال دور بارز في المعارك الفدائية ضد المستعمر البريطاني..

*مسار وحدوي
رغم افتعال الحروب بين الشطرين في أوقات متفاوتة نتيجة لنهج الحكومتين وفق التقاسم العالمي والتدخلات الاقليمية الا أن خطوات مسار الوحدة كانت لا تنتهي بعقد الاتفاقيات ووضع القوانين الموحدة والمسارات والخطوات لتحقيق الوحدة اليمنية حلم ابناء الشعب اليمني فحسب؛ حيث تسارعت الاجتماعات واللقاءات للزعماء من الشمال القاضي عبدالرحمن الارياني وابراهيم الحمدي وعلي عبدالله صالح ومن الجنوب سالم ربيع علي وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد، بالسير في خطوات متسارعة؛ ومؤامرات القوى الخارجية تسابقهم وتحيك المؤامرات بمساندة من القوى الرجعية في الداخل فوُئد حلم اليمنيين في اغتيال الوحدة عقب قيامها باغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، وإعدام الرئيس سالم ربيع علي.. ويواصل المشوار الرئيس عبدالفتاح إسماعيل ومن بعده الرئيس علي ناصر محمد الخطوات للسير في نهج تحقيق الوحدة اليمنية.

*حرب الأخوة

لقد أصيب الجنوب بانتكاسة نكبة 13 يناير المشئومة؛ وإزاء المتغيرات الدولية تجدد حلم اليمنيين في مواصلة المشوار رغم تدخلات القوى الرجعية العربية والمحلية بإعلان اتفاقية الوحدة في الثلاثين من نوفمبر 1989م.. علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح في الإعلان التاريخي في قلب مدينة عدن بإعلان قيام الوحدة اليمنية. في 22 مايو 1990م لتنصهر الدولتين في دولة واحدة الجمهورية اليمنية لاستكمال فرحة اليمنيين.. إلا أن القوى الخارجية والعميلة لم تيأس وتتوقف عن مؤامراتها ونجحت في تفجير الأوضاع بالاغتيالات والسيطرة وتحريك القوى الداخلية حتي تم تفجير الأوضاع والحرب بين أبناء اليمن في عام 1994م.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 30-يونيو-2024 الساعة: 02:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66027.htm