الميثاق نت -   <br />

الإثنين, 30-سبتمبر-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
لا يمكن إغفال الدور المهم الذي يلعبه التعليم في غرس الكثير من المفاهيم والقِيَم المُثلى وفي تعزيز الالتزام بالقِيَم الاجتماعية والمدنية، قِيَم الحرية والديمقراطية والتسامح والعدالة والمساواة والعَيْش المشترَك، وتدعيم الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية والإنسانية للمتعلم، وتربيته على القِيَم الخلقية، وتنمية إحساسه بالعصر وتفاعله مع العالم من حوله، وتبصيره بطرائق وأساليب تأمُّل المشكلات الإنسانية الكبرى التي باتت همَّاً مشترَكاً لبني البشر في كل مكان، والتي باتت تستدعي الانخراط في أطر التعاون الإنساني من أجل الإسهام في إيجاد الحلول المناسبة لها..
ويجب أن نشير إلى مسألة في غاية الأهمية وهي تعزيز الولاء الوطني؛ وإيلاؤها أولية في أي تحديث وتطوير للمناهج، من خلال عملية تحديث مستمرة ودؤوبة في المناهج الدراسية بما يواكب التحولات والتغيرات على أكثر من مستوى وفي شتَّى المعارف.. وفي بلادنا نحن أحوج ما يكون وأكثر من أي وقتٍ مضى الانتباه لهذا الأمر، خصوصاً وأن البلد يسير بمنعطفات وتعرجات خطيرة، تهدد مستقبل أبنائه بفعل الموانع والكوابح التي تحد من النزوع الوطني والتشكيك بالهوية والانتماء.. ولذلك كان التعليم وتطوير أدواته في التعبير وتجذير هذه المفاهيم ضرورة قصوى، على ان تُصاغ هذه المناهج برؤية وطنية خالصة لا يستأثر بها فصيل أو لون سياسي مُعيَّن، وأن يُؤخذ ذلك بعين الاعتبار عند اختيار أشخاص من ذوي الكفاءات العلمية المشهود لهم، وفي كافة التخصصات التي يشغلونها؛ ليأتي الدور الآخر ممثلاً بالنخب التعليمية والتربوية وكذلك المثقفة منها، في تأطير هذه المفاهيم وتعزيزها لدئ النشء، فالأحداث الكبرى في حياة الشعوب لا يمكن أن تمر مرور الكرام ويستلزم الوقوف إزاءها وإعادة إشعال جذوتها من جديد..


قدوة للأجيال

ثورتا سبتمبر وأكتوبر كحدثين مفصليين في حياة الشعب اليمني، يجب أن تكونا في صدارة الاهتمام وإحياء ذكراهما باستعراض أحداثهما والتعرف على مناضليهما الأفذاذ باعتبارهم قدوة للأجيال القادمة، في التضحية من أجل الوطن والذين أحدثوا تغييراً فيه لا يمكن نسيانه أو تخطّيه، فلا بد أن يشكّل هؤلاء الأبطال مصدر إلهام لنا، وأن تُكتَب أسماؤهم بأحرفٍ من نور، كما يجب أن لا نغفل أيضاً دور الأسرة في مجال بناء المجتمع، وفي إقامة الروابط بين مؤسساته المختلفة، بما يؤمّن التوازن والاستقرار لمسيرة الوطن..


تأثير الثورة

الجميع معنيٌّ أكثر من أي وقت مضى في تعميق وتعريف الشباب والنشء بأهمية ما شكَّلته ثورات اليمن بالنسبة لليمنيين شمالاً وجنوباً..
وبهذا الصدد يرى الأستاذ محمد الأشول -تربوي- أن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر لا يمكن أن يختلف عليهما أحد كونهما تعبيراً شعبياً خرج على هيئة ثورة ضد الاستعمار والحكم الإمامي البغيض لا يمكن أن يعود الشعب اليمني إلى ما قبلهما.. وقال لـ "الميثاق": إن على الشباب اليمني أن يدرك أهمية قيام المناضلين بتلك الثورتين، وأن يعي التأثير الذي أحدثتهما في واقع الشعب الذي كان يعاني الظلم..

أما الأستاذة أم رامز، فتأسف على واقع الشباب الذي لا يأبه بالتاريخ حتى وهو يدرسه لأنه يسعى -حد وصفها- لحفظه فقط لينجح في الاختبار، وليس لمعرفة تاريخه الوطني والافتخار به.. وأشارت إلى أن أسماء أحرار الثورتين سبتمبر وأكتوبر لا تكاد تُعرف بالنسبة لهم، مقابل أسماء اللاعبين والفنانين وغيرهم وهذا أمرٌ مخجل..
وأضافت الأستاذة أم رامز: هناك هُوَّة كبيرة لدى شبابنا وطلابنا فيما يخص هذا الأمر؛ ما يستدعي عمل بحث ودراسات حول هذه الظاهرة للخروج بتوصيات وأهداف لترجمتها على الواقع العملي..


ترسيخ الأهداف

وعدم ترك الموضوع على عواهنه لأنه سيخلق مشاكل مستقبلاً على مستوى الوعي الجمعي.. فنحن نلمس فيما يُعرف ردة وطنية، نتيجة مدى الاستخفاف بهذا الأمر عند سؤال الطالب عن الثورة والتاريخ والمراحل التي مرت بها اليمن؛ بل حتى على مستوى فهمهم لآثارنا وضرورة الحفاظ عليها لأنها ذاكرة الشعب اليمني المهدورة فكرياً في عقولهم، وعملياً من خلال محدودية العمل في الحفاظ عليها من قِبَل الجهات الرسمية، بدليل أن هذه الآثار تُباع في مزادات عالمية دون أن يكون هناك تحرُّك رسمي..
الإعلامية والناشطة المجتمعية زكية الفقيه تقول في هذا الصدد: إن للنخب التربوية والتعليمية وأصحاب الرأي دوراً أساسياً في تعزيز القِيَم الوطنية وترسيخ أهداف الثورة لدى النشء والشباب.. وأوضحت أن هذا الدور يبرز بشكل خاص عند الحديث عن ثورتي سبتمبر وأكتوبر، اللتين كانتا نقطة تحوُّل في تاريخ اليمن التي ناضلت من أجل الحرية والاستقلال.. وتلخص الفقيه ذلك الدور بالنقاط التالية:
1. تضمين أهداف الثورة في المناهج التعليمية: يجب أن تتضمن المناهج التعليمية دروساً مُفصَّلة حول أهداف الثورتين، بحيث تُعرّف الأجيال الجديدة بأهمية تلك التضحيات التي قدَّمها المناضلون، وتعمّق فهمهم للقِيَم التي قامت عليها الثورة، مثل الحرية، والعدالة، والاستقلال.

2. تعزيز قِيَم الثورة: من خلال المناهج الدراسية، يستطيع المعلمون والنخب التربوية تعزيز القِيَم الوطنية، مثل الولاء للوطن، ورفض الظلم والاستبداد، والتطلع إلى الحرية والكرامة.. يمكن أن يكون هذا عبر تدريس النصوص الوطنية والشعر الذي يعبّر عن فترات الكفاح.

3. إبراز تضحيات المناضلين: يجب أن تُدرَج في المناهج قصص وتضحيات المناضلين الذين ضحَّوا بحياتهم من أجل نيل الحرية، وذلك يساهم في غرْس الإحساس بالانتماء الوطني لدى الطلاب، وتقديرهم لتلك الجهود البطولية.


محطة مهمة

يجب توعية النشء بأهمية الاستقلال والتحرر من قِبَل النخب التربوية من خلال المحاضرات، وورش العمل، والندوات المدرسية والجامعية، وتوعية الشباب بقيمة التحرر من الاستعباد والاستعمار، وتعليمهم أن تلك الثورات لم تكن مجرد أحداث تاريخية، بل محطة مهمة في مسيرة النضال من أجل الحرية.. وأهمية إحياء ذكرى الثورتين في المدارس والمؤسسات التعليمية بشكل دوري..
وأضافت الفقيه: من الضروري إقامة الفعاليات والمسابقات التي تُبرز أهداف الثورة وتُكرّم فيها رموزها، الأمر الذي يساهم في ترسيخ تلك المبادئ في وجدان الشباب.. وترى أن تنمية روح النقد والتحليل مهم جداً، حيث تقول: يجب تعليم الطلاب كيف يُحلّلون تاريخهم بموضوعية، ويدركون القضايا التي كانت سبباً في اندلاع الثورات، وكذلك ما تحقق من أهداف وما لم يتحقق؛ هذه القدرة التحليلية ستمنحهم فهماً أعمق لأهمية الدفاع عن مكتسبات الثورة والعمل على تحقيق ما تبقَّى من أهدافها.. وتختتم حديثها لـ "الميثاق" بالقول: يجب ألا تكون الثورة مجرد ذكرى تاريخية، بل جزءاً من الهوية الثقافية والوطنية التي يحملها كل فرد، وهو ما يتحقق من خلال العمل المستمر للنخب التربوية وأصحاب الرأي في تشكيل وعي الشباب وربطهم بماضيهم وتاريخهم النضالي.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 30-سبتمبر-2024 الساعة: 07:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66622.htm