الميثاق نت -

الأحد, 20-أكتوبر-2024
استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
تحتم المرحلة التي تمر بها اليمن، النظر في أسس العلاقة البينية والشراكة بين فئات الشعب ومكوناته وأحزابه لتحقيق التقارب، وردم الفجوات وسد التشققات كحل أمثل لما نراه من تشظّيات واختراقات خارجية، أدت إلى المشهد الذي نستجر اليوم تبعاته.. إقدام المعنيين بهذا الأمر وسعيهم إلى المصالحة الوطنية يجسّد العقلانية السياسية، وإعلاء مصلحة الوطن والتشبث بالثوابت الوطنية، وهو ما يتطلع الجميع ويسعى لأجله لوقف النزيف في الجسد اليمني، الذي لم يعد يتحمل المزيد، كما أن ذلك قد بلغ منتهاه وأضر بالوطن والمواطن على حد سواء..

إن تعميق الوحدة الوطنية يعني استقرار الدولة ونمائها؛ وأي مساس بها من شأنه أن يقوّض السلم الاجتماعي، وبالتالي تراجع عملية التنمية السياسية برمتها.. وإذا كانت هناك اختلافات بين جماعات تنتمي إلى نفس الوطن لكنها تختلف في تكوينها وطبيعتها فإن الأمر يتطلب توفير سُبل التعايش في إطار من التسامح والحرية المسؤولة بين مختلف التكوينات والجماعات على اختلاف طبيعتها والولاءات التي تمثلها..

في هذا الصدد يقول الدكتور حسن عزيزي، إن هذا الإطار من التسامح يستدعي حتماً نبذ العنف والتطرف والتخلي عن أساليب الكراهية، مع احترام الخصوصية والهوية الوطنية وما يمثله ذلك من أولوية تقدم على كافة الولاءات والانتماءات الأخرى في الدولة لتحقيق ذلك التماسك والتكامل..


تعاطٍ إيجابي

وهي تدور كلها حول تعميق الرغبة في العيش المشترَك بين مختلف مكونات وقطاعات المجتمع والعمل على تلطيف حِدة الاختلافات بين العناصر والشرائح.. نحن في اليمن أحوج ما نكون للبدء بالمصالحة الوطنية الشاملة أكثر من أي وقت مضى، وهو الأمر الذي جعل من المؤتمر الشعبي العام يحفّز ويدعو دائماً إلى الوحدة والمصالحة الوطنية، واتخاذ تدابير تحد من النكوص عن ذلك لأنه يرى مدى المخاطر المحدقة بالوطن، والتي تستدعي تحركاً مسؤولاً كواجب وطني على الجميع القيام به والتعاطي معه بإيجابية.. ويبقى المؤتمر الشعبي العام الصوت القوي في وقتٍ خفتت فيه الأصوات وصُمت الآذان، وانحاز البعض لتكتيكات سياسية ما أنزل الله بها من سلطان..



خارطة طريق

من جانبه يرى المحلل السياسي سمير المسني، أن من أهم دعائم تعزيز الجبهة الداخلية ضرورة تحقيق توافقات فكرية بين كل الأطياف السياسية والمجتمعية بهدف التوصل إلى خارطة طريق منهجية ومدروسة.. وأشار إلى أن هذا لن يتأتى إلا من خلال مصالحة وطنية ونبذ الخلافات وإيجاد تسوية سياسية حقيقية تستند على النية الصادقة ووضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الأخرى، والوقوف صفأ واحداً لمواجهة أجندة ومخططات العدوان الهادفة سلب قرارنا السيادي و استنزاف ثرواتنا.. وأضاف المسني: التمهيد لهذه المصالحة (بداية) عن طريق تحقيق مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية لكل أطياف المجتمع وتحقيق مبدأ التعايش والتداول السلمي للسلطة..


إفراغ المضامين

لقد ارتكزت سياسة العدوان ومنذ البداية على سياسة تدمير نسيجنا المجتمعي، وحرف بوصلة الفكر والوعي، وجرنا نحو صراعات بينية أضرت بوحدتنا الوطنية، وإفراغ المضامين والأهداف الثورية مما أدى بالتبعية وكنتيجة حتمية إلى الابتعاد عن الموروث السياسي الوطني، وأضحت المفاهيم المغلوطة هي المتداوَلة..
ولفت المسني إلى أن إرهاصات الواقع الحالي تتطلب مِنا جميعاً وضع رؤى جديدة وآليات عمل ممنهجة وخلق قاعدة اصطفاف سياسي وفكري تحكمها منظومة العمل الوطني؛ ولذلك علينا أن نعمل على تأسيس شروط جديدة وعقد مصالحة وطنية شاملة وتوفير أرضية مناسبة لها حتى نتمكن من سحب البساط من تحت أقدام العدوان، والبدء بعملية إصلاحات سياسية واقتصادية تضمن لوطننا وشعبنا اليمني مساحة أكبر من حرية الرأي والفكر، وانتهاج سياسة تحفظ معالم المرحلة المقبلة لمستقبل أفضل..


استحضار التاريخ

يؤكد الكاتب السياسي شوقي شاهر، أن وقائع التاريخ تثبت أن الحروب تنتهي دائماً بعملية سلام، وبتصافح المتحاربين.. لافتاً إلى أن اليمن لا مخرج لها إلا في هذا السياق للوصول إلى مرحلة المصالحة الوطنية.. واستدرك: ان هذه المصالحة الوطنية يجب أن تنبثق من تربة الوطن، وتجسّد تضحيات أبنائه، وتنطلق من الولاء الصادق والمخلص للوطن ولمستقبله ومستقبل أجياله، وتفوّت الفرصة على أعدائه.. وأضاف شاهر: صحيح أن اليمن تعرَّض لمؤامرات لكنه لم يخضع لها يوماً، ولم يستكِن لقدره، بل قاوم ولم يخضع لعدوان أو لاحتلال؛ وعبر تاريخه الطويل سطَّر اليمنيون ملاحم بطولية في المقاومة والاستبسال، لذلك سُمّيت اليمن "مقبرة الغزاة"..


مؤثرات خارجية

وفي هذا الشأن يرى الكاتب الصحفي والإعلامي صلاح حيدرة، أن تحييد المؤثرات الخارجية عن المشهد اليمني يُعد حجر الزاوية في حل الخلاف بين أطراف الصراع والعملية السياسية في البلاد.. ويرد ذلك إلى ما أسماه
بالتدخل الخارجي فهو المعرقل الأول أمام أي حلول سياسية، لأن القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المشهد اليمني تريد ضمان تواجدها في مستقبل اليمن، وإدراج أجندتها في أي عملية سلام مفترَضة، وهذا يضع مصالح اليمن رهن أطماع وتطلعات هذه القوى..
ويضيف حيدرة: نحن على ثقة بأنه في حال ظل اليمنيون بعيداً عن التدخل الخارجي فإن القوى الوطنية قادرة على إيجاد مخرج والدخول في مصالحة حقيقية تقود اليمن إلى بر الأمان والسلام والاستقرار.. ولنا في التاريخ اليمني دروس في هذا الجانب..


مَخرَجٌ آمِن

الفرصة حالياً مواتية لفعل ذلك، والدليل ما حدث من مبادرة فتح المعابر في محافظة تعز التي يمكن البناء عليها في حلحلة ملفات الأزمة ووضع مسار وخارطة طريق لإخراج البلاد من حالة اللاسلم واللاحرب التي تضع البلاد أمام مخاطر حروب أخرى تزيد الوضع سوءاً.. ويستطرد حيدرة حديثه قائلاً: في الحقيقة لا نجد مؤشرات جادة خصوصا حينما نشاهد أطرافاً عاجزة عن الخروج من تحت العباءة الخارجية؛ فيما القوى الحية والوطنية ترزح تحت ضغوط تعطل قدرتها على صياغة مبادرة وطنية يمنية خالصة على المدى القريب حسب اعتقادي، لكن الأمل معقود على الله ثم على العقلاء الوطنيين لوضع مخرج منصف لكل فئات الشعب.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 28-أكتوبر-2024 الساعة: 06:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66716.htm