الميثاق نت -

الأحد, 03-نوفمبر-2024
محمد الجوهري -

لم أكن أتوقع بكل صراحة ان يتعنى صاحب المعالي / أ.د. عبد العزيز صالح بن احمد بن حبتور ويقوم بكتابة هذه المرثية، والتي من خلال عنوانها المتعاطف بحزن ملحوظ فيه بوضوح كم الأسى والحسرة على فقدان عزيز وغالي" بمكانة الفقيد الصحفي / حسن عبد الوارث يرحمه الله ... لكن تلك هي مشيئة الله وتصاريف اقداره سبحانه وتعالى التي لا اعتراض عليها ولا نملك معها سوى قول "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله و إنا اليه راجعون" ومرة أخرى أقول انني تفاجئت بقراءة هذه المرثية الحزينة بحميمية والمقتضبة بتكثيف مهني حملها الكاتب الفطن، تواريخ تذكيرية ورسوم وصفية لمشاهد وصور توثق اللحظة بما فيها من حالة حزن اجتاحت منتسبي قطاع الاعلام والصحافة على وجه التحديد من الشرفاء الملتزمين إنتماء للهوى الوطني الصميم والهوية المهنية الصارمة في زمن التسطيح والتفاهة" والتسابق على بيع المبادئ والقناعات التي صجوا بها آذاننا حتى الأمس القريب، كما قدم صديقي الكاتب الفذ برشاقته المعهودة سرداً تاريخياً مفصلاً ولكن بتكثيف ايضاً لواقع الحياة البائسة شكلاً ومضموناً في زمن بزوغ نجم الفقيد ككاتب للمقالة الصحفية السياسية الاجتماعية اللاذعة، بنقدها القوي لزملائه في المجال ولعدد من السياسيين الجنحوريين من جماعة "الجملة الثورية" الذين تناولهم (فلاديمير ايلتش لينين" في عدد من كتبه ومؤلفاته الفكرية، لعل اشهرها صلح بريست + خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء + ما العمل (..؟) والتي يحفظ بعضها الفقيد يرحمه الله عن ظهر قلب، بل ان نفراً من "جماعة الجملة الثورية" أولئك قد شجعوه في نهاية العام ۱۹۸٦ م على تناول الرفيق علي سالم البيض + الرفيقة ملكي)، حينما شرعا بترميم وتأثيث قصرهما المتموضع على رأس جبل صيرة المطل على مدينة كريتر " بالنقد الساخر في صحيفتي الثوري + صوت العمال"، حيث كانت تلك المقالات هي سبب شهرته التي تجاوزت الآفاق في الداخل والخارج كونه تجرئ على تعدي ما كانت تعرف بالخطوط الحمراء لقداسة منصب الأمين العام، وبحكم ان الرفيق علي سالم البيض " بدوي بطبيعة مولده ونشأته في المشجاص بغيل بنيمين" لم ينس للفقيد تلك الجرئة حتى حينما اصبح الأمين العام " علي البيض" نائباً للرئيس بعد الوحدة، وكان الوحيد الذي تطوع لإنصافه هو الوزير / راشد محمد (ثابت) حيث نجح في التوسط للفقيد يرحمه الله عند الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح لتسوية وضعه في صحيفة الوحدة، وبالرغم من ذلك ظل الصحفي الثوري المشتبك / حسن عبد الوارث ثابتاً على مبادئه وقناعاته الكفاحية ولم يبيع أو يساوم مثل كثر من رفاق الأمس بل ظل متشبتاً بها كعاشق للنهج الأممي البروليتاري من خلال هذه المرثية اللافتة بروعة حميميتها لجهة انصاف رجل يصنف في خانة الخصومة السياسية فأبن عبد الوارث بجناح الطغمة - وبن حبتور بجناح الزمرة، نجد الكاتب يمارس بجدارة واستحقاق "نبل" الفرسان في صراعهم مع الخصوم السياسيين" تصديقاً للمثل القائل: "عدو عاقل خير من صديق جاهل" فالعقل هنا هو ثقافة وفكر معرفي كما ان الجهالة في يومنا هذا أنواع وسلوكيات تتلبس أهلها تدليساً ومداهنة وبيعاً للذات ولكل القيم النبيلة، وللوقوف على صدق وصحة ما نقوله وليس تزكية لبن حبتور كصديق شخصي تمتد صداقتنا لأكثر من أربعين عاماً و "رفيق زمراوي"، فالتزكية يختص بها الخالق تبارك وتعالى حيث هو وحده من يزكي عباده المخلصين ولا احداً سواه سبحانه جلا جلاله، دعونا نذهب لنتتبع في عصف ذهني مشترك معك عزيزي القارئ الكريم من خلال مراجعة القراءة في نص هذه المرثية حيث سطر بالنص قائلاً: وودعته الصحافة وهي في أمس الحاجة لمقالاته وعموده وأفكاره التي سطرها في الصحافة اليمنية الأربعة عقود خلت عرفته كاتباً جميلاً رشيقاً قبل أن التقيه وأتحدث معه وجهاً لوجه حينما كنت
طالباً في المرحلة الجامعية ، وكنت كغيري من الشباب معجباً بجراءة كتاباته ونقده الشجاع للأوضاع المعيشية والحياتية للمواطنين يوم ذاك. ، كم هو مبهج ان تجد رجل سلطة نافذ يتحدث عن مناقب خصمه بهذة الأريحية من الانصاف حريصاً على إيفاء خصومه حقوقهم الأدبية ويحفظ لهم مكانتهم وادوارهم الكفاحية دونما انتقاص متنزهاً عن ممارسة اي غبن ضدهم احياء كانوا او متوفيين، ثم في فقرة أخرى من المرثية نجده يقول بالنص ) في ظلال هذه الأجواء "الثورية" المجنونة برز إبداع وقدرات الشاب الصحفي / حسن عبد الوارث ككاتب موهوب ، وبقلم رشيق ومقالات جاذبة للقراء ، وكنت واحداً من هؤلاء. حينما بدأ نشاطه الصحفى ككاتب شاب مبتدئ وموهوب من أحد أحياء ضواحي مدينة عدن الفقيرة ، وبروزه ككاتب صحفي له مستقبل واعد )، لعله ذفق من ورع وصفاء روحاني واضح انه وجد طريقه الى قلب صاحب المعالي عضو مجلس الرئاسة أو ما يطلقون عليه المجلس السياسي الأعلى عبدالعزيز بن حبتور، لنجده ملتزماً بقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل الرباني الكريم: ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفسدين) سورة الشعراء الآية ١٨٣.
ذلك كان قبل الانفجار الكبير للمقتلة الكارثية في ١٣ يناير ۱۹۸٦م التي بعدها تم الافتراق بينهما نتيجة للإصطفافات المتباينة اما بعدها فنجده يشير الى ذلك الإفتراق بكل حصافة وفطنة قلما يتوافر عليها رجال السلطة المتنطعين، حيث يوضح ذلك قائلاً بالنص : ( اصطف صديقنا / حسن عبد الوارث رحمة الله عليه ، وبحكم التأثير الجهوي بصلابته كمدافع شرس عن التيار السياس والحزبي لتيار ( فتاح / عنتر ) وكانوا يسمونهم أنذاك بتيار الطغمة في الحزب الاشتراكي اليمن المنتصر عسكرياً ، وكان بروزه بتشجيع ودعم من قيادات الحزب الاشتراكي آنذاك ، وهاجم بكل ما أسعفته مفرداته الإعلامية الثرية ضد التيار المنهزم من الحزب الاشتراكي في ١٣ يناير ١٩٨٦م ، أي ضد الزمرة وهم تيار ) على ناصر / باذيب / أنيس )، والحكم لك عزيزي القارئ الكريم لأننا لا نريد زيادة في الاقتباسات تفقد المقال من رصانته المطلوبة حتى ولو كانت بهدف تعزيز نتائج
" العصف الذهني" والحكم العام المفترض بلوغه من لدن جميعاً يظل موضوع مهم في بنيوية صديقي الكاتب المحنك وكينونته الروحية القتالية بمواجهة الركش من الخصوم، حيث انه لا يترك أي سانحة يتوافر عليها ولو عن طريق الصدفة إلا وعمل على الإستفادة منها بالتنكيل باؤلئك الخصوم جهد استطاعته وبالقدر الذي يتيح له المجال وسعة الحيز في النص، وفقاً وتجسيداً للمثل البدوي القائل: الحب المسوس يحتاج كيال أعور ولربما لاحظ ذلك القارئ اللبيب في ثنايا المرثية، وهنا لن أقتبس شيئاً مما ورد للتدليل بل انصح القارئ الكريم بالعودة الى نسخة المقال الاصلية على صفحة الفيسبوك، اما انا فقد اسعدني ذلك التنكيل المؤدب بخبث شبواني متعدن" اضحكني حد الكركرة لأنهم بصراحة يستحقون ذلك التنكيل ولو بأثر رجعي لم يسقط بالتقادم .
اما ختام المسك وليس مسك الختام فهو ما جاء قبل الدعاء بالترحم للفقيد اسكنه الله فسيح فردوسه الأعلى بتوفيق رضوانه، حيث اغذق على الفقيد يرحمه الله بما يستحقه وبما هو اهل له بكل صدق وهو اخر اقتباس نقتبسه بالنص: ( جمعتنا لقاءات عدة في عدن ، لكن كان لقائي الأخير به هنا في العاصمة صنعاء حين زارني بتنسيق إلى مكتبى وتحدثنا كثيرا عن هموم اليمن بتاريخه العظيم وعن العدوان السعودي الإماراتي والحصار المفروض على المدن اليمنية ، فالرجل وطني يمني بامتياز ، كان قد عرض عليه مغادرة صنعاء إلى دول الجوار لكنه رفض لأنه مؤمن بالوطن اليمني حراً أبياً مهما تكالبت عليه النوائب والأعداء ، وعرضت عليه أموراً عدة ولكنه فضل البقاء في مدينته التاريخية آزال التي تغنى بها كثيراً وبتوأمها عدن طويلاً طويلاً طويلاً.
رحم الله صديقنا و اخانا حسن عبد الوارث البنا. وتغمده بواسع مغفرته وعظيم عفوه وغسلته ملائكة الرحمن بالماء والثلج والبرد ونقته من الخطايا والمعاصي والذنوب، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واسكنه ربي الفردوس الأعلى من الجنه .
إنا لله و إنا إليه راجعون

*جامعة عدن.*

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 05-نوفمبر-2024 الساعة: 12:16 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-66778.htm