الخميس, 22-مايو-2008
الميثاق نت -   عبد العزيز عبد الغني -
هاهو العام الثامن عشر من عمر الوحدة اليمنية ينقضي لنستقبل عاماً آخر.. وفي تتابع السنوات وتجددها تتابع الأحداث والمنجزات والتغيرات التي طالت كل ملامح الحياة في اليمن منذ يوم الثاني والعشرين من مايو 1990. لقد جاءت الوحدة اليمنية حاملةً معها مشروعاً وطنياً للخلاص من إرث الماضي التشطيري، وتأسيس نظامٍ سياسيٍ ديمقراطيٍ تعدديٍ يُعلي من شأن الحرية و يحترم مبدأ التداول السلمي للسلطة. وأُريد لهذا النظام الحديث والمتقدم أن يكون الحاضن المثالي للتغيير على كافة المستويات، وبالأخص على المستويين السياسي والتنموي، مما وضع اليمن بالفعل على أعتاب مرحلة جديدة لا سابق لها، مرحلة تميزت بإيقاع سريع من التغيير والتحولات الكبيرة. كان الجميع قبل الوحدة على وعيٍ تامٍ بالتحولات التي سيشهدها اليمن بعد إعادة تحقيق وحدته، وهذا ما يفسر بروز ذلك الْكَمْ من التحدياتِ والمعوقاتِ أمام فرصةِ إنجازِ هذا الحدثِ الاستراتيجي والتاريخي الكبير. إنها سنةُ الحياةِ متجليةً في هذا التضاد الأبدي بين القديم والجديد وبين الجمود والتغيير، فما كان لدعواتِ التريث والانتظار من فرصة لكي تحد من سرعة وعنفوان المد الوحدوي ومن رغبة الشعب اليمني العارمة في تحقيق واحدٍ من أعظمِ وأسمى وأنبلِ أهدافهِ على الإطلاق. إن لحظة إنجاز الحدث الوحدوي العظيم لكي تنعقد كانت بحاجة إلى إرادةٍ وتصميمٍ من النوع الذي عبر عنه فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ومن ورائه الخيرين من طليعة هذا الشعب. حينها شق هذا القائد الوحدوي الشجاع طريقاً مليئاً بالتحديات حتى استطاع أن يصل بالوطن إلى تلك اللحظة التاريخية الخالدة، لحظة الإعلان عن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ورفع علم اليمن الموحد خفاقاً في سماء عدن والوطن بأسره، وفي لحظة كهذه يكون النجاح كبيراً بحجم الوطن مفعماً بروح الفعل التاريخي وأعمق تعبير عن نشوة الانتصارات العظيمة للشعوب. إن الوحدة اليمنية، وفقاً لهذه الرؤية، ليست حدثاً مقيداً في دائرة الزمان والمكان، بل هي أبعد من ذلك بكثير.. فبالإضافة إلى أنها كانت وستظل علامةً فارقةً في تاريخ اليمن والعالم، هي كذلك حدثٌ إنساني بامتياز، إذ لا فرحة يمكن أن تعادل فرحة التقاء الأسرة الوحدة واستعادتها لأمل العيش معاً في كنف الوطن الواحد الموحد بعد زمن من التشطير. والوحدة اليمنية هي أيضاً حدث استراتيجي، لأنهُ وَلَّدَ ولازال يُوَلِّدُ أحداثاً، بها ومن خلالها تتجددُ ملامحُ الوطنِ وتتحقق آمالُ وطموحاتِ الشعب اليمني، وبالوحدةِ تعززتْ الجغرافيةُ السياسيةُ الهامةُ لليمن بعوامل الوحدة والتماسك الداخلي، وبفضلها تألق حضورُ اليمن على المستويين الإقليمي والدولي. إن احتفال اليمنيين بالعيد الوطني الثامن عشر يكتسب نكهةً خاصةً هذا العام بعد أربعة أيامٍ فقط على انتخاب المحافظين، من خلال هيئة ناخبة تتشكل من أعضاءِ المجالسِ المحليةِ في المحافظات. هذه الخطوة يتجلَّى بُعدها الديمقراطي من خلال ما تبشر به من نظام حكم محلي واسع الصلاحيات يعيد النظر كلياً في العلاقة القائمة بين مركز الدولة ومناطقها، ومن خلال اعتماد مبدأ الانتخاب كأساس لتفويض من سينهضون بمهمة الحكم المحلي. ويتجلى البعد التنموي لهذه الخطوة في التغييرات الجوهرية التي ستطرأ على أداء المجالس المحلية والذي سينصرف نحو العناية بالتنمية وبتطوير الاقتصاد المحلي في المحافظات. وهذا يعني أن المجالس المحلية سيكون بوسعها بعد تجربة السنوات السبع الماضية أن تحدد الأولويات التنموية واستكشاف الفرص الاقتصادية والتوظيف الأمثل للموارد المتاحة. وهنا يتوجب علينا أن ندرك أن تأسيس نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، من حيث كونه فعلاً ديمقراطياً بامتياز، إنما يأتي جزءاًَ من مشروع التعديلات الدستورية الذي أعلنه فخامة الأخ الرئيس في سبتمبر الماضي كترجمة متقدمة لبرنامج فخامته الانتخابي الذي نال بموجبه ثقة الناخبين للنهوض بقيادة الوطن لفترة رئاسية من سبع سنوات. ذلك المشروع الذي أراد فخامة الأخ الرئيس من خلاله إحداث تغييرات جوهرية في بنية النظام السياسي، وفي النظام الانتخابي، وفي تطوير المؤسسة التشريعية تجسيداً لمبدئي الثنائية البرلمانية وتوسيع المشاركة في صنع القرار، وذلك من خلال مجلس شورى منتخب ويتمتع بصلاحيات تشريعية كاملة. المرأة ستحرز وفق لهذا المشروع نجاحات إضافية من خلال النسبة المقترحة التي ستكفل لها حضوراً مؤثراً في مواقع صنع القرار السياسي والتشريعي والمحلي والتنموي. إن الاحتفال بالوحدة اليمنية بقدر ما هو مناسبة للتذكير بالإنجازات الكبيرة التي تحققت فإنه أيضاً يشكل محطة للأمل، وقوة دفع كبيرة لشعبنا بكل قواه لكي يمضي في إنجاز استحقاق التنمية الشاملة والمستدامة المستندة على اقتصادٍ يتمتع بأسس راسخة وبآفاق واعدة وبنسبة نمو جيدة. رئيس مجلس الشورى
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 01:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6981.htm