أمين الوائلي -
أن يكتب الدكتور/ عبدالعزيز المقالح مرة واثنتين وثلاثاً عن «قاع جهران» وفي عموده الأسبوعي الأشهر «يوميات الثورة»، فهذا يعني أن الشاعر الكبير قرر أن يتبنَّى القضية حتى النهاية، وأن يطلق صرخات التحذير والاحتجاج في وجه الكارثة التي تتهدد واحدة من أهم وأخصب المناطق الزراعية والبيئية في اليمن، وما يمكن أن ينتج عنها من كوارث وأخطار تشمل الأرض والإنسان والبيئة والإنتاج الزراعي والغذائي على حدٍ سواء.
لابد وأن تكون القضية كبيرة وخطيرة، تلك التي يتبناها الدكتور/ المقالح ويلحّ عليها مرة بعد مرة ويستحيل إلا أن نعترف بأننا - الجيل الشاب - لم نكن ندرك جوانب كثيرة وخلفيات مهمة عن موضوع وقضية القاع الزراعي المغدور، بل وأن يستلفت اهتمامنا قاع جهران برغم غدونا ورواحنا عليه طوال العام من وإلى صنعاء، إب، تعز، وذمار.
إلا أن إلحاح الدكتور/ المقالح على القضية قد جعلنا نشعر بالقصور والتقصير، حتى أن أحداً منا - الشباب العاملين في الصحافة - لم يفكر يوماً بإعداد مادة صحافية أو إجراء تحقيق صحافي عن قاع جهران وحجم التدمير والتخريب العدائي الفجّ الذي يستهلك أجزاء ومساحات مهمة من قلب وأطراف المساحة الزراعية الخضراء للوادي الأشهر بين صنعاء وذمار.
عقب كتابته الأولى في يوميات الثورة قبل حوالي أسبوعين أو ثلاثة من الآن حول قاع جهران ومخاطر زراعة أشجار القات عوضاً عن المحاصيل الزراعية والحبوب، وكان فخامة الرئىس/ علي عبدالله صالح يقوم بزيارة إلى محافظة ذمار ويوجه بمنع زراعة القات في قاع جهران والتوسع في زراعة القمح.
وأثمر ذلك سريعاً، حيث بادر المزارعون في بعض قرى وجهات من الوادي أو القاع باقتلاع أشجار القات تمهيداً لزراعة القمح محلها، وقد دشَّن المزارعون في قرية «الواسطة» هذه المبادرة الرائعة والمهمة، وبحسب تصريح لمحافظ ذمار نشره موقع «62 سبتمبر نت» مطلع الأسبوع الجاري فإن مساحة الأرض الزراعية المقتلعة قد بلغت هكتاراً في يوم واحد لا غير - يوم الأحد الماضي - على أن تستمر العملية بتصاعد وهي نتيجة ايجابية بلا ريب، ومبادرة شعبية ممتازة يمكن تعميمها والتوسع فيها إلى ما وراء وأبعد من منطقة قاع جهران.
في هذا الصدد يجب أن تتحمّل الجهات المختصة والسلطات التنفيذية المختلفة، كامل الواجب والمسئولية في رعاية وتبني مبادرات كهذه، ومن واجب السلطة المحلية خصوصاً أن تقدم امتيازات وتسهيلات مغرية للمزارعين والمواطنين تشجيعاً لهم على زراعة القمح ومحاصيل البطاطا والطماطم وغيرها عوضاً عن أشجار القات التي باتت تهدد أمننا الغذائي والبيئي والصحي على السواء.
وفي المرة الثانية - الثلاثاء - كتب الدكتور/ المقالح عن القاع مرة أخرى، وفي هذه المرة كان ينقل صورة احتجاج وتحذير حيال المحطة الغازية التي يراد لها أن تجثم على صدر المنطقة الزراعية مهددة الأرض والبيئة والمزارع، زيادة على أنها تقتطع مساحة كبيرة ومهمة من أرض زراعية على مقربة من شق أرضي زلزالي.. والمخاطر كبيرة جداً في هذه الحالة.
وهو ما يحتِّم ألغاء فكرة إقامة المحطة الغازية في منطقة زراعية وأرض زلزالية، وأسهل وأضمن من ذلك نقلها إلى موقع آخر قريب أو بعيد، وليس من الحكمة أو المسئولية في شيء الإصغاء إلى تبريرات وحجج واهية وسخيفة يراد من ورائها تمرير المشروع الكارثي وتجاهل كافة الحيثيات السابقة، وأيضاً تجاهل الاجماع الشعبي والعلمي والاستشاري ضد إقامة المحطة في المساحة الحالية.
في هذه الأثناء لابد من اللحاق بالدكتور/ عبدالعزيز المقالح والاصطفاف معه في مشروعه الوطني والإنساني والبيئي الرافض لمؤامرة انتهاك بقية من طبيعة وخضرة وحياة تتمدد على مساحة قاع جهران.
لقد اجتمع رأي وصوت الشاعر الكبير والإنسان اليمني الأخضر الدكتور/ المقالح، وتأييد وموافقة قيادة الدولة، ورئىس الجمهورية شخصياً، إضافة إلى مبادرات شعبية رائعة يمكن الاستفادة منها ومكاثرتها.. كل ذلك اجتمع على قضية واحدة، وندرك حجم وأهمية توافر هذه الشروط لإمضاء القرار الايجابي والتراجع عن الخطأ ولجم المزيد من الانتهاكات بحق الأرض والبيئة، وبحق الإنسان والوطن.
والدعوة قائمة وماثلة إلى الحكومة والسلطة المحلية في محافظة ذمار أولاً، بضرورة البحث عن موقع آخر وبعيد للمحطة الغازية، وتنفيذ برنامج متكامل لتشجيع الأهالي والمزارعين على اقتلاع أشجار القات، وزراعة القمح، والمحاصيل الغذائية الأخرى، على أن يتضمن المشروع أو البرنامج تقديم التسهيلات والامتيازات والمعونات المناسبة، وتكريس التوجه نحو خلق مبادرات مشابهة على المستوى الشعبي والمحلي في أكثر من مكان وأكثر من مدينة.
ما لا يعوَّض.. لا يمكن التفريط فيه!!
والأرض لا يمكن أن تعوَّض على الاطلاق، وتذكّروا «.........، وقاع جهران ملوجة واحدة».
[email protected]