يحيى علي نوري -
طائرة العيانين وصلت.. إشارة لافتة يرددها بصورة يومية العاملون في ميناء القاهرة الدولي، كلما حطت طائرة "اليمنية" على أرض المطار.
إشارة بالطبع لا تخلو من السخرية أو »التريقة«- حسب تعبير الاشقاء المصريين، يحاولون من خلالها الترويح عن أنفسهم ولو كان في اشارتهم هذه الدالة على وصول الطائرة اليمنية قدر من السخرية أو التنكيت المتجاوز لحدود اللياقة على حساب مشاعر وأحاسيس ضيوف مصر اليمنيين وبصورة تبعث على الدهشة والاستغراب أن تصدر ممارسات وتصرفات كهذه من قِبل موظفين عموميين بمكان حساس كميناء القاهرة الذي يمثل واحداً من أبرز بوابات مصر على العالم.
وباعتبار هذه السخرية غير المبررة باتت تمثل سلوكاً لعمال ميناء القاهرة دون أن يكون هناك رادع من سلطات الميناء لتصرفهم هذا، فإن ذلك قد أحدث ما أحدثه من الاستياء والحزن لدى معظم اليمنيين الزائرين لمصر بغرض السياحة العلاجية خاصة كلما سمعوا من قِبل عناصر الميناء هذه المقولة أو الاشارة وما تثيره في أوساطهم من ضحكات عالية في إمعان واضح للسخرية بضيوف مصر من اليمنيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ومن منطلق حبهم لمصر وللشعب المصري قد فضلوا مصر دون غيرها من البلدان للتطبب فيها.
واذا كانت تصرفات كهذه مازالت مستمرة بالرغم من ايذائها لمشاعر اليمنيين، فإن ذلك أيضاً يثير تساؤلات مهمة عما اذا كانت السياحة الى مصر هيّنة الى الحد الذي نجد فيه عمالاً وموظفين يسخرون من ضيوف وطنهم لا لشيء سوى أن العديد منهم جاءوا بغرض العلاج.. وما اذا كانت هذه تمثل ثقافة سياحية جديدة وغريبة من نوعها يكون لعمال ميناء القاهرة السبق في تسجيلها عن سواهم من عمال موانئ العالم خاصة في البلدان المعتمدة في دخلها القوي على السياحة.
وحقيقة أن ما يبعث على الحزن والأسى أيضاً أن هذه "التريقة" المصرية لا نجدها تقف عند حد ترديدها، بل نجد ممارسات تعسفية تتبعها من خلال تعقيد اجراءات الدخول، وهو تعقيد لا يكترث بالحالات المرضية التي يصعب عليها الانتظار في ميناء القاهرة لساعات عدة، حتى يسمح لها بالدخول، وكل ذلك يمثّل رسالة واضحة من قِبل سلطات المطار بعدم رغبة المصريين في استقبال ضيوف من اليمن.. وأن على اليمنيين البحث عن مكان آخر.
وما يدفعنا هنا الى هذا القول أن سلطات ميناء القاهرة تبدو راضية كل الرضا عن هذه الممارسات الاستفزازية للمسافرين اليمنيين.. وهي استفزازات بات الكثيرون من المسافرين الى مصر يتحدثون عنها ويروون العديد من الحكايات التي لا تعكس الروح الاخوية لدى هؤلاء العاملين، وما تسطّره من معاناة وسخرية وتهميش يتكبدها اليمنيون عند سفرهم الى مصر.
وإزاء ما تقدم نتساءل: من المسئول عن هذه الممارسات التي لا تعكس سلوكاً سياحياً وحضارياً يفترض أن يتحلى به الموظفون المعنيون باستقبال السياح في بلد كمصر يعتمد على السياحة كواحدة من أبرز مصادر الدخل القومي فيه؟!
وهل المسئول هو المسافر اليمني الذي ينبغي عليه أن يبحث عن مكان يُحترم فيه ويعامل فيه معاملة أخوية وإنسانية وحضارية؟!
تساؤلات تظل تبحث عن اجابات ناجعة لها علّها تقدم لنا التفسير المنطقي والموضوعي لممارسات كهذه.
وأعتقد أن الاشقاء المصريين اذا كان هذا الأمر يعنيهم فإنهم لن يبخلوا علينا بالاجابة الناجعة التي تعكس حرصهم على تعزيز عرى الأخوة مع اشقائهم في اليمن.
ونأمل قريباً أن نسمع عمال ميناء القاهرة يقولون عند وصول الطائرة اليمنية: "وصلت طائرة الأشقاء اليمنيين"