أمين الوائلي - في أبين.. لا شيء يدل على أن قناعات الناس قد تبدلت؛ وخصوصاً تجاه الوحدة كقضية أولى وأخيرة تنتهي إليها جميع القضايا.. وكمرجعية لا تنفك حاضرة في سائر الأحوال وجميع النقاشات. بعكس ما تحاول بعض الأصوات والصحف أن تكرس من فهم أقرب وأشبه حالاً ومقالاً بالوهم.. بل هو الوهم ذاته.
- على العكس تماماً.. ما شهدته في زنجبار وخنفر وجعار والمخزن والكود وغيرها من المناطق والنواحي في المحافظة الزراعية الساحلية يجعلني أكثر يقيناً وثقة من أن الوحدة لم تكن يوماً قراراً رسمياً أو حاجة نخبوية، وإنما هي قرار شعبي وحاجة وطنية وشعبية لا أكثر ولا أقل.. لأن الناس لم ولن يفكروا بخيارات أخرى مهما قيل عنها.
- وعلى العكس تماماً - أيضاً - لم يكن الناس والمواطنون أكثر حرصاً وتمسكاً بالحق الوحدوي كما هم عليه اليوم في ظل تحديات وتفاعلات تفرض قدراً من الاستنفار الداخلي والانتباه إلى ما يتربص بالناس ويحاك ضدهم وضد وحدتهم من مؤامرات ودسائس ومشاريع استهدافية مشبوهة.
- الحق أن هناك أخطاء فردية وسلوكيات مدانة يقترفها بعض الموظفين وشاغلي المناصب التنفيذية في غير قطاع وهيئة وجهة خدمية محلية وحكومية.. والحال هذا لا يكاد يقتصر على محافظة بعينها أو مدينة دون أخرى، بل هو شأن يجد له نماذج وأمثلة في سائر الأمكنة والجهات والمؤسسات، وهو ما ندعوه بالفساد وسوء استخدام أو استغلال الوظيفة العامة.. ولا أحد من العقلاء إلا وهو يدرك خطر هذه الممارسات المشينة وضرورة الحد منها ومحاصرة أفرادها ومفاسدها والتخلص من تبعاتها وتنظيف الجهاز الإداري والوظيفة العامة من النماذج السيئة التي تلحق الضرر بالناس والمصلحة الوطنية.
- والحق.. ثانية.. أن الناس على قدر من الوعي والفهم والدراية بحيث يفرقون بين أخطاء الأفراد والاستخدام الفاسد للوظيفة العامة من جهة، وبين فساد أشد وأخطر يحاول البعض جرنا إليه بإيغار الصدور وحشد الأعصاب والانفعالات ضد الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والسكينة العامة، فهذه ليست كتلك بتاتاً.
- وما من شك فإن الفارق بين وكبير والبون شاسع وسحيق بين حالتي النقمة والاستياء تجاه المخالفات والتجاوزات الفردية الفاسدة التي يجب ردعها ومحاسبة مرتكبيها والتخلص من أوزارهم وآثارهم السيئة والمضرة.. وهذا مطلب عام وشعبي كما هو مطلب خاص ومهمة حكومية وضرورة رسمية ملحة يجب المبادرة إلى تنفيذها من دون تأخر أو إبطاء، وأحسب أن الوقت لن يطول بعد هذا وأن توجهاً حازماً هو قيد التبلور وعلى مستهل الإنفاذ في قريب الأيام.
لأن صانع القرار يدرك أكثر من غيره أن التساهل مع الأخطاء وترحيل المشكلات وعدم كف مفاسد المسيئين والمقصرين سوف يفاقم من الاختلالات ويضاعف من المشكلات التي تولد حالات الاستياء والنقمة لدى الناس.
- هذه واحدة، وغيرها تماماً هو ما يعتمل في الزوايا والخبايا وفي النفوس الملبدة بالكراهية من نقمة سوداء يراد بها الإجهاز.. ليس على المخالفات والاختلالات هنا وهناك، بل الإجهاز على الحاضر والمستقبل ومصادرة حق الشعب في وحدته وأمنه واستقراره. في هذه الحالة فإن الفساد حليف الفساد.. والأول حليف الآخر.. والاثنان وجهان لعملة واحدة تريد أن تبيع وتشتري بالعباد والبلاد في أسواق المؤامرات وميادين الصراعات الدامية.
- أبين.. على سبيل المثال.. ليس لديها خيارات أكثر من الوحدة.. ومواطنو أبين ليس لديهم خيار أقل من سقف الوحدة.. وما عدا ذلك الناس لا يخفون تذمرهم الشديد واستهجانهم لهذا المرتزق وذاك المحرض على الكراهية والحقد والمؤذن بالانفصال وداعية الدم والدمار والثأرات القذرة. الجميع سواء في الوزر والخطر والسوء. وليس لدى المواطنين هناك وهنا رغبة في معالجة الأخطار بالأخطار أو مداواة الجرح بالانتحار!.
|