د.علي مطهر العثربي - يبدو أن الذين باعوا ضمائرهم للشيطان ووقعوا في شباك الارتهان الخارجي لم يعد يهمهم وطن بقدر ما يهمهم تنفيذ المخططات الجاهزة المرسومة لهم من غير المقابل أثمان رخيصة على حساب كرامتهم وشرفهم وآدميتهم، وأمثال هؤلاء أصبحوا أدوات شيطانية تعبث في الأرض فساداً لإهلاك الحرث والنسل، لا يردهم ضمير ولا صلة رحم أو أواصر قربى، فلذلك كله ينبغي على المجتمع أن ينهض بكل مؤسساته الرسمية والشعبية والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للتصدي لهذا الفساد الذي يستهدف الوحدة الوطنية وتمزيق اليمن وتحويله إلى كنتونات صغيرة يحارب بعضها بعضاً إرضاءً لأعداء الوحدة والديمقراطية الذين لا يروق لهم أن يروا اليمن واحداً موحداً، بقدر ما يفرحهم رؤية الدماء والأشلاء في الجسد الواحد، وهؤلاء الذين يتمتعون بالرؤية السادية بكل تأكيد حاقدون على البشر يشعرون بنقص في ذواتهم ويبحثون عن أدوات لتنفيذ أعمال شريرة تشبع رغبات نفسياتهم الخبيثة فيبحثون عن فرائس من ضعفاء النفوس المصابين بحالة من الهوس والمرض النفسي الذي يستعصي علاجه وإعادة أصحابه إلى الحالة الإنسانية السوية فيدفعون لهم الأموال الطائلة، بل ربما يغرقونهم بتلك الأموال حتى تعمى بصيرتهم وبصائرهم عن الحق والصواب ويصبح الحق لديهم باطلاً والباطل حقاً، ثم يسيرونهم وفق رغباتهم وأهوائهم ليس في اليمن المستهدف الأول وإنما في كل مكان لا يروق لهم.
إننا في اليمن وإن كنا المكان المستهدف الأول إلا أننا نؤكد بأن يمن الثاني والعشرين مايو المجيد لا يضمر شراً لأحد وأن وحدة الأرض والإنسان التي ناضل من أجلها اليمنيون هي عامل استقرار وتقدم ليس للمنطقة العربية والعالم الإسلامي فحسب ولكن العالم كله، وعلى الذين لا يدركون هذه الحقيقة التاريخية أن يعودوا إلى التاريخ لينبئهم بأخبار معين وسبأ وحمير والحضارة الإنسانية التي صنعها اليمنيون عبر عصور التاريخ القديم، ويخبرهم عن الأدوار الإنسانية لدعاة الحرية والتسامح من أبناء اليمن في الفتوحات الإسلامية الذين زهدوا كثيراً عن السيطرة والتعالي على الغير، كما أن التاريخ السياسي المعاصر قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن اليمنيين دعاة سلام ومحبة ووئام وليسوا دعاة حرب ودمار، وكانت نضالاتهم الطويلة من أجل الوحدة والسلام نبذ العنف والاقتتال، وكان من نتائج ذلك النضال إعادة وحدة شطريه في 22 مايو 1990م التي شكلت بارقة أمل في طريق الوحدة العربية الشاملة لينعم الوطن العربي الواحد في حالة من الوحدة والسلام تجمعهم عقيدة واحدة وصلة رحم وأواصر قربى ورقعة جغرافية متصلة واحدة، لا يرغبون في الاعتداء على أحد على الإطلاق بقدر ما ينشدون العيش بسلام ويسهمون في صنع الحضارة الإنسانية التي تقدم الخير للعالم وتعزز الوحدة الإنسانية تصون كرامة الإنسان وآدميته.
ولئن كان اليمنيون قد برهنوا للعالم بأنهم دعاة محبة يرفضون التدخل في الشئون الداخلية للغير ويثورون ضد من يعتدي عليهم فإن على الآخرين أن يقدروا بأن هذا الجزء الحيوي من العالم مكان حباه الله بموقع استراتيجي متميز خدم السلام العالمي في مراحل استقراره وأشعل العالم في حالة عدم استقراره بفعل التدخلات الخارجية التي تستهدف سيادته وأمنه واستقراره أو تنتقص من مكانة أبنائه في العلاقات الدولية أو تنظر إليهم أينما كانوا نظرة الازدراء، نقول إن على أصحاب النظرة السادية أن يقلعوا عن استخدام ضعفاء النفوس لأعمال شريرة في أرض اليمن الواحد الموحد، وأن يدركوا بأن اليمنيين قد شبوا عن سن الطيش والغواية وأن الذين ينخدعون وينجرون وراء أدواتهم الشيطانية ليسوا أكثر من مغرر بهم فبمجرد أن يدركوا الحقيقة يعودون إلى رشدهم، وأن حكمة وحنكة القيادة قد نجحت في إدارة الأزمات ولن تؤثر وسائلهم في وحدة اليمن مهما كانت، لأن التاريخ يسير إلى الأمام ولا يمكن أن يرجع إلى الخلف واليمنيون هم أكثر قرباً من التاريخ بل هم التاريخ نفسه درسوا الواقع بعناية ووضعوا البدائل المناسب نصب أعينهم، واتخذوا قرارهم في 22 مايو 1990 بناءً على معطيات تاريخية وحوارات فكرية طويلة أوصلتهم إلى قرار إعادة وحدة الشطرين إلى الأبد، ولا يمكن أن تزعزع وحدتهم بغوايتكم الشيطانية لأصحاب النفوس المريضة، لأن الوحدة محروسة بإرادة الشعب الكلية المستمدة من إرادة الله سبحانه وتعالى لأنهم انطلقوا من قول الله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا».
الثورة |