رمزيه عباس الارياني -
جاء اتفاق عدن التاريخي بين قيادتي شطري اليمن يوم 30 نوفمبر 1989 ، حيث تم فيه الإعلان عن اتفاقية وحدويه تضمنت تأسيس دولة يمنية واحدة على أساس مشروع دستور الوحدة الذي تم إنجازه عام 1981. وقد اختير هذا اليوم بادراك تاريخي حيث تزامن مع تاريخ رحيل الاستعمار البريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967.
وفي الاجتماع الثاني للجنة السياسية لإعادة الوحدة والتي عقدت بعدن في 10 يناير/ 1990 تم إقرار مبدأ التعددية السياسية و الموافقة على البديل الثاني الذي ينص على احتفاظ الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام باستقلاليتهما، وحق القوى الوطنية والشخصيات الاجتماعية الوطنية في ممارسة نشاطها السياسي وفقا للحق الذي كفله دستور الوحدة في ظل اليمن الواحد.
ثم عقد المجلس الوزاري المشترك اجتماعه الأول في صنعاء عاصمة دولة الوحدة من 20-22 يناير 1990، وصدر عنه عدد من القرارات لتنظيم الجوانب الاقتصادية والمالية والإعلامية والثقافية والتربوية والتشريعية والقضائية والشؤون الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتصورات المطروحة بشأن دمج الوزارات والأجهزة والمصالح والمؤسسات.
تواكب ذلك مع المتغيرات الدولية اهمها سياسة الاتحاد السوفيتي ومن ثم العلاقات السوفيتية الأميركية وانعكاساتها على الأوضاع في كل العالم ، وكان له تأثيره على اليمن بشطريه. ونجحت قيادة الشطرين في هذا الخضم الدولي الجديد لجعله إيجابيا لصالح ا لوحدة اليمنية.
وقد شهد اليمن في العام الأول للوحدة صراعًا سياسيًّا وفكريًّا حول جملة من القوانين والتوجهات الدستورية التي كانت في الحقيقية مواجهة بين ادلوجيات مختلفة.
وعلى الرغم من أن المواجهة انتهت رسميًّا لمصلحة الوحدة اليمنية وتحقيق إنجاز هام تمثّل في تعديل الدستور اليمني وفق تصورات اتفق عليها ، ولا سيما فيما يختص باعتماد الشريعة الإسلامية مصدرًا وحيدًا للتشريع.
ظلت الوحدة حلماً يراه اليمنيون بعيد المنال لكن إرادة الله شاءت بأن يكون على رأس اليمن من يحقق لليمانيين حلمهم فكان القائد الوحدوي علي عبدالله صالح والطموح الحكيم والذي بحكمته أبحر بسفينة الوحدة ومعه علي سالم البيض و كل الشرفاء توحدت اليمن في 22مايو 1990م وتمكنوا بهذا المنجز العظيم تحقيق الحلم اليمني وتضميد جراح الوطن النازفة ولملمة أجزائه المبعثرة, وعملوا على تقوية وشائج الدم والإخاء لكل أبناء الوطن فكانت الوحدة ثورهً هائلة أيقظت الشعب من اليأس والقنوط وأنقذته من التشتت الأسري والاجتماعي
وقد مرت اليمن بالعديد من العراقيل لتفتيت روابط الوطن الواحد إلا انه استطاع ان يتغلب على كل الصعاب ليظل اليمن شامخا موحدا متميزٌ في عصر الانكفاء العربي على الذات، وترسيخ خريطة التقسيم، وتكريس الحدود المصطنعة بين الشعوب العربية والإسلامية
ان مسيرة 19 عاما من إعادة اليمن إلى وضعها الطبيعي حافل بالمكاسب الوطنية وبالمنجزات العظيمة على مختلف الأصعدة وعلى امتداد ربوع الوطن حيث عمل خلالها شعبنا بدأب وإصرار من اجل تجاوز تلك التركة الثقيلة التي ورثها من عهود التشطير فعودة التربة اليمنية الموحدة كانت انتقال ونقطة تحول في حياة الشعب اليمني ? تحول من مرحلة الشعارات إلى مرحلة التطبيق ومن مرحلة الشطح والشعارات الزائفة إلى مرحلة العقل والموضوعية ومن مرحلة الشرعية الثورية والتصحيحية إلى مرحلة الشرعية الديمقراطية ومن سلطة الانقلاب إلى سلطة الانتخابات.. فهي تحولات رغم الصعوبات والمنغصات والمحاولات التي أرادت الوقوف حجر عثرة ضد إرادة الشعب, لكنها محاولات وحركات تهاوت وانهارت ووريت الثرى أمام شعب سعد بعودة الوحدة واعتبرها قدراً ومصيراً .
إعادة تحقيق للوحدة الشغل الشاغل للثوار في شطري اليمن، وكانت من ضمن أهداف ثورتي الشمال والجنوب. خلال الأعوام التي تفصل الثورتين عن الوحدة لم يتوقف قادة الشطرين عن اللقاء وجدولة استراتيجيات الوحدة، وكان توقيع الاتفاق النهائي عند كل لقاء إلا أن مخططات معينة أوقفته بسبب الخلافات بين ايدلوجيات النظام الشمالي الرأس مالي والجنوبي الاشتراكي، ومعارضة بعض المتنظرين في بعض الدول العربية .
تحقق الحلم الأزلي بعوده الفرع إلى الأصل وعلى أساس معددلات متوازنة في القيادة ومتخذي صنع القرار
بعد مقتل سالم ربيع علي، عانى النظام في الجنوب مشاكل واضطرابات عنيفة، هدأت نسبياً في سنوات الإفراج بين الشمال والجنوب بعد أن تولى علي ناصر محمد الرئاسة في الجنوب، واستمر الطرفان في التقارب، غير أن الحسابات بين الشيوخ في الشمال، والجهات الخارجية، والقادة الجنوبيين أنفسهم بسبب تقلقل النظام السياسي قادت إلى انفجار الوضع في الجنوب في حرب 1986 الشهيرة، والتي نتج عنها اختفاء عبد الفتاح إسماعيل، وفرار علي ناصر محمد إلى الشمال، ومقتل علي عنتر وزير الدفاع، وتولي علي سالم البيض الحكم في الجنوب. وأدت إلى مجازر دمويه شنيعة .
وأدت التصفيات بين الرفاق إلى انهيار الأحلام الاشتراكية في الجنوب، وصدمت بشاعة الحرب ودمويتها أبناء جنوب اليمن فقد كانت أبشع المجازر منذ الاستقلال وخاصة بعد أن رأوا 13 قتيل من الاخوه الأعداء وأطفال ونساء ناهيك عن مئات الجرحى والمغيبين في السجون بين آلات التعذيب المختلفة .
وبعد التصفيات تمت اتفاقات حل نهائي بين الطرفين رفقاء الحزب الواحد ، وتدخلت أطراف خارجية لعمل توازنات دقيقة أدت إلى خروج علي ناصر محمد من اليمن نهائياً، وترأس علي سالم البيض وهروب من كان مع علي ناصر محمد إلى شمال اليمن واستمر الوضع حتى التوقيع على إعلان الوحدة اليمنية الخالدة في 22 مايو 1990 مع الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الشطر الشمالي وعلي سالم البيض رئيس الشطر الجنوبي، وبموجب اتفاقية الوحدة أصبح الشطران يمناً واحد وانتهت عند ذاك معانات أبناء المحافظات الجنوبية .. وقد اجمع المحللون السياسيون ان انهيار المعسكر السوفيتي حينذاك وتغيير الايدلوجيات الدولية حتمت التعجيل بإعلان الوحدة المباركة فقد كانت المحافظات الجنوبية مفتقرة إلى كل الإصلاحات البنيوية التحتية والأفقية إضافة إلى سكانها الذين لا يتعدوا المليون وبضعة مئات واعتمادها على المعسكر الشرقي المنهار إضافة إلى ديونها الكبيرة للاتحاد السوفيتي كل تلك الاسبا ب كانت ستؤدي لا محالة إلى إذابتها وتلاشيها ضمن اليمن الأم .
لا يمكن القول إن اليمن يعاني من تشققات جهوية ناتجة عن سنوات التشطير، الاان هناك ما يمكن وصفه بأنه محاولات للاستقواء وعرض العضلات وبمثل هذه المفاهيم في ميدان الصراع السياسي الداخلي، فهناك مثلاً جناح في الحزب الاشتراكي اليمني - مع مجموعات سياسية صغيرة - يرفع شعار "إصلاح الوحدة"، وإزالة المظالم السياسية والاقتصادية التي يزعمون أنها لحقت بالمناطق الجنوبية بعد حرب الانفصال - والعودة إلى صيغة ما قبل الحرب؛ حيث كان الاشتراكيون يتقاسمون السلطة في اليمن كله،بل ووزعت المناصب الإدارية والوزارية مناصفة باعتبار ذلك هو صورة للتوازن المطلوب بين الشمال والجنوب.على الرغم من الاجحاف بحق الشمال والذي لا يتناسب وعدد سكانه وعدد التقسيم الإداري والسياسي حينذاك فكان من المفترض ان تكون القسمة على عدد السكان حتى يكون هناك عدل اجتماعي وسياسي ورغم ذلك قبل أبناء الشمال بدون تذمر وكان الجميع يردد الوطن وعود ة وحدته فوق كل اعتبار . .. وهناك من يقول بان الحزب الحاكم استولي على المناصب الوزارية تناسوا صناديق الاقتراع وتحديدها الأغلبية الحزبية بغض النظر عن انتمائها او جذورها و هي الممارسة الديموقراطية التي تؤمن بها كافة الأحزاب حاكمه ومعارضه وبأنها الحد الفاصل لتشكيل الحكومات في كل العالم ..
ومن المؤسف ان هناك أصوات نشاز تردد ان الحكومة بأيدي الشماليين وكذا متخذي القرار قالوها بغبابوة وهم يعلمون ان اكبر مناصب تنفيذيه لا تميز بين شمال او جنوب بل لمن لديه المقدرة والكفاءة دون تفرقه مناطقية و لو اتخذنا الحسبة الجهوية لا وجدنا ان اكبر منصب تنفيذي والعديد من المناصب القياديه من المحافظات الجنوبية وهذه حقائق لا يستطيع احد نكرانها على الرغم من ان الأغلبية العددية في المحافظات الشمالية ورغم هذا لا توجد أي حساسية من قبل أبناء المحافظات الشمالية إيمانا منهم بان الشعب اليمني كله أسره واحدة وقدر واحد ومصير مشترك وان ساحة الوطن متسع للجميع .
أصوات نشاز تقول أين خيرات عدن وخيرات بقية المحافظات الجنوبية تناسوا وتجاهلوا ما ينفق على مشاريع استثمارية وتشغيلية لكل المحافظات بدون تمييز و لو أحصينا المشاريع وعملنا مقارنه عادله فقد يكون التمييز ايجابي للمحافظات الجنوبية ليس لشيئ إلا لأنها أكثر احتياجا على الرغم من قلة عدد سكانها .
.. قيل أن أراضي نهبت وتم الاستيلاء عليها ... وهذا صحيح ومن قبل مقاولين ومتنفذين وعلى الدولة ان تعالجها ان تعيد للناس ممتلكاتهم التي تم الاستيلاء عليها من قبل الحزب الاشتراكي قبل الوحدة ثم المقاولين والمتنفذين بعد الوحدة وعلى الدولة أن تعالجها بحكمه ورويه وان تعمل بحزم وقوة القانون وإعادة لكل من لديه أملاك منهوبة إلى أصحابها وان لاتجر جريرة بوزر أخرى.
نشر بإحدى الصحف ان الشماليين استولوا على ثروات عدن وان اغلب الناس في المحافظات الجنوبية فقراء هناك فقراء وأغنياء في الجنوب والشمال و في كل العالم واليمن جزء لا يتجزءا من العالم و كل الممتلكات أيام الحزب أممت وايدولوجيات الحزب حين ذاك لا تسمح بالعمل الفردي او امتلاك مكتسبات لأي فرد لأنه كان حكم ماركسي شمولي أما في المحافظات الشمالية فاغلب الناس لديهم موروث إضافة إلى ممتلكات مكتسبه فنظام الحكم رأس مالي يضمن حرية التملك والبيع والشراء وهذه طبيعة الحياة ان يكون هناك أغنياء وفقراء وطبقه متوسطه ومعدمه في كل شعوب الأرض .
أصوات نشاز في الصحف الصفراء تقول نريد الانفصال حتى نكون سواسيه وناكل ونلبس ولدينا امن صحي وغذائي لم يسترجعوا ذكريات طوابير الجمعيات و لماذا كان يقف بطابور الانتظار للحصول على ما خصص له وأسرته من مواد غذائية قد لا توجد في اغلب الأحايين وقد لا تفي احتياج الأسرة وذلك لان كل ما يملكه الناس أمم ومستغل من قبل الدولة والحزب ولذا كانت العمارات كالأشباح بدون دهان او ترميم مكسرة النوافذ والحيطان بحجه أنها ممتلك عام وقد تنتزع لمنه اشد ولا للحزب وقد يهجرها أصحابها هربا من ملاحقة الأمن .. ومن يفكر بعودة التشطير فهو تخريف ليس له صله بواقع اليوم فقد تلاشي وانهار المعسكر السوفيتي وانهار معه أتباعه الدويلات التي كانت تسير في فلكه وأصبح العالم تكتلات جديدة أضفت عليها العولمة توازنات وحسابات مختلفة .. فلم تعد هناك حرب باردة بين الشرق والغرب ولا معسكرات متربصة بين أمريكا والمعسكر الشرقي وانتهي المنظومة الماركسية و تدحرجت في خضم العولمة ولن تعود الطوابير أو الانتظار للمواد الغذائية ولن تكون هناك جمعيات بل ستكون هناك محارق كمحارق 13 يناير 86 ونزيف وسحل كالثورات التي سبقت 13 يناير وبراميل الإسفلت ستعد أكثر مما كانت وسجن المنصورة ومعسكر الصولبان، وانتقامات تضفي ظلالها على كل الفئات الشعبية والتي هي على الدوام أكثر تضررا وهي أيضا من يحركها المتحذلقين وأعداء اليمن ودعاة الخراب والدمار وعلينا ان نتذكر كل المحارق والإعدامات حتى نتجه للصلاة والدعاء في بيوت الله وفي محراب حب اليمن بان يحفظ الوحدة من كل إلا شرار والادعاءات الكذابة والمنافقة.
حصاد الوحدة
عندما زار الرئيس علي عبد الله صالح المحافظات الجنوب بعد حرب 94 استقبله أبناء المحافظات الجنوبية بالتصفيق والفرحة التي غمرت نفوسهم التعبه بعد معانات نفسيه رهيبة أثناء الحرب مما أعطاه الثقة بأن الوقت قد آن لاستقرار اليمن وبان الجهد الوحدوي الطويل لكل القادة الذين سبقوه قد تحقق ، فبدأت خطوات وحدة اندماجية لترميم البيت اليمني من الداخل وكم كانت دهشة من حمل السلاح ضد المدافعين عن الوحدة عندما أعلن الرئيس علي عبد الله صالح العفو على كل من شارك ضد الشرعية وقد كانوا متعودين على السحل والقتل وزوار الليل بعد كل حادث بسيط فما بالك برفع السلاح ومحاربة الدولة فخرج الجميع من منازلهم غير مصدقين وما ديين أيديهم للعمل وبان التنمية ستكون الهدف لكل أفراد المجتمع ولكل الأحزاب السياسية في اليمن
واتجهت الدولة إلى التنمية ومعالجة المشاكل الحدودية مع جيرانها لإيجاد مناخ امني وتعاوني بينها وبين دول الجوار .
واستطاعت السياسة اليمنية تجاوز مرحل التوتر السياسي والعمل على إيجاد حل للمشاكل الحدودية مع جاراتها: سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، ومع إريتريا التي كادت المشاكل معها ان تؤدي إلى مواجهة عسكرية بعد احتلال إريتريا لجزيرة حنيش اليمنية، التي تمّت استعادتها عبر التحكيم الدولي وقد لجأت الجمهورية اليمنية إلى التحكيم الدولي وهو أسلوب حضاري لم تتبعه أي من دول العالم .
وعملت اليمن على بناء قنوات سياسيه مرنه في علاقاتها الخارجية مع جميع الدول في على المستوى والإقليمي والدولي، بعد أن تجاوز الجميع مشاكل أزمة الخليج الثانية والحدود الدولية البرية والبحرية.
لقد مرت اليمن بظروف حرجه حتى تحققت الديمقراطية، وبصعوبات جمة وهي تمضي باتجاه ترسيخ مفاهيم ممارستها وعملت على تثبيت مفاهيم حقوق الإنسان وحرية الصحافة والرأي والرأي الآخر من خلال الدستور والتشريعات والقوانين النافذة لكن مع الأسف استغلت حرية الصحافة في تعميق النعرات المناطقية والفائوية بل أججت المشاكل بين أبناء البيت الواحد ودعت إلى الانفصال ومفهوم الأبناء الضعفاء والأقوياء والمستغلين والخانعين في ساحة المنزل الواحد .
لازال البعض غير مستوعب ماذا تعني الديموقراطيه وحرية التعبير.. ولا ادري هل تفكيك عضد الأسرة تعني حرية التعبير والقول .. وهل تعني الديموقراطيه وحرية الرأي والرأي الآخر و تشجيع التخريب والاشهار والتحريض على المفاسد ... وهل تعني الحريه والديموقراطيه التاليف وتزوير الأقوال والأفعال .. وهل أصوات طبول الحرب والاقتتال بين الاخوه هي حرية التعبير وابدا الرأي .. لا ادري كيف انقلبت موازين مفهوم حرية الصحافة وحرية القول وممارسة الديموقراطية .