جميل الجعدبي -
على امتداد الساحات العامة ومواقف السيارات وتقاطعات الشوارع الرئيسية بأمانة العاصمة ومداخل المدن والأسواق انتعشت مبيعات الأعلام الوطنية بمختلف أحجامها وأشكالها بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية وتزايد الإقبال عليها من قبل المواطنين بمختلف فئاتهم العمرية من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن في اندفاع تلقائي لاقتناء أهم رموزنا الوطنية يعكس في ظاهره العام الحاجة لتعزيز الولاء الوطني.
وفي هذا السياق يقول أنور أحمد عبده ،الذي التقيناه بتقاطع شارع حده - الزبيري ، إن معدل مبيعاته من الأعلام الوطنية في اليوم الواحد وصل ما بين (600-1000) عَلْم، مشيراً إلى أن مُلاك سيارات الأجرة والسيارات القديمة بشكل عام يحرصون على شراء الأعلام أكثر من أصحاب السيارات الفارهة و»الخصوصي«.
في حين يرى رفيقه علي عبدالله أن النساء والأطفال
أكثر إقبالاً على شراء الأعلام من الرجال ، وأن المسافرين إلى القرى يشترون أكثر من علم واحد ، منوهاً إلى أنه يبيع في اليوم الواحد نحو خمسة آلاف ريال ومتوقعاً ارتفاع الطلب على الأعلام كلما اقترب يوم 22 مايو عيد الوحدة.
وفي تقاطع آخر بشارع الدائري الغربي جوار مؤسسة الكهرباء وجدنا صادق الهاملي -سائق مندوب مبيعات- وقد أوقف شاحنته ليلصق عليها علمين قائلاً : »إنه يشعر أن هناك خطراً ما يحاك ضد الوطن والوحدة اليمنية ولذلك فهو يحتاج لتعزيز روح الولاء الوطني داخل أسرته وفي مقر عمله وعند سفره«.
وفي جولة الجامعة الجديدة التقطنا صورة للمزارع بدر حسين وقد غرس علمين كمشاقر ترفرف على جبين عريس ليلة زفافه ،حيث بدا مبتسماً وحاد اللهجة في إجابته على تساؤلنا العابر قائلاً: »من أجل الوحدة«.
وعلى مقربة منه لوحظ أيمن عنقاد - موظف - يعلق علماً على واجهة سيارته وأخر عند سقفها الخارجي، مؤكداً أنه يشترى أعلاماً وطنية من كل بائع يجده وأنه يفعل ذلك تلقائياً ودونما سبب معين.
هكذا إذاً يعتبر هؤلاء الباعة المتجولون الاحتفالات بالعيد الـ19 للجمهورية اليمنية موسماً معهوداً لإنعاش سوق مبيعاتهم لبضاعة واحدة لا ترد ولا تستبدل ولا مراجعة في سعرها أو تخفيضات قبيل انتهاء الموسم.
لكنهم بالطبع لا ينتظرون أو يطالبون ثمناً مقابل التعابير والدلالات المعنوية التي يمنحونها عملاءهم كمن يتناول محلولاً طبياً لتعزيز قيم الولاء الوطني لدى الشباب وتحصين (الأطفال الكبار) و(صغار العقول) ضد فيروس (الارتداد).
وهو بالتأكيد واجب رسمي عجزت عنه وزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب والرياضة وغيرها من المؤسسات والجهات الحكومية المعنية خلال السنوات الماضية..! فطوبى لتجارتكم.. وخاب وخسر من فاته موسمكم ولم (يُكحل عينيه) ويُحصًن (نفسه) بـ(جُرعة) محبة لوجه الوطن..!<